الفرق بين التورية والكذب

السؤال
ما الفرق بين التورية والكذب، حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أطلق على التورية كذبًا حين قال: «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات» [البخاري: 5084] ؟
الجواب

كلاهما قول مخالف للواقع، وهذا حد الكذب في اللغة: ما يخالف الواقع، إلا أن الكذب لا مصلحة فيه، وهو صريح في مخالفة الواقع، ولا وجه له يمكن أن يُحمل عليه، وأما التورية فلها وجه صحيح تُطابق فيه الواقع، وإن كان ظاهرها مخالفة الواقع، فإبراهيم -عليه السلام- حينما قال هذه الثلاث، فقال: "هذه أختي" يعني سارة، وهي في الحقيقة زوجته؛ ليتخلص من الظالم الذي أمامه، الذي يغتصب الزوجات، فهي أخته في دينه من هذه الحيثية، وهو مطابق للواقع، وباعتبارها زوجته أُطلق عليها كذب، وهي في الحقيقة تورية، والكذب الذي جاءت النصوص بتحريمه والتحذير منه لا يمكن أن يُحمل على وجه صحيح، بينما التورية لها وجه صحيح يمكن أن تُحمل عليه، وإن كان ظاهرها مخالفة الواقع، وقوله: "إني سقيم"، وقوله: "بل فعله كبيرهم"، كلها في ذات الله، يريد التخلص بقوله: "إني سقيم" مما هو أعظم من ذلك من خروجه معهم إلى أصنامهم، وفي ذلك مندوحة عن الكذب الصريح، والله أعلم.