شرح مختصر الخرقي - كتاب ديات النفس (07)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال -رحمه الله تعالى-:

باب قتال أهل البغي: وإذا اتفق المسلمون على إمام، فمن خرج عليه من المسلمين يطلب موضعه حوربوا ودفعوا عن ذلك بأسهل ما يعلم أن يندفعوا به، فإن آل ما دفعوا إلى نفوسهم فلا شيء على الدافع، وإن قتل الدافع فهو شهيد، وإذا دفعوا لم يتبع لهم مدبر، ولم يجهز على جريح، ولم يقتل لهم أسير، ولم يغنم لهم مال، ولم تُسبَ لهم ذرية، ومن قتل منهم غسل وكفن وصلي عليه، وما أخذوا في حال امتناعهم من زكاة أو خراج لم يعد عليهم، ولم ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره، والله أعلم."

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب قتال أهل البغي، البغي هو العدوان، وحقيقة البغاة: قوم يخرجون على الإمام المعتبَر بتأويل، ينقمون عليه أشياء ثم يخرجون عليه، فمثل هؤلاء يبعث لهم الإمام من يناقشهم، وينظر في مطالبهم إن كانت حقًّا فيستجيب من غير مناكفة ولا معارضة، حتى لو رفض أن يستجيب لهم لا يجوز لهم أن يخرجوا عليه، لكن الأصل أن يستجيب، ومع ذلك إذا رفضوا أن يستجيبوا ورفضوا الدخول في الطاعة فإنهم حينئذ يقاتَلون حتى يفيؤوا، وإذا قوتلوا وحصل ما حصل من قتل سواء منهم أو من أهل الحق، فتفصيل هذه المسائل يذكرها المؤلف- رحمه الله تعالى-، وآية الحجرات صريحة وواضحة في أنهم لا يخرجون من الإسلام {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [سورة الحجرات:9] الصلح قبل كل شيء، {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [سورة الحجرات:9] فالتي ترفض الصلح تقاتَل، قال -رحمه الله-، وسوف نقرأ ما جاء في تفسير القرطبي وتفسير ابن كثير في آية الحجرات؛ لأن كلام المؤلف مختصر، وصاحب المغني أطال في المسألة، وننظر فيما بعد في الفروق بين أهل البغي وبين الخوارج وبين قطَّاع الطريق؛ لأن كل واحدة من هذه الفئات لها أحكام تخصها.

 قال -رحمه الله-: وإذا اتفق المسلمون على إمام يعني على خليفة، على أمير، على ولي أمر، وإذا اتفق المسلمون على إمام فمن خرج عليه من المسلمين، من المسلمين، بخلاف ما لو كان الخارج كافرًا فله أحكام أخرى، يطلب موضعه، يطلب مكانه، يطلب الإمامة بدله حوربوا، فمن خرج عليه من المسلمين يطلب موضعه حوربوا، مَن معروف أن أنها تطلق على الواحد وعلى الجماعة، والمراد هنا الجماعة بدليل حوربوا، طيب الواحد؟

طالب: ليس له شوكة.

ليس له شوكة ولا منعة، يُلجَأ ويُلزم بالرجوع عن قوله وإلا يُقتَل؛ لأنه يشق عصا المسلمين، حوربوا ودفعوا عن ذلك بأسهل ما يُعلَم أنه يندفع، يعني عموم من خرج سواء كان واحدًا أو جماعة، أو يندفعوا باعتبار معنى مَن، ويندفع باعتبار لفظ مَن.

 فإن آل ما دفعوا به إلى نفوسهم، يعني إلى قتلهم، لم يندفعوا إلا بالقتل فلا شيء على الدافع من يقتلهم لا شيء عليه، بل قتالهم واجب، قتالهم واجب، يعني لو كل واحد تورع وقال: إن دماء المسلمين، وهؤلاء مسلمون، وأتورع، ضاعت الأمور، تضيع أمور الدين والدنيا، ويستحر القتل في المسلمين، فلا بد مِن {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ} [سورة الحجرات:9] يعني ترجع، فإن آل ما دفعوا به إلى نفوسهم فلا شيء على الدافع؛ لأنه قتال مأمور به، ومن يمتثل المأمور لا شيء عليه، وإن قتل الدافع فهو شهيد؛ لأنه قتال مشروع، قتال مشروع.

