شرح متن الورقات في أصول الفقه (19)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سبق الكلام على شروط الأصل، ذكر منها الشوكاني اثني عشر شرطاً، شرحنا منها بعض ما يناسب شرحه، بقيت منها بقية، والمؤلف كما ترون يقول:

من شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين، ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين: فلو ثبت الأصل بدليل يثبته أحد دون أحد -يعني من أهل العلم- فعلى سيبل المثال لو قلنا: إن الأصل، أو المسألة المنصوص عليها الكفارة في وطء الحائض، دينار أو نصفه كفارة، فجاء شخص فقاس على وطء الحائض مثلاً وطء النفساء -مثلاً على سبيل المثال- وقال: يجب في الوطء وطء النفساء كفارة دينار أو نصفه، وأراد أن يقرر المسألة على غيره، حنبلي يقول بهذا، فيقول لشافعي –مثلاً- أو غيره من المذاهب الأخرى: وطء النفساء فيه الكفارة دينار أو نصفه، قياساً على وطء الحائض، يقول له صاحب المذهب الثاني: أنا لا أوافقك على صحة الدليل الذي اعتمدت عليه، الذي أثبت به الأصل –الدليل- لا أوافقك على صحته وعلى ثبوته، فلا بد أن يكون دليل الأصل ثابتاً متفقاً عليه بين الخصمين.

أهل العلم يسمون المتناظرين خصوم خصوم، قال صاحب المذهب كذا، وقال الخصوم كذا، وأنتم ترون في..، على سبيل المثال في نصب الراية -وهو كتاب حديث- تخريج أحاديث الهادية، من أدلة الخصوم، من أحاديث الخصوم، خصوم صارت قضايا المسائل العلمية، ما ظهر مثل هذا إلا لما تعصب الناس لآرائهم، لما تعصب الناس بآرائهم ومذاهبهم صارت المناظرات بين الخصوم، وإلا قبل ذلك الإمام الشافعي ماذا يهمه؟ يهمه ظهور الحق، يقول: ولو كان على لسان الخصم، يهمنا ظهور الحق، فتسمية المناظر أو تسمية صاحب المذهب الآخر المراد إقناعه وإيصال الحجة إليه خصم، هذا فيه تجوز، ولهذا يقول: "ومن شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين": وعرفنا مثاله، فإذا قلت: في وطء النفساء كفارة دينار أو نصفه، قياساً على الحائض الذي فيه النصف، يقول لك: أصل النص الذي اعتمدت عليه في تقرير الأصل لا أوافقك عليه، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ هذا ظاهر.

طيب بقية الشروط التي أشار إليها الشوكاني، شرحنا خمسة وإلا ستة؟ لا أكثر سبعة، هذا سبعة، طيب.

طالب:.......

خمسة؟

طالب:.......

ألا يكون الأصل المقيس عليه فرعاً لأصل آخر، هذا انتهى، طيب، فرعاً لأصل آخر، ألا يكون الأصل المقيس عليه فرعاً لأصل آخر.

في مسألتنا التي قررناها -وإن كان عاد الكلام عليها ذهب- يعني وطء النفساء قياساً على أصل وهو وطء الحائض فيه كفارة دينار أو نصفه عند من يثبته، يأتي بمسألة هي فرع عن وطء النفساء مثل أيش؟

لو قال قائل: إنه في وطء المستحاضة كفارة دينار أو نصفه، قياساً على النفساء، والنفساء قياساً على الحائض.

ألا يكون الأصل المقيس عليه فرع لأصل آخر، نعم، لماذا؟ لأن كانت العلة في الفرع الأول مثل العلة في الفرع الثاني، وهي علة الأصل يشترك الثلاثة في العلة، فلا داعي ذكر الفرع الأول؛ تطويل، الفرع الثاني الحكم بالأصل، صحيح وإلا لا، لا داعي لذكر الفرع الأول؛ لأنه تطويل، وهذا أشرنا إليه سابقاً.

السادس من الشروط التي ذكرها الشوكاني: ألا يكون دليل حكم الأصل شاملاً لحكم الفرع، أما لو كان شاملاً له خرج عن كونه فرعاً، وكان القياس ضائعاً لخلوه عن الفائدة بالاستغناء عنه بدليل الأصل، ولأنه لا يكون جعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً أولى من العكس، يعني إذا تناولت العلة بعمومها أكثر من صورة، نعم، تناولت العلة بعمومها أكثر من صورة مثل علة الإسكار، هذه علة تتناول أكثر من صورة، الخمر مسكر، نعم، نقول أيضاً: الكالونية مسكر، المخدرات مسكر، الحشيش مسكر، جيد وإلا لا؟

ما نقول: الحشيش مقيس على الخمر، الكالونية يقاس على..، لون من الأطياب فيه كحول وفيه أشياء تسكر، نعم، ما نقول هي مقيسة على الخمر لماذا؟ لأن عموم العلة يشمل كل هذه الذي هو الإسكار، فلا داعي للقياس في هذه الصورة، إنما شمول العلة.

