طريقة الاختصار في الكتب التي اختصرت الصحيحين

السؤال
كتاب (مختصر صحيح البخاري) وكذلك (مختصر صحيح مسلم) هل الاختصار فيهما فقط في انتقاء بعض الأحاديث وحذف أسانيدها؟ أم أن هناك تصرفًا في مضامين الأحاديث بشيء من الاختصار إذا كانت طويلة؟
الجواب

(صحيح البخاري) له أكثر من مختصر، وكذلك (صحيح مسلم) له أكثر من مختصر، فمن أشهر المختصرات لـ(صحيح البخاري) مختصر الزبيدي (التجريد الصريح)، ومن أشهر مختصرات (صحيح مسلم) (مختصر المنذري)، وللبخاري أيضًا مختصرات معاصرة، ولمسلم أيضًا كذلك، وله مختصر للقرطبي الذي شرحه بالشرح المشهور (المفهِم).

وعلى كل حال عموم المختصرات يستفيد منها طالب العلم بأخذ الفائدة من قرب وإن كانت لا تغني طالب العلم عن الأصول، (مختصر صحيح البخاري) للزبيدي لا شك أنه قرَّب مادة (صحيح البخاري) باختصار الأسانيد، وحذف المكرر من المتون، والاقتصار على موضع واحد هو أوفاها من وجهة نظره، لكن قد يكون في مواضع أُخر فوائد وتنابيه لا توجد في الموضع الذي اقتصر عليه، والاختصار للزبيدي فيه شيء من الإعواز، و(مختصر المنذري) أوفَى منه؛ لأن المنذري أمكن في الحديث من الزبيدي، ولمسلم مختصر للنووي، مختصر نفيس، كما أن للبخاري مختصرًا للألباني أبقى فيه على التراجم وجمع أطراف الحديث في موضع واحد، فهو أنفع في تقديري من (مختصر الزبيدي)، و(مختصرُ القرطبي لصحيح مسلم) الذي شرحه مؤلفه بـ(المفهم) أيضًا مختصر نافع وجيد، فالمختصرات فيها شيء من التصرفات لكنها تنفع طالب العلم بأخذ الفائدة من قرب، وإلا فلا يمكن أن يُستغنى بهذه المختصرات عن الأصول لمن يؤهل نفسه لأن يكون عالـمًا يفيد الناس وينفعهم، وإلا إذا نظرنا في المختصر في الأبواب المتأخرة نجد في كتاب الرقاق من (صحيح البخاري) مثلًا أكثر من مائتي حديث، وليس في المختصر إلا سبعة! كيف يستفيد طالب العلم من هذا القدر الذي هو سبعة أحاديث في كتاب من أهم الكتب -وهو كتاب الرقاق- وفيه أكثر من مائتي حديث في الأصل؟! لا نقول: إن المُختصِر حذفها، وإنما اقتصر عليها في مواضع متقدمة، لكن وجودها في هذا الكتاب، وتراجم البخاري على هذه الأحاديث في هذا الكتاب وتنبيهاته عليها التي لا يلتفت إليها المختصِر، لا شك أنه يحرم طالب العلم من فائدة عظمى ويقطع عليه السبيل من تمام الفائدة من هذا الكتاب العظيم الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله -جل وعلا-، وعلى هذا فقس، إذا كان كتاب الرقاق في (صحيح البخاري) أكثر من مائتين، وفي (مختصر الزبيدي) سبعة أو ثمانية، وفي كل حديث يترجم البخاري بكلام من أنفس ما يقال في هذه المناسبات! وكتاب الرقاق ينبغي أن يُعتنى به ويهتم به طلاب العلم وعامة الناس وخاصتهم؛ لأنه هو الذي يقود ويسوق إلى العمل ببقية الأبواب، فالرقاق هي التي ترقق القلوب وتدعوها وتحدوها إلى العمل بما تعلم من الأبواب السابقة، والله أعلم.