 وإذا دفعوا هزموا وفرُّوا وهربوا لم يُتبَع لهم مُدْبِر لماذا؟ لأنهم مسلمون، لم يُتبَع لهم مدبر {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الحجرات:9] مع القتال والاقتتال، ما خرجوا من الإيمان، وبهذا يستدل بهذا وبغيره، يستدل أهل السنة والجماعة أن مرتكب الكبيرة لا يكفر وإن كانت بهذه المثابة التي هي قتل المسلمين وقتالهم لا يكفر بهذا خلافًا للخوارج الذين يرون كفر مرتكب الكبيرة، والقتل من أعظم الكبائر، والمعتزلة لا يكفِّرونه في الدنيا، ولكنهم يحكمون عليه بالخلود في النار، ففي أحكام الدنيا يختلفون عن الخوارج، ويجعلونه في المنزلة بين المنزلتين، وأما في الآخرة فيتفقون معهم على خلوده في النار.

 وإذا دفعوا لم يتبع لهم مدبر.

طالب: ...........

ليس له شوكة ولا منعة ما يحتاج إلى مقاتلة ولا شيء.

طالب: ...........

يُقتَل؛ لأنه شق عصا الطاعة.

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

لا لا، الخروج شأنه عظيم.

طالب: ...........

وهذا يدفع بالأسهل، فالأسهل يناقش ويناصح إن رجع وإلا إن جاءكم أحد وأمركم جميع جاء الأمر بقتله.

طالب: ...........

أبدًا مثل هذا.. لا لا.. مثل هذا يقطع دابره إذا لم يرجع؛ لأن مثل هذا لا يؤمن شره.

طالب: ...........

مُصِرّ مُصِرّ على شق عصا الطاعة، ماذا نفعل؟!

طالب: ...........

طيب وفي النهاية قتلوه، في النهاية قتلوه، ما يؤمَنون..

طالب: ...........

في النهاية قتلوا عثمان.

طالب: أحسن الله إليك لما ناقشهم رجعوا رجعوا لما رجعوا إلى الكوفة عادوا.

من يرجع مثل ما قلنا في أول الأمر كما جاء في النص تقاتل الفئة الباغية حتى تفيء، حتى ترجع.

وإذا دفعوا لم يتبع لهم مدبر ولم يجهز على جريح، ولم يجهز على جريح، قلنا لأنهم لماذا؟ لأنهم مسلمون، خلاص اندفع شرهم، القتال لأجل دفع شرهم، ولم يقتل لهم أسير، ولم يقتل لهم أسير قد يقول قائل: هذا الأسير..

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

قد يصر، لا، هذه في مسألة ما إذا دفعوا، ماذا يدفعون به؟ بالقتال والرجوع أيضًا إذا كان الفكر مازال قائمًا ما دفع.

ولم يقتل لهم أسير، ولم يغنم لهم مال، ولم يُغنم لهم مال، والعلة في ذلك كسابقتها؛ لأنهم مسلمون، ولم تُسْبَ لهم ذرية كذلك؛ لأنه لا يجوز سبي المسلم، ومن قتل منهم؛ لأنه مسلم فحكمه حكم المسلمين يغسَّل ويكفَّن ويصلى عليه. وما أخذوا في حال امتناعهم من زكاة أو خراج لم يعد عليهم، يعني تغلبوا على بلد، وأخذوا الزكاة من الأغنياء، وأخذوا العشور ثم غُلبوا ودفعوا يقول: وما أخذوا في حال امتناعهم من زكاة أو خراج لم يعد عليهم، لا يقال للتجارة: أنتم دفعتم زكاتكم لبغاة، فلا بد من دفعها لأهل الحق لا.

 ولا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره، ولا ينقض من حكم حاكمهم؛ لأنه مسلم وفي وقت غلبة لهم إلا ما ينقض من حكم غيره، يعني من قضاة أهل العدل بأن يخالِف النص الصحيح الصريح أو الإجماع فإنه ينقض، وأما إذا كان مبنيًّا على اجتهاد فلا ينقض باجتهاد مثله.

طالب: ...........

أبو حنيفة يقول: ينقض حكمهم، ينقض حكمهم، ولو كان اجتهاديًّا ولو كان باجتهاد.

نشوف ما ذكره المفسرون في آية الحجرات.

طالب: ...........

مكانه من الحكم والولاية.

طالب: ...........

ماذا فيه؟

طالب: ...........

يطلع مكانه في الولاية في الحكم.

طالب: ...........

يجب عليهم إعانة الحاكم.

طالب: ...........

أين؟ لأنه ما نهاهم، عثمان هو الذي نهاهم.

طالب: ...........

هؤلاء ما تبين لهم.

طالب: ...........

فتنة نعم، يعني هذا في عهد علي، ما هو في عهد عثمان، عثمان هو الذي نهاهم عن المدافعة لا، قد يقول قائل: إذا كان البغاة أكثر من أهل الحق مثلاً وترتب على ذلك سفك دماء بأعداد كبيرة وهائلة هذه لها أحكام تأتي، إن شاء الله.

