كتاب بدء الوحي (011)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
ففي الدرس السابق عرفنا الخلاف بين الجمهور والحنفية في مسائل من العلم تتعلق بالوسائل كالوضوء مثلاً والحنفية لا يشترطون لها النية وهي شرط عند الجمهور، والمناقشات التي عرضت في الدرس السابق ومبناها عند كل فريق على أصوله وقواعده -قواعد مذهبه- بحيث لا يمكن أن يقتنع فريق بقول الآخر؛ لأنهم يبنون أقوالهم على قواعد مذاهبهم، لا على قواعد متفق عليها، والذي يهمنا في هذه المسألة القول الراجح يعني هل الوسائل يشترط لها أو لصحتها النية كما يشترط للغايات من حيث العموم وعلى سبيل الخصوص الوضوء للصلاة؟ لأننا إذا نظرنا إلى قول الحنفية لا نجده مطرداً، فلا يشترطون النية في الوضوء، ويشترطونها في التيمم، يعني هل التيمم غاية والوضوء وسيلة أو العكس؟ أو هما من باب واحد والتفريق بينهما تفريق بين المتماثلات؟ أو هما من باب أو من أبواب مختلفة ومتفرقة فالجمع بينهما كما يقول الجمهور: جمع بين المختلفات؟ لا يختلفون في كونهما من الوسائل، الوضوء والتيمم بدله، والبدل عند عامة أهل العلم له حكم المبدل، فإما أن تشترط النية لهما أو لا تشترط لهما، وسيأتي قول من يقول: إن النية لا تشترط حتى للتيمم، ولعل الملحظ عند الحنفية في التفريق بين الوضوء وبين التيمم ما في الوضوء من قوة، والتيمم فيه ضعف، فلا بد أن يرفع هذا الضعف بتحديد القصد والنية، بينما الوضوء متحدد لهذه العبادات برفع الحدث المانع منها، وإن كان هذا الكلام لا يقنع الجمهور ولا من يقول بقولهم، وقول الجمهور هو المرجح؛ لأن الوضوء وإن كان وسيلة من جهة إلا أنه غاية ومقصد شرعي تحط به الذنوب والخطايا ويتقرب به إلى الله -جل وعلا-، هو بذاته غاية، ومكث الإنسان على طهارة مطلوب شرعاً، تجديد الوضوء ولو لم يحدث مطلوب شرعاً، النوم على وضوء مطلوب، الأكل بوضوء بالنسبة للجنب مطلوب فهو غاية من هذه الحيثية، رتبت عليه الأجور فهو غاية، ولا بد من التفريق بين الوسائل لا بد من التفريق بين الوسائل لينفع هذا التفريق في هذا الباب في باب النيات، وفي باب دخول المحدثات يعني هل نقول: إن الوسائل توقيفية بإطلاق أو نقول: ليست توقيفية بإطلاق يدخلها الاجتهاد ويدخلها التجديد؟ الآن وجد آلات توضئ المسلم، الآن يعرض تجارب لها أن المسلم بس يجلس ثم لا يشعر إلا وهو قد انتهى من الوضوء.
وأيضاً يبحث مسائل تتعلق بالعبادات المحضة ودخول المحدثات فيها، يعني قراءة القرآن من شاشة الجوال مثلاً في الصلاة، أو الخطبة من الشاشة أو ما يبحث مما هو أوسع من ذلك بأن يجعل المحراب كله شاشة، تضغط الزر ويطلع لك المقطع الذي تريده فتقرأه على الناس، دخول هذه المحدثات في العبادات في الغايات لا شك أنه ممنوع، ممنوع في الغايات، لكن دخوله في الوسائل يعني هل الوسائل توقيفية أو اجتهادية؟ ويدور ودار كثيراً الكلام في وسائل الدعوة، منهم من يطلق أنها توقيفية، وهذا القول يلزم عليه لوازم، ومنهم من يقول: اجتهادية، التوسع في هذا الباب أيضاً عليه لوازم، وهذه الوسائل لا يجزم بأنها اجتهادية أو توقيفية، بحسب قربها وبعدها من الغايات، بحسب قربها وبعدها من الغايات، وأحياناً تكون الوسيلة قريبة جداً من الغاية، هي وسيلة لعبادة، ولها وسائل قبلها، فكل ما قربت الوسيلة من الغاية قربت من التوقيف، أخذت حكم الغاية، وكل ما بعدت الوسيلة من الغاية دخلها الاجتهاد أكثر، ونرى الأمور الاجتهادية في عصرنا كثرت من وسائل تحقيق الغايات سواءً كانت في العبادات المحضة أو ما يدعو إلى هذه العبادات المحضة.
على كل حال القول بالإطلاق أن الوسائل اجتهادية أو القول بإطلاق أنها توقيفية يحتاج إلى إعادة نظر، وكل مسألة يحكم عليها بذاتها، لو قيل: إن وسائل الدعوة توقيفية، إيش معنى توقيفية؟ أننا لا نستعمل إلا ما استعمله الشارع وأمر به وحث عليه، ينبني على هذا أننا لا نستعمل شيئاً من المحدثات في هذه الوسائل، لا ندعو عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولا ندعو عبر وسائل الاتصال المختلفة، ولا نركب ما يحتاج إليه في الدعوة من الوسائل المحدثة، ولا..، ولا يمكن أن يقال، حتى من قال ومن كتب في أن وسائل الدعوة توقيفية لا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام، يعني ما يركب سيارة، يركب بعير وإلا يركب حمار هذا ما يقوله أحد، لكن هناك وسائل لا شك أنها تقرب من الغاية فتأخذ حكمها، مكبر الصوت هذا أحياناً يستعملون وسائل للدعوة يتنازع في حلها، النزاع في إباحتها بذاتها فضلاً عن كونها تحقق غاية شرعية، فمكبر الصوت معروف أن العلماء في أول الأمر اختلفوا فيه، ومات منهم من مات وهو لا يستعمله، وتوقف من توقف منهم مدة طويلة ثم استعمله؛ نظراً للمصلحة الراجحة لا سيما مع كثرت الجموع.
