إعطاء الأب لأبنائه أموالًا لبناء بيوتٍ لهم دون البنات

السؤال
رجل تاجر لديه مجموعة من الأولاد ذكورًا وإناثًا، ولديه شركة كبيرة يعمل فيها أولاده الذكور، وبناته منهن المتزوجة ومنهن غير المتزوجة، ويُريد إعطاء الذكور مبلغًا قدره ثلاثة ملايين لكل واحد من أجل بناء بيوتٍ لهم، ولكن دون الإناث، فهل يجوز فعله هذا؟
الجواب

ثبت في الصحيحين عن النعمان بن بشير –رضي الله عنهما- أن أباه وهبه غلامًا، ثم أتى النبي -صلى الله عليه وسلم–؛ ليُشهده على ذلك، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: «أكل ولدك أعطيته هذا؟» قال: لا، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» [البخاري: 2587 / ومسلم: 1623] وفي روايةٍ عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «إني لا أشهد على جور» [البخاري: 2650 / ومسلم: 1623].

وعلى هذا يجب على الأب أن يعدل ويُسوِّي بين أولاده الذكور والإناث، فإذا أراد أن يقسم بينهم شيئًا من المال أن يقسمه على القسمة الشرعية في المواريث: للذكر مثل حظ الأنثيين، وبعض العلماء يقول: يُسوَّى بين الذكر والأنثى؛ لأنه في الحديث جاءت التسوية «اتقوا الله وسوُّوا بين أولادكم» [المعجم الكبير للطبراني: 11997 / ويُنظر: النسائي: 3686]، وجاء في رواية «واعدلوا بين أولادكم» -كما تقدَّم-.

على كل حال قسمة الله –جلَّ وعلا- هي المُرضية للجميع، ويُعطي الذكر مثل حظ الأنثيين. ويبقى أن مَن يعمل معه في تجارته وأراد والده أن يفرض له شيئًا في مقابل عمله كأجرة المثل، فله ذلك، يعني إذا كان الإبن في الأصل متبرِّعًا في العمل مع والده، ثم أراد أبوه أن يُكافئه بأن يُعطيه ما يُقابل عمله بأجرة المثل فلا مانع من ذلك، ولا أحد يُطالب، ولا يكون هذا فيه جورٌ ولا حيف؛ لأنه في مقابل.

وقد يُعطي الأب بعض الأولاد بالوصف لا بالشخص، فيقول: (مَن يطلب العلم أُعطيه في الشهر كذا) من غير تخصيص شخصٍ بعينه، أو غير ذلك من الأوصاف المرعيَّة شرعًا، فالأصل التعديل، فإذا وُجِد من الأوصاف ما يُميِّز البعض كالعمل في التجارة –مثلًا- فلا مانع أن يُعطى العامل دون غيره، لكن بقدر أجرة المثل.

أما بالنسبة لاختلاف حاجات الأولاد واختلاف سنهم: ففي العطايا لا بُد من التسوية، وفي النفقة وما في حكمها حسب الحاجة، فطالب الجامعة ليس مثل طالب الابتدائي، والكبير ليس مثل الصغير، هذا له حاجات، وهذا له حاجات، والذكر ليست حاجاته مثل حاجات الأنثى، فكلٌّ يُعطى ما يخصه حسب الحاجة، والله أعلم.