نشوف ابن كثير ماذا قال؟

أنت الذي وضع ذي؟

طالب: ...........

أول السورة تضعها، الله يصلحك!

الصفحة اليمنى.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال -رحمه الله تعالى-:

قال الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ} [سورة الحجرات:9].

قال -رحمه الله تعالى- في قوله تعالى لأنك تريد أن تقرأ كلام المؤلف -رحمه الله-.

قال -رحمه الله تعالى- في قول الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [سورة الحجرات:9-10] يقول تعالى آمرًا بالإصلاح بين الفئتين الباغيتين بعضهم على بعض: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فسماهم مؤمنين مع الاقتتال، وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم، وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن عن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب يومًا ومعه على المنبر الحسن بن علي -رضي الله عنهما- فجعل ينظر إليه مرة وإلى الناس أخرى ويقول: «إن ابني هذا سيِّد، ولعل اللهَ تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»، فكان كما قال -صلى الله عليه وسلم- أصلح الله تعالى به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة والوقعات المهولة، وقوله تعالى: {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [سورة الحجرات:9] أي حتى ترجع إلى أمر الله ورسوله، وتسمع للحق وتطيعه، كما ثبت في الصحيح عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا» قلت: يا رسول الله هذا نصرته مظلومًا فكيف أنصره ظالمًا؟! قال -صلى الله عليه وسلم- «تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه».

وقال الإمام أحمد: حدثنا عارم حدثنا معتمر قال: سمعت أَبِيْ يحدث أن أنسًا -رضي الله عنه- قال: قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لو أتيت عبد الله بن أُبَيّ، فانطلق إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وركب حمارًا وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة، لما انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه قال: إليك عني، فوالله لقد آذاني ريح حمارك، فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب ريحًا منك قال: فغضب لعبد الله رجال من قومه، فغضب لكل واحد منهما أصحابه قال: فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال فبلغنا أنه أنزلت فيهم: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [سورة الحجرات:9]، ورواه البخاري في الصلح عن مسدد، ومسلم في المغازي عن محمد بن عبد الأعلى كلاهما عن المعتمر بن سليمان عن أبيه به نحوه.

 وذكر سعيد بن جبير أن الأوس والخزرج كان بينهما قتال بالسعف والنعال، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فأمر بالصلح بينهما.

وقال السدي: كان رجل من الأنصار يقال له: عمران كانت له امرأة تدعى أم زيد، وأن المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في علِّية له لا يدخل عليها أحد من أهلها، وأن المرأة بعثت إلى أهلها فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها، وأن الرجل كان قد خرج فاستعان أهل الرجل فجاء بنو عمه؛ ليحولوا بين المرأة وبين أهلها، فتدافعوا فنزلت فيهم هذه الآية، فبعث إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصلح بينهم، وفاؤوا إلى أمر الله تعالى.

 وقوله -عز وجل-: {فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سورة الحجرات:9] أي اعدلوا بينهما فيما كان أصاب بعضهم لبعض بالقسط، وهو العدل، إن الله يحب المقسطين. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن مسيب عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ بين يدي الرحمن -عز وجل- بما أقسطوا في الدنيا».

قد يقول قائل: إن ما جاء في الآية وما يُذكَر في باب قتال أهل البغي يعني مناسب في خفة الحكم، مناسب لما حصل في سبب النزول مسألة جريد ونعال وأيدي وما أشبه ذلك، لكن المسألة الآن قنابل وصواريخ وعتاد ثقيل يأتي ما يخص أولئك الخوارج بهذه الأسلحة على الآمنة المطمئنة يختلف عن هذا.

قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ بين يدي الرحمن -عز وجل- بما أقسطوا في الدنيا»، ورواه النسائي عن محمد بن المثنى عن عبد الأعلى به، وهذا إسناد جيد قوي رجاله على شرط الصحيح، وحدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «المقسطون عند الله تعالى يوم القيامة على منابر من نور على يمين العرش الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا»، ورواه مسلم والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به. وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [سورة الحجرات:10] أي الجميع إخوة.

«المقسطون على منابر من نور» {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} [سورة الجن:15] نسأل الله العافية، المقسطون غير القاسطين.

وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [سورة الحجرات:10] أي الجميع إخوة في الدين كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه» وفي الصحيح: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، وفي الصحيح أيضًا: «إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك بمثله» والأحاديث في هذا كثيرة، وفي الصحيح: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» وفي الصحيح أيضًا: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضًا» وشبك بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم-.

