كتاب بدء الوحي (002)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
في الدرس الماضي ذكرنا شيئاً عن صحيح البخاري، وعن روايته، وعن شروحه -يعني أهم الشروح- وذكرنا أن الشروح تزيد على الثلاث مائة يعني مما ذكره صاحب كشف الظنون مما اطلع عليه، أكثر من ثمانين شرحاً، مع أنه يوجد أضعاف ما ذكره من الشروح الكاملة والناقصة، وما من عالم يقرأ في صحيح البخاري إلا ويكتب عليه حاشية، ولا غرابة في ذلك، إذا عرفنا أن تفسير البيضاوي كتب عليه أكثر من مائة وعشرين حاشية، والعدد أكبر من ذلك، أكثر من مائة وعشرين حاشية؛ لأن المائة والعشرين التي كتبت وذكرت في الكتب التي تعتني بالمصنفات.
ومازال الأمر إلى يومنا هذا، وما من نسخة تأتي من مصر أو الشام أو تركيا من نسخ تفسير البيضاوي، إلا وتجد عليه حاشية قلمية لمن قرأها من أهل العلم، على كل حال ليس بكثير، وليس بمبالغ أيضا، إذا قلنا أن البخاري عليه شروح كثيرة قد تبلغ الثلاث مائة، وليس من التكرار أن تكون الشروح بهذا العدد، نعم قد يشكل على طالب العلم مسألة الانتقاء من هذا الشروح، كيف ينتقي هل يقرأ في الثلاثمائة كلها؟ أو في ثلاثين؟ أو في ثلاثة؟ لا شك أن العمر لا يستوعب، فهناك شروح مشهورة ومتداولة، وشهرتها وتداول العلماء لها يدل على أن لها ميزة، وأنها تغني عن غيرها، وذكرنا منها: "شرح الخطابي" و "شرح الكرماني " و "شرح ابن رجب"، "شرح ابن حجر" و "العيني" و"القسطلاني " و"الشيخ زكريا الأنصاري" هذه شروح متداولة هي شروح مطبوعة ومتداولة، والمقام يقتضي أكثر من هذا العدد والبسط، لا سيما في الشروح التي فيها نوع مخالفة مما يحتاط له طالب العلم، وهذه المخالفات أشرنا إلى شيء منها في أشرطة ضمناها مناهج شراح الكتب الستة، مما يذكر من الشروح، ويدور ذكره في الكتب شرح "التيمي" يعني بعد شرح الخطابي الذي ذكرناه في الدرس الماضي، "شرح التيمي" وهو تكملة لشرح الخطابي ومناقشة له فيما خالف فيه، هناك أيضا شرح الداوودي وهو شرح كبير، ينقل عنه الشراح ابن حجر والعيني وغيرهما.
شرح المهلب بن أبي صفرة أيضا له ذكر في الشروح، وهناك أيضا شرح ابن التين الصفاقسي، وشرح أبي الزناد يدور ذكره كثيراً في شرح ابن بطال، شرح أبي الزناد، قال أبو الزناد، قال أبو الزناد، ليس أبو الزناد المراد به عبد الله بن ذكوان، لا، لأن هناك أسماء تلتبس، يلتبس بعضها ببعض، يعني من الطرائف أن يقول واحد من المتخصصين ينازع في كون أبي هريرة أكثر الصحابة رواية للحديث، ويقول أكثرهم أبو ذر، يعني ما نقرأ شرح حديث واحد إلا قال أبو ذر، قال أبو ذر، في رواية أبي ذر، وفي روية أبي ذر، يظنه الصحابي وهو راوي الصحيح.
شرح أبي الزناد اسمه سراج، هذا يكثر عنه ابن بطال، أيضا شرح ابن بطال هذا أشرنا إليه في الدرس السابق، شرح الزين ابن المُنَيِّر في نحو عشرة مجلدات، هناك ابن المنير أخر له تراجم البخاري "ناصر الدين ابن المنير"، وهذا "الزين ابن المنير" فيفرق بينهما، هناك أيضا شرح المغلطاي تركي حنفي، وشرح الكرماني أشرنا إليه، ولابنه يحيى شرح على البخاري التقطه من شرح أبيه، مع إضافة إلى ما وقف عليه من الشروح الأخرى.
شرح ابن الملقن "سراج الدين"، وهو موجود أيضا ومحقق وقيد الطباعة.
"نكت الزركشي" المسماة بالتنقيح، نكت يسيرة، تعليقات خفيفة أشار إليها ابن حجر في نكته على صحيح البخاري، ابن حجر له نكت على صحيح البخاري لم تكمل، يعني قطعة من أوله ويأتي ذكرها.
لا مانع أن نذكرها للمناسبة الآن؛ لأن نكت الزركشي مطبوعة ومتداولة بين أيدي طلاب العلم، لكن لا يكتفي بها طلاب العلم، لا تغنيه.
ابن حجر -رحمه الله- يقول في مقدمة نكته على صحيح البخاري يقول: "لخصه من شرح الكبير المسمى فتح الباري، الشرح الكبير المسمى فتح الباري، وعندنا أيضا إشكال في التسمية، تسمية الشرح الكبير، هل هو فتح الباري؟ وإلا غيره؟ لأنه يقول: " النكت على صحيح البخاري تأليف حافظ العصر أبي الفضل ابن حجر، لخصه من شرحه الكبير المسمى فتح الباري، لأن مثل هذا يستفيد منه طالب العلم الذي يريد أن يعتني بالبخاري، لأنه ذكر.
