سُلطَانُ العِلم

العِلمُ مِيزانُ شَرعِ اللهِ حيثُ بِهِ

 

قِوامُهُ وبِدُونِ العِلمِ لَم يَقُمِ

كيف تَزِن صَلاتِك؟ هل هي صحيحة ولا ليست صحيحة؟ بالجهل تَزِن؟! – لا -  بالعلم، كيف تعرف أنَّ صيامك صحيح؟ كيف تعرف أنَّ حَجَّكَ صحيح؟ إنَّما هو بالعلم، عُروة بن مُظرس لما جاء من جبال طي، وما ترك جبل إلَّا وقف عنده، هل عرف أنَّ حَجَّهُ صحيح ولَّا باطل؛ حَتَّى عَرَض على النَّبِي -عليه الصلاة والسلام-؟! ما عَرَف، مَا يَدرِي، هل حَجَّهُ صحيح ولاَّ باطل حتَّى عَرَض مَا فَعَلَهُ على النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم بَيَّنَ لَهُ.

العِلمُ مِيزانُ شَرعِ اللهِ حيثُ بِهِ

 

قِوامُهُ وبِدُونِ العِلمِ لَم يَقُمِ

وكُلَّما ذُكِرَ السُّلطانُ في حُجَجٍ، فالعِلمُ يعني المُراد بهِ العلم، السُّلطَان في النُّصُوص فِي الحُجَج، والخُصُومَات، والمُجَادَلَات المُراد بهِ العلم، لا سُلطَةُ الأيدِي لِمُحتَكِمِ، لا أيدِي ولا سِلاح ولا غيرُهُ... لماذا؟! لأنَّ سُلطَان العلم، العلم الصَّحيح المَبنِي على الكِتاب والسُّنَّة هو الذِّي يُحَقِّقُ العَدل؛ بينما سُلطَانُ اليد، سُلطانُ السِّلاح قَد يَتَوَلَّاهُ الصَّالِح؛ فيَكُون بالعَدل، وقَد يَتَوَلَّاهُ  الظَّالم الغَاشِم؛ فَيَكُونُ بالظُّلم.

فسُلطَة اليَدِ بالأبدانِ قاصِرَةٌ

 

تكون بالعَدلِ أو بالظُّلمِ و الغَشَمِ

- نعم - إِذَا كَان مَا هُنَاك إِلَّا قُوَّة، فَالقُوَّة قَد تُستَعمَل فِي العَدل، وقَد تُستَعمَل فِي الظُّلم؛ لَكِن سُلطَان العِلم، المُجَادَلَة بِالعِلم، المُحَاقَقَة بِالعِلم، فَإِنَّهَا لَا يَنشَأُ عَنهَا إِلَّا العَدل؛ ولِذَا في كثيرٍ من الأحوَال، لا يُجدِي فِي تَوجِيه النَّاس، ونُصحِ النَّاس، وإِرشَادِ النَّاس؛ إِلَّا سُلطَان العِلم، فَالمُجَادَلَة لَا سِيَّمَا لِمَن كَانَ عِندَهُ عِلم، أَمَّا العَامِّي فَإِنَّهُ لَا يُجَادِل؛ إِنَّمَا يُبَيِّن لَهُ الحَقّ، وإِلَّا فَيُؤطَر عَلَيهِ، أمَّا المُجَادَلَة تَكُون لِمَن عِندَهُ عِلم؛ ولِذَا لَمَّا وَجَّهَ النَّبِي -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- مُعَاذًا إِلَى اليَمَن، قال: ((إِنَّكَ تَقدُمُ عَلَى قَومٍ أَهلِ كِتَاب)) يعني اهتَمّ لَهُم، وجَادِلهُم، ونَاظِرهُم، وحَاوِرهُم، أمَّا بِالنِّسبَةِ لِلعَامَّة مَا يُقَال لَهُم مِثل هذا؛ إِنَّما يُبَيَّن لهمُ الحَقّ، إِن انصَاعُوا لَهُ؛ وإِلَّا فَيُؤطَرُونَ عَلَى الحَقّ.

فسلطَةُ العِلمِ تَنقادُ القُلوبُ لَها، يعني إذا بُيِّن الحُكمُ بِدَلِيلِهِ لَاشَكَّ أنَّ القَلبَ السَّوِيّ المُستَمِرّ عَلَى فِطرَتِهِ تَنقَادُ لِهَذا السُّلطَان تَنقادُ القُلوبُ لَها إلَى الهُدَى، وإلَى مَرضاةِ رَبِّهِ.