إذن كيف نقول بتحقق العلة في الفرع كتحققها في الأصل، يكون الأصل منصوص عليه، إذا كان الأصل منصوص عليه، نعم، إذا كان الأصل مسمى في النص، وما عداه غير منصوص عليه، وبحثنا عن العلة فوجدناها منطبقة، تروا هذه من الشروط الغير المتفق عليها، نعم، يعني وأيش الفرق بين قياس الحشيش على الخمر بجامع علة الإسكار، الذي قلنا: إن العلة تتناول الأصل مباشرة، وبين قياس ماذا نقيس في باب الربا مثلاً؟

طالب:.......

نعم، الأرز على البر، بالجامع، لماذا لا نقول: إن العلة تناولته، العلة تناولته، لماذا؟ لماذا لا نقول: القوت والادخار تناولت الرز مثل ما تناولت البر، مثل ما قلنا في علة الإسكار؟ نعم.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

هو منصوص على البر، والخمر منصوص عليه، لكنه منصوص عليه مع علته فالعلة منصوصة، وبعمومها وشمولها للفروع كلها تدخل -تدخل الفروع- هذا وجه الفرق، وإن كان بعضهم لا يلتفت إلى مثل هذا.

أن يكون الحكم في الأصل متفقاً عليه؛ لأنه لو كان مختلفاً عليه لاتجه إلى ثبوته أولاً: وهذا شرح، نعم.

جوز جماعة القياس على الأصل المختلف فيه؛ لأن القياس في نفسه لا يشترط الاتفاق عليه في جواز التمسك به، فسقوط ذلك في ركن من أركانه أولى، يعني مثل ما نظَّرنا بالأسبوع الماضي بقياس الحجر الذي رمي به في الجمرة على الأيش؟ الماء المستعمل، بجامع الاستعمال في كل..، هذا لا يتفق عليه الخصمان، فينفي حكم الأصل الخصم، فضلاً عن الفرع.

قلنا: إذا استدل حنبلي أو شافعي وقال: إنه الحجر الذي سبق الرمي به، نعم، لا يجوز أن يرمى به ثانية؛ لأنه مستعمل في عبادة، كالماء الذي استعمل في الطهارة لا يستعمل ثانية؛ لأنه استعمل في عبادة، يقول المالكي: أنا لا أوافقك على حكم الأصل، أنا لا أوافقك على حكم الأصل، الشرط الذي قبل الماضي، هذا في دليل الأصل، لا بد أن يكون متفقاً عليه، وهنا الأصل نفسه، حكم الأصل لابد أن يكون متفقاً عليه بين الخصمين.

هنا يقول الثامن: ألا يكون حكم الأصل ذا قياس مركب، وذلك إذا اتفق على إثبات الحكم في الأصل لكنه معلل لأحدهما بعلة، إلى آخر كلامه، كلام..، وطول فيه الأصوليون والجدليون، كلام على هذا الشرط بما لا طائل تحته.

التاسع: ألا نكون متعبدين في ذلك الحكم بالقطع، فإن تعبدنا فيه بالقطع لم يجز فيه القياس؛ لأنه لا يفيد إلا الظن، وقد ضعف ابن الأنباري القول بالمنع، بل ما تعبدنا فيه بالعلم جاز أن يثبت بالقياس الذي يفيده، أيش معنى هذا الكلام؟ ألا نكون متعبدين في ذلك الحكم بالقطع، فإن تعبدنا فيه بالقطع لم يجز فيه القياس؛ لأنه لا يفيد إلا الظن؟

هل يشترط أن يكون ثبوت الحكم في الأصل أو في الفرع بدرجة مساوية لثبوت الحكم في..، يعني لا بد أن يستوي في الحكم، يعني في دلالة النص أو في..، أقول: هل يشترط أن يتساوى الفرع مع الأصل في قوة الحكم؟ نعم؟ لا يشترط، بل معروف أن في الفرع حكمه أضعف من حكم الأصل كما هو معروف؛ لأن الأصل ثبت بالدليل –النص- وسواءً كان هذا النص قطعياً أو ظنياً.