هنا يقول في نكته على ابن حجر، يعني نكته على البخاري يعني ابن حجر يقول: وقد بسطته في الشرح الكبير، ثم قال: "قف على كلام المصنف في شرحه الكبير في هذا المحل، فإنه أبدع، لماذا أكرر الشرح الكبير؟ والذي يظهر أن الشرح الكبير هو فتح الباري، لكن يشكل عليه قوله في المجلد الأول من فتح الباري صفحة (258)، هنا تكلم على حديث قال: "أعله قوم بالاضطراب، وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي إسحاق في كتاب العلل، واستوفيته في مقدمة الشرح الكبير، هو استوفاه في هدي الساري، والمعروف أن هدي الساري مقدمة لفتح الباري، والكلام الذي أحال عليه في المقدمة موجود في هدي الساري، كيف يقول في فتح الباري: واستوفيته في مقدمة الشرح الكبير وهو فتح الباري الكلام هذا؟، يعني مفهوم الكلام أن له شرح اكبر من فتح الباري، لأنه يصفه في فتح الباري بأنه شرح كبير، هذا مشكل وإلا غير مشكل؟ نعم، وهنا في النكت يقول: لخصه من شرحه الكبير المسمى "فتح الباري"، فهل الشرح الكبير الذي أشر إليه هنا يقول: "واستوفيته في مقدمة الشرح الكبير، التي هي هدي الساري غير فتح الباري، وإلا نفسه، واستوفيته في مقدمة الشرح الكبير، هذا لا شك أنه مشكل، فمفهومه يدل على أن للحافظ شرحاً كبيراً أكبر من فتح الباري، ورجعنا إلى المقدمة، وهي مقدمة لفتح الباري، وإن كان في المقدمة يقول: هنا يقول: "وقد استخرت الله تعالى في أن أضم إليه نبذاً شارحة لفوائده، موضحة لمقاصده، كاشفت عن مغزاه في تقييد أوابده، واقتناص شوارده، وأقدم بين يدي ذلك كله مقدمة في تبيين قواعده، وتزيين فرائده، يعني الشرح جامعة وجيزة دون الإسهاب، وفوق القصور سهلة المأخذ إلى أخره، وهي في عشرة فصول يعني المقدمة.
والإشكال لمن ينحل إلى الآن، فمهموم كلامه في الفتح يدل على أن له شرحاً أكبر من فتح الباري، قد يقول قائل: إنه من باب التجريد، بدل من أن يقول في هذا الشرح، قال الشرح الكبير، وهو بالفعل شرح كبير كأنه جرد من كتابه شي أخر تحدث عنه ووصفه بأنه كبير، يعني مثلما يتحدث الإنسان عن نفسه، في حديث سعد بن أبي وقاص قال: "أعطى رهطاً، وسعد جالس" المتكلم هو سعد بن أبي وقاص يقول: في هذا تجريد، كأنه جرد من نفسه شخص تحدث عنه، وهنا جرد كتابا غير، جرد من كتابه الذي يتحدث عنه، أو يتحدث فيه كتاباً تحدث عنه، ولا شك أن الأسلوب ملبس ومشكل وموهم ،النكت التي نعم.
طالب .............
الشيخ : ينحل الإشكال.
طالب نعم ينحل الإشكال .............
الشيخ: لكن هو في فتح الباري يقول: استوفيته في مقدمة الشرح الكبير.
طالب ...............
الشيخ: أيه لكن هو في نفس الكتاب يقول: الشرح الكبير ما قال في هذا الكتاب أو في هذا الشرح.
طالب .................
الشيخ: سماه قبل أو بعد مافي إشكال.
طالب .............
الشيخ: المقصود أنه إذا قلنا أنه محمول على أسلوب التجريد سواء سماه فتح الباري، أو ما سماه هو شرح الكبير في الحقيقة.
طالب ..........
الشيخ: ما في ما يدل على أن له شرح أخر إلا هذه الجملة، استوفيته في الشرح الكبير، في النكت، نكت الحافظ على صحيح البخاري يقول: النكت على صحيح البخاري، تأليف حافظ العصر أبي الفضل بن حجر، لخصه من شرحه الكبير المسمى "فتح الباري".
بعضهم يسمى هذه النكت على شرح الزركشي كما ذكر من ضمن ما كتب على البخاري، ومنها نكت الزركشي المعروفة بالتنقيح، مطبوعة، قال: "وللحافظ بن حجر نكت عليه ولم تكمل، كأن يراد هذه النكت لماذا؟ لأنه أشار إلى نكت الزركشي في المقدمة، قال: "وكنت شرعت في شرح كبير استفتحته بمقدمة تحوي غالب مقاصد الشرع، فلما أتقنتها وحررتها، وكتبت من الشرح مواضع هذبتها، ومواضع سودتها، رأيت الهمم قصيرة، والبواعث على تحصيل المطولات يسيرة، وسألني بعض الأخوان عن النكت التي وضعها العلامة بدر الدين الزركشي على الكتاب المذكور، هل يغني الطالب عن مراجعة غيره أم لا؟ فتأملتها فوجدتها في غاية الحسن، والتقريب، والاختصار المفيد العجيب، إلا أنها ليست على منوال واحد في ذلك، بل ربما أطال فيما لا طائل فيه، وربما أهمل ما تحير الأفكار بتوجيهه، فلا يوجد في كلامه توجيه، فأحيانا ًيتعرض لبيان بعض من أهمل تمييزه، أو أبهم اسمه، ويترك بجنبه من هو أولى بالتنبيه عليه؛ لعسر مأخذه وكذا يتعرض أوقاتا لوصف بعض المعلقات، أو التوفيق بين الترجمة وحديث الباب، ويترك أهمهما وأنفعها وأكثرها فائدة، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه مقاصد الجامع إذ هو جامع كاسمه.
بحر زاخر مفصح بسعة اطلاع مصنفه، ووفور علمه، فحداني ذلك على جمع هذه النكت شاملة لمهمات ذلك على طريق الوسطى، أرجوا نفعها كاملة إلى أخره، وسطى -يعني بين الشرح الكبير، وبين نكت الزركشي- لكن كلامه، يعني كنت شرعت في شرح كبير استفتحته بمقدمة تحوي غالب مقاصد الشرح، فلما أتقنتها وحررتها، وكتبت من الشرح مواضع هذبتها، ومواضع سودتها، رأيت الهمم قصيرة، والبواعث على تحصيل المطولات يسيرة. يعني مفهوم هذا الكلام، أنه ترك لما رأى من قصر الهمم، أنه تكرر الاستمرار في الشرح الكبير، وعدل عنه إلى هذا المختصر.
