عَدّ قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا، من الحديث المرفوع

السؤال
هل قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا، يُعدُّ من المسند؟
الجواب

أسباب النزول الغالب عليها الإرسال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، ويرى الإمام الحاكم في (مستدركه) أن تفسير الصحابي من قبيل المرفوع؛ للتشديد الوارد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في القول في القرآن بالرأي، فيرى أن جميع ما جاء عن الصحابة في التفسير مرفوع، لكن حمله بعض أهل العلم على أسباب النزول، فالصحابي إذا قال: هذه الآية نزلت في كذا، فلها حكم الرفع؛ لأن هذا التنزيل النبي -عليه الصلاة والسلام- طرف فيه ولا محالة، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وعد ما فسره الصحابي

رفعًا فمحمول على الأسباب

فقول السائل هنا: (يعد من المسند؟) نقول: على هذا القول يكون من المسند، وإن كان غالب أسباب النزول مراسيل كما سبق، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقولهم: نزلت هذه الآية في كذا، يُراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول: عُني بهذه الآية كذا. وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند، كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟ فالبخاري يُدخله في المسند -يعني المرفوع-، وغيره لا يدخله في المسند"، وبيّنا وجه إدخاله في المسند وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طرف في التنزيل؛ لأن القرآن إنما ينزل عليه، فوجود النبي -عليه الصلاة والسلام- طرفًا في هذا الأمر يعطيه شيئًا من الرفع، ويقول شيخ الإسلام: "فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله في المسند، وأكثر المساند على هذا الاصطلاح، كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذَكر سببًا نزلت عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند. وإذا عُرف هذا فقول أحدهم: نزلت في كذا، لا ينافي قول الآخر: نزلت في كذا، إذا كان اللفظ يتناولهما، كما ذكرنا في التفسير بالمثال"، على كل حال قد يتعدد السبب لنازل واحد، ويذكر الصحابة أكثر من سبب لآية واحدة، وقد تكون هذه الآية نزلت إثر هذه الأسباب كلها، ويختلف العلماء في الآية، هذه نزلت في فلان أو في فلان؛ تبعًا لاختلاف ما جاء عن الصحابة في ذلك. يقول شيخ الإسلام أيضًا في (منهاج السنة): "وأما أحاديث سبب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند"، والإسناد المذكور في صدر الكلام يُعنى به الرفع الذي يقابله الوقف، وأما قوله: (مرسل ليس بمسند) يعني: ليس بمتصل؛ لأنه مقابَلٌ بالإرسال، ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل: "ثلاث علوم لا إسناد لها -وفي لفظ: ليس لها أصل-: التفسير، والمغازي، والملاحم"، يعني أن أحاديثها مرسلة.