ما ثبت بالدليل القطعي عندهم كأنه يشم منه أنه لا يقاس عليه؛ لأن القياس لا يفيد إلا الظن، ولا بد أن يتساوى الفرع مع الأصل في الحكم، وليس كذلك، ولذا ضعف ابن الأنباري القول بالمنع.

العاشر: ألا يكون معدولاً به عن قاعدة القياس، يعني لا يأتي على خلاف الأصل، الأصل لا يأتي على خلاف الأصل، وإن كان كل حكم دل عليه نص فهو أصل.

لكن شهادة خزيمة مثلاً، شهادة خزيمة الذي شهد للنبي -عليه الصلاة والسلام- بثبوت البيع وهو لم يحضر، وقال: إنه يصدقه في المغيبات -بخبر السماء- أفلا يصدقه ببيع بعير وإلا شبهه، فجعل النبي -عليه الصلاة والسلام- شهادته بشهادة اثنين، نعم.

هذا الحكم جاء على خلاف الأصل، الأصل: {اسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} [(282) سورة البقرة]، قد يقول قائل: هذا الشخص، هذا العلم الأشم هذا عن عشرة ما هو بعن اثنين، إمام حافظ ضابط ورع تقي، ما هو بأقل منزلة من خزيمة.

نقول: يا أخي أبو بكر -رضي الله عنه- هل يقاس على خزيمة وهو أفضل منه وأجل، هل يجوز أن نستعمل في هذا قياس الأولى، إذا ثبت في خزيمة وهو من سائر الصحابة، نقول: لا بد أن يثبت هذا الحكم في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وكبار الصحابة؟ أو نقول: هذا خاص به فلا يقاس عليه غير؟ ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ طيب.

الشرط الذي يليه: ألا يكون حكم الأصل مغلظاً: وهذه المسألة بعد فيها خلاف لا يكون حكم الأصل جاء على سبيل التغليظ على فاعل هذا، يعني شخص فعل منكراً، واحتف بهذا المنكر ما يقتضي تغليظ العقوبة عليه، ما يقتضي تغليظ العقوبة عليه، فجاء الحكم فيه شديد؛ لأنه قارن ارتكابه لهذا المنكر ما يقتضي تغليظ الحكم عليه، فهل نقول: إن كل من اقترف هذا المنكر مهما كان وضعه يحكم عليه بذلك الحكم؟ من يذكر مثالاً؟ نعم؟

العرنيين، غلظ عليهم الحكم، قتلوا الراعي، وارتدوا عن الإسلام، وسملوا عين الراعي، ومثلوا به، ففعل بهم مثل ما فعلوا به مماثلة، هل يكفي أن نقول: إن فلاناً من الناس قتل فيفعل به مثل ما فعل بالعرنيين؛ لأنهم قتلوا الراعي ففعل بهم هذا الفعل؟

نقول: غلظت عليهم العقوبة؛ لما احتف بفعلهم من أفعال أخرى، لكن لو جد من فعل هذا الفعل قتل وسمل وارتد وفعل وترك، نعم، يفعل به مثل ما فعل بهم.

يقول: الثاني عشر ألا يكون الحكم في الفرع ثابتاً قبل الأصل؛ لأن الحكم المستفاد متأخر عن المستفاد منه بالضرورة، فلو تقدم لزم اجتماع النقيضين أو الضدين وهو محال.

ألا يكون الحكم في الفرع ثابتاً قبل الأصل، ثابت بأيش؟ كيف يثبت حكم الفرع -الحكم في الفرع- قبل الأصل، يمكن يثبت؟ ثبوته بأي شيء؟ يتصور؟ نعم، يتصور وإلا ما يتصور؟ نعم؟ نعم؟

طالب:.......

يكون حكم الأصل بالاستصحاب الفرع بالاستصحاب، ثم يأتي أصل منصوص عليه يشارك ذلك في العلة، فنقيس ما ثبت بالاستصحاب على ما ثبت بالنص، واضح وإلا ما هو بواضح؟

عندنا مسألة:

نفترض شيء من الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، شيء ينتفع به وليس عندنا فيه دليل، ووجد قبل أن ينص على نظيره في الحكم، نأتي إلى الضب..، السقنقور الذي مثلنا به سابقاً، مثلنا به سابقاً، شخص بحث عن السقنقور ما وجد في النصوص ما يدل على منعه ولا على إباحته، قال: الأصل أن الحرام ما حرمه الله، ومشى على هذا الأصل، وقال: نستصحب هذا الأصل فالسقنقور حلال، ثم نص على إباحة أكل الضب بعد ذلك والسقنقور مشبه للضب والعلة الجامعة واحدة، فهل نقول: إن ثبوت أكل السقنقور بالاستصحاب -بالبراءة الأصلية- أو نقول: بالقياس على الضب؟

