الحِرْمَانْ والتَّفْرِيط ظَاهِرْ على كَثيرٍ مِن النَّاس

الحِرْمان ظاهر على كثير من النَّاس، والتَّفرِيط كبير، وسَوف يَنْدَمُ المُفرِّط ولاتَ ساعة مَنْدَم؛ لأنَّ هذا وقت الزَّرْع، فإذا فَرَّط الإنْسَان في هذهِ العِبادة، وفَرَّط في غيرِها، ولَمْ يَبْقَ لهُ إلاَّ الفَرَائض... منْ أينَ يُكمِّل  الخلل الواقِع في هذهِ الفرائض؟! وإذا لمْ يَكُنْ لهُ نَصِيب من وِرْدٍ باللَّيل من قيام، وذِكِر، وتِلاوة، وفِي الغالب لا يُعانْ على تَكْمِيل الفَرائِض، نعم جاء في حديث الأعرابي الذِّي سأل عن شرائِع الإسلام وأقْسَم أنه لا يَزِيد على هذا ولا يَنْقُص وقال النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((أفلح إنْ صَدقْ)) لا يُمْكِن أنْ  يُوجب أحد غير ما أَوْجَبَهُ الله -جلَّ وعلا-، ولا يَأْثَم الإنْسَان بِترك السُّنَنْ؛ لكنْ هذهِ السُّنن تُكمِّلُ لهُ النَّقص في الفَرَائِض، وتُعِينُهُ على الإتْيَانِ بها؛ لأنَّهُ إذا فَرَّط بالمُسْتَحَبَّاتْ دَبَّ إليهِ العَجْز عن الوَاجِباتْ، وقُل في مِثل هذا فيمن اسْتَرْسَل في المُباحات؛ فإنَّهُ لا يَأْمَنْ أنْ يَرْتَكِب المَكْرُوهات، ثُمَّ بعد ذلك قَدْ تَطْلُبُ نفسُه المُباحات فلا تَجِدُها وقد مَرَنت عليها، ثُمَّ تطلُب المَكْرُوهات فلا تَجِدُها، يَضطر بعد ذلك إلى ارتِكَاب بعض المُحرَّمات، ولِذا عُرِف عن كثير من السَّلف أنَّهُم تركُوا -كما قال بعضُهُم- تسع أعْشَار الحلال خَشْيَة أنْ يَقَعُوا في الحَرَامْ، فَعلى الإنْسَانْ أنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ إيجَاداً وتَرْكاً، فَيَحْرِص على إيجَاد العِبَادات المُتَنَوِّعة، ومن فَضْلِ الله -جلَّ وعلا- على هذهِ الأُمَّة تَنَوُّع العِبادات؛ لأَنْ كُل إنْسَان يَجِد من هذهِ العِبَادات المُتَنَوِّعة ما يَرْتَاح لهُ مِمَّا يُوصِلُهُ إلى الله -جلَّ وعلا-، فَبعض النَّاس يَرتاح إلى الصَّلاة فَلا مانع عندهُ منْ أنْ يُصلِّي في اليوم واللَّيلة مِئة رَكْعة هذا باب فَتَحَهُ اللهُ لهُ، وهو مُوصل إلى مَرْضَاة الله -جَلَّ وعلا-، بعض النَّاس يَرتاح بالبّذِل في وُجُوه الخِير ويَسْتَصْعِب عليهِ الصَّلاة هذا فُتِحْ لهُ باب، بعض النَّاس يَرتاح لِصِيَام الهَواجِر وقِيَام اللَّيالي الشَّاتِيَة، هذا فُتِحَتْ لهُ أبْوَاب وإنْ وُصِدَتْ دُونَهُ أبْوَاب، مِنْ نِعَم الله -جلَّ وعلا- أنَّهُ فَتَح لنا هذهِ الأبْوَاب المُتَنَوِّعَة، يعني لو كانت العِبَادات باب واحِد؛ النَّاس لا شكَّ أنَّهُ يُحْرَم مِنْها كثير من النَّاس، يعني بعض النَّاس مُسْتَعِد يَجْلِس جَلْسَة واحِدَة يقرأ عَشْرَة أجْزَاء؛ لَكِنْ إذا قام يَأتِي بِركعتين أثْقَل من جَبَل، وبعضِ النَّاس عندهُ استِعْدَاد يُصلِّي لِيل نهار؛ لكنْ ما يَبْذِل دِرهم! أو يَصُوم يُوم، على كُلِّ حال على المُسْلِم الذِّي فُتِح لهُ باب من أبْوَاب الخِير أنْ يَلْزَمُهُ؛ على أنْ يَأْتِ بِجمِيع ما افْتَرَضَ اللهُ عليهِ، ويَتْرُك جمِيع ما حرَّمَ اللهُ عليهِ ((إذا أَمَرْتُكُم بِأَمْرٍ؛ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم)) ولا يُكلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاَّ وُسْعها؛ لَكِنْ ((إذا نَهَيْتُكُم عنْ شيءٍ؛ فاجْتَنِبُوهُ)) ما فِيه خِيَار ولا مَثْنَوِيَّة؛ لأنَّ المَنْهِيّ عنهُ مُتَصَوَّر تَرْكُهُ،  بَيْنَما المَأمُور قد يُتَصَوَّر العَجْز عنهُ.