لكن هل يقول قائل: إن النظارة محدثة فلا تستعمل في قراءة القرآن؟ وما الفرق بين استعمال مكبر الصوت ومكبر الحرف؟ هناك دقائق لا بد من الانتباه لها؛ لأن من علماء من منع المكبر وأجاز النظارة، نعم النظارة قد لا تكون مباشرتها للغاية مثل مباشرة هذا المكبر، يعني هذا المكبر يستعمل في عبادة محضة في الصلاة، في الصلاة مثلاً وفي الخطبة خطبة الجمعة وغيرها، لكن النظارة ما تستعمل في عبادة يخل بها أدنى شيء؛ لأن مراعاة الصلاة ما هي بمثل مراعاة غير الصلاة، يعني الصلاة حرم فيها أشياء لم يحرم بالنسبة لقارئ القرآن، المصلي يختلف عن قارئ القرآن، يختلف، لقارئ القرآن أن يتحرك، لقارئ القرآن أن يقرأ وهو يمشي، وهو مضطجع، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] لكن بالنسبة للمصلي هل له أن يتصرف كيفما شاء؟ ليس له ذلك، فمثل هذه الأمور تخل بها أكثر من مجرد تلاوة القرآن أو غيره من العبادات.
طالب:......
إيش فيها؟
طالب:.....
لا هو لو رأيت مثلاً يقرأ على الجماعة كتاب نفعه قاصر وإلا متعدي، ما يشوف إلا بالنظارة مثل المكبر مثل المكبر سواءً بسواء، لكن استعمال المكبر في العبادة المحضة التي يؤثر فيها ما لا يؤثر في القراءة هذا يجعل هناك فرقاً بين المكبر، وعلى كل حال مثل هذا الكلام أظنه انتهى، انتهى أظن ولا قائل به إلا نوادر، يعني ليسوا من الكبار الذين يعتد بأقوالهم في الإجماع والخلاف، يعني كأن المسألة أطبقت على استعمال هذه المكبرات، توقفنا فيها مدة ثم بعد ذلك رأينا أن الأمر لا يحتمل مخالفة، الحاجة داعية بلا شك، فأقول: هذه الوسائل لا يطلق القول بأنها توقيفية، كما أنه لا يطلق بأنها اجتهادية، وما مسألتنا التي معنا التي هي الوضوء، جاء ما يدل على أنها غاية من جهة، ووسيلة لعبادات من جهة أخرى، فالنية مطلوبة لها، فالقول المرجح في هذه المسألة هو قول الجمهور، وهو اختيار الإمام البخاري، فدخل فيه الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة والأحكام إلى آخر كلامه -رحمه الله- على ما تقدم.
ثم قال -يقول العيني- بعد المناقشات والمداولات التي سبقت في الدرس الماضي: "ثم التحقيق في هذا المقام هو أن هذا الكلام لما دل عقلاً على عدم إرادة حقيقته..، هو أن هذا الكلام لما دل عقلاً على عدم إرادة حقيقته" يعني إذا قلنا: إنما الأعمال بالنيات وجودها العقل يقطع بأنها موجودة بدون النية، صحتها من الأعمال ما يصح بدون نية على رأيه هو، نعم، فهناك صور دل العقل على عدم دخولها في حديث: (الأعمال بالنيات) إذا قدرنا الصحة، وإذا قدرنا الثواب على حد زعمه كما في الدرس السابق دخل كل الأعمال حتى العادات؛ لأنها عند قصد وجه الله -جل وعلا- بها والدار الآخرة يثاب عليها الإنسان فتطلب حينئذٍ.
يقول: "هو أن هذا الكلام لما دل عقلاً على عدم إرادة حقيقته إذ قد يحصل العمل من غير نية، بل المراد بالأعمال حكمها لا صورتها" يراد بالأعمال حكمها لا صورتها، وذكرنا في حديث المسيء: ((صل فإنك لم تصل)) النفي هل ينفي وجود الحركات من ركوع وسجود؟ يعني هل المسيء جاء وصلى صلاة غير صحيحة أو جاء وجلس؟ قال له: ((صل فإنك لم تصل))؟ صلى، إذن نفي حقيقة الفعل ليس بمقصود أصلاً.
