مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَام حتَّى يَنْصَرِفْ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة

قِيَامُ رَمَضَان الذِّي جَاءَ الحَثُّ عليهِ ((مَنْ قَامَ رَمَضَانْ إيمَاناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) قِيَامُ رَمَضَان يَتِمُّ بِصَلاةِ التَّرَاويح عَلَى أنْ تَكُون مع الإِمَام من بِدَايَتِهِ إِلَى نِهَايَتِهِ، بِحَيْث لا يَنْصَرِفْ قَبْل الإِمَام ((مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَام حتَّى يَنْصَرِفْ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة)) يُكْتَبْ لَهُ قِيَامُ هَذِهِ اللَّيْلَة، إِذَا افْتَرَضْنَا أنَّ المَسْجِد فِيهِ أَكْثَر مِنْ إِمَام، وقَالَ قَائِل مَثَلاً فِي الحَرَم، فِي الحَرَمِينْ الشَّرِيفَيْن أَكْثَر مِنْ إِمَام، صَلَّى مَعَ الإِمَامْ الأَوَّلْ وانْصَرَفْ، قال: صَلَّيت مَعَ الإِمَام حتَّى يَنْتَهِي، نَقُول -  لا - يا أَخِي حتَّى تَنْتَهِي صَلاة التَّرَاويح ويُفْرَغَ مِنْهَا بِوتْرِهَا، ونَقُول الإِمَامَانْ أَوْ الأَكْثَر مِنْ إِمَامَيْن حُكْمُهُم حُكْمُ الإِمَام الوَاحِد؛ لأنَّ الصَّلاة واحدة، والمُفْتَرَض أنْ يَتَوَلَّاهَا إِمَامٌ وَاحِد، فَلَوْ حَصَلَتْ المُعَاقَبَة فالصَّلاة واحِدَة؛ لأنَّ بَعْض النَّاس صَاحِب مِزَاج يَرْتَاح لِفُلانْ ولا يَرْتَاح لِفُلان، يُصَلِّي وَرَاء فُلان ولا يُصَلِّي وَرَاء فُلان، ويقُول صَلَّيْت مَعَ الإِمَام حتَّى انْصَرَفْ، فَنَقُول – لا -  يا أَخِي الصَّلاة واحِدَة لا يَتِمُّ مَا رُتِّبَ عَلَيها إِلَّا بِتَمَامِهَا، فَلا تَنْصَرِفْ إِلَّا بَعْد انْقِضَاءِ الصَّلاة، لا يَنْصَرِفْ حتَّى يَنْصَرِف الإِمَام، طيِّب الإِمَام يُوتِر في أوَّل اللَّيْل وجَاءَ قَوْلُهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: ((اجْعَلُوا آخِر صَلاتِكُم بِاللَّيْلِ وِتْراً))، يَقُول أَنَا أَريد أنْ أُوتِر آخِر اللَّيْل، وأنْصَرِف قَبْل الإِمَام، نَقُول لا يُكْتَبْ لك قِيَام لَيْل حتَّى يَنْصَرِف الإِمَام...مَاذَا يَصْنَع؟ يُوتِر مَعَ الإِمَام وَيَشْفَع الوِتْر؟ أوْ يُصَلِّي مَعَ الإِمَام ويُوتِر مَعَهُ ويُسَلِّم مَعَهُ؛ لِأنَّ الأَقْوَال ثَلاثَة فِي المَسْأَلَة، ثُمَّ إِذَا تَيَسَّر لَهُ أنْ يَقُوم مِنْ آخِر اللَّيْل يُصَلِّي رَكعة تَشْفَعْ لَهُ ما أَوْتَر، ثُمَّ يَجْعَل آخِر صَلاتِهِ باللَّيل وتر، أو يُصَلِّي شَفِعْ مَثْنَى مَثْنى إِلَى أنْ يَطْلُعَ الفَجْر وَوِتْرُهُ انْتَهَى الذِّي أَوْتَرَهُ مَعَ الإِمَام، أمَّا كَوْنُهُ يُصَلِّي رَكْعَة إِذَا قَامَ من اللَّيل تَشْفَع لهُ مَا أَوْتَر، وقَد جَاء قَوْلُهُ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-: ((لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَة)) نقُول هَذَا أَوْتَر ثَلاث مَرَّاتْ، وهذا لَيْسَ بِشَرْعِي، كَوْنُهُ يُصَلِّي بَعْدَ الإِمَام، يَعْنِي إِذَا سَلَّم الإِمَام قَام وجَاءَ بِرَكْعَة، هَذا مَا فِيه إِشْكَال، تَشْفَعْ لَهُ وِتْرُهُ ، ويَكُون وِتْرُهُ فِي آخِر اللَّيل، وبِهَذا قَالَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ العِلْم، ومِنْهُم مَنْ قَال يَنْصَرِفْ مَعَ الإِمَام وإِذَا تَيَسَّرَ لَهُ القِيَام يُصَلِّي؛  لَكِنْ يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنى، ولا يُعِيدْ الوِتِر؛ لِأَنَّهُ أَوْتَر، والصَّلاة بَعْد الوِتْر لَا شَيْءَ فِيهَا، بِدَلِيل أنَّ النَّبِي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-  إِذَا سَلَّمَ مِنْ وِتْرِهِ صَلَّى رَكْعَتينْ، فَدَلَّ عَلَى أنَّ قَوْلُهُ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-: ((اجْعَلُوا آخِر صَلاتِكُم بِاللَّيْلِ وِتْراً))  أَمْر إِرْشَاد، وأنَّ هَذَا أَوْلَى، وأَنَّهُ لَيْسَ بِإِلْزَام بِدَلِيل أَنَّهُ كان يُصَلِّي بَعْد الوِتِر، يُصَلِّي رَكْعَتينْ خَفِيفَتِينْ، فَإِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَام التَّرَاويح ، وسَلَّمَ مَعَهُ فَإِنْ تَيَسَّرَ لَهُ أنْ يَقُوم ويُصَلِّي فِي آخِر اللَّيْل الذِّي هُو أَفْضَل يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنى،   قَدْ يقُولْ قَائِلْ: لِمَاذا لَا أَتْرُك الصَّلاة مَعَ الإِمَام؛  لِأَنَّ عُمَر يقُول: ((نِعْمَت البِدْعَة هذِهِ، والتِّي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَل))، فَأَنَا أَرِيد أنْ أَفْعَل الأَفْضَل، وبَدَلْ مَا يُصَلِّي الإِمَام أوَّل اللِّيل، ويَقْرأ فِي صَلاتِهِ كُلِّها نِصْفْ جُزْء، أنا أُصَلِّي آخِر اللِّيل بَدَلْ مَا يَنْتَهِي الإِمَام مِنْ صَلاتِهِ فِي أَقَلْ مِن سَاعَة، أنا أُصَلِّي آخِر اللِّيل ثَلاث سَاعَات، وأَقرأ أَرْبَعة أَجْزَاء، لَهُ ذلك، وإِنَّمَا صَلاةُ التَّرَاويح مِنْ أَجْلِ بَعْثِ الهِمَّة والنَّشَاطْ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاس إِذَا لَمْ يُصَلِّ مَعَ النَّاس، يَرَى النَّاس عَنْ يَمِينِهِ و شِمِالِهِ يَتَشَجَّعْ ويَنْشَطْ.

