طريقة تغسيل الميت

السؤال
مات أحد أفراد القرية، فقمنا بتجريد ملابسه وصببنا عليه الماء حتى عممنا جميع بدنه، ثم لففنا عليه الأكفان، فهل طريقتنا في غسله صحيحة، حيث ذكر لنا أحد الشباب بعد ذلك أنه لا بد من الطريقة التي ذُكرتْ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟
الجواب

كيفية تغسيل الميت جاءت في الصحيح وغيره حينما ماتت ابنة النبي -عليه الصلاة والسلام- زينب، وأيضًا ابنته أم كلثوم –رضي الله عنهما-، ففي الصحيح من حديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسِّل ابنته فقال: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا» -وفي بعض الروايات «أو سبعًا»- «أو أكثر من ذلك» يعني أطلق، وفي بعضها «إن رأيتنَّ ذلك» [البخاري: 1253]، «بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا، فإذا فرغتنَّ فآذنني» فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه، فقال: «أشعرنَها إيَّاه» ، وفي هذا الحديث أنه قال: «ابدؤوا بميامنها، ومواضع الوضوء منها» [البخاري: 1254].

«اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا، أو أكثر من ذلك، إن رأيتنَّ ذلك»: هذه الرؤية في القدر الزائد مردها إلى الحاجة، لا إلى التشهِّي، يعني إن رأيتنَّ الحاجة داعية إلى ذلك، والحاجة مثل أن تكون هناك أجزاء لم تنظف فتحتاج إلى تنظيف، أو خرج من الميت شيء فيُزاد في الغسل، المقصود أنه إذا دعت الحاجة إلى أكثر من ذلك فالإذن حاصل «أو أكثر من ذلك»، وبعض الروايات اقتصرت على السبع، ولذا قال بعض أهل العلم: لا تجوز الزيادة على السبع ولو دعت الحاجة إلى ذلك، لكن الإطلاق في قوله: «أو أكثر من ذلك» يدل على أنها تتبع الحاجة في ذلك، ولذلك قال: «إن رأيتنَّ ذلك»، ومردُّ هذه الرؤية إلى الحاجة لا إلى التشهِّي -كما ذكرنا-.

«واجعلن في الآخرة» يعني في الغسلة الآخرة «كافورًا» وهو نبت طيب الرائحة «أو شيئًا من كافور» [البخاري: 1253]، شك الراوي هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «كافورًا» أو قال: «شيئًا من كافور».

«فإذا فرغتنَّ فآذنني» يعني أعلمنني، تقول: "فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه" والمقصود به الإزار، والحقو في الأصل: معقد الإزار، وأُطلق على الإزار من باب إطلاق المحل وإرادة الحال عند أهل البلاغة، فقال: «أشعرنَها إيَّاه» يعني اجعلنه شعارًا عليها، والشعار ما يلي شعر البدن، بحيث يلي هذا الإزار شعر بدنها، فلا يكون بينه وبين بدنها شيء.

وفي الحديث في كيفية الغسل «ابدؤوا بميامنها، ومواضع الوضوء منها»؛ لأن الميت أولًا يوضَّأ، فتُغسل مواضع الوضوء كالحي، ثم يُغسل بقية البدن، فالبداءة بالميامن في قوله: «ابدؤوا بميامنها» يقتضي أن تغسل اليد اليمنى، ثم الرجل اليمنى، يعني يُبدأ بالشق الأيمن، ثم يُنتقل إلى الجهة اليسرى، وقوله: «ومواضع الوضوء منها» يستلزم أن تُغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى، فالجملتان «ابدؤوا بميامنها، ومواضع الوضوء منها» في ظاهر اللفظ فيهما نوع اختلاف؛ لأن الجملة الأولى «ابدؤوا بميامنها» تقتضي أن تُغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى؛ لأنها من الميامن، والجملة الأخرى «ومواضع الوضوء منها» -والعطف فيها على نية تكرار العامل، كأنه قال: "ابدؤوا بميامنها، وابدؤوا بمواضع الوضوء منها"- تقتضي أن تُغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى كالوضوء، فيكون هناك نوع اختلاف، والعلماء يقولون: إن البداءة بالميامن هو الأصل، وأما البداءة بمواضع الوضوء فيكون في الغسلة التي فيها الوضوء، أما بقية الغسلات فتطَّرد البداءة باليمين بما في ذلك اليد والرجل.