 وقال أحمد: حدثنا أحمد بن الحجاج حدثنا عبد الله أخبرنا مصعب بن ثابت حدثني أبو حازم قال: سمعت سهيل بن سعد..

سهل، سهل.

سهل بن سعد، كاتبها سهيل..

سمعت سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

أبو حازم سلمة بن دينار الذي يروي عن سهل بن سعد، الذي يروي عن أبي هريرة، أبو حازم اسمه.. أبو حازم ما اسمه الذي يروي عن سهل؟ قلنا: سلمة بن دينار، والذي يروي عن أبي هريرة قالوا: سلمان مولى عزة، وشف التقريب تأكد فالمعلومات عفا عليها الدهر.

قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- يحدِّث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس» تفرد به أحمد ولا بأس بإسناده. وقوله تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [سورة الحجرات:10] يعني الفئتين المقتتلتين، {وَاتَّقُواْ اللَّهَ} [سورة البقرة:189] أي في جميع أموركم {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [سورة آل عمران:132] وهذا تحقيق منه تعالى للرحمة لمن اتقاه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ} [سورة الحجرات:11]..

نكمل يا شيخ أم..؟ لا يسخر..

خلاص انتهى.

شف القرطبي هو الذي عنده الأحكام، رحمه الله، رحم الله الجميع.

 ابن كثير يفسِّر بالأثر -رحمه الله-، وقد يذكر بعض الأحكام، لكن ما هو مثل القرطبي في الأحكام، والقرطبي ما هو مثل ابن كثير في تحقيق الآثار والأحاديث، فهما متكاملان لذلك بعضهم يقول: لو نوقف ابن كثير ونستمر على أضواء البيان؛ لأنه أكثر فائدة من ابن كثير؛ لأنا أوقفنا أضواء البيان واستمر ابن كثير، إيقافًا مؤقتًا ويعاد إن شاء الله، فبعضهم يلوم: كيف تقول هذا أفضل وهذا تفسير أثري؟ على الأثر من كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحابة والتابعين، وذاك معدود في التفسير بالرأي، وعلى كل حال كلاهما إن شاء الله فيه خير.

قال القرطبي -رحمه الله تعالى- في قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سورة الحجرات:9] فيه عشر مسائل: الأولى: قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [سورة الحجرات:9] روى المعتمر بن سليمان عن أنس..

تجاوز سبب النزول، مر في ابن كثير، تجاوزه.

روى المعتمر بن سليمان عن أنس بن مالك..

أذن يا أبا عبد الله.

المؤذن يؤذن.

قال -رحمه الله تعالى-: فيه عشر مسائل الأولى: قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [سورة الحجرات:9] روى المعتمر بن سليمان عن أنس بن مالك قال: قلت: يا نبي الله، لو أتيت عبد الله بن أُبَيّ فانطلق إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبِخة، فلما أتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إليك عني فوالله لقد آذاني نتن حمارك. فقال رجل من الأنصار: واللهُ..

واللهِ واللهِ..

واللهِ لحمار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب ريحًا منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما حرب بالجريد والأيدي والنعال، فبلغنا أنه أُنزِل فيهم هذه الآية.

 وقال مجاهد: نزلت في الأوس والخزرج قال مجاهد: تقاتل حيان من الأنصار بالعصي والنعال فنزلت الآية. ومثله عن سعيد بن جبير: أن الأوس والخزرج كان بينهم على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قتال بالسعف والنعال ونحوه، فأنزل الله هذه الآية فيهم. وقال قتادة: نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مدارأة في حق بينهما فقال أحدهما: لآخذن حقي عَنوة. لكثرة عشيرته، ودعاه الآخر أن يحاكمه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبى أن يتبعه، فلم يزل الأمر بينهما حتى تواقعا وتناول بعضهما بعضًا بالأيدي والنعال والسيوف، فنزلت هذه الآية.

 وقال الكلبي: نزلت في حرب سمير وحاطب، وكان سمير قتل حاطبًا فاقتتل الأوس والخزرج حتى أتاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فنزلت. وأمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين أن يصلحوا بينهما.