نقول: إن هذا الفرع ثبت حكمه قبل ثبوت حكم الأصل كيف ثبت؟

ثبت بالاستصحاب -بالبراءة الأصلية- ثم وجدنا ما يناسبه مما نص عليه بعد ذلك، هل نقول: إن ثبوت أكل السقنقور بالبراءة الأصلية –بالاستصحاب- أو نقول بالقياس على الضب؟ نعم؟

طالب:.......

لماذا؟

طالب: لأنها اتصفت.......

نعم؟

طالب: .....على الأصل.

الشرط الثاني عشر: ألا يكون الحكم في الفرع ثابتاً قبل الأصل؛ لأن الحكم المستفاد متأخر عن المستفاد منه بالضرورة، فلو تقدم لزم اجتماع النقيضين أو الضدين وهو محال.

كيف يلزم اجتماع النقيضين؟

نعكس المسألة السابقة، جاء واحد وشاف سقنقور وقال: الحرام ما حرمه الله، ثم نص على الوزق وأنه فويسق، وقال: هذا يشبه الفويسق، قال: أنا عندي البراءة الأصلية، نستعمل البراءة الأصلية، أو يستعمل القياس على الوزق.

طالب: البراءة الأصلية.

هو مشبه للوزق، يشبه وإلا ما يشبه؟ يشبه الوزق، هذا كله من أجل تقرير هذا الشرط، مع أن أثره الحقيقي ليس له أثر فعلي؛ لأنه مازال الإشكال قائم يمكن أن يستعمل فيه قياس الشبه.

البراءة الأصلية قبل ورود الشرع، أما بعد ورود الشرع، يعني بعد وجود النص الذي يدل على ذلك تصريحاً أو تلميحاً ارتفع حكم البراءة الأصلية.

طالب:.......

هذا زيادة، هذا داعم للبراءة الأصلية.

طالب:.......

إيه، لكن الآن إذا أردنا أن نقيس السقنقور نقيسه على الوزق وإلا على الضب؟ نقول: قياسه على الوزق ناقل له عن البراءة الأصلية، وقياسه على الضب مبق له على البراءة الأصلية، والناقل عن الأصل أولى من المبقي له.

على كل حال المسألة تطول، يعني إذا بدنا نسترسل في مثل هذه الأمور ما انتهينا.

طالب:.......

أيش لون؟

طالب:.......

على كل حال هذه اثنا عشر شرط، اشترطوا في الفرع أربعة شروط:

أحدها: مساواة علته لعلة الأصل، وهنا يقول: من شرط الفرع: أن يكون مناسباً للأصل لا منافراً له، يعني تجد بينهما من التماثل والتقارب ما يجعل الإلحاق له وجه، أما لو كان هناك تنافر بين الحكمين أو بين الأمرين، الفرع والأصل، فإنه..، فإن الشرع لا يجمع بين المختلفات، كما أنه لا يفرق بين المتماثلات، مساواة علته لعلة الأصل، يعني وجود العلة في الفرع كوجودها في الأصل.

الثاني: مساواة حكمه لحكم الأصل، أيش معنى هذا؟ لو وجدنا شيئاً نص على تحريمه، وفيه علة وجدنا شيئاً قد..، فيه شيء من هذه العلة، أقل من هذه العلة فيه، يعني شيء ضار، نعم، سم مثلاً قاتل، وحكم أكله التحريم؛ لأنه يقتل، جئنا مثلاً لمشروب من المشروبات فيه ضرر -ضرر يسير- فقلنا: نقيسه على السم وإن لم يشاركه في العلة، العلة في الأصل أقوى منها في الفرع، ونعطيه في الحكم أقل من حكم الأصل نقول: مكروه، يصلح وإلا ما يصلح؟ لماذا؟

