معنى قوله تعالى: {فلا أقسم بالخنس} إلى قوله: {والصبح إذا تنفس}

السؤال
أُريد بيانًا لمعنى الآيات الأربع في قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ . الْجَوَارِ الْكُنَّسِ . وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ . وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 15-18].
الجواب

في قوله -جل وعلا-: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} [التكوير: 15] أهل العلم من المفسرين وغيرهم يقولون: (لا) هذه زائدة، والمراد إثبات القسم لا نفيه، بدليل: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: 19] جواب القسم، فيقسم -جل وعلا- بالخُنَّس التي هي الكواكب الخمسة الدراري، كما ذكر ذلك المفسرون، وهي {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وهي: زُحل والمشتري وعطارد والمريخ والزهرة، فيما ذكره أهل التفسير قالوا: وهو مروي عن علي –رضي الله عنه-، وفي تخصيصها من بين سائر النجوم بالذكر وجهان: أحدهما: لأنها تستقبل الشمس، قاله بكر بن عبد الله المزني.

الثاني: لأنها تقطع المجرة، قاله ابن عباس.

وعلى كل حال، الله -جل وعلا- له أن يقسم بما شاء من خلقه، وليس للمخلوق أن يقسم بغيره -جل وعلا-.

قال الحسن وقتادة: هي النجوم التي تَخْنِسُ بالنهار وإذا غربتْ. فهي تَخْنِسُ بالنهار وتَكْنِسُ في وقت غروبها، أي: تتأخر عن البصر لخفائها فلا تُرى، وقال صاحب (الصحاح): الخُنَّس: الكواكب كلها؛ لأنها تَخْنِسُ في المغيب، أو لأنها تخفى نهارًا.

{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17] قال الفراء: أجمع المفسرون على أن معنى عسعس: أدبر، وهذا حكاه الجوهري، وقال بعضهم: إنه دنا من أوله وأظلم، وكذلك السحاب إذا دنا من الأرض يقال له: عسعس، وقال المهدوي: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}: أدبر بظلامه، وقال زيد بن أسلم: عسعس، أي: ذهب، ويقول الفراء: العرب تقول: عسعس وسعسع –عكسه-، إذا لم يبق منه إلا اليسير.

{وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 18] أي: امتد حتى يصير نهارًا واضحًا، يقال للنهار إذا زاد: تنفس، وكذلك الموج إذا نضح الماء، ومعنى التنفس: خروج النسيم من الجوف، وقيل: {إِذَا تَنَفَّسَ}: انشق وانفلق، وهذا واضح من قولهم: "التنفس: خروج النسيم من الجوف"، فتَنَفُّس الإنسان خروج نفسه من الجوف.

هذا خلاصة ما قاله أهل العلم في هذه الآيات الأربع.