بل المراد بالأعمال حكمها باعتبار إطلاق الشيء على أثره وموجبه، والحكم نوعان: نوع يتعلق بالآخرة وهو الثواب في الأعمال المفتقرة إلى النية، نوع يتعلق بالآخرة وهو الثواب في الأعمال المفتقرة إلى النية، والإثم في الأعمال المحرمة، ونوع يتعلق بالدنيا، وهو الجواز والفساد والكراهة والإساءة ونحو ذلك، والنوعان مختلفان بدليل أن مبنى الأول على صدق العزيمة وخلوص النية، فإن وجد وجد الثواب وإلا فلا، ومبنى الثاني على وجود الأركان والشرائط المعتبرة في الشرع حتى لو وجدت صح وإلا فلا، سواءً اشتمل على صدق العزيمة أو لا، يعني هذا قريب من كلام ابن رجب السابق الذي قسم النية والقصد والصحة والفساد إلى ما يتعلق به الحكم الظاهر، وما يتعلق به الحكم الباطن، وذكر أن الثاني ما يتعلق بالصحة والفساد والإجزاء وسقوط الطلب هو ما يبحثه الفقهاء، والنوع الثاني ما يتعلق بالإخلاص وترتب الثواب من هذه الحيثية هو مبحث علماء السلوك، الذين يسمونهم علماء الباطن، الذين يبحثون في أعمال القلوب، ومبنى الثاني على وجود الأركان والشرائط المعتبرة في الشرع حتى لو وجدت صح وإلا فلا، سواءً اشتمل على صدق العزيمة أو لا، مثل ما ذكرنا في قصة من حج ثلاث مرات ماشياً من بغداد وبعد رجوعه من الحجة الثالثة دخل البيت فإذا بأمه نائمة فنام بجوارها، لم يحب أن يوقظها، والأمور بمقاصدها إن كان عدم إيقاظه إياها شفقة عليها هذا له حكم، وإن كان عدم إيقاظها شفقة على نفسه لئلا تشغله وهو محتاج إلى النوم هذا أيضاً له وزن، والأمور بمقاصدها.
شوف إن النية تدخل في كل شيء، والمدار والمعول عليها، انتبهت الأم فقالت: يا فلان اسقني ماءاً كأنه لم يسمع، جاء ثلاثة آلاف كيلو ماشي أو أكثر كأنه لم يسمع، ثم قالت: يا غلام اسقني ماءاً وهذه قصة كررناها مراراً لكن لا مانع؛ لأن مناسبتها لهذا الكلام الذي نتكلم فيه الآن ظاهرة، ثم قالت في الثالثة: يا فلان اسقني ماءاً، فراجع نفسه وأفاق قال: حج ماشي ثلاث مرات من بغداد إلى مكة وتجود به نفسي ويسهل علي، والأم خطوات تريد الماء، خطوات من داخل البيت ويصعب؟! لا بد أن في النية خللاً، فلما أصبح استفتى فوقع أول ما وقع على الفقهاء من النوع الثاني، فقهاء الباطن الذين ينظرون إلى المقاصد والقلوب، وقال له: أعد حجة الإسلام، لكن لو سأل فقيه ونظر باب الحلال والحرام قال: حجك صحيح، الأركان موجودة والشرائط موجودة والواجبات كلها مؤداة، ما عندك مشكلة، ولا يساق هذا الكلام على ترجيح ما قاله بأن حجة الإسلام..، لا، الناس ما لهم إلا الظاهر ويحكمون بموجبه، بموجب الظاهر، وما وضعت الأركان والشروط عند أهل العلم والواجبات والسنن إلا لتطبق عليها الأحكام العامة، لكن هو من تلقاء نفسه لو أنه راجع نفسه وقال: هذا قصدي، وهذا صنيعي يدل على سوء قصدي، وأعاد الحج لا يلام، أما أن يفتى بأن حجه لا يجزئ ولا يسقط الطلب، ويؤمر بالحج من جديد هذا يليق بفئة من الناس، يعني ارتباطهم بأعمال القلوب، ارتباطهم بأعمال القلوب يمكن أن يقولون مثل هذا الكلام.
على كل حال يقول العيني: وإذا صار اللفظ مجازاً عن النوعين المختلفين، اللفظ مجاز عن النوع الأول، يعني يراد به النوع الأول ويراد به النوع الثاني على حد سواءً، يعني ليس النظر إليه من الجهة التي تدخل في النوع الأول أولى من النظر إليه من الزاوية الأخرى.
يقول: "وإذا صار اللفظ مجازاً عن النوعين المختلفين كان مشتركاً بينهما" لماذا مجاز؟ لأن الحقيقة غير مرادة، لأنه سبق أن قال: "دل عقلاً على عدم إرادة حقيقته"، والذي بقي بعد انتفاء الحقيقة عندهم المجاز، والاحتمال الأول مجاز والثاني مجاز أيضاً "وإذا صار اللفظ مجازاً عن النوعين المختلفين كان مشتركاً بينهما بحسب الوضع النوعي فلا يجوز إرادتهما جميعاً" لماذا؟ لا نريد النوع الأول والثاني ننظر إليها من حيث الصحة والفساد من حيث الحكم الدنيوي وأيضاً من حيث الحكم الأخروي، وهو ترتب الثواب على ذلك، لماذا لا نجمع بينهما؟ لماذا؟ يعني لو أن هذا الحاج حصل له ما حصل، ومع ذلك تبين أنه أخل بركن يجتمع فيه النوعان وإلا ما يجتمع؟ يعني أخل بالنوعين، أخل بالنوعين، فهل وجود النوعين مثل انتفاء النوعين؟ هاه؟ هل وجود النوعين مثل انتفاء النوعين؟ الآن قصة الرجل هذا النوع الثاني المرتبط بأعمال القلوب والذي يترتب عليه الثواب على حسب فتوى من أفتاه منتفي، لكن لو اجتمع مع ذلك إخلاله بركن انتفى النوع الثاني، فانتفاء النوعين ممكن، لكن هل تحقق النوعين ممكن وإلا لا؟
يقول: "وإذا صار اللفظ مجازاً عن النوعين المختلفين كان مشتركاً بينهما بحسب الوضع النوعي فلا يجوز إرادتهما جميعاً، أما عندنا -يعني الحنفية- فلأن المشترك لا عموم له، وأما عند الشافعي فلأن المجاز لا عموم له، بل يجب حمله على أحد النوعين، فحمله الشافعي على النوع الثاني بناءً على أن المقصود الأهم من بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بيان الحل والحرمة والصحة والفساد ونحو ذلك، فهو أقرب إلى الفهم فيكون المعنى أن صحة الأعمال لا تكون إلا بالنية فلا يجوز الوضوء بدونها".