طيب فتح الباري ما موقعه؟ يعني هل نقول أن فتح الباري شرح متوسط بين هذه النكت وبين الشرح الكبير؟ يعني الحافظ العراقي في شرحه على ألفيته، في أوائل الكتاب يقول: "وقد بسطت القول في هذه المسألة في الشرح الكبير، ثم ينقطع ما يحيل على الشرح الكبير؛ لأنه ما أتمه، إنما شرح قطعة من أوائل الألفية بتوسع،
كنت شرعت في شرح كبير استفتحته بمقدمة تحوي غالب مقاصد الشرح.
ولذا هذه المقدمة التي هي هدي الساري فيها ما يحتاجه طالب العلم، وما يشكل عليه في الصحيح، هذه المقدمة يعني لو الإنسان استصحب في سفره المتن مع هذه المقدمة، يبقى الإشكال عليه يسير؛ لأن في هذه المقدمة حل إشكالات كثيرة في الشرح، سواء كانت في الأسانيد، أو في المتون يعني فيها المبهمات، وفيها المعلقات، وفيها غريب الحديث، وفيها الأحاديث المتكلم فيها، والرواة المتكلم فيهم، يعني هذا شرح مختصر، شرح مختصر في مجلد واحد ولذلك قال: تحوي غالب مقاصد الشرح، فلما أتقنتها وحررتها، وكتبت من الشرح مواضع هذبتها، ومواضع سودتها، رأيت الهمم قصيرة، كأنه عدل عن ذلك الشرح الكبير إلى شرح متوسط.
ولعل الشرح المتوسط هو فتح الباري، وهذا نقوله مجرد استرواح لا عن مزيد استقصى وبحث، ولا على اطلاع بحقيقة الأمر، فالأمر لا يزال مشكلاً، ومن كان لديه فضل علم في هذا فليسعفنا.
ما عندنا أدنى إشكال في مسألة أن فتح الباري لابن حجر، وأنه شرح مطول، وأنه يحل كثير من الإشكالات لقارئ الصحيح، لكن قوله: "وقد استوعبت الكلام في مقدمة الشرح الكبير"، هذه التي أوجدت عندنا هذا الإشكال.
من الشروح التي ذكرت بل من أهمها شرح ابن ماوي " الامع الصحيح"، شرح البرهان الحلبي"تلقيح لفهم الجامع الصحيح"، ابن حجر له فتح الباري واختصره أبو الفتح المراغي، اختصر فتح الباري ومختصره لم أقف عليه؛ لأنه لم يطبع.
وأيضا الشيخ فيصل بن مبارك -رحمه الله- تعالى، له اختصار لفتح الباري سماه " لذة القاري "، في ثمانية أجزاء، وطريقة الشيخ أنه لا يقال عنه أن يختصر فقط بل يعتصر، اختصر نيل الأوطار في مجلدين، يعني المتن مطبوع بأكبر من حجم المختصر، مختصر فتح الباري "بستان الأحبار" اختصر سبل السلام في مجلد لطيف جداً، وله تعليق على عمدة الأحكام أيضاً مختصر، جميع كتب الشيخ مختصرة، وله أيضا التفسير المشهور "توفيق الرحمن لدروس القرآن "، وهو مختصر أيضا من التفاسير الأثرية، الطبري، والبغوي ، وابن كثير، فطريقة الشيخ يختصر جداً، فاختصر بل اعتصر فتح الباري مع أنه لا يوجد منه إلا قطع يسيرة، فإذا وجدت لعل الله أن يسير من ينشرها، لابن حجر "النكت" التي أشرنا إليها.
أيضاً شرح العيني سبق أن تحدثنا عنه، هناك شرح اسمه "مصابيح الجامع" لبدر الدين الدماميني، وهناك أيضا "التوشيح على الجامع الصحيح" للسيوطي وهو مختصر جداً، كباقي، كبقية شروحه على الكتب السبعة.
النووي -رحمه الله- تعالى شرح قطعة منه، شرح بدء الوحي والإيمان في جزء طبع، مع ما يقابله من شرح القسطلاني، وعون الباري في مجموعة سميت "شروح البخاري".
أيضا ابن كثير شرح منه قطعة من أوائله، وابن رجب -رحمه الله- تعالى شرح إلى كتاب الجنائز، والموجود أيضا فيه خروم كبيرة، السراج البلقيني له تعليقات يسيرة على البخاري، الفيروز أبادي صاحب القاموس، المجد مجد الدين الفيروز أبادي، له شرح كبير جدا اسمه "السيل الفسيح المجاري في شرح البخاري"، أو "السيل الفسيح الجاري" يختلفون في كتاباتها في شرح البخاري، كمل منه ربع العبادات في عشرين مجلداً، قالوا: ولو كمُل لبلغ الخمسين، لكن الفيروز أبادي لما شرح البخاري وهو في اليمن، وفي وقته في القرن الثامن، راجت في اليمن مقالة ابن عربي "وحدة الوجود" القول بوحدة الوجود، فأراد أن يروج شرحه بها، فأَودع في شرحه كتب ابن عربي الفصوص والفتوحات وغيرها من كتبه، والترويج لا يمكن أن يكون بمحرم، أن يرد أن يروج السنة وشرح السنة بارتكاب أمر عظيم خطير؛ لأن البدعة هذه مغلظة بل مكفرة عند أهل العلم، فكيف يروج الكتاب بمثل هذه العقيدة الفاسدة، لكن الله -جل وعلا- هيا لهذا الكتاب الأرضة فأكلته من الأول إلى العشرين، ما بقي منه ولا ورقة، يعني ترويج الكتب قد يكون من حسن قصد، لكن ليس بهذه الطريقة، يعني بالإمكان أن تذكر أقوال لمخالفين، لكن لا تصل ببعضهم إلى حد البدع المغلظة، يعني الشوكاني، والصنعاني كتبهم مشتملة على ذكر أقوال الزيدية، والهادوية، والناصرية، وغيرهم من المبتدعة، من أجل أن يروج الكتاب، لو لم يذكر مذاهب الزيدية وهما في اليمن، لو لم يذكر ذلك ما راجت كتبهم، وقد يروج الكتاب بعدم ذكر من ينقل عنه؛ لأن من ينقل عنه وإن كان على الجادة، لكن المؤلف في بلد لا يرتضون مثل هؤلاء، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم في كثير من بلدان المسلمين، في وقت من الأوقات، بل في قرون، إذا وجد اسم أحد هاذين خلاص ترك الكتاب.