للاختلاف في العلة وفي الحكم، فلا يكون هذا من باب القياس، ما نقول: نقيس شفنا أي شيء فيه ضرر، ضرر يسير نعم، المشروبات الغازية مثلاً فيها ضرر، لكنه ليس بكبير، نعم، فيها ضرر لكنه نفترض أنه ليس بكبير، لا نذهب إلى أعلاها التي فيها الأمور الأخرى، التي أثبتت التجربة أن فيها مواد ضارة، أو مثلاً نقول: سفن مثلاً وهو أخفها ضرراً، أو تيم، أو شيء من المشروبات التي فيها حموضة، ولا فيها ألوان، القهوة، أخف منه القهوة، تدري صاحب الغاية أيش يقول، صاحب غاية المنتهى يقول: ويتجه نحو دخان وقهوة" جاء هنا بالدخان، نعم، القهوة لا شك أن فيها ضرر لا سيما على بعض الناس، هل نقول: تمنع القهوة؛ لأننا منعنا السم؛ لأنه قاتل، والقتل ضرر، والقهوة فيها ضرر يسير، والسم حرام، نعطيه أيضاً حكم أخف؛ لأن العلة أخف؟

هنا شرطين، نفقد شرطين الشرط الأول: أحدها مساواة علته لعلة الأصل، والثاني: مساواة حكمه لحكم الأصل.

الثالث: ألا يكون منصوصاً عليه، لا يكون الفرع منصوصاً عليه بدليل، لماذا؟ لأنه حينئذ لا نحتاج إلى قياس، نعم، هل نحتاج إلى قياس؟ لا نحتاج إلى قياس، وبعض أهل العلم تجدون في بعض الكتب، نعم، كذا حرام، لقوله -عليه الصلاة والسلام- كذا، وقياساً على كذا، لست بحاجة إلى قياس، لكن قد يستعمل مثل هذا إذا كان النص عليه فيه ما فيه، نعم، في دليله الذي يعتمد عليه الذي نص عليه فيه، فيه ما فيه من الضعف، فيدعم بالقياس، وإلا لو كان دليله صحيحاً وصريحاً ما احتجنا إلى قياس؛ صار أصلاً.

الرابع: ألا يكون متقدماً على حكم الأصل، ألا يكون متقدماً على حكم الأصل، وهو الشرط الثاني عشر من شروط الأصل.

نأتي إلى العلة: والعلة علة، وذكروا لها أربعة وعشرين شرطاً، الشوكاني ذكر للعلة أربعة وعشرين شرطاً، والمؤلف قال: ومن شرط العلة أن تطرد في معلولاتها، فلا تنتقض لفظاً ولا معنىً: تكون مطردة بحيث أن كل ما وجدت وجد الحكم لتسلم من النقض، تكون مطردة، أيش معنى هذا؟ أن تكون العلة مطردة؟ أن تطرد العلة في معلولاتها، فلا تنتقض لفظاً ولا معنىً؟

يعني إذا افترضنا علة لحكم يشركه فيها فروع كثيرة، لكن قد يأتي عليها النقض، يأتي عليها النقض، يأتي من ينقض هذه العلة، كيف؟ أيش معنى يأتي عليها النقض؟ ما معنى ورود النقض على العلة؟

طالب:.......

يقول: كأن يقال بالقتل بالمثقل أنه قتل عمد عدوان، فيجب به القصاص كالقتل بالمحدد.

القتل بالمثقل قتل عمد عدوان، فيجب به القصاص كالقتل بالمحدد، فينتقض ذلك بقتل الوالد ولده؛ فإنه لا يجب به قصاص، أيش معنى هذا؟

يريد أن يطرد العلة، كل قتل بالمثقل يوجب القصاص؛ لأنه عمد عدوان والمثقل قاتل، فلو افترضنا أن زيداً من الناس قتل عمرو بالمثقل عدوان متعمد يُقتل، أو قتله بمحدد -بسيف أو بسكين- يقتل، فهل نقول: إن كل قتل بالمحدد أو بالمثقل يوجب القصاص؟ نعم؟

طالب:.......

إيه، ينتقض إذا قتل الوالدُ الولدَ، أو مع عدم التكافؤ، قتل حرٌّ عبداً، أو قتل مسلمٌ كافراً بمثقل أو بمحدد، حينئذ تنتقض العلة.

الظاهر أن الدرس ما هو مسوي شيء مع شروط العلة، أربعة وعشرين شرط، نحيلكم على الشوكاني وإلا..، نعم؟

طالب:......

من الشروط التي ذكرها الشوكاني:

الأول: أن تكون –يعني العلة- مؤثرة في الحكم، فإن لم تؤثر فيه لم يجز أن تكون علة، إن لم تكن مؤثرة، الأصل في العلة أنها وصف مناسب، وصف يتصف به من جاء الحكم بصدده.

لو افترضنا –مثلاً- الذي جامع في نهار رمضان ووجبت عليه كفارة ظهار، نعم، هناك أوصاف كثيرة لهذا الرجل، نعم، هناك أوصاف كثيرة لهذا الرجل، نفترض أن هذا الرجل طويل القامة، لونه أسود، نعم، عريض، نعم، أمِّي -لا يقرأ ولا يكتب- زيدوا، نعم؟

طالب:.......