 وقال السدي: كانت امرأة من الأنصار يقال لها أم زيد تحت رجل من غير الأنصار، فتخاصمت مع زوجها أرادت أن تزور قومها، فحبسها زوجها وجعلها في علية لا يدخل عليها أحد من أهلها، وأن المرأة بعثت إلى قومها، فجاء قومها فأنزلوها لينطلقوا بها، فخرج الرجل فاستغاث أهله فخرج بنو عمه؛ ليحولوا بين المرأة وأهلها، فتدافعوا وتجالدوا بالنعال، فنزلت الآية، والطائفة تتناول الرجل الواحد والجمع والاثنين فهو مما حمل على المعنى دون اللفظ؛ لأن الطائفتين في معنى القوم والناس. وفي قراءة عبد الله: {حتى يفيؤوا إلى أمر الله فإن فاؤوا فخذوا بينهم بالقسط}، وقرأ ابن أبي عبلة: اقتتلتا على لفظ الطائفتين، وقد مضى في آخر براءة القول فيه وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله عز وجل.

فلولا نفر..

سم.

فلولا نفر.. آية.. هناك.

نعم في آخر براءة {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ} [سورة التوبة:122].

وقد مضى في براءة القول فيه، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -عز وجل-: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النــور:2] قال: الواحد فما فوقه، والطائفة من الشيء.

مثل ما قيل في صلاة الخوف يصلي بالطائفة الأولى، ويصلي بالطائفة الثانية قالوا: الطائفة تطلق على الواحد.

والطائفة من الشيء: القطعة منه، فأصلحوا بينهما بالدعاء إلى كتاب الله لهما أو عليهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى تعدت ولم تجب إلى حكم الله وكتابه. والبغي: التطاول والفساد. فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله أي: ترجع إلى كتابه. فإن فاءت: رجعت. فأصلحوا بينهما بالعدل أي: احملوهما على الإنصاف. وأقسطوا أيها الناس فلا تقتتلوا، وقيل: أقسطوا أي اعتدلوا إن الله يحب المقسطين أي: العادلين المحقِّين.

 الثانية: قال العلماء: لا تخلُ الفئتان من المسلمين في اقتتالهما إما أن يقتتلا على سبيل البغي منهما جميعًا أو لا فإن كان الأول فالواجب أن يمشى بينهما بما يصلح ذات البين، ويثمر المكافّة والموادعة، فإن لم يتحاجزا ولم يصطلحا وأقامتا على البغي صير إلى مقاتلتهما. وأما إن كان الثاني وهو أن تكون  إحداهما باغية على الأخرى فالواجب أن تقاتل فئة البغي إلى أن تكف وتتوب، فإن فعلت أصلح بينهما وبين المبغي عليها بالقسط والعدل، فإن التحم القتال بينهما لشبهة دخلت عليهما وكلتاهما عند أنفسهما محقة، فالواجب إزالة الشبهة بالحجة النيِّرة والبراهين القاطعة على مراشد الحق، فإن ركبتا متن اللجاج ولم تعملا على شاكلة ما هديتا إليه ونصحتا به من اتباع الحق بعد وضوحه لهما، فقد لحقتا بالفئتين الباغيتين، والله أعلم.

 الثالثة..

طالب: ...........

يقاتَلون يدفَعون بالأسهل حتى يفيؤوا.

الثالثة: في هذه الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية المعلوم بغيها على الإمام أو على أحد من المسلمين أو على فساد من منع قتال المؤمنين، واحتج بقوله -عليه السلام-: «قتال المؤمن كفر»، ولو كان قتال المؤمن الباغي كفرًا لكان الله تعالى قد أمر بالكفر، تعالى الله عن ذلك.

في قوله: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [سورة الحجرات:9] مع وصفهم بالإيمان.

وقد قاتل الصديق -رضي الله عنه- من تمسّك بالإسلام وامتنع من الزكاة، وأمر ألا يُتبع مولٍّ، ولا يجهز على جريح، ولم تُحَلّ أموالهم بولم تَحِلَّ أموالهم بخلاف الواجب في الكفار. وقال الطبري: لو كان الواجب في كل اختلاف يكون بين الفريقين الهرب منه ولزوم المنازل لما أقيم حد ولا أبطل باطل، ولوجد أهل النفاق والفجور سبيلاً إلى استحلال كل ما حرم الله عليهم من أموال المسلمين وسبي نسائهم وسفك دمائهم بأن يتحزبوا عليهم ويكف المسلمون أيديهم عنهم، وذلك مخالف لقوله -عليه السلام-: «خذوا على أيدي سفهائكم».

 الرابعة: قال القاضي أبو بكر ابن العربي.

الأوضح من ذلك الأمر بالقتال {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [سورة الحجرات:9] لو كل إنسان تورّع عن هذا القتال وقال: أكف يدي عن قتال المسلمين لأثموا جميعًا للأمر بالقتال {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [سورة الحجرات:9] والنتيجة معلومة لو تورع الناس وكل لزم بيته وقال: هذه فتنة أو.. لأتى القتل على الأخضر واليابس.