هذا الكلام ظاهر، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لماذا لا يراد الاثنين معاً؟ هو يقول: أما عندنا -الحنفية- فلأن المشترك لا عموم له، الآن المقدر إن قدرناه مشترك بين الأمرين فالمشترك لا عموم له، لا بد أن ينص أن يدل على أحد النوعين؛ لأن المشترك لا عموم له، وإذا قلنا: إنه بعد انتفاء الحقيقة التي انتفت عقلاً لم يبق سوى المجاز بشقيه الذي قول الجمهور نوع من..، هو مجاز مجاز هذا الاستعمال، وأيضاً قول الحنفية مجاز من جهة أخرى الذي هو تقدير الثواب، والمجاز لا عموم له عند الشافعية، فلا يمكن أن يراد هذا ولا يراد هذا، هذا قول العيني: "أما عندنا فلأن المشترك لا عموم له، وأما عند الشافعي فلأن المجاز لا عموم له، بل يجب حمله على أحد النوعين فحمله الشافعي على النوع الثاني" لماذا؟ لأن اللفظة شرعية، جاءت بنص شرعي فلا بد أن تحمل على ما يقتضيه الحكم الشرعي.
قال: "فحمله الشافعي على النوع الثاني بناءً على أن المقصود الأهم من بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بيان الحل والحرمة والصحة والفساد ونحو ذلك، فهو أقرب إلى الفهم فيكون المعنى أن صحة الأعمال لا تكون إلا بالنية فلا يجوز الوضوء بدونها".
يعني إذا قلنا: إن صحة الإعمال يكون الحديث من أحاديث الأحكام الموغلة في القوة في هذا الباب، وإذا قلنا: ثواب الأعمال صار الحديث من باب الفضائل، لا يكون من باب الأحكام، والشرع إنما جاء لتقرير الأحكام، وهذا الذي يرجح قول الشافعية.
وحمله أبو حنيفة على النوع الأول أي ثواب الأعمال لا يكون إلا بالنية وذلك لوجهين: أن الثواب ثابت اتفاقاً، الثواب ثابت اتفاقاً، يعني حتى عند الشافعية عند الحنابلة عند المالكية الثواب ثابت عند الجميع متفق عليه، إذ لا ثواب بدون النية فلو أريد الصحة أيضاً لزم عموم المشترك أو المجاز، فلا نستطيع أن نجمع بين الثواب والصحة، وإذا قدرنا الصحة لزم الثواب، فلا نستطيع أن نقرر هذا على حد زعمه، على حد زعم العيني.
الثاني: أنه لو حمل على الثواب لكان باقياً على عمومه، يعني يتفقون في كون النية تحصل الثواب، إذ لا ثواب بدون النية أصلاً بخلاف الصحة فإنها قد تكون بدون النية كالبيع والنكاح، بدون النية كالبيع والنكاح.
استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى، في أكثر من معنى، وأكثر ما يبحث في حقيقته ومجازه، في حقيقته ومجازه معروف أن الشافعية يجيزون استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، لكن هل يستعمل في أكثر من مجاز؟ المجاز لا عموم له عند الشافعية، يعني لو نقول: رأيت عيناً، هل ينصرف إلى واحد من إطلاقات العين أو إلى جميع الإطلاقات؟ وإذا خرجت من المسجد وأمامك مجموعة من الناس خرجوا من المسجد وصوت: يا محمد، يا محمد هل تريد كل من كان اسمه: محمد من هذه المجموعة أو تريد شخص واحد بعينه؟ تريد شخص واحد بعينه.
الشافعية يجيزون استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، والجمهور يمنعون من ذلك، طيب عندنا لو استطردنا قليلاً مسألة الغسل والمسح بالنسبة للرجل، بناءً على قراءة الخفض، وأرجلِكم إلى الكعبين، معروف أن عامة أهل العلم على أن الرجل مغسولة، يجب غسلها واستيعابها بالماء، يجب غسلها، على قراءة النصب واضح، وأرجلَكم تكون معطوفة على الوجه واليدين، على المغسولات، على قراءة الخفض ماذا يقول الجمهور؟ نعم؟
طالب:......
منهم من يقول: المسح على الخفين، ومنهم من يقول: مجرور بالمجاورة، ومنهم من يقول: إنه حتى على قراءة الجر تدل على الغسل، وابن جرير الطبري الذي ينسب إليه القول بالمسح أو بالتخيير محمد بن جرير الذي في تفسيره الخلاف ذاته، وقوله أشد من قول غيره في الباب؛ لأن قول غيره من لزوم الغسل أنه لو أدخل رجليه في الماء كفى، ويقول: لا بد من الغسل والمسح معاً إيش معنى المسح؟ هل المسح أنك تأتي... مبلولة وتمسح رجليك؟ لا، يعني بالماء تمر الماء، الماء الغسل مع المسح باليد، فقوله أشد من قول غيره، كون العلماء يتداولون، ابن جرير الطبري ممن يجيز المسح أو يخير بينهما هذا سببه عدم فهم كلامه، ولذلك جاء بحديث: ((ويل للأعقاب من النار)) بجميع طرقه، من طرق كثيرة جداً، ويش الذي جرنا إلى هذا الكلام؟ أن الطبري استعمل اللفظ في معنييه، في المسح والغسل معاً، في المسح والغسل معاً، والشنقيطي يقول: هذا هو ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته، مقدمة التفسير، يرى أنه لا مانع من استعمال اللفظ في أكثر من معنى.