فشارح الطحاوية ينقل بكثرة عن شيخ الإسلام، وابن القيم، ولا يسميهم، فيكون الترويج أحياناً بالذكر، وأحياناً يكون بالترك، فشارح الطحاوية لم يذكر شيخ الإسلام، ولا ابن القيم، ولا في موضع واحد من أجل ترويج الكتاب، والشوكاني، والصنعاني ذكرا مذاهب يحتاج إليها في بلدهم من أجل أن يروج الكتاب، مع أنهما لا يقران باطل.
شرح ابن أبي جمرة على مختصره المسمى "بهجة النفوس" مطبوع، ومتداول، فيه فوائد، وينقل عنه الشراح بكثرة، ويصفونه بالإمام القدوة، الرجل صوفي معروف، لكن كتابه فيه فوائد، وعليه ملاحظات كثيرة.
شرح زكريا الأنصاري اسمه "منحة الباري، أو تحفة الباري" كان مطبوعاً قديماً في المطبعة الميمنية على هامش إرشاد الساري، مع شرح النووي على مسلم أشرنا إلى هذه الطبعة بالدرس الماضي، ثم أفرد طبع محققاً في عشرة أجزاء.
"الكوثر الجاري إلى رياض صحيح البخاري" لشمس الدين الكوراني، هناك أيضا مما يستفاد منه في هذا المجال شروح المختصر، مختصر الزبيدي، شرح الشرقاوي اسمه "فتح المبدي"، وهناك أيضا شرح صديق حسن خان اسمه "عون الباري".
ذكرنا أن ناصر الدين بن المنير له تراجم على البخاري، وابن رشيد أيضا السبتي أيضا ترجمان التراجم، وابن حمامة السلجماسي له "حل أغراض البخاري المهمة "، يعني في الربط بين الترجمة والحديث.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لكن ليعلم الجميع أن الكلام النظري سهل، الكلام النظري سهل، والتطبيق يحتاج إلى صبر ومصابرة ومثابرة، يحتاج إلى وقت، ومما عرض يعني -وهذا ليس بسر- أن تكون الدروس كلها للبخاري، بحيث إذا انتهينا من البخاري لا نحتاج إلى غيره من الكتب، أما بالنسبة للكتب الستة هذه تدخل ضمناً في البخاري، وغيرها من العلوم يشار إلى مقاصدها في ثنايا الشرح، فالعلوم العربية ترد، وأصول الفقه يرد، وجميع ما يحتاجه طالب العلم هذا المؤمل يعني، -يعني لو كان الوقت والدروس كلها للبخاري- لكن اعترض على هذا الاقتراح بأن هناك دروس ابتدئ فيها، منها ما له ستة عشر عاما هذا ما يمكن تركه، وبعض الدروس له خمس سنين، وبعضها ست سنين، كل مجموعة متمسكين بدرسهم، وإلا بالإمكان أن يجعل درس في التفسير بعد صلاة الفجر، ودرس في البخاري بعد صلاة المغرب ...... هذه فقط، ولا شك أن هذه غنيمة غنيمة عظماء للمعلم قبل المتعلم، لكن يبقى أن الإخوان الذين بأيدهم كتب، والإخوان الذين يحضرون بعض الدروس اعترضوا علي هذا، وإلا أنا الفكرة حقيقة أنا أرحب بها وأحبذها، لا سيما وأن الكتاب يحتاج إلى دهر بالطريقة التي شرحناها، اللهم إلا أن يكون على حساب بعض الأمور، إما أن يكون على حساب الإتقان والدقة والتجويد، أو بسط المسائل العلمية المستنبطة من النصوص، وإلا فالكتاب يحتاج إلى عمر مديد، والفكرة أنا هاضمها من زمان، وأروج لها، لكن نسأل الله -جل وعلا- أن يعيننا عليها، وبدأ بتطبيقها بعض الطلاب.
أنا من ثلاث سنوات، أو أربع، وأنا اطرحها وأعرضها على الأخوان، وأطلعوني على بعض أعمالهم بالفعل غاية في الإتقان.
أنا أعرف أن بعض الإخوان لما أكملنا المقدمة في هذا الدرس صار عنده شي من الضيق؛ لأنهم يودون الشروع في الكتب؛ لأنهم يتصورون أننا ننتهي بالسرعة بهذه الطريقة، ما ننتهي، نعم يوجد من أهل العلم من يضبط الوقت، ويضبط الكلام بحيث لا يزيد ولا ينقص عن المطلوب، ويحدد يعرف البداية والنهاية، يعرف متى ينتهي بدقة، هذا موجود عند بعض المشايخ يستطيع أن يحدد مدة، ويقسم الوقت على المنهج الذي يسير عليه، وينتهي مثلما يقسم في المدارس والجامعات إذا أراد المدرس إكمال المنهج، لكن أنا لا أستطيع؛ لأنه ما في ما يمنع من أن تعرض لنا شاردة شاذة، وإلا فائدة ونسترسل ورائها وينتهي الدرس، هذا مجرب.
من الطريقة التي ذكرتم من مزاياها أنها ترشدنا إلى الهدف، وهو شرح ودراسة أقوال الرسول -عليه الصلاة والسلام- وجمعها من روايات الرجال، والتعرف على جهود العلماء والرواة في إيصالها إلينا، مع إضافاتهم فالهدف دراسة السنة.
