تورُّع الصحابة عن الفتيا

جاء رجل إلى عبد الله بن الزبير، وعاصم بن عمر فقال: إن رجلاً من أهل المدينة طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها، فماذا تريان؟ فقال عبد الله بن الزبير: إن هذا الأمر ما لنا فيه قول، فاذهب إلى عبد الله بن عباس، وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسلهما ثم ائتنا فأخبرنا، فذهب فسألهما فقال ابن عباس لأبي هريرة: «أفته يا أبا هريرة، فقد جاءتك معضلة» [جامع بيان العلم وفضله (2/1122)]، وهذه المسألة عند كثير من طلاب العلم أسهل من شرب الماء، يفتي فيها كما يتنفس، ليس عنده أدنى مشكلة، مع أنه يترتب على الجواب عن هذا السؤال، إما أن يبقى الرجل يجامع المرأة في حرام؛ لأنها بانت منه بالحقيقة، أو العكس، تفرق بين رجل وامرأته وتشرد أولاده بسبب جهل المفتي، فالمسألة خطيرة جدًّا، ليست بالسهلة ولا الهينة.

قال ابن عباس: «كل من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه إنه لمجنون»، وعن ابن مسعود مثله [جامع بيان العلم وفضله (2/1123)].