قِيمَة المَرْء هِمَّتُهُ ومَطْلَبُهُ

فكل شخص أُمنيتهُ على قدر هِمَّتِه، يقول ابن القيم: "سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: جاء في بعض الآثار الإلهية يقول الله تعالى: إني لا انظر إلى كلام الحكيم، وإنما انظر إلى همته، قال شيخ الإسلام والعامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب، يريد -رحمه الله- أن قيمة المرء همته ومطلبه، قيمة كل امرئ ما يحسن، والآن في أساليب الناس أن قيمة الشخص ما يحمله في جيبه، فإن كان غنياً صارت له قيمة، وإن كان فقيراً لا قيمة له، هذا في عرف الناس لما صارت الحياة الدنيا هدف، وغفلوا عن الهدف الأسمى الذي خلقوا من أجله، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، غفلوا عن هذا، ولذا تجد القلوب توجل عند كثير من الناس إذا دخل المجلس أو دخل في المجلس وفيه من أهل الدنيا من أرباب المناصب والتجارات، وإذا جاءه من يعدل ملء الأرض من مثل هذا ولاه ظهره.

وإذا أردت أن تعيش هذا الأمر في نفسك مثلاً، أو في من تعرف فانظر نفسك إذا قيل لك: مدحك فلان مدحك الأمير الفلاني، أو الوزير الفلاني، أو التَّاجر الفُلاني؛ انظر وضعك، ووضع ذلك الشخص الذي مدح من قبل هذا الكبير، من قبل هذا الأمير، من قبل هذا الوزير، تجده لا ينام الليل من الفرح؛ لكن لو كان الميزان عنده شرعي ما التفت إلى هذا البتة، وهو يعرف أن من ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه، ومن ذكره في ملأ ذكره في ملأ خير منه، هذا الذي يحتاج أن يطير الإنسان شوقاً إلى مثل هذه الأعمال، الذكر، يقول القائل:

ومَنْ تَكُنْ العَلْيَاءُ هِمَّةَ نَفْسِهِ

 

فكل الذِّي يَلْقَاهُ فيها مُحَبَّبُ

يعني الناس لو تقول له: احمل هذا الشيء اليسير يعني زنته خمس كيلو مثلاً، يقول: والله أنا ما تعودت الحمل، أنا والله لست بحمال، نعم، لكن ائتِ له بشيء يرغبه تجده يحمل أضعاف أضعاف ما عرض عليه ما نحتاج أن نمثل يعني، يعني من أهل العلم مثلاً وهو ما وضع نفسه للحمل والتنزيل، يأتيه كرتون زنته ستين كيلو سبعين كيلو كتب مثلاً عنده استعداد يشيله من السيارة ويدخله بالبيت؛ لأنه يحب الكتب، وهذه همته، وقل مثل هذا في سائر الأعمال، البضائع مثلاً تجد صاحب هذه التجارة عنده استعداد يحملها لا سيما إذا كانت نفيسة عنده، أو كان يرجوها ويترقبها، أو لقلتها في الأسواق تجده يتولاها بنفسه، هذه همته: فكل الذي يلقاه فيها محببُ.