ذكرتم في لقاءات عديدة طريقة رائعة في قراءة الكتب، منها استدل لصاحب الكتاب على المسألة، وانظر من وافقه وخالفه ووازن؟
هذه ذكرناها في طريقة التفقه، يعني طالب العلم المبتدئ إذا أراد أن يتفقه من كتاب مختصر، يكفيه في أول الأمر أن يتصور مسائل الكتاب، هذه أول عرضة وأول قراءة للكتاب، ثم بعد ذلك العرض الثانية يستدل لهذه المسائل من الشروح ومن الحواشي، والطريقة الثالثة ينظر من وافق، ثم بعد ذلك ينظر من خالف ودليله، ويوازن بين الأدلة، ثم بعد ذلك يتأهل للفتيا والقضاء، على أنه لا يمكن أن يستقل بنفسه في هذه المراحل الثلاثة.
من كتبهم، من كتب المذاهب التي تُعني بذكر الخلاف.
هي ظاهرة في فن الفقه، -يعني ظهورها في الفقه واضح- لكن لا يمنع أن تكون بقية العلوم أن تعتمد كتاباً معين في التفسير مثلاً تقرأه من أوله إلى أخره، ثم تقارن بينه وبين نظائره من الكتب التي فسرت القرآن.
العرضة الأولى تصلح لطالب العلم المبتدئ، لكن ما بعدها من العرضات تحتاج إلى تأهل.
أشار ابن حجر -رحمه الله تعالى- أنه أملى الكتاب إملاء، أنه أملاه إملاء، هذا نص عليه في الفتح نفسه يقول: وكنت أمليت في كتاب الطهارة كذا، ثم عدلت عنه إلى كذا في باب لاحق، ولا يمنع أن يكون ابن حجر استفاد من الطلاب النابهين، يعني مثلما نقول الآن إننا ننتقي من الطلاب عشرة مثلاً ليعينونا على هذه الطريقة التي ذكرتها، فنقول: فلان يتولى الربط بين الأحاديث مع التراجم من الشروح كلها، وأخر يُخرّج الأحاديث من صحيح مسلم، وثالث يخرج الأحاديث من سنن أبي داود وهكذا، وسابع أو ثامن ينظر في كتب الغريب، ثم تجمع هذه الأوراق وتسلم للشيخ مثلاً أيّا كان، وهو بطريقته المادة مجموعة ينظر في هذه المادة، ويصوغها.
تقريبا أن ابن حجر يستفيد من الطلاب، لكن الصيغة له، لابن حجر نفسه ما يمكن أن يقال أن شرح هذا الحديث كتبه فلان أوعلان، قد يستفيد، قد يكلف يقول: شوف لي رأي الحنفية من خلال كتاب كذا؛ لأن الوقت ما يسعفه؛ لأن يرجع إلى كل نسخة.
ابن حجر قرأته تحتاج إلى سنين، فكيف بتأليفه وتنظيمه التنظيم الدقيق؟ يعني ما يمنع أن يقال والله إن رأي المالكية قد يصعب بحثه في كتبهم فيكلف به بعض الطلاب، أو طالب يخصص له المذهب المالكي، وأخر الحنفي، وأخر الحنبلي، ورابع الشافعي، وهكذا، ويستفاد منهم، والشيخ يقرأ هذه المادة بفروعها ويصوغها صياغة واحدة، وأظن ابن حجر يسلك مثل هذا، أما كونه يعتمد في صياغة وتبييض لا أبداً، لو فعل ذلك لبان الخلل في الكتاب وتفاوتت مادة الكتاب، الآن بالإمكان أن يقوم الكمبيوتر مثلاً مقام تكليف الطلاب، تطلب من الكمبيوتر يسحب لك على ورق تخريج الحديث من كتاب كذا، وغريب الحديث من كتب كذا، وسهل، لكنني لا أستطيع التعامل معه، ما أعرف ولا أضغط زر التشغيل، وعملي كله يدوي، كله يدوي، من الرجوع للكتب حتى ولو للفهارس أستعمل، فضلاً عن الآلات، ولا شك أن هذه طريقة يسميها بعض الناس بدائية وحجرية، وليسميها من يسميها ما شاء، لكن العلم مربوط بها ما في علم إلا بتعب.
ليست بمدسوسة بل ثبوتها عنه قطعي، لكن من يعتذر عنه يقول: إنه يأتي بكلام لا يفهمه عامة الناس، ويقصدون بالعامة من لم يسلك مسلكهم، وفي الصيف الماضي كان لنا دورة في شرح الأربعين، الأربعين النووية، وفي الحديث الثاني ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) استطردت في ذكر البدع وبعض رموزها، فذكرنا، وتوسعنا، ذكرنا بدعة ابن عربي وكتبه، وخطر الناشئة عن قراءتها، وإن كانت معتمدة في كثير من أقطار المسلمين، بل يتبركون بها، وبعض الأقطار إذا دهمهم عدو اكتفوا بتقديم الفتوحات بين يديه من دون جند، حتى قيل أنه إذا دخلت السين في الشين أبرز قبر محي الدين، إذا دخلت السين في الشين إذا دخل سليمان أو سيلم الأول، الشين الشام ابرز قبر محي الدين يقصدون ابن عربي، وصار الناس يتبركون به، ويطوفون حوله علنا،ً على كل حال البدع طبّقت الآفاق، وكثرة في الأمة، واجتالت كثير من المسلمين الشياطين.
ولله الحمد العودة واضحة يعني في كثير من الأقطار الإسلامية، الكتب ليست مدسوسة، أقول في دورة شرح الأربعين في الصيف الماضي، استطردت في شرح حديث ((من عمل عملاً ليس عليه أمرن فهو رد)) وذكرنا البدع، وأصولها، وبعض رموزها ثم جاء خطاب مطول من شخص واحد يعني من بلاد المغرب، مطول، وهو يعتقد في ابن عربي كما يقولون، وقال: إن كلام ابن عربي كلام لا تفهمه أنت، ولا شيخك ابن تيمية، ولا ابن عبد الوهاب، ولا غيركم، هذا كلام فوق مستواكم والله المستعان.