نفترض أن هذه الأوصاف مجتمعة في هذا الرجل، فهل مثل هذه الأوصاف مؤثرة في الحكم؟ نعم؟

غير مؤثرة؛ لأنه عرفنا من قاعدة الشرع أنه لا يلتفت إلى هذه الأمور، لا يفرق بين الأسود والأبيض، لا يفرق بين الطويل والقصير، لا يفرق بين العريض والنحيف، الشرع لا يفرق بين هذه الأمور، مش كلما شفنا شخصاً أسود جامع في نهار رمضان قلنا: تعال، عليك كفارة ظهار، أو حتى في غير نهار رمضان، في ليل رمضان مثلاً جامع؛ لأنه أسود مثل الذي جامع في النهار وألزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- الكفارة؟! نقول: هذه علة غير مؤثرة، فلا تكون مناسبة، واضح وإلا ما هو بواضح؟

أن يكون وصفاً ضابطاً، بأن يكون تأثيرها لحكمة مقصودة للشارع، لا حكمة مجردة لخفائها، فلا يظهر إلحاق غيرها بها، أن تكون ظاهرة جلية، وإلا لم يمكن إثبات الحكم بها بالفرع، على تقدير أن تكون أخفى منه أو مساوية له في الخفاء.

أن تكون سالمة بحيث لا يردها نص ولا إجماع، تكون العلة سالمة لا يردها نص ولا إجماع.

ألا يعارضها من العلل ما هو أقوى منها، ألا يعارضها من العلل ما هو أقوى منها، ولذا في تنقيح المناط نجمع أكبر قدر من العلل المناسبة لهذا الحكم، نعم، ثم بعد ذلك ننقح، العلل المفضولة؛ لأن هناك قوية وعلل ضعيفة، وعلل مناسبة، وعلل غير مناسبة، فإذا تحقق وتقرر لنا أن هذه هي العلة المناسبة لهذا الحكم، لم نلتفت إلى غيرها مما هو أضعف منها، أو مما هو غير مناسب للحكم.

أن تكون مطردة، الذي شرحناها.

السابع: ألا تكون عدماً في الحكم الثبوتي: أي لا يعلل الحكم الوجودي بالوصف العدمي، قاله جماعة، وذهب الأكثرون إلى جوازه.

الثامن: ألا تكون العلة المتعدية هي المحل أو جزء منه؛ لأن ذلك يمنع من تعديها.

التاسع: أن ينتفي الحكم بانتفاء العلة، والمراد انتفاء العلم أو الظن به؛ إذ لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول، أن ينتفي الحكم بانتفاء العلة، وهذا إذا كانت العلة منصوصة.

العاشر: أن تكون أوصافها مسلمة أو مدلولاً عليها.

الحادي عشر: أن يكون الأصل المقيس عليه معللاً بالعلة التي يعلق عليها الحكم بالفرع بنص أو إجماع.

الثاني عشر: ألا تكون موجبة للفرع حكماً، وللأصل حكماً غيره.

الثالث عشر: ألا توجب ضدين؛ لأنها حينئذ تكون شاهدة لحكمين متضادين.

الرابع عشر: ألا يتأخر ثبوتها عن ثبوت حكم الأصل، خلافاً لقوم، يعني ما تستنبط العلة بعد استقرار الحكم الأصلي، ألا يتأخر ثبوتها أيش معنى ثبوتها؟ يعني تحققها في المحكوم عليه، أما كونها تخفى في أول الأمر، ثم تستنبط فيما بعد هذا فيه ما يمنع وإلا ما فيه؟ استنباط العلل توقيفي وإلا اجتهادي؟ اجتهادي، إذن للمتأخر أن يستنبط، نعم، للمتأخر أن يستنبط.

الخامس عشر: أن يكون الوصف معيناً؛ لأن رد الفرع إليه لا يصح إلا بهذه الواسطة.

السادس عشر: أن يكون طريق إثباتها شرعياً كالحكم.

السابع عشر: ألا يكون وصفاً مقدراً.

الثامن عشر: أن تكون مستنبطة، فالشرط ألا ترجع على الأصل بإبطاله أو إبطال بعضه؛ لئلا يفضي ألا ترجع على الأصل بالإبطال، أو إبطال بعضه؛ لئلا يفضي إلى ترك الراجح إلى المرجوح؛ إذ الظن المستفاد من النص أقوى من الظن المستفاد من الاستنباط؛ لأنه فرع له، والفرع لا يرجع على إبطال أصله، وإلا لزم أن يرجع إلى نفسه بالإبطال.

