طلب المرأة الطلاقَ إذا كان زوجها لا يُنفِق عليها بخلًا

السؤال
سائلة تقول: هل يجوز لها أن تطلب الطلاق إذا كان الزوج لا يُنفِق وهو ميسور الحال، ولكنه بخيل؟
الجواب

نفقة الزوجة واجبةٌ وفرضٌ على زوجها، وقد قال الله تعالى: {لِيُنفِقْ} [الطلاق: 7] اللام لام الأمر {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7]، وفي حديث جابر –رضي الله عنه- عند مسلم وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف» [مسلم: 1218]، فيجب على الزوج أن ينفق على زوجته، وإذا كان الزوج بخيلًا وحرَم زوجته وأولاده من النفقة أَثِم و«كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع مَن يقوت» [أبو داود: 1692 / ويُنظر: مسلم: 996]، فجاء الوعيد الشديد في حقه -نسأل الله السلامة والعافية-، وهذه الزوجة إذا عجزتْ عن استخراج حقِّها في الظاهر وبَخِل عليها في ذلك فلها أن تأخذ مِن ماله ولو مِن غير علمه ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف، كما جاء في الصحيحين وغيرهما أن هندًا امرأة أبي سفيان –رضي الله عنهما- جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكرتْ له أن أبا سفيان رجلٌ شحيحٌ لا يعطيها وولدها ما يكفيهم، قال: «خذي من ماله ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف» [البخاري: 2211 / ومسلم: 1714]، فلها أن تأخذ من ماله وهو لا يعلم، وإذا تعذَّر الأمر فلها أن ترفع أمره إلى القضاء، ولكن قد يحول دون ذلك أنها لا تريد الفسخ وتريد البقاء معه من أجل أولادها ومن أجل مصلحتها في البقاء، فقد تكون مصلحتها راجحة في البقاء ومصلحة أولادها كذلك فتضيق عليها المسالك، وإلا فلها أن ترفع أمره إلى القضاء فيلزمه بالنفقة أو بالفسخ إذا رفض النفقة.

وعلى كل حال مثل هذا الزوج لا شك أنه آثم، ولن يُبارك له في ماله، ولن ينتفع به؛ لأنه حَرَم مَن أوجب الله نفقتهم عليه، وكفى به إثمًا أن يضيِّعهم، فعلى المسلم أن يتقي الله -جل وعلا- فيمن تحت يده لا يضيِّعهم، ولا يحوجهم إلى غيره، وقد يحوجهم إلى طرق غير مشروعة، بل قد تكون محرَّمة، وقد تَسبَّب مثلُ هذا التصرف في بعض حالات الشذوذ سواء كان من المرأة أو من الأولاد، فعلى المسلم أن يتقي الله -جل وعلا- ويراقبه فيما حمَّله من أمانة، وهذا مع الأسف أنه مع كونه خُلقًا ذميمًا إلا أنه موجود في أوساط المسلمين -وإن كان نادرًا، لكنه موجود-، والسؤال يدل على وجوده، فعلينا جميعًا أن نتقي الله فيمن ولانا الله أمرهم، والإنسان مطلوب منه الإحسان إلى مَن لا تلزمه نفقته، فكيف بمن أوجب الله عليه نفقتهم؟! والله أعلم.