حنا عندنا نصوص الكتاب والسنة، يعني هل هي فوق مستوى آحاد الطلبة؟ ليست فوق مستواهم، يفهمها العربي بسليقته، وما يحتاج إلى غوص، أو فهم فوق مستوى النصوص، هذا لسنا بحاجة إليه نعم.
طالب ...........
فهمها ومن معه يعني شخص يعتقد في ابن عربي، ورأينا خطه على بعض كتب شيخ الإسلام يسميه شيخ الكفار، وبدر -رحمه الله- يقول: لعنه الله، فتنة عظيمة هذه نسأل الله السلامة والعافية.
يعني هل نسلك الطريقة التي بينها وشرحناها، ولو ترتب على ذلك الإطالة في الزمن؟ أو نقتصر على ما بين أيدينا من ألفاظ نحللها، ونكشف إشكالها، ونتعرض لغيرها؟ نعم.
طالب..............
والوقت، البخاري يحتاج إلى سنين، -يعني أخذنا خمس سنوات ويا الله أنجزنا العبادات، على طريقة ما نلتفت إلى الكتب الأخرى- والوقت لا بد منه سواء على هذا أو ذاك، أنا أجزم أن الإخوان لما ننتهي من أول الكتاب في بدء الوحي، أنا أجزم أن كثيراً من الإخوان، يستطيع أن يعمل على صحيح البخاري بالطريقة التي أشرت إليها، وأنا يكفيني أن يوجد من الطلاب من يتأهل لمثل هذا العمل، وكان تدريسنا في الجامعة للدراسات العليا نقسم الأحاديث على الطلاب، ونقول اشرح أنت خمسة أحاديث، وأنت خمسة أحاديث، وأنت خمسة وهكذا على طريقة ابن حجر، وعلى طريقة العيني، وعلى طريقة القسطلاني, وأنت استخرج الأحاديث من شرح النووي، وضع عليها نكت من الكتب الأخرى من جميع الفنون، وجدنا من يبدع، يعني فَهِم الفكرة واستقل بنفسه وأبدع، يكفينا طلاباً، أن يوجد عندنا من هذه النوعيات.
هو ما يشكل علينا، إلا أن الوصف جاء في فتح الباري -يعني ذكر في فتح الباري-، ولا يمكن أن يذكر باسم مجرد إلا أن يقول: في شرحنا هذا الكبير.
يقول: هل يقال: إن هذه المقدمة التي أشار إليها مقدمة الشرح الكبير هي هدي الساري، فبعد أن عدل عن إكمال الشرح الكبير نقل مقدمته إلى فتح الباري، والموضع الذي أحال عليه، وذكر أنه في الشرح الكبير الذي لم يكن عند الإحالة قد جزم بعدم إكماله، فيكون أحال عليه؛ لأنه شرح موسع كان في نيته إكماله، ثم عدل عن ذلك، وقد أتم منه أجزاء كما قال: أنه هذب بعضه، وسود بعضه؟
لكن يبقى أنه عدل عن الشرح الكبير إلى إيش، -يعني في المقدمة- ما يدل على أنه عدل إلى المقدمة هذه، النكت، يعني يدل على أنه عدل عن الشرح الكبير إلى هذه النكت، يعني مقدمة هذه النكت ذكر فيها أنه عدل عن الشرح الكبير؛ لأن الهمم قد قصرت، عدل إلى أي شيء، الكلام مضمونه يدل على أنه عدل إلى هذه النكت، والإشكال لا يزال باقياً.
كأن بعض الأخوان يستثقل مثل هذا الكلام، وقد جاء لسماع كلام البخاري وما يتعلق بكلامه، لكن هذه مقدمات حقيقة من محاضرة، أو محاضرتين، أو ثلاث، يعني لا شك أنها لا تخلوا من فائدة، ولن تعوق -إن شاء الله- عن تحصيل الكتاب؛ لأن الكتاب مقرر له دورة في أسبوع راح محاضرتين، نقول والله خلينا نبدأ وقت الكتاب، لكن الوقت أمامنا، ويحتاج إلى وقت طويل.
مثل ما يقول مثلاً ذكرت في مقدمة، يعني مثل ما يقول: مدري والله، الشوكاني ذكرت في مقدمة الدراري كذا، ومقدمة النيل كذا، ثم، ثم يقول: حررت مقدمة السيل، وهو يقول هذا الكلام في السيل مثلاً لا سيما وقد أفرد؟
هذا ما فيه كلام لأي كتاب، أو إشارة في شرح الحديث الذي فيه ذكرت ذلك في مقدمة الشرح الكبير، ما في إشارة إلى أي مؤلف من مؤلفاته.
نعم؛ لأنه تكلم على الأحاديث المعلقة، وهو موجود أيضا في ثنايا فتح الباري، يصل المعلقات في فتح الباري.
الكتب المضغوطة، أقول لا تضمن سلامتها، والشيخ نعرف أنه صاحب عناية ودقة، لكن الرجل معروف أنه مشغول بأمور عامة وخاصة، والكتب الستة تحتاج إلى مقابلة نسخ، ويكفيه أنه فحص مواضع، واطمأن إلى صحتها، فمثل هذه الكتب المضغوطة يحتاج إليها في الأسفار، بدل من أن تحمل معك عشرين، أو ثلاثين مجلداً، تحمل مجلداً واحداً، -يعني أخف في الأسفار- أما أن يعتمد عليه في حال الرخاء، والإنسان بين كتبه وفي منزله فلا.
الكتاب كامل حقوقه محفوظة؛ لأنه متعوب عليه، لكن لا مانع أن يوزع بدء الوحي إلى أن تنفرج المسألة، إلى أن يطبع مرة ثانية، ويصور مرة ثانية.
ما ننقله عنه وفيه مخالفة لا بد من بيانه، أما ما لا نحتاج إلى نقله فلن نحتاج إلى بيانه، اللهم إلا لو كان الدرس في فتح الباري، ويقرأ في فتح الباري لا بد من البيان لكل شيء.
على كل حال هي طبعة من الطبعات الكثيرة الموجودة التي طبعة أخيراً، ولها وعليها، يعني فيها تعليقات للشيخ ابن باز، وتعليقات أيضا للشيخ عبد الرحمن براك -حفظه الله-، وهي طبعة جيدة في الجملة، لكن لا تضمن سلامتها.