استُدل بالحديث أو استدل بالحديث عامة أهل العلم على أن النية شرط لصحة التيمم، وهو قول الأئمة الأربعة، يعني بما فيهم الحنفية، بما فيهم الحنفية، قال ابن قدامة في المغني: "لا نعلم خلافاً في أن التيمم لا يصح إلا بنية، غير ما حكي عن الأوزاعي والحسن بن صالح أنه يصح بغير نية" يعني قول الأوزاعي مطرد وإلا غير مطرد؟ مطرد، بينما قول الحنفية مطرد وإلا غير مطرد؟ لا غير مطرد؛ لأن حكم التيمم هو حكم الوضوء، الغَسل.
استدل بالحديث على أنه لا يصح وضوء الكافر ولا غسله؛ لأنه غير أهل للنية، يعني أجنب الكافر اغتسل من الجنابة ثم أسلم، غسله حال كفره يسقط أو يرفع الحدث الذي تلبس به أو لا يرفعه؟ هو اغتسل لكن غسل بدون نية؛ لأنه ليس من أهل النية، لا يصح وضوء الكافر ولا غسله؛ لأنه غير أهل للنية، وهو قول الشافعي، يقول النووي: "وأما الكافر الأصلي إذا تطهر ثم أسلم ففيه أربعة أوجه: الصحيح المنصوص لا يصح منه وضوء ولا غسل لأنه ليس أهل للنية"، إيش فيه هذا؟
طالب:....
باعتبار أنه لا يحتاج إلى نية، الأحناف باعتبار أن الغسل والوضوء لا يحتاج إلى نية يصح.
أيضاً مما يدل عليه الحديث: أن المتوضأ إذا لم ينو إلا عند غسل وجهه أول فرائض الوضوء غسل الوجه، قبله غسل اليدين مثلاً، والمضمضة والاستنشاق، قبل غسل الوجه إذا لم ينو إلا عند غسل الوجه قالوا: لا يحصل له ثواب ما يفعله من السنن قبله، لا يحصل له ثواب ما فعله من السنن قبل غسل الوجه، قال النووي في المجموع: "وقول المصنف نوى عند غسل الوجه يعني عند أوله، وإذا صح الوضوء بنية، بنية غسل الوجه فهل يثاب على السنن؟ يصح الوضوء عند غسل الوجه باعتبار أن ما تقدم سنن لا تؤثر في الوضوء عند من يقول بأن المضمضة والاستنشاق سنة، وعند من يقول بالوجوب يؤثر في الوضوء وإلا ما يؤثر؟ هاه؟ يعني هل وجوب المضمضة والاستنشاق مثل وجوب غسل الوجه واليدين؟ أو نقول: فرق بين أن يكون هذا ركن أو فرض من فرائض الوضوء التي لا يصح إلا بها وبين الوجوب الذي يلزم عليه الإثم لو تركه، يعني حتى على وجوب غسل الجمعة عند من يقول به هل يقول: إن الجمعة باطلة؟ ما يقول: باطلة، لكن يأثم، فرق بين وجوب وبين الفرض، نعم؟
طالب:......
كيف؟
طالب:......
فرق بين الوجوب الذي يأثم الإنسان بتركه وبين الفرض الذي لا يصح إلا به، يعني فرق بين ستر المنكب وستر العورة في الصلاة، ستر المنكب واجب يأثم بتركه، لكن صلاته صحيحة، ليس بشرط ستر المنكب، الغسل لا شك أنه..، لو كان عليه غسل من جنابة ما صحت الجمعة، وعليه يغتسل الجمعة، لم يغتسل تصح الجمعة لكن مع الإثم عند من يقول بوجوبه.
يقول في المجموع: "وقول المصنف نوى عند غسل الوجه يعني عند أوله، وإذا صح الوضوء بنية غسل الوجه فهل يثاب على السنن السابقة للوجه التي لم تصادف نية وهي التسمية والسواك وغسل الكفين والمضمضة والاستنشاق؟ يقول: فيه طريقان: أحدهما وبه قطع الجمهور لا يثاب عليها، ولا تحسب من طهارته؛ لأنه عمل بلانية فلم يصح كغير، والثاني: يثاب ويعتد به من طهارته؛ لأنه من جملة الطهارة منوية" من جملة الطهارة المنوبة، "وذَكر إمام الحرمين هذا احتمالاً لنفسه" يعني هل النية تنعطف إلى ما تقدم كما في نية الصائم نفلاً من أثناء النهار، يعني جاء إلى البيت الساعة تسع أو عشر وقال: أعطوني أكل قالوا: ما عندنا شيء، الأكل ما هو بجاهز، قال: إنه صائم، كما كان يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، نوى من أثناء النهار فهل يقال: إنه يثاب من طلوع الصبح من أول الصيام من الوقت الذي يستوعب بالصيام يثاب عليه كله أو لا يثاب إلا من نيته؟ ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) يعني من أهل العلم من يقول: إن النية تنعطف وفضل الله واسع، ومادام هذا صوم والصوم لا يصح إلا شرعياً، والصوم الشرعي من طلوع الصبح إلى غروب الشمس إذ لو قلنا: إنه صوم من أثناء النهار لم يصح، يعني هل هو صوم شرعي وإلا غير شرعي؟ طيب شرعي، هل في صوم شرعي يبدأ من أثناء النهار؟ ما في، إذاً هو صوم شرعي يثاب عليه من بدايته إلى نهايته شرعاً، وهذا قول من يقول: إن النية تنعطف، ومن قال: ليس له من عمله إلا ما نوى ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) يقول: يحسب أجره من نيته، يقابل هذا في باب الزكاة، هاه؟
طالب:.......
