((من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله)) من صام رمضان أكمل صيام رمضان وأتبعه مفهوم (أتبعه) أنه أكمل صيام شهر رمضان، ثم بعد ذلك أتبعه بصيام ستة أيام من شوال، هنا مسألة التطوع في الصيام قبل القضاء، قضاء الواجب، يعني مفهوم (أتبعه) أنه صام الشهر كاملاً بما في ذلك القضاء إن كان عليه القضاء، ثم أتبع ذلك بصيام ستة أيام من شوال ((من صام رمضان وأتبعه)) فهل يجوز التطوع قبل القضاء؟ شخص عليه ستة أيام من رمضان، مسافر، أو امرأة حاضت ستة أيام من رمضان، أفطرت وعليها القضاء، والمسافر عليه القضاء، بقي من شوال ستة أيام فقط، هل نقول له أو نقول لها: هذه الستة الأيام اقضي فيها الواجب، وتخلصي من عهدة الواجب بيقين أو نقول: النفل وقته مضيق، والقضاء وقته موسع، حصلي أجر الست، والقضاء تلحقي عليه، لأن وقته موسع، يعني التطوع قبل القضاء يجوز أو ما يجوز؟
طالب:.......
لماذا؟ كيف؟ قد يتوفى؛ لكن لو قال: أنا باقي ستة أيام، أصوم ستة من شوال، والقضاء موسع إلى شعبان، أحد يحجر عليه؟ ما حد يحجر عليه، يقول: أنا بأخر القضاء إلى أشهر ما حد يمنعه، ولا حد يقول له: يمكن أنك تموت فاقضي الآن، القضاء موسع، هل يقدم الواجب الموسع مع أنه في سعة، على المندوب الذي تضايق وقته بحيث لا يستوعب غيره؟
الآن لو انتبه الإنسان لصلاة الصبح، وقد طلعت الشمس، هل نقول: بادر بصلاة الفريضة أو نقول: صلي ركعتين ثم تأتي بالفريضة؟ نعم يأتي بالركعتين، ثم بعد ذلك لأن الآن صار الوقت فيه سعة، خرج وقته وانتهى، يأتي بركعتين، ثم يأتي بالفريضة، على كل حال المسألة التي معنا مسألة خلافية بين أهل العلم، ثبت في الصحيح أن عائشة --رضي الله عنه-ا- كان يكون عليها القضاء من رمضان فلا تتمكن من قضائه إلا في شعبان لمكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها، هل نقول: أن عائشة ما تتنفل مطلقاً ما تصوم الست، ولا تصوم يوم عرفة يكفر سنتين، ما تصوم يوم عاشوراً؟ هل يظن بعائشة أنها ما تصوم النوافل أبداً؟ ما تصوم نوافل؟ تسمع النصوص الصحيحة الصريحة من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة بأن يوم عرفة يكفر سنتين، ويوم عاشوراء يكفر سنة ولا تصوم ((من صام رمضان وأتبعه ست من شوال)) ولا تصوم؟ مع أنها تؤخر القضاء على شوال، هل يظن بعائشة هذا؟ هذه حجة من يقول: بجواز تقديم صوم النفل على القضاء؛ لأن القضاء وقته موسع، ولا أحد يلزم بالقضاء قبل دخول رمضان الثاني، والأكثر على أنه لا يتطوع حتى يخرج من عهدة الواجب، ومن أصرح الأدلة (أتبعه) يعني الذي يصوم الست قبل أن يكمل عدة رمضان ما يكون أتبعه، يعني صام في أثنائه، ما يكون أتبع صيام رمضان.
((فكأنما صام الدهر كله)) الآن صيام رمضان مع ست شوال ممدوح أو مذموم؟ ممدوح، صيام الدهر ممدوح أو مذموم؟ مذموم، إذاً كيف يشبه الممدوح بالمذموم؟ ((فكأنما صام الدهر كله)) وثبت النهي عن صيام الدهر، إذاً يثبت النهي في شبه، صيام الدهر لو إنسان صام الدهر يؤجر؟ الوحي من أنواعه كما في الحديث الصحيح عن ابن عباس ((أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس)) الوحي محمود والجرس مذموم، كيف؟ كيف شبه المحمود بالمذموم؟ من وجه دون وجه، يعني تشبيه رؤية الباري برؤية القمر من وجه دون وجه، يعني في الوضوح لا بمشابهة المرئي بالمرئي، يعني في الرؤية فقط، هنا الجرس له جهتان: جهة قوة صوت، وتدارك يشبه به الوحي، وجهة إطراب وجهة قوة في الصوت وتدارك في الصوت يمكن أن يشبه من جهة، ولا يشبه من جهة، الجهة التي ذم فيها لا يشبه بها.
((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) هنا نهينا عن التشبه بالبعير، وأمرنا أن نقدم اليدين قبل الركبتين، البعير يقدم يديه قبل ركبتيه، وقد نهينا عن مشابهته، وأمرنا بتقديم اليدين قبل الركبتين، كيف؟ يأتي هذا وإلا تناقض؟ يعني المشابهة، مشابهة البعير في بروكه؛ لأنه متى يقال في اللغة: برك البعير وحصص البعير؟ إذا أثار الغبار وفرق الحصى، فإذا قدمنا اليدين ونزلنا على الأرض بقوة مثل بروك البعير جاء النهي؛ لكن إذا وضعنا اليدين مجرد وضع قبل الركبتين امتثلنا الأمر، ولا أشبهنا البعير، وحينئذ لا نحتاج إلى أن نقول: الحديث مقلوب، ولا فيه أدنى إشكال.
هذا استطراد يوضح ما نحن فيه.
((فكأنما صام الدهر كله)) الشهر بعشرة أشهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، والستة عن شهرين، عن ستين يوماً لأن الحسنة بعشرة أمثالها، إذاً كأن الإنسان صام الدهر، ظاهر أو ما هو ظاهر؟ قد يقول قائل: أنا أصوم رمضان عن عشرة أشهر وأصوم في القعدة ستة أيام عن ستين يوم كأني صمت الدهر كله، صح أو لا؟ وإيش الذي يفضل شعبان على القعدة وذي الحجة ما دام الحسنة بعشرة أمثالها إيش الفرق؟ أنا أضمن رمضان؛ لأنه فريضة لا أستطيع أن أتصرف فيه، عن عشرة أشهر، والستة الأيام من أي شهر، ليش من شوال؟ لأن هذا أمر معقول حسابي، الحسنة بعشرة أمثالها، الستة الأيام عن ستين يوم، والستين اليوم بشهرين، أضيفها إلى العشرة الأشهر هذه سنة، كأنك صمت الدهر، الآن ما هو معلل هذا، ظاهر العلة، وعلته منصوصة، ما عاد نقدر نستنبط علة، علته منصوصة، الحسنة بعشرة أمثالها، والشهر بعشرة أشهر، والستة الأيام عن ستين يوم من أي شهر كانت، وجاء فيها ((ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر)) لأن الحسنة بعشرة أمثالها.