الهرة علة الطهارة فيه، نعم،ا أنها من الطوافين، فسؤرها طاهر، لو قال شخص: الهرة سؤرها طاهر لماذا؟ لأنها تشبه الجدي، وإلا الجفرة، واضح وإلا ما هو بواضح؟

هذه العلة كونها مشبهة في الحجم إلى شيء مباح، هذه الشبه يصلح أن يكون علة وإلا ما يصلح أن يكون علة؟ أهل العلم ما قالوا: وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر، نظراً إلى الحجم، نعم؟ لو قال: الهرة طاهرة؛ لأنها تشبه الجدي الصغير في الحجم، نعم؟

طالب: هي أصل بنفسها أصلاً.

دعنا من كونها أصلاً، وكون علتها منصوصة، لو قال شخص: أنا عندي أن الهرة طاهرة، أو النص دل على طهارة سؤر الهرة، والعلة أستنبطها؛ لأنها تشبه..؛ لأنه ما وقف على قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها من الطوافين))، وإلا من يقف ما هو معلل بعلة أخرى، لكن هذا ما وقف، عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ بسؤرها وأبو قتادة توضأ، وأن..، فقال: طاهرة، لماذا؟ فاستنبط علة، علة؛ لأنها تشبه الجدي في حجمه، أو تشبه الجفرة في حجمها، هذا يعود إلى الأصل بالإبطال؛ لأنه يأتينا من يقول: إنها تشبه..، هاتوا لنا شيئاً محرماً أو نجساً، ما بس في حجمه، صغير، يجي بكبر..، إيه لا، تشبه جرو الكلب؛ لأنها تشبه جرو الكلب، فعادت على الأصل بالإبطال، إذن هذه العلة لا تصلح لأن تكون علة؛ لأنها عادت على الأصل بالإبطال، نعم؟

طالب:.......

إيه، لكن أبطلت الأصل؛ لأنه لما الرسول توضأ بسؤرها، أبو قتادة توضأ بسؤرها، هذا دليل على أيش؟ الطهارة، احنا نستنبط لماذا صارت طاهرة؟ كأننا ما وقفنا على العلة المنصوصة، أنها من الطوافين، ما هي بعلة الطوافة، نستنبط علة، شخص ما وقف على العلة الحقيقية المنصوصة، فقال: لأنها تشبه الجدي، والجدي طاهر، تشبه الجفرة، والجفرة طاهرة، يأتي من يقول: لا يا أخي هي تشبه جرو الكلب، إذن هي نجسة، فعاد على الأصل بالإبطال، فعاد على الأصل بالإبطال.

طالب:.......

إيه، بس ما تعود عليه بالإبطال مثل هذه، ما تعود عليه بالإبطال، وإلا هم قالوا –بعض أهل العلم قالوا-: إن الهرة وما دونها في الخلقة طاهرة، فنظروا إلى مسألة الحجم، والحجم لا مانع منه إذا لم يعد على الأصل بالإبطال.

التاسع عشر: إن كانت مستنبطة في الشرط، وألا تعارض بمعارض مناف لموجود بالأصل.

العشرون: إن كانت مستنبطة ألا تتضمن زيادة على النص، أي حكماً غير ما أثبته النص.

الحادي والعشرون: ألا تكون معارضة لعلة أخرى تقتضي نقيض حكمها.

الثاني والعشرون: إذا كان الأصل فيه شرطاً فلا يجوز أن تكون العلة موجبة لإزالة ذلك الشرط؛ لأنها عادت على بعض المعلول بالإبطال.

الثالث والعشرون: ألا يكون الدليل الدال عليها متناولاً لحكم الفرع لا بعمومه ولا بخصوصه؛ للاستغناء حينئذ عن القياس.

مثل ما قلنا: ألا يكون الفرع منصوصاً عليه، أو لا تتناوله العلة بعمومها، ألا تتناوله العلة بمعومها.

الرابع والعشرون: ألا تكون مؤيدة لقياس أصل منصوص عليه بالإثبات، على أصل منصوص عليه بالنفي، ومن شرط الحكم هنا، ومن شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، أي في الوجود والعدم، فإن وجدت العلة وجد الحكم، وإن انتفت انتفى، وهذا إذا كان الحكم معللاً بعلة واحدة، كتحريم الخمر، فإنه معلل بالإسكار، فمتى وجد الإسكار وجد الحكم، ومتى انتفى انتفى.

