ختم القرآن مرتين في يوم ونصف

Question
أنا -بتوفيق من الله- كنت أختم في يوم ونصف ختمتين، فنهاني أحد الإخوة وقال: (هذا فيه نهي، يجب أن تختم الختمة في ثلاثة أيام)، فأردت أن أعرف الرأي الصحيح في هذا.
Answer

ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما-: «اقرأ القرآن في سبع ولا تزد على ذلك» [البخاري: 5054]، وجاء في الحديث المخرَّج في السنن أنه «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» [أبو داود: 1390]، ولكن ثبت عن بعض السلف أنهم كانوا يختمون كل ليلة، ولذا اختلفت أنظار أهل العلم للتوفيق بين هذه وهذه، ولا شك أن الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى بالاتباع، لكن إذا ثبت هذا عن مثل عثمان -رضي الله عنه- وجمع من الصحابة والتابعين أنهم يفعلون ذلك كالإمام الشافعي وغيره فلا مانع من أن يكون هذا استغلالًا للأيام الفاضلة، كما قرر ذلك الحافظ ابن حجر –رحمه الله-، مثل: لو كان الإنسان في رمضان يختم كل ليلة -كما كان كثيرٌ من السلف يفعل ذلك- استغلالًا للوقت الفاضل، ولا يكون ذلك ديدنًا له طول العام؛ لأنه يندر أن يفقه من يقرأ في أقل من ثلاث، لكن بعض الناس متفرغ ليس لديه أي عمل إلا قراءة القرآن، فمثل هذا يتمكن من قراءته كل ليلة ويحضر قلبه ويفقه ما يقرؤه، لكن الغالب أن مثل هذه القراءة في يوم واحد لعامة الناس لا تترتب عليها آثارها من التدبر والترتيل وكونها قراءة على الوجه المأمور به، والتدبرُ والترتيلُ هو الوجه المأمور به كما جاء في آية المزمل وغيرها من الآيات، وابن القيم -رحمه الله- يقول:

فتدبر القرآن إن رمت الهدى

فالعلم تحت تدبر القرآن

{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤]، فالتدبر مطلوب، نعم القراءة من غير تدبر قد يترتب عليها أجر الحروف الذي هو بكل حرفٍ عشر حسنات كما نص على ذلك جمع من أهل العلم، لكن أجر التدبر والترتيل والتفقه والتفكر في كتاب الله وفي آياته المتلوَّة وفي آياته المرئية هذا لا شك أنه يزيد الإيمان من العلم والطمأنينة واليقين ما لا يُدركه إلا من جربَّه كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.