تنعطف ترجع على أول الوقت الذي لم ينوه، هو صيام شرعي ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومادام صيام شرعي لو قيل: بأن النية إنما تحتسب من أثناء النهار لقلنا: يجوز له أن يصوم من أثناء النهار ولا قائل بذلك، هذه مسألة يعني لا تقبل التجزئة، ونظيره في الصلاة، إذا أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس ثم طلعت هل تكون صلاته قضاء وإلا أداء؟ أداء كلها وإلا بعضها؟ كلها، مع أن نصفها وقع بعد خروج الوقت، وقل مثل هذا لو أدرك ركعة من صلاة العصر قبل غروب الشمس ثم صلى ثلاث ركعات بعد غروبها، الصلاة أداء، وكلها أداء، ولا يقال: إنما وقع في الوقت أداء وما وقع بعده قضاء، كما قال بعضهم.
في الزكاة كل هذه تدخل في الحديث هذه المسائل، في الزكاة اشترى أرض للسكن فجلست مدة فعدل عن هذا الرأي فنواها للبيع، يحتسب الحول من النية أو من البيع؟ الجمهور على أنه من البيع، إذا اشتراها بغير نية البيع لم تصر له ولو نواها، الجمهور على هذا، الأئمة قاطبة على هذا، يعني قيل بأنه يحتسب الحول من نيته، لكن الجمهور على أنها لا تصير للتجارة إذا اشتراها بغير نية التجارة حتى يبيع، نعم؟
طالب:.......
نعم ما يتعلق بالعمرة الرمضانية، هذا شخص قبل إعلان الشهر بخمس دقائق عقد النية للعمرة، وأدى العمرة كاملة في رمضان، ويقابله شخص نوى الدخول في نسك العمرة قبل إعلان خروج رمضان بخمس دقائق، وأدى العمرة كاملة ليلة العيد أو يوم العيد، أيهما العمرة الرمضانية؟ الأول أو الثاني؟ هذا يرجع إلى قاعدة عند أهل العلم مختلف فيها وهي هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ الأكثر على أن العبرة بالحال، وأنه إذا أحرم بها قبل دخول الشهر فعمرته شعبانية ولو أداها كلها بعد دخول الشهر، ولو أحرم بها قبل خروج رمضان ولو بشيء يسير ثم أداها بعد خروجه تكون عمرة رمضانية باعتبار الحال لا باعتبار المآل.
يقول أهل العلم: غسل النجاسة لا تجب النية له؛ لأنه من باب التروك فصار كترك المعاصي، فصار كترك المعاصي، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وقاله بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد: تشترط النية لإزالة النجاسة، وهذا القول شاذ، فإن إزالة النجاسة لا يشترط فيها عمل العبد، بل تزول في المطر النازل، والنهر الجاري ونحو ذلك، فكيف تشترط لها النية؟ وقد اعترض على التعليل بكونها من التروك بأن الصوم من باب التروك، وقد أجمعوا على وجوب النية فيه.
من جلس في المسجد بين صلاتين، هل نقول: إنه يؤجر على جلوسه في المسجد، وعلى ما يؤديه أو ما يقوم به من نوافل من صلاة وذكر وتلاوة، ويقوم أيضاً ويحتسب له ما يتركه، هو في جلوسه في المسجد لم يسرق ولم يزن ولم يغتب ولم يقذف، ولا فعل ولا فعل ولا فعل.. إلى آخره، هل يحتسب له أجر ترك كل هذه المحرمات بمجرد بقائه في المسجد؟
غسل النجاسة لا تجب النية له لأنها من باب التروك فصار كترك المعاصي، يعني هذا من باب التروك، يعني ما يقال: والله فلان تعرض لفتنة وجاهد نفسه، تعرضت له امرأة ذات منصب وجمال وجاهد نفسه مثل أحد الثلاثة أصحاب الغار نعم وشخص جالس في المسجد ما خطر على باله الزنا أجرهم واحد وإلا لا؟ وهل يؤجر هذا على ترك الزنا وإلا ما يؤجر؟ ما خطر على باله؛ لأنه من باب التروك، لكن لو قال: أنا أجلس في المسجد بدلاً من أن أخرج إلى البيت أو أذهب إلى فلان وعلان، بدلاً من أن أشغل وقتي بالقيل والقال والغيبة وأعرف هذه المجالس وترددت عليها مراراً ولا تسلم من محرم، وجلوسي في المسجد يحميني من هذا لا شك أنه يؤجر، يؤجر على هذه النية، وإن كانت تروك، وذكر العيني في عمدة القاري ضابطاً للتروك التي تجب فيها النية والتي لا تجب فيها، فقال: "التروك إذا كان المقصود منها امتثال أمر الشارع، وتحصيل الثواب فلا بد من النية فيها، وإن كانت لإسقاط العذاب فلا يحتاج إليها، فالتارك للمعاصي محتاج فيها لتحصيل الثواب إلى النية".
يعني مثل ما قلنا: شخص ما خطر على باله معصية وجالس في المسجد أو جالس في بيته أو نائم مثل هذا لا يؤجر كأجر من ترك المعاصي ممن تعرض لها، وبالمقابل إذا جاهد نفسه لتركها فإنه يؤجر عليها، ولو كانت من باب التروك؛ لأنه يؤجر على المجاهدة.