الرابعة: قال القاضي أبو بكر بن العربي: هذه الآية أصل في قتال المسلمين، والعمدة في حرب المتأولين، وعليها عول الصحابة، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملة، وإياها عنى النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «تقتل عمارا الفئة الباغية» وقوله -عليه الصلاة والسلام- في شأن الخوارج: «يخرجون على خير فِرْقة» أو «على حين فُرْقة»، والرواية الأولى أصح لقوله -عليه الصلاة والسلام-: «تقتلهم أولى الطائفتين إلى الحق»، وكان الذي قتلهم علي بن أبي طالب ومن كان معه فتقرر عند علماء المسلمين وثبت بدليل الدين أن عليًّا -رضي الله عنه- كان إمامًا، وأن كل من خرج عليه باغٍ، وأن قتاله واجب حتى يفيء إلى الحق وينقاد إلى الصلح؛ لأن عثمان -رضي الله عنه- قُتل والصحابة برآء من دمه؛ لأنه منع..

لحظة.

طالب: ...........

صححه برواية أخرى من حيث المعنى كلامه صحيح، لكن الكلام على الدراسة دراسة السند.

لأن عثمان -رضي الله عنه- قتل والصحابة برآء من دمه؛ لأنه منع من قتال من ثار عليه وقال: لا أكون أول من خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمته بالقتل فصبر على البلاء، واستسلم للمحنة، وفدى بنفسه الأمة، ثم لم يمكن ترك الناس سدى، فعرضت على باقي الصحابة الذين ذكرهم عمر في الشورى، فتدافعوها، وكان علي -رضي الله عنه- أحق بها وأهلها فقبلها؛ حوطة على الأمة أن تسفك دماؤها بالتهارج والباطل، أو يخترق أمرها إلى ما لا.. أو يتخرَّق أمرها إلى ما لا يتحصل، فربما تغير الدين وانقض عمود الإسلام، فلما بويع له طلب أهلُ الشام في شرط البيعة التمكن من قتَلة عثمان وأخذ القود منهم، فقال لهم علي- رضي الله عنه-: ادخلوا في البيعة واطلبوا الحق تصلوا إليه، فقالوا: لا تستحق بيعة وقتلة عثمان معك تراهم صباحًا ومساءً، فكان علي في ذلك أسد رأيًا وأصوب قيلاً؛ لأن عليًّا لو تعاطى القود منهم لتعصبت لهم قبائل وصارت حربًا ثالثة..

كيف يتعاطى القود بغير وصف؟ ما وصفه حتى يتعاطى القود قبل أن يبايَع بالخلافة؟ فالطلب طلب في غير محله.

طالب: ...........

لا، الإمامة ما ثبتت حتى يطبق الحد أو ينفذ أو يطالب.

لأن عليًّا لو تعاطى القود منهم لتعصبت لهم قبائل وصارت حربًا ثالثة، فانتظر بهم أن يستوثق الأمر، وتنعقد البيعة، ويقع الطلب من الأولياء في مجلس الحكم، فيجري القضاء بالحق، ولا خلاف بين الأمة أنه يجوز للإمام تأخير القصاص إذا أدى ذلك إلى إثارة الفتنة أو تشتيت الكلمة، وكذلك جرى لطلحة والزبير -رضي الله عنهما- فإنهما ما خلعا عليًّا من ولاية ولا اعترضا عليه في ديانة، وإنما رأيا أن البداءة بقتل أصحاب عثمان أولى.

 قلت: فهذا قول في سبب الحرب الواقع بينهم، وقال جمع من أهل العلم: إن الوقعة بالبصرة بينهما كانت على غير عزيمة منهم على الحرب، بل فجأة وعلى سبيل دفع كل واحد من الفريقين عن أنفسهم؛ لظنه أن الفريق الآخر قد غدر به؛ لأن الأمر كان قد انتظم بينهم وتم الصلح والتفرق على الرضا، فخاف قتلة عثمان -رضي الله عنه- من التمكين منهم والإحاطة بهم فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا، ثم اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فريقين، ويبدؤوا بالحرب سحرة..

وهذا ما يخاف منه عند نشأة الفتنة؛ لأنه في وقته كل واحد من الطرفين يظن أنه يبادره صاحبه بالقتل فيقتله، ولو تأخر عن قتله فاحتمال أن يُقتل، ولو تقدم يَقتل، وهكذا تنشأ الفتن لو أن كل واحد من الطرفين تأخر لبادره الطرف الآخر، وإذا تقدم خشية أن يبادره استحق القتل من جهة أخرى، فإذا نشأت وبدأت الفتن فالعواقب وخيمة، والخروج منها صعب.

