مدى انتشار المحرمية بين الرجل وبنت خالته التي رضع من أمها رضعات غير معلومات

السؤال
رضعتُ من خالتي مع ابن خالتي، ولا نعلم عدد الرضعات، فهل يصبح أخي؟ وهل يحرم علي الزواج بأخته؟
الجواب

لا بد أن يكون الرضاع الذي يحصل به التحريم خمس رضعات معلومات أو أكثر، ويكون في الحولين، وما دام السائل لا يعلم عدد الرضعات، ولا يمكن أن يعلمه أحد ممن حوله ممن أرضعتْه –مثلًا-، ويجزمون بذلك، ويرفعون هذا الاحتمال الذي عنده، ويكون بالعدد المطلوب شرعًا، فإن مثل هذا لا يُحرِّم، فإذا شكَّ في العدد فإنه حينئذٍ لا يُحرِّم تحريمًا جازمًا، بل يورث شبهة، وحينئذٍ الواجب الاحتياط في هذا النوع من الرضاع، وهو عدم اعتباره رضاعًا محرِّمًا؛ لاحتمال عدم اكتمال شروطه الشرعية، فتعتبر المذكورات في السؤال من أخت هذا أو أخت ذاك أجنبيات، ولاحتمال اكتمال شروطه يُجتنب الزواج بينهما؛ لأن مثل هذا الرضاع المشكوك فيه مورث للشبهة، والشبهةُ حينئذٍ الاحتياط فيها ألَّا تنتشر المحرميَّة، ولا يحصل التزاوج، فلا ينشر المحرميَّة؛ لعدم اكتمال شروطه بيقين، ولا يحصل الزواج والتزاوج؛ لاحتمال أن تكون شروطه قد اكتملتْ. ومثل هذا ما جاء عن عَبْدِ بن زَمْعَة –رضي الله عنه- أنه تَداعى في غلامٍ حكم النبي -عليه الصلاة والسلام- به لعبد بن زمعة وأنه أخ له؛ لأنه وُلِد على فراش أبيه، وشَبَهُه بالطرف الثاني وهو عُتْبَة، فقال: «هو لك -يعني أخ- يا عَبْدُ بن زَمْعَة»؛ للحكم الشرعي الظاهر؛ لأن الولد للفراش، «واحتجبي منه يا سودة» [البخاري: 2053]؛ لما فيه من الشبه البيِّن بعُتبة، فهو من حيث الحكم الظاهر ابنٌ لزمعة، وعلى هذا يكون أخًا لعبد بن زمعة ولسودة بنت زمعة –رضي الله عنهما-، لكن لما وُجد من الشبه البيِّن بعُتبة قال: «احتجبي منه يا سودة»؛ لأن هذا الشبه يورث شبهة، وإذا وُجدت الشبهة فإنه حينئذٍ يُحتاط في الأمر من الجهتين.

وضابط الرضعة أن يُمسك الطفل الثدي ويمص منه اللبن الذي يصل إلى جوفه، ثم يتركه، هذه رضعة، ولو أطال في الرضعة تُعتبر واحدة فقط، فإن عاد وارتضع مثلها فرضعة ثانية، وهكذا، سواء كان ذلك في مجلس واحد أو مجالس، والله أعلم.