إِنَّ التَّرَاوحَ رَاحَةٌ ونَشَـــــ

 

ـاطُ كُلِّ عُوَيْجِزٍ كَسْلانِ

 

 يَتَشَجَّعْ الإِنْسَان إِذَا صَلَّى مَعَ النَّاس، كما أنَّهُ يَتَشَجَّع إِذَا صَامَ مَعَ النَّاس، لِذَا تَجِد قَضَاء رَمَضَان مِنْ أَثْقَل الأُمُور عَلَى النَّفْس لاسِيَّمَا الذِّي مَا تَعَوَّد الصِّيَام؛ لَكِنْ مَعَ النَّاسْ فِي رَمَضَانْ يَصُوم وخَفِيفٌ عَلَيهِ الصِّيَام؛  لِأَنَّهُ يَرَى النَّاس صَائِمين فَيَصُومُ مَعَهُم، إِذَا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَلاةٍ أَتَمُّ مِنْ صَلاتِهِ مَعَ الإِمَام، وارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتَهُ عَنْ أَنْ يُتَّهَمْ بِأَنَّهُ لا يُصَلِّي، ويَقَع النَّاس فِي عِرْضِهِ فَلَهُ ذَلِك، وكانَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَف يُصَلِّي قِيَام رَمَضَانْ فِي آخِر اللَّيل وَحْدَهُ، وعَلَى كُلِّ حَال لا يَكُون هَذَا ذَرِيعَة لِتَرْكِ التَّرَاويح؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاس يَنْشَط مَعَ النَّاس؛  لَكِنْ إِذَا جَاء فِي آخِر اللَّيل، قال نُوتِر  بِأَيِّ شَيْء، والقِيَام يَصْدُقْ عَلَى أَقَل شَيْء، نَقُول مثل هذا يُصَلِّي مَعَ النَّاس، ولا يُفَرِّط فِي مِثْل هذا الوَعْد الذِّي جَاء، والفَضْل مِنَ الله -جلَّ وعَلا-: ((أنَّ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَام حتَّى يَنْصَرِفْ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة)) لا يُفَرِّط بِمِثْلِ هذا إِلَّا إِذَا كانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ يُصَلِّي صَلاة أَكْمَل مِنْهَا، ولا يَضُرُّهُ أنْ يُصَلِّي مَعَ الإِمَام مُدَّة يَسِيرَة مَا تُكَلِّفْ شَيْء ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْل يَزِيد مَا شَاءْ.