غراس الجنة

الذِّكر جاء من النُّصُوص الكثيرة ما يدُلُّ عليه ((سبق المفرِّدُون الذّاكرُون الله كثيراً والذَّاكرات)) {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الكهف/28] المقصُود أنَّ الذِّكر شأنُهُ عظيم.

وذكر ابنُ القيم -رحمهُ الله تعالى- في مُقدِّمة الوابل الصَّيِّب أكثر من مائة فائدة للأذكار، والأذكار من التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل والتَّكبير غِراسُ الجَنَّة، عن إبراهيم عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصَّلاةُ والتَّسليم أنَّهُ قال: يا مُحمَّد أقرِئ أُمَّتك مِنِّي السَّلام وأخبرهم أنَّ الجنَّة قِيعان وأنَّ غِراسها التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل والتَّكبير...

أوَ ما سَمِعْتَ بأنَّها القِيعان فاغْرِسْ

 

ما تشاءُ في ذا الزَّمان الفانِي

وغِراسُها التَّسبيحُ والتَّكبير

والتَّحميد ... إلى آخره

المقصود أن الذكر شأنه عظيم وفضله جزيل ولا يكلف شيء، ولا يكلف المسلم شيء، يعني من قال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل)). من قال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة...)) شوف الأجور وما يترتب على مثل هذا الذكر من حصن للإنسان، حرز، لكن الحرمان عادته، تقال بعشر دقائق، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)). سبحان الله وبحمده مائة مرة، ((من قال في اليوم سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) هذا كم تحتاج إلى يوم وإلا تجلس العصر بدقيقة ونصف تقال، بدقيقة ونصف تقول سبحان الله وبحمده مائة، تستغفر مائة مرة بدقيقة، تصلي على النبي عليه الصلاة والسلام عشر مرات، وجاء الوعد الثابت، تقرأ: قل هو الله أحد عشر مرات، كلها ما تحتاج إلى شيء، كل هذه الأمور ما تحتاج من يومك ولا ربع ساعة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يحفظ عنه في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة، أنه يستغفر، ويقول -عليه الصلاة والسلام- وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهو أعلم الناس وأخشاهم لله وأتقاهم يقول: ((إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من مائة مرة)) فكيف بنا، الذي لا ننفك من مزاولة ما لا يرضي الله -جل وعلا-، فعلى الإنسان أن يحرص على الأذكار ويجعل لكتاب الله نصيباً وافراً من يومه ولا يجعله على الفرغة؛ لأنه إذا تركه، إذا قال من الآن أنا مشغول نتركه في الليل، إذا جاء الليل قال: علنا نجمع الوردين في يوم واحد، ما يمشي هذا، إذا ما فرضت للقرآن من سنام الوقت، ما تجعله فضلة، ما تقرأ القرآن، عرفنا ناس اهتموا في هذا الأمر، حتى أن منهم وهو مسافر إذا جاء وقت القراءة لبق السيارة وأنهى حزبه من القرآن وكمل واصل، الدنيا ملحوق عليها، ما نريد شيء يفوت يا إخوان، فلنشتغل بأنواع العبادات من الصلاة والذكر والتلاوة وغيرها.