كيفية عمل العامي إذا اختلف من استفتاهم

السؤال
أنا رجل من عامة المسلمين ليس لدي علم، واحتجت للفتوى في بعض أمري، فسألت عدة مشايخ في شأني هذا فاختلفوا، فماذا أصنع الآن؟ وبأي الأقوال آخذ؟
الجواب

الرجل العامي فرضه تقليد أهل العلم، لكن من يقلّد من أهل العلم؟ يقلد من تتوافر فيه شروط الاجتهاد ومن تقبل فتواه ممن يتوافر فيه العلم والدين والورع.

وليس في فتواه مفتٍ متبع

ما لم يضف للعلم والدين الورع

فإذا توافرت هذه الشروط وسأل أوثق العلماء وأرجحهم في هذه الأوصاف برئت ذمته، ولا يسأل غيره، وإذا سأل غيره فلا يخلو إما أن يكون سبب سؤاله الاحتياط لبراءة ذمته أو يكون سبب السؤال طلب التخفيف واتباع الهوى، فإذا سأل من أخل بواجب في الحج مثلًا عالمًا وقال: (ما عليك شيء)، وهو ممن تبرأ الذمة بتقليده، لم يرتح لهذا الجواب من باب (ليطمئن قلبي)، فسأل غيره فقال: (عليك دم)، هذا لا شك أنه احتياط وتحرٍّ، وإن كان لا يلزمه، لكن الإشكال فيما إذا كان الباعث والداعي لذلك الهوى، سأل عن هذا السؤال من تبرأ الذمة بتقليده فقال: (عليك دم)، ثم ذهب ليسأل آخر؛ ليجد عنده التخفيف ليقول: (ما عليك شيء)، هذا الذي يذم؛ لأنه متبع لهواه، بخلاف الأوّل الذي يريد الاحتياط لبراءة ذمته، ومع ذلك لا يلزمه أن يسأل آخر إذا سأل من تبرأ الذمة بتقليده ومن تتوفر فيه الأوصاف التي ذكرناها: العلم والدين والورع.

قد يقول قائل: إن العامي كيف يستطيع أن يفرّق بين أهل العلم وليست لديه الأدوات للتفريق بين أعلمهم وأوثقهم وأورعهم، وقد يسأل إنسانًا يظنه عالمًا وهو في الحقيقة ليس بعالم، أو يظنه راجحًا وهو في الحقيقة ليس براجح؟

نقول: إن مثل هذا يكفي فيه الاستفاضة، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، والاستفاضة هنا: أن يشتهر أمر هذا العالم أنه عالمٌ ديِّن ورِع تبرأ الذمة بتقليده، عُرف واشتهر بين الناس أنه من أهل العلم.