وأما إذا كان الحكم معللاً بعلل فإنه لا يلزم منه انتفاء علة معينة، منها انتفاء الحكم، كالقتل فإنه يجب بالردة والزنا بعد الإحصان، وقتل النفس المعصومة المماثلة، وترك الصلاة غير وذلك، أيش معنى هذا؟

وأما إذا كان الحكم معللاً بعلل فإنه لا يلزم من انتفاء علة معينة منها انتفاء الحكم، معلل بعلل، شخص زنى بعد الإحصان، وقتل نفس معصومة، نعم، فاستحق القتل، واضح وإلا لا، زنى وقتل، استحق القتل.

شخص زنى بعد الإحصان فقط ولا قتل، نفترض شخصين اشتركا في اغتصاب امرأة، وهما محصنان، أحدهما قتلها، فحكم القاضي بقتلهما، طيب واحد منهما زنى وقتل، كيف الثاني يقتل مثله وهو مجرد زِنا؟

نقول: هذه العلة..، المسألة واحد فيه أكثر من علة، وواحد فيه علة موجبة، تكفي هذه العلة، ولذا يقول: وأما إذا كان الحكم معللاً بعلل فإنه لا يلزم منه انتفاء علة معينة منها انتفاء الحكم، يعني ما يقول لك زيد من الناس: ليش قتلت ولدي وهو ما قتل، أنتم قتلتوا ولد فلان صحيح؛ لأنه قتل، نقول: قتلنا ولدك ليش؟ لأنه زنى وهو محصن.

كالقتل فإنه يجب بالردة والزنا بعد الإحصان وقتل النفس المعصومة المماثلة وترك الصلاة وغير ذلك.

هناك القياس له مفسدات، له مفسدات، إذا كان القياس في مقابلة النص، قالوا عنه: فاسد الاعتبار، لماذا؟ لأنه في مقابل النص، إذا كان القياس مخالفاً للإجماع أيضاً فاسد الاعتبار.

عدم ثبوت الوصف الجامع الذي يجمع بينهما فيقتضي الإلحاق، قصور العلة، النقض، وهو وجود الوصف بدون الحكم، والنقض في سائر الأدلة، يعني حتى في النصوص، العكس وهو وجود الحكم بدون الوصف.

السابع: القلب وهو إثبات نقيض الحكم بالعلة بعينها.

الثامن: الفرق وهو إبداء معنىً مناسب للحكم يوجد في الأصل، ويعدم في الفرع، أو يوجد في الفرع ويعدم في الأصل.

التاسع: القول بالموجب، وهو يقدح بجميع الأدلة بالقياس وغيره، ومعناه: أن يسلم الخصم الدليل الذي استدل به المستدل، إلا أن يقول: هذا الدليل ليس في محل النزاع، نعم، ليس في محل النزاع، نعم، دليلك صحيح لكنه ليس في محل النزاع، دليلك مورده شيء آخر، وإنما هو في غيره، فيبقى الخلاف بينهما.

العاشر: نقص شرط من شروط القياس التي تقدم ذكرها.

تفضل.

بعد أن أنهى المؤلف -رحمه الله تعالى- الكلام في الشروط قال: والعلة هي الجالبة: والحكم هو المجلوب للعلة، العلة هي الجالبة، والحكم هو المجلوب للعلة.

الوصف المناسب لترتيب الحكم عليه كدفع حاجة الفقير، فإنه وصف مناسب دفع حاجة الفقير، علة، وصف مناسب لإيجاب الزكاة، والحكم هو المجلوب للعلة، أي هو الأمر الذي نشأ عن وجود ذلك الوصف المناسب، العلة وهي الادخار مع الاقتيات، جلبت الحكم، وهو جريان الربا في الأرز، فالحكم مجلوب، جلب إلى الرز، والعلة التي تجمع بين الرز والبر هي الجالبة لذلك الحكم، وفي هذا يقول الناظم -رحمه الله-:

والشرط في القياس كون الفرع
بأن يكون جامع الأمرين
وكون ذاك الأصل ثابتاً بما
وشرط كل علة أن تطرد
لم ينتقض لفظاً ولا معنىً فلا
والحكم من شروطه أن يتبعا
فهي التي له حقيقاً تجلب

 

 

مناسباً لأصله في الجمع
مناسباً للحكم دون مين
يوافق الخصمين في رأييهما
في كل معلولاتها التي ترد
قياس في ذات انتقاض مسجلا
علته نفياً وإثباتاً معا
وهو الذي لها كذاك يجلب

 

 

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.