طالب: ...........

والله إذا لم يكن ثَمَّ إمام فعض على رأس شجرة ما فيه شيء إلا براية وإمامة يبادَر بمبايعة إمام يقود الناس.

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

 

ولا سراة إذا جهالهم سادوا

فخاف قتلة عثمان -رضي الله عنه- من التمكين منهم والإحاطة بهم، فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا، ثم اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فريقين ويبدؤوا بالحرب سحرة في العسكرين، وتختلف السهام بينهم، ويصيح الفريق الذي في عسكر علي: غدر طلحة والزبير والفريق الذي في عسكر طلحة والزبير: غدر علي، فتم لهم ذلك على ما دبروه، ونشبت الحرب، فكان كل فريق دافعًا لمكرته عند نفسه ومانعًا من الإشاطة بدمه، وهذا صواب من الفريقين وطاعة لله تعالى؛ إذ وقع القتال والامتناع منهما على هذه السبيل، وهذا هو الصحيح المشهور، والله أعلم.

 الخامسة: قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [سورة الحجرات:9] أمر بالقتال وهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولذلك تخلف قوم من الصحابة -رضي الله عنهم- عن هذه المقامات كسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو ومحمد بن مسلمة وغيرهم، وصوَّب ذلك علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لهم واعتذر إليه كل واحد منهم بعذر قبله منه.

 ويروى أن معاوية -رضي الله عنه- لما أفضى إليه الأمر عاتب سعدًا على ما فعل وقال له: لم تكن ممن أصلح بين الفئتين حين اقتتلا ولا ممن قاتل الفئة الباغية فقال له سعد: ندمت على تركي قتال الفئة الباغية، فبيَّن أنه ليس على الكل درك فيما فعل، وإنما.

هذا شأن فروض الكفايات إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.

فتبين أنه ليس على الكل درك فيما فعل، وإنما كان تصرفًا بحكم الاجتهاد وإعمالاً بمقتضى الشرع، والله أعلم.

 السادسة: قوله تعالى: {فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} [سورة الحجرات:9] ومن العدل في صلحهم ألا يطالَبوا بما جرى بينهم من دم ولا مال، فإن تلف فإنه تلف على تأويل، وفي طلبهم تنفير لهم عن الصلح واستشراء في البغي وفيها، وهذا أصل في المصلحة. وقد قال لسان الأمة: إن حكمة الله تعالى في حرب الصحابة التعريف منهم لأحكام قتال أهل التأويل؛ إذ كان أحكام قتال أهل الشرك قد عرفت على لسان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفعله. السابعة: إذا خرجت على الإمام العدل خارجة باغية ولا حجة لها قاتلهم الإمام بالمسلمين كافة أو بمن فيه كفاية، ويدعوهم قبل ذلك إلى الطاعة والدخول في الجماعة، فإن أبوا من الرجوع والصلح قوتلوا، ولا يقتل أسيرهم، ولا يتبع مدبرهم، ولا يدفف على جريحهم، ولا تسبى ذراريهم ولا أموالهم، وإذا قتل العادل الباغي أو الباغي العادل وهو وليه لم يتوارثا، ولا يرث قاتل عمدًا على حال، وقيل: إن العادل..

لأن القتل من موانع الإرث هذا في كونه لا يرث القاتل المقتول ولا العكس إن كان عادلاً أو باغيًا لكن القول الثاني وهو أن العادل يرث الباغي؛ لأنه قتله بحق كما لو قتله بقصاص.

وقيل: إن العادل يرث الباغي قياسًا على القصاص.

