جلسة الاستراحة

السؤال
ما حكم جلسة الاستراحة؟
الجواب

جلسة الاستراحة -وهي الجلسة التي تقع بعد الفراغ من الركعة الأولى وقبل القيام إلى الركعة الثانية، وبعد الفراغ من الركعة الثالثة وقبل القيام إلى الركعة الرابعة- هذه سنة مطلقًا، ثبتَ فعلها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث مالك بن الحويرث –رضي الله عنه- [البخاري: 823]، وأيضًا جاءت في بعض طرق حديث المسيء [البخاري: 6251]، وجاءت أيضًا في بعض طرق حديث أبي حميد –رضي الله عنه- في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- [أبو داود: 730]، كما أشار إلى ذلك ابن القيم، وابن حجر في (التلخيص)، إذن فقد جاءت من أكثر من طريق، وإذا أمكن الجواب عن حديث مالك بن الحويرث بما ذكره ابن القيم -مع أن لي شيئًا من المناقشة مع ابن القيم في هذه المسألة-، فإن حديث المسيء في كتاب الاستئذان منصوص فيه على جلسة الاستراحة، والتسمية بـ(جلسة الاستراحة) لم يرد بها نص صحيح، إنما هي جلسة سماها بعض أهل العلم (جلسة استراحة)، وهي في الحقيقة ليست استراحة، وإنما هي زيادة تكليف، ولذا من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها حينما احتاج إليها، وفي بعض الروايات: لما ثَقُل، أو بَدَّن، نقول: إن الإنسان إذا ثَقُل أو بَدَّن تكون حاجته إلى تركها أشد من حاجته إلى فعلها؛ ولذلك نرى كبار السن أو أصحاب الأجسام البدينة الثقيلة، أو مَن بهم أمراض روماتيزم أو ما أشبه ذلك، الأسهل عليهم أن يقوموا من السجود مباشرةً إلى الركعة التي تليها، ويشق عليهم أن يثنوا ركبَهم ويجلسوا هذه الجلسة، فالقول بأنها استراحة ليس بصحيح، وإنما هي زيادة تكليف، فربطها بالحاجة أقول فيه: الحاجة تدعو إلى تركها أكثر من أن تدعو إلى فعلها، وما دام ثبتتْ من فعله -عليه الصلاة والسلام- ومَن وَصَفَ صلاته كمالك بن الحويرث وأبي حميد ذكرها، حيث جاءت في بعض طرق حديث أبي حميد، وأشار إلى ذلك ابن القيم في (زاد المعاد)، وأشار إلى ذلك ابن حجر في (التلخيص الحبير) في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاءت أيضًا في بعض طرق حديث المسيء، فهي سنة مطلقًا، وإذا أمكن الجواب عن حديث مالك بن الحويرث -مع أن عندي ترددًا في قبول مثل هذا الجواب- فإنه لا يمكن أن يُجاب عن حديث المسيء؛ لأن المسيء ما أُتيَ في إساءته في صلاته إلا من قِبل سرعته، فلا يقال: إنه ثَقُل أو بَدَّن، فلا يمكن الجواب عنه، نعم في ثبوتها بعض المناقشة لبعض أهل العلم، مع أنها في (صحيح البخاري) في كتاب الاستئذان.

والقول بأنها إنما تُفعل عند الحاجة إليها، أقول: الحاجة تدعو إلى تركها أكثر من أن تدعو إلى فعلها، وتسميتُها جلسة استراحة لم يرد بها نص شرعي، إنما سمّاها الفقهاء الذين لا يرونها، ويرون أن النبي –عليه الصلا والسلام- إنما فعلها لمّا احتاج إليها فهو يرتاح بها، وليست مدتُها مما يُتيح الراحة للمصلي، وإنما هي -كما ذكرنا- زيادة عَنَاء وتكليف.

وهذا على كل حال هو قول الشافعية، وغيرهم يرون أنها لا تُفعل إلا عند الحاجة، وفيه ما ذكرنا.

والخلاصة في هذا أن جلسة الاستراحة سنة مطلقًا.