شخص لأنه هنا فرق بين إسقاط العذاب وتحصيل الثواب، قال: تحصيل الثواب يحتاج إلى نية، وإسقاط العذاب لا يحتاج إلى نية، فرق بينهما، شخص ما لحظ في مسألة مثلاً السرقة إلا قطع اليد، ما لحظ إلا قطع اليد لماذا لا تسرق؟ والله أخشى أن تقطع يدي، بس لا أكثر ولا أقل، وآخر لم يسرق لأن الله -جل وعلا- حرم السرقة وامتثال هذا التكليف فيه أجر وثواب عند الله -جل وعلا-، ومثل الأول لا يحتاج إلى نية؛ لأن العقاب يسقط عنه، يسقط عنه في الدنيا والآخرة، لا عقاب عليه عقاب من يسرق، والثاني: لا يحصل له الثواب إلا بالنية.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصاً"، "فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصاً فيستنبط منه الإشارة إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"، "فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصاً" معروف أنه كيف يؤخذ من هذا الحديث؟ إذا قلنا: إن سبب وروده هو قصة مهاجر أم قيس.
إيش فيه؟
طالب:.......
لا، ما هو بعذاب، عذاب الدنيا مثلاً، خائف من الجلد، هو خائف من، إيه هذا اللي يظهر، على كل حال هذا المتجه.
ويش هو؟
طالب:......
هاه؟ إيه؟
طالب:.......
إيه.
طالب:.....
هذه مسألة الظفر عموماً، يعني إذا أخذت الزوجة من مال زوجها من غير علمه ما يكفيها ويكفي ولدها، ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف، كما جاء في الحديث الصحيح من قصة امرأة أبي سفيان، فإذا وجد له نظير رجل شحيح وعنده أموال ويمكن الأخذ منها من غير علمه، وهي فرد وفرع مما يسميه أهل العلم مسألة الظفر، والمسألة خلافية كما تعلمون، وإذا كان السبب ظاهراً كالنفقة مثلاً هذا جائز بلا شك، والدليل نصه فيه، إذا أخذت من ماله من غير علمه هل يؤجر على ذلك أو لا يؤجر؟ نعم؟
طالب:......
لا، إذا وجدت النية العامة التي تشمل مثل هذا، نعم النية العامة غير تفصيلية، يعني كمن يزرع مثلاً يزرع زرع ليؤكل منه، يأكل منه المحتاج، تأكل الطيور، يأكل الحيوانات، بهذه النية العامة ثم نسيها، زرع ونسي هذا الكلام، نسي هذه النية، يؤجر وإلا ما يؤجر؟ النية العامة يؤجر عليها، أما تفاصيلها وأفرادها فكل عمل يحتاج إلى نية.
الإنسان يتدين بأن النفقة نفقة من تلزمه نفقته واجبة شرعاً، ويتدين بإخراجه، ولا شك أن هذه النية العامة يؤجر عليها ما لم يقطعها، ما لم يقطع هذه النية، بمعنى أنه ينوي يقرر في نفسه أنه لن ينفق على من تلزمه نفقته، لكن أفراد هذه النفقات هل يستوي فيها من يستحضر النية في كل فرد فرد من هذه النفقات؟ وعنده نية عامة أنه سوف يبذل ما أوجب الله عليه، طائعة بها نفسه، مختاراً بذلك يؤجر على هذه النية، ويختلف أجره عن أجر من نوى عند كل فرد من الأفراد.
طالب:......
وين؟ لا، الامتناع عن البذل لا يعني أنه لن ينفق، لا، هو يختلف معه في تقدير الكفاية، بعض الناس يقول: يكفي، يعني يدفع لزوجته وأولاده شهرياً ألف ريال، يقول: يكفي، ويش الألف وين بيودونه؟ وفي الواقع لا يكفيهم إلا ثلاثة آلاف مثلاً، هل نقول: إن هذا ممتنع من النفقة؟ يعني يختلف معهم في تقدير الكفاية، لكن لو قال: والله أبداً ما عندي استعداد أدفع لهم شيء، هذ ممتنع، نعود إلى مسألة..؛ لأن فيها كلام طويل: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
طالب:......
نعم؟
طالب:......
في إيش؟
طالب:.....
عند إرادة الثواب وعند ترك العقاب، عند هذه الجزئية وإلا في أصل الجملة؟
طالب:......
إيه.
طالب:.....
الهم مقصود، لكن لماذا كتبت له حسنة؟ لأن هؤلاء الذين هموا بالسيئات يتفاوتون، منهم من تكتب عليه سيئة، هم وتابع وحرص وبذل الأسباب وعجز، هذا تكتب له حسنة؟ لا، لا تكتب له حسنة اتفاقاً، بل يأثم على العزم، يأثم على العزم، هم ثم تذكر الخالق -جل وعلا- فترك من أجله، هذا أجره عظيم، هم وسلى ونسي ما عجز ولا تذكر عظمة من يريد أن يعصيه هذا أيضاً حكمه يختلف، فهي تتفاوت بحسب الباعث على الترك، فالذي ترك عجز يختلف عن الذي ترك مع القدرة، ويختلف عن الذي ترك من باب عدم الاتفاق على أجرة مثلاً، ذهب إلى بغي فقالت: أريد مبلغ، فقال: هذا مبلغ كبير، خفضي لا تخفضين، وانصرفوا على هذا، هل هذا تكتب له حسنة؟ لا بلا شك.
