عون المعبود

تصنيف الكتاب
كشاف الكتاب

المؤلف متبع للنصوص، وليس فيه تعصب لأي مذهب من المذاهب، إنما يرجح على ما يقتضيه الحديث، وهو في هذا متأثر تأثر كبير بالشوكاني، أيضاً هو في المعتقد على طريقة أهل السنة والجماعة، يمر نصوص الصفات ويثبتها على ما يليق بجلال الله وعظمته، وهو أيضاً يرد على معظمي القبور ممن فتن بها، ويقرر السنة في كيفية وضع القبر، وكيفية الزيارة.
عون المعبود اشتهر بين الناس بأن مؤلفه محمد شمس الحق العظيم أبادي؛ لكن جاء في مقدمته بعد البسملة والحمدلة، "أما بعد: فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى أبو عبد الرحمن شرف الحق الشهير بمحمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر الصديقي العظيم أبادي، يقول غفر الله له: أن هذه الفوائد المتفرقة والحواشي النافعة على أحاديث سنن أبي داود جمعتها من كتب أئمة هذا الشأن" فهذا كلام أبي عبد الرحمن شرف الحق الشهير بمحمد أشرف الصديقي،  - والعجيب أنه في طرة الكتاب مكتوب: عون المعبود شرح سنن أبي داود للعلامة أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي، وهو غير هذا الذي في المقدمة -، يقول في المقدمة:" جمعتها من كتب أئمة هذا الشأن -رحمهم الله تعالى- مقتصراً على حلّ بعض المطالب العالية، وكشف بعض اللغات المغلقة، وتراكيب بعض العبارات مجتنباً عن الإطالة والتطويل إلا ما شاء الله تعالى، وسميتها بعون المعبود على سنن أبي داود، تقبل الله مني"، يقول بعد ذلك: "وأما الجامع لهذه المهمات المذكورة من الترجيح والتحقيق وبيان أدلة المذاهب والتحقيقات الشريفة، وغير ذلك من الفوائد الحديثية في المتون والأسانيد وعللها الشرح الكبير لأخينا العلامة الأعظم الأكرم أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي"، يقول: "والباعث على تأليف هذه الحاشية -أولاً محمد شمس الحق له شرح مطول على سنن أبي داود اسمه: (غاية المقصود)، وذكر هنا يقول: "الباعث على تأليف هذه الحاشية المباركة أن أخانا الأعظم الأمجد أبا الطيب شارح السنن ذكر غير مرةٍ في مجلس العلم والذكر أن شرحي (غاية المقصود) يطول شرحه إلى غير نهاية، لا أدري كم تطول المدة في إتمامه والله يعينني، والآن لا نرضى بالاختصار، لكن الحبيب المكرم .." إلخ، المقصود أنه كلام يطول، إنما قد يميّز ما في الكتاب مما ألفه شرف الحق مما ألفه شمس الحق بأن شرف الحق له: حلّ الألفاظ الغامضة والمباحث اللغوية وبيان التراكيب، أما أبو الطيب له من الكتاب الفوائد الحديثية والكلام على المتون والأسانيد والعلل وبيان أدلة المذاهب والتحقيقات الشريفة، فعلى هذا يكون قد اشترك في تأليف الكتاب اثنان.
 جاء في آخر الجزء الثامن من مختصر شرح تهذيب سنن أبي داود لمحققه محمد حامد الفقي "خاتمة لا بد منها"، يقول: "وقد كان من أهم ما اعتمدت عليه في عملي في طبع مختصر السنن والتهذيب والمعالم عون المعبود؛ لأنه أجمع شرحٍ لسنن أبي داود، بل لعله أنفع شرحٍ للأحاديث مطبوع، وأوسعها إذا استثنينا فتح الباري"، لكن واقع الكتاب بخلاف هذا، فالكتاب مختصر، سماه مؤلفه حاشية، وليس بشرحٍ مستوعب ومستقصٍ، وإنما يشرح الحديث الواحد في صفحة أو صفحتين، فكيف يقال: إن هذا أوسع شرح للأحاديث مطبوع؟ وكيف تُتجاهل الشروح الكبيرة لصحيح البخاري؟!
وعلى كل حال هذا الكتاب (عون المعبود) نافع، له مزايا، يشرح الأحاديث بطريق المزج، يمزج كلمات المتن في الشرح، فيميز المهمل من الرواة، ويسمي المنسوب والمكنى، ويضبط ما يحتاج إلى ضبط، ثم يشرح الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى شرح، ثم يتكلم على فقه الحديث كل هذا باختصار، ثم يخرج الحديث معتمداً في تخريجه على كلام المنذري في المختصر، وقد اعتمد اعتماداً أغلبياً على الخطابي وابن القيم.
ومع هذا فهو شرح مختصر لا يستوعب جميع الكلمات، ولا يعلق على رجال الحديث كلهم، إنما يكتفي بضبط بعض الأسماء أو تسمية بعض المكنين أو المنسوبين، يُعنى ببيان صحة الحديث وضعفه؛ لكن لا عن اجتهاد إنما يعتمد في ذلك على غيره.
وقد وصفه مؤلفه بأنه حاشية اجتنب فيها الإطالة، وقصد بيان معنى أحاديث السنن دون بحثٍ في ترجيح الأحاديث بعضها على بعض إلا على سبيل الاختصار، من غير ذكر أدلة المذاهب على وجه الاستيعاب إلا في المواضع التي دعت إليها الحاجة.
وهذا الكتاب مشهور ومتداول وهو من أهم شروح سنن أبي داود، يتميز بأنه شرح كامل للسنن كلها من أولها إلى آخرها، وهو كتاب سهل وسمح وميسر، نفس المؤلف فيه حديثي، فهو جيد ونفيس لمن يقنع بالشرح المختصر.
عون المعبود مطبوع في أربعة مجلدات كبار في الهند، هذه الطبعة جميلة ونفيسة، إلا أنها - مثل ما ذكرنا عن الطبعة الهندية لفتح الباري- بالحروف الفارسية؛ لأن من لم يتعود على الحروف الفارسية تصعب عليه.
 
طُبع بعد ذلك في طبعات المطبعة السلفية في المدينة عن الطبعة الهندية، وطابعه لم يعرف أن يقرأ تلك الحروف الفارسية، فتصحف عليه كثير من الكتاب، إلا أن طبعته لعون المعبود أمثل من طبعته لتحفة الأحوذي، هذا الرجل لا علاقة له بالعلم الشرعي؛ لكنه نشر بعض الكتب بمشورة من صاحب المكتبة السلفية، فهذه الطبعة فيها بعض الأخطاء، لكنه يمكن إدراكها.