موضع إحرام المكي للعمرة

السؤال
من أين يُحرم المكي للعمرة؟
الجواب

قد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه حدد مواقيت الجهات فقال: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشأم من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن، ويهل أهل اليمن من يلملم» [البخاري: 133]، فحددها بالتعيين، وقال: «هنَّ لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن»، «هنّ» يعني: هذه المواقيت، «لهنّ» يعني: لتلك الجهات، «ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهن» وقال: «حتى أهل مكة من مكة» [البخاري: 1524]، استدل بالحديث من قال: إن أهل مكة يهلون بالعمرة من مكة؛ لعموم الحديث، وكأن البخاري -رحمه الله- يميل إلى هذا، ورجحه الصنعاني، وعلى كل حال استدلالهم بلفظ الحديث ظاهر، لكن الحديث محمول عند جمهورِ أهل العلم على الحج، فالذي قدم إلى مكة من خارجها وأحرم من الميقات، ثم حل من عمرته وهو يريد الحج، وكذا أهل مكة بالنسبة للحج، فإنهم يحرمون من مكة. وأما بالنسبة لمن أراد العمرة من مكة سواء كان مكيًّا أو ممن وفد على مكة وحلَّ بها فإنه يلزمه الخروج إلى أدنى الحِلِّ، أما بالنسبة للحج فلا يلزمه الخروج إلى أدنى الحل؛ لأنه سوف يجمع بين الحِل والحرم في خروجه إلى عرفة؛ لأنها من الحِلِّ، وأما المعتمر فلو أحرم من الحرم فإنه لن يجمع بين الحِل والحرم، ودليل هذا القول -وهو قول جمهور أهل العلم من أنه لا بد أن يحرم للعمرة من أدنى الحِل سواء كان مكيًّا، أو ممن وفد إلى مكة وحلَّ بها- دليله أمره -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يُعمِر عائشة –رضي الله عنهم- من التنعيم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- مع صحابته ينتظرونها، ولو كان الإحرام للعمرة من داخل الحرم لما كلَّفه وكلَّفها أن تخرج إلى التنعيم، ولما كلَّف أصحابه الانتظار حتى تأتي؛ لأن هذا فيه مشقة وفيه طول وقت، فليست الوسائل مثل ما عندنا الآن، دقائق ويصل إلى أدنى الحل، لا، بل يحتاج إلى وقت طويل على الإبل والوسائل المتاحة في ذلك الوقت.

على كل حال حبسُه -عليه الصلاة والسلام- نفسه وانتظاره لها مع جميع أصحابه -رضوان الله عليهم- يدل على أن هذا أمر لا بد منه، ولو كان فيه فسحة لما شقَّ على نفسه وعلى صحابته بالانتظار، ولما شقَّ عليها وعلى أخيها أن تخرج إلى التنعيم، فدلَّ على أنه يلزم من أراد الإحرام بالعمرة من أهل مكة أو ممن في حكمهم أن يخرجوا إلى أدنى الحل.