 الثامنة: وما استهلكه البغاة والخوارج من دم أو مال ثم تابوا لم يؤاخذوا به. وقال أبو حنيفة: يضمنون، وللشافعي قولان، وجه قول أبي حنيفة أنه إتلاف بعدوان فيلزم الضمان، والمعوَّل في ذلك عندنا أن الصحابة -رضي الله عنهم- في حروبهم لم يتبعوا مدبرًا، ولا دففوا على جريح، ولا قتلوا أسيرًا ولا ضمنوا نفسًا ولا مالاً، وهم القدوة. وقال ابن عمر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا عبد الله أتدري كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟» قال الله ورسوله أعلم فقال «لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيؤها». فأما ما كان قائمًا رُد بعينه، هذا كله فيمن خرج بتأويل يسوغ له. وذكر الزمخشري في تفسيره: إن كانت الباغية من قلة العدد بحيث لا منعة لها ضمنت بعد الفيئة ما جنت، وإن كانت كثيرة ذات منعة وشوكة لم تضمن إلا عند محمد بن الحسن -رحمه الله-، فإنه كان يفتي بأن الضمان يلزمها إذا فاءت، وأما قبل التجمع والتجند أو حين تتفرق عند وضع الحرب أوزارها أو تتفرق عند وضع الحرب أوزارها فما جنته ضمنت عند الجميع فحمل الإصلاح بالعدل في قوله: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} [سورة الحجرات:9] على مذهب محمد واضح منطبق على لفظ التنزيل، وعلى قول غيره وجهه أن يحمل على كون الفئة الباغية قليلة العدد والذي ذكروا أن الغرض إماتة الضغائن وسل الأحقاد دون ضمان الجنايات ليس بحسن الطباق المأمور به من أعمال العدل ومراعاة القسط.

ليس بحسن؟

كذا.

ليس بحسن..

كذا.

الذي بعده.

ليس بحسن الطباق المأمور به من أعمال العدل ومراعاة القسط.

الانطباق..

كذا الموجود يا شيخ.

قال الزمخشري: فإن قلت: لم قرن بالإصلاح الثاني العدل دون الأول؟ قلت: لأن المراد بالاقتتال في أول الآية أن يقتل باغيتين أو راكبتي شبهة، وأيتهما كانت فالذي يجب على المسلمين أن يأخذوا به في شأنهما إصلاح ذات البين، وتسكين الدهماء بإرادة الحق والمواعظ الشافية ونفي الشبهة إلا إذا أصرتا، فحينئذ تجب المقاتلة، وأما الضمان فلا يتجه وليس كذلك إذا بغت إحداهما فإن الضمان متجه على الوجهين المذكورين.

 التاسعة: ولو تغلبوا على بلد فأخذوا الصدقات وأقاموا الحدود وحكموا فيهم بالأحكام لم تُثنَ عليهم الصدقات والحدود.

يعني ما تؤخذ ثانية مادام دفعوا لمن له شوكة وقوة ومنعة وأخذها منهم قهرًا تجزئ.

ولا ينقض من أحكامهم إلا ما كان..

لأن أخذها ثانية ظلم لهم.

ولا ينقض من أحكامهم إلا ما كان خلافًا للكتاب أو السنة أو الإجماع، كما تنقض أحكام أهل العدل والسنة، قاله مطرِّف وابن الماجشون، وقال ابن القاسم: لا تجوز بحال، ورُوي عن أصبغ أنه جائز، وروي عنه أيضًا أنه لا يجوز كقول ابن القاسم.

والمسألة مفترضة في قاضٍ تنطبق عليه شروط القاضي، أما إذا ولوا قاضيًا لا تنطبق عليه الشروط فهذا أحكامه باطلة، كما لو ولاه أهل الحق والعدل.

طالب: ..........

سيأتي إن شاء الله.

وروي عنه أيضًا أنه لا يجوز كقول ابن القاسم وبه قال أبو حنيفة؛ لأنه عمل بغير حق ممن لا تجوز توليته فلم يجز كما لو لم يكونوا بغاة، والعمدة لنا ما قدمناه من أن الصحابة -رضي الله عنهم- لما انجلت الفتنة وارتفع الخلاف بالهدنة والصلح لم يعرضوا لأحد منهم في حكم قال ابن العربي: الذي عندي أن ذلك لا يصلح؛ لأن الفتنة لما انجلت كان الإمام هو الباغي ولم يكن هناك من يعترضه، والله أعلم.

 العاشرة.

كان الإمام..

يقصد معاوية، رضي الله عنه..

طويل الباقي..

باقٍ والله..

قف عليه..

لقيت..

طالب: ..........

نعم أبو حازم الاثنان.. ما جهزتهم؟!

طالب: ..........

سلمان..

طالب: ..........

تجده بسلمان مولى عزة هذا يروي عن أبي هريرة، وهذا يروي عن سهل بن سعد.

طالب: ..........

إذا قال لهم الإمام: كفوا ولم يكفوا ما خرجوا عن الطاعة؟ خرجوا عن الطاعة.

طالب: ..........

ما يلزم أن يكون موضعه، لكن إذا خرجوا عن طاعته وشقوا عن عصا الطاعة..

اللهم صلِّ...

طالب: ..........

ما أنت مصلٍّ أنت؟! ماذا تريد؟!

طالب: ..........

الله يصلح قلبك..

طالب: ..........

 

بين الأذان والإقامة.. لكن الموانع المشكلة، المشكلة الموانع..

"