هذا الكلام صحيح ووجيه لو كان منهج ابن حجر يختلف في أخره عنه في أوله، يعني لو كانت طريقته طريقة العيني ربع الكتاب مطول جداً، وثلاثة أرباع مختصر جداً، لكن شرح ابن حجر لحديث ((إنما الأعمال بالنيات)) بنفس النفس ونفس المستوى الذي شرح به حديث (( كلمتان خفيفتان على اللسان)) أللي هو أخر الحديث، وقد يشرح في ثنايا الكتاب، وفي أواخره بنفس أطول مما شرح به أوله، فلا يتجه مثل هذا الكلام إلا لو كان ابن حجر استطرد في أوله ثم خفف، ما خفف ابن حجر بل نفسه واحد من أول الكتاب إلى أخره، وهذه من العجائب، يعني أكثر الشراح وأكثر المفسرين تجده همته عالية، ونشاطه متوافر في أول الأمر يطيل ويسهب، ثم بعد ذلك تضعف همته إلى أن يصل في أخر الأمر إلى التعليق اليسير، لكن ابن حجر مثل ما قلنا نفسه في أول الكتاب، هو النفس الذي شرح به أوسطه، وأخره، سم، نعم.
طالب ...........
خمسة وعشرون سنة.
طالب .............
وهذا الذي يظهر.
طالب ............
إيه هذا مع الأحاديث، يعني الأخ يذكرنا بأننا لا نقتصر على اللفظ الموجود بين أيدينا، وهذا وعدنا به، وأننا نقرأ المتن الذي بأيدينا، فإذا فرغنا منه سواء كان هذا مقدم أو مؤخر، ولكل وجه ذكرناه في المواضع الأخرى، فمثل الحديث الأول رواه البخاري في سبعة مواضع، ثم بعد ذلك بروايات مسلم، ثم بروايات أبي داود، ثم الترمذي، ثم النسائي، ثم ابن ماجه.
هذا وعدنا به في طريقة شرحناها لجمع الكتب الستة، وقلنا: إنها من أنفع الوسائل لتحصيل هذا العلم من خلال صحيح البخاري، وشرحناها في مناسبات كثيرة، يعني إلى أن نأتي إلى الحديث الأول ونثبته كما هو، ثم بعد ذلك ننظر في الطرف الثاني، يعني رقم أربعة وخمسين في كتاب الإيمان، ثم بعد ذلك الطرف الثالث نذكره بإسناده ومتنه، وننظر الفروق، وقد نقتصر إذا كان اللفظ متقارب بذكر الفروق فقط بالسند والمتن، ومع ذلك إذا شرحناه في هذا الموضع لا نحتاج إلى شرحه في موضع أخر، نضع عليه علامة أنه سبق أن شرح في الحديث رقم واحد، ثم نأتي إلى صحيح مسلم ونذكر روايات الإمام مسلم في هذا الحديث بألفاظه وأسانيده، ونكتب على نخستنا من صحيح مسلم أن هذا الحديث درس مع الحديث الأول من صحيح البخاري، ثم نأتي إلى أبي داود ونشر يعني نذكر له إشارة أو علامة، أن هذا الحديث درس مع الحديث الأول من صحيح البخاري، إلى أن ننتهي من صحيح البخاري بهذه الطريقة، لا نشرح مكررا، نشرح الحديث في مواضعه، ونبين المناسبات في الموضع الأول، وإذا كرره البخاري مرة ثانية نكتفي بإشارة يسيرة إلى الربط بين الحديث والترجمة، وما يستنبط منه، ومقصد البخاري ومغزاه من إيراد الحديث في هذا الموضع.
وإذا انتهينا من صحيح البخاري نكون جمعنا ما يتفق عليه البخاري مع بقية الكتب، ثم نأتي إلى زوائد مسلم فيما بعد، يعني إن كان في العمر بقية، ثم إلى زوائد أبي داود واستخراجها سهل، كيف استخراج الزوائد من مسلم سهل؟ لأننا وضعنا علامات على الأحاديث التي وافق فيها الإمام مسلم البخاري، ووضعنا علامات على الأحاديث التي وافق فيها أبو داود البخاري ومسلم أيضا، وهكذا أيضا المرحلة الثانية، نعم الشرح بهذه الطريقة يحتاج إلى زمن طويل جداً، لكننا إذا انتهينا منه نكون قد انتهينا من كتب الستة كلها.
وبعضهم يرى أننا نسرد البخاري ولا نلتفت إلى غيره، ثم بعد ذلك نبدأ بمسلم ولا نلتفت إلى غيره، ثم بعد نلتفت إلى بقية السنن، ولا شك أن هذا فيه تشتيت، لكن لو درس الحديث من الكتب الستة كلها في موضع واحد هذا تجتمع المعلومات، وينحصر الذهن، ولو طال يمكن شرح الحديث الأول بهذه الطريقة يحتاج إلى أوقات طويلة، وهذه الطريقة لا شك أن كثيراً من الأخوان لا يتحملها مملة، لكن هي أفضل من تشتيت المعلومات، وإذا جئنا إلى صحيح مسلم وبدأنا به، بتكراره، هذا يحتاج إلى عمر ثاني، إذا قدرنا للبخاري سبع، أو عشر سنوات! نحتاج في مسلم إلى مثلها، ونحتاج إلى أبي داود إلى قريب منها، والترمذي كذلك، والنسائي إلى أخره، لكن إذا سردناها كلها بهذا الطريقة، تجتمع عندنا الأحاديث المتماثلة، وتشرح في موضع واحد، وقد يسميه بعض الناس الشرح الموضوعي، من جميع الكتب الستة.
على كل حال هذه لها وعليها، يعني تحتاج إلى وقت طويل فإن رأيتم أن نسلك هذه الطريقة، أو نشرح البخاري غير ملتفتين إلى غيره، ألا أن نقول الحديث أخرجه أيضاً بقية الجماعة، وافقه عليه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، هل يكفيكم هذا؟ أنا مرتاح نعم.
