معنى الشفاعة، ومعنى المُقيت، في قوله تعالى: {من يشفع شفاعة حسنة...} الآية

السؤال
في قول الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}، ما المراد بالشفاعة هنا؟ وما معنى {مُقِيتًا}؟
الجواب

الشفاعة تعني ضَم الصوت، مِن الشفع، أي: مِن جعل الواحد اثنين، فهذا الشافع يضم صوته إلى صوت المشفوع له ليتقوَّى به، هذا بالنسبة للمخلوقين.

ومعنى الآية كما قال الحافظ ابن كثير: (مَن سعى في أمرٍ فترتَّب عليه خير كان له نصيبٌ من ذلك، {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ} أي: يكون عليه وزرٌ من ذلك الأمر الذي ترتَّب على سعيه ونيَّته، كما ثبت في الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء».

وقال مجاهد بن جبر -وهو من أئمة التفسير من التابعين-: نزلت هذه الآية في شفاعات الناس بعضهم لبعض. وقال الحسن البصري: قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ} ولم يقُل: من يُشفَّع)، قال: {مَنْ يَشْفَعْ} [النساء: 85] يعني ترتَّب الأجر على مجرد الفعل لا على النتيجة، وهكذا في سائر الأعمال، فمثلًا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يثبت أجره بمجرد الفعل، أي: بمجرد الأمر والنهي، ولا يلزم من ذلك أن يمتثل المأمور أو ينتهي المنهي؛ لأن النتائج بيد الله -جلَّ وعلا-، وهو الموفِّق وهو الآخذ بالقلوب؛ ولذا يأتي النبي وليس معه أحد، أو يأتي ومعه الرجل والرجلان، وبعض الأنبياء امرأته ما استفادت من دعوته؛ لأن الله ما كتب لها الهداية، وهذا مُبيَّن في الكتاب والسُّنَّة.

وأما معنى {مُقِيتًا} فقد قال ابن عباس –رضي الله عنهما-: حفيظًا، وقال مجاهد: شهيدًا، وفي روايةٍ عنه قال: حسيبًا، وقال سعيد بن جُبير: قديرًا، وقال الضحاك: المُقيت: الرزَّاق، كأنه يراه من القوت.

على كل حال الشفاعة مطلوبة، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اشفعوا تؤجروا» [البخاري: 1432]، شريطة ألَّا يترتَّب على هذه الشفاعة ضرر على أحد؛ لأنك بقدر ما تبحث عن المصلحة لمشفوعك تَدرأ المفسدة عن غيره، فإذا ترتَّب على شفاعتك لزيدٍ من الناس ما يضر بغيره فلا تجوز حينئذٍ الشفاعة، فالشفاعة في شيءٍ لا ضرر فيه، ولا بُد من ملاحظة هذا، والله المستعان.