((وإنما لكل امرئ ما نوى)) ((إنما تركها من جرائي)) جاء في بعض الروايات، المقصود أنه إذا تركها لله فتكتب له حسنة، إذا تركها لله كتبت له حسنة ((إنما تركها من جرائي)) وإذا تركها عجزاً بعد المحاولة، وبعد بذل الأسباب، أو تركها سلى عنها لا هذا ولا هذا، كل له نصيبه من الثواب والعقاب، أنت تبي تضيع باقي الوقت؛ لأن هذه بالفعل مهمة، مهمة يعني في آخر سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [(68- 69) سورة الفرقان] شوف الآن يضاعف له العذاب {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [(69 - 70) سورة الفرقان] يعني هل هذه الحسنات التي كانت سيئات التي كانت سيئات، ونفترض المسألة في شخصين شقيقين بلغا السبعين أحدهما: في الطاعة منذ أن نشأ إلى أن بلغ السبعين، والثاني: في المعصية ولا يعرف الطاعات، ثم بعد ذلك تاب لما بلغ السبعين، هذا له حسنات أصلية، وهذا له حسنات منقلبة عن سيئات فهل هما في الحكم سواء؟ وأجرهما سواءً؟ قد تكون سيئات العاصي هذا الذي انقلبت حسنات عظائم، كثيرة متعددة، شغل وقته ليله ونهاره في الفسق والفجور، ثم تاب توبة نصوحاً، وبدل حاله عمل عملاً صالحاً، وبدلت سيئاته حسنات، هل نقول: إن هذا مثل هذا؟ هل يستويان؟ حتى لو قلنا: إن السيئات التي كانت عند هذا بعدد الحسنات التي كانت عند هذا، لما بدلت حسنات صارت الحسنات بعدد الحسنات التي عند هذا، هل نقول: إن هذا مثل هذا؟ أولاً: الاتفاق جار على أن حسنات المطيع مضاعفة، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وأما بالنسبة للحسنات المبدلة عن سيئات السيئة واحدة، والأصل أن البدل له حكم المبدل فيكون له في مقابل كل سيئة حسنة واحدة، وهذا هو الجاري على قواعد الشرع، وهو المقتضي للحكمة الإلهية، لا يعامل هذا مثل هذا، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: فضل الله واسع والحسنات المبدلة عن سيئات مضاعفة كالحسنات ابتداءً، ومع ذلك المترجح سمعنا كلام شيخ الإسلام، و..... ننازع شيخ الإسلام أو نقارن شيخ الإسلام بغيره، لكن مع ذلك لا شك أن النظر في قواعد الشرع العامة والمصالح والمفاسد المترتبة على أعمال هذا وذاك، أن العدل الإلهي والحكمة الإلهية تجعل هذا أفضل الذي نشأ في عبادة الله.
طالب.......
الإسلام موجودة، مذكورة في الآية.
طالب:....
لا، لا هو التبديل مرتب على ما ذكر في الآية، نعم التوبة المقبولة بشروطها {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} [(70) سورة الفرقان] هاه؟
طالب:.....
ويش هو؟
طالب:......
أنت لو نظرت إلى شخصين، هذان الاثنان الأخوان الشقيقان التوأمان نعم هذا عمره كله في الحسنات، وهذا عمره كله في الحسنات هل نقول: إنه يتساويان؟ ما يمكن، ما يمكن أن يقال هذا، يعني هذا داعية منذ أن عرف نفسه وكلف داعية إلى الإسلام، ودخل الإسلام بسببه ألوف مؤلفة، وأخوه يعلم الناس العلم الشرعي وتحمل عنه العلم الألوف المؤلفة، هل نقول: إن هذا عمل مثلما..، عمل هذا مثل عمل هذا؟ ما يمكن، المطابقة غير ممكنة، لكن هذه أمثلة تقريبية، أمثلة تقريبية.
مسألة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب التي استنبطها شيخ الإسلام من هذا الحديث، وذكرها غيره، يطلقها جمع من أهل العلم وينقلون عليها الاتفاق، وينقلون عليها الاتفاق، فهل الأمر كذلك؟ المسألة تحتاج إلى تفصيل طويل، يعني من أرادها بذيولها بتفاصيلها يرجع إلى البحر المحيط للزركشي، وجمع مقاصده واختصر ولخص كلامه الشوكاني في إرشاد الفحول، وأنا نقلت كلام الشوكاني، نقلت كلام الشوكاني، فإن رأيتم أن نأخذ منها، كم باقي...؟
طالب:....
إذن لا بد أن تكون مترابطة بأمثلتها وذيولها، لا بد أن تكون مترابطة، نعم.
طالب:.....
إيه لكن لا شيء مما يتعلق بالدرس، هذه أسئلة فيها ما يتعلق بالدرس.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحديث صحيح.
وإذا كان صحيحاً فبماذا يجاب عنه من جهة أن الصحابة -رضي الله عنهم- سألوا: يأتي أحدنا امرأته يؤجر؟
سألوا استنكار، يعني إن الإنسان يؤجر على شيء تدفعه إليه الغريزة والجبلة، هذا استغراب، يستغربون مثل هذا فسألوه عنه.
ففي سؤالهم ما يدل على أنهم لم يعلموا بهذا الأجر، وقد أقرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
لم يعلموا به قبل هذا السؤال والجواب.
طالب:......
نعم؟
طالب.....
مثل ما ورد فيه نص خاص، ما ورد فيه نص خاص تطرد نيته في العام والخاص، لكن ما ورد فيه نص عام يؤجر على نيته العامة دون الأفراد، فهو مجرد: "أيأتي" الأجر رتب على مجرد الإتيان.
لا شك أن طريقة الشرح فوق مستوى المبتدئين، لكن لا يمنع أنه إذا لم يستفد من مسألة أن يستفيد من أخرى، ولا يستفيد من مرة يستفيد من عرض المسألة مرة أخرى وهكذا.
الذي له نصفها أو ثلاثة أرباعها ما نوى إلا من الركعة الثانية هذا؟ هذا نوى من أولها، فالمسألة مختلفة.
والمقرر حسب القاعدة عند أهل العلم أن العبرة بالحال لا بالمآل.
ما هو إذا أراد الدخول في الإسلام إذا أسلم، إذا أسلم يؤمر به.