طالب .........
فإذا جمعنا على الطريقة السابقة أنا أجزم بأنه السنة القادمة ثلاثة أرباع العدد بينتهي؛ لأن الطريقة مملة وكثير من الأخوان يترقب النهاية، يعني إذا بدأ بالكتاب متى ننتهي؟ وكم مقدراً للكتاب أن ينتهي؟ هذا سألنا عنه مراراً، متى ننتهي؟ فالأمر إليكم، يعني ممكن أن يحال طالب العلم على جامع الأصول مثلاً، ويقال: إن جامع الأصول جمع الكتب الخمسة، إضافة إلى الموطأ، وليت ابن الأثير أراحنا مما في أنفسنا، لكن ابن الأثير أولاً: حذف الأسانيد ورتب على الحروف.
أيضا ابن الأثير لا يوثق بعزوه إلى البخاري، أو إلى مسلم، أو إلى غيرهما من الأصول، لماذا؟ لأنه لا يعتمد على الأصول، وإنما يعتمد على المستخرجات التي فيها كثير من الاختلاف بينها وبين أصولها.
يعني إذا عزا ابن الأثير إلى البخاري، ترجع إلى الأصل تجد اللفظ مختلف ليش؛ لأنه رجع إلى مستخرج ابن نُعيم مثلاً على البخاري، والمستخرجات تخالف الأصول في الألفاظ كثيراً، وفي المعاني أيضا قد تخالف، ماذا يقول الحافظ العراقي؟:
واستخرجوا على الصحيح
عزوك ألفاظ المتون لهما
كأبي عوانة ونحوه فاجتنب
إذ خالفت لفظاً ومعنى ربما
يعني ما تستطيع تنقل من مستخرج أبي نعيم وأبي عوانة وتقول رواه مسلم، أو رواه البخاري حتى تقف عليه بنفسك، أن هذا بالفعل لفظ البخاري، ومثل ذلك ما تنقله من جامع الأصول؛ لأنه يعتمد على المستخرجات، ولا يعتمد على الأصول ومثله البيهقي.
والأصل يعني البيهقي ومن عزاء
ج وليت إذ زاد الحميدي ميزا
حتى الحميدي في جمعه بين الصحيحين قد يعتمد على المستخرجات، فمما يعاب به من جمع بهذه الطريقة اعتمادهم وتعويلهم على المستخرجات دون الأصول، ونحن في طريقتنا التي ما ندري ما الله صانع بنا في مقتبل العمر، ما ندري والله؛ لأن هذه طريقة طويلة، يعني ممكن تشرح لك متنا فيه عشرون حديثا، ثلاثين حديث، مائة حديث، تقول والله نحتاج إلى سنة وننتهي، لا، هذه بحار، وما تضمنته من العلوم يعني الإحاطة بدقائقها، وتفاصيلها دونه خرط القتاد، لكن الإنسان يشير إلى ما يمكن الإشارة إليه في حدود الوقت.
طالب ...............
مسلم الطبعة العامرة طبعة صحيحة، وطبعتهم لصحيح مسلم أفضل من طبعتهم لصحيح البخاري، تركيا
"الطبعة العامرة" اسطنبول أفضل من طبعتهم لصحيح البخاري.
سنن أبي داود طبعاته كثيرة، لكن الأقرب من الطبعات، أقرب الطبعات إلى الصحة هي ما طبعة عن نسخة الحافظ ابن حجر، بغض النظر عن التعليقات عليها، وبغض النظر عما يقال عن محققيها، هي طبعة "عوام"؛ لأنها طبعة، طبعة عن نسخة الحافظ ابن حجر، يعني كونه علق بتعليقات لا يوافق عليها، هذه مسألة أخرى لا ترجع إلى أصل الكتاب، وإن كان منهجه، -وأنا لم أقف على شي من المخالفة- منهجه في سنن أبي داود مثل منهجه في مصنف أبي شيبه، أنه قد يصحح بناء على ترجيحه لبعض الألفاظ التي قد لا توجد في بعض الأصول، فهذا خلل في منهج التحقيق، لكن يبقى أنه طبع عن نسخة الحافظ ابن حجر، فلو قورنت طبعته بطبعة الدعاس مثلاً يحصل لنا نسخة نثق بها -إن شاء الله تعالى-.
جامع الترمذي الجزء الأول والثاني اللذان تولى تحقيقهما الشيخ أحمد شاكر أبداع في التحقيق، وإذا أضيف إليهما تحقيق بشار عواد معروف ضمنا أن الكتاب صحيح -إن شاء الله تعالى-، وإن كانت نسخ الكتاب متفاوتة من القدم، لا سيما في الأحكام على الأحاديث، نسخ الترمذي متفاوتة لا سيما في الأحكام على الأحاديث، ولذا ابن الصلاح وغيره، أوصوا بجمع نسخ قديمة معتمدة من الكتاب والمقابلة بينها، بينما ما أوصى بالكتب الأخرى، لماذا؟ لأن الكتب الأخرى نسخها متقاربة، الفروق بينها ليست كبيرة، لكن الترمذي الفروق بينها كبيرة.
سنن النسائي لما حُقق سننه الكبرى، والتي طبعة في مطبعة الرسالة، انحل الإشكال بالنسبة لسنن النسائي؛ لأن السنن الكبرى مع المجتبى تكاد تكون متطابقة، إلا أن الكبرى تزيد عليها بعض الكتب.
وسنن ابن ماجة كان الناس يعتمدون طبعة "محمد فؤاد عبد الباقي"، ثم لما طبعه بشار عواد معروف أورد أوهام كثيرة، وأن محمد فؤاد عبد الباقي تصرف، وأنه لم يجمع نسخ، وما طبع النسخ ، وإنما طبع عن الطبع المصرية التي عليها حاشية السندي، فصار ............ بالمقارنة أيضا، والتأكد من كلام بشار كأن نسخة بشار أفضل من نسخة محمد فؤاد عبد الباقي.