كيفية قضاء المرأة للصيام إذا أفطرت بسبب الحمل والإرضاع

السؤال
إحدى أخواتي عليها قضاء ثمانية أيامٍ من رمضان، وجاء رمضان الآخر وهي حامل، فصامت أول يومٍ من رمضان، لكنها لم تستطع إكمال الصيام؛ لأنها حامل، وفي اليوم الثامن من رمضان جاءها مولود، فكيف تقضي الثمانية الأيام من رمضان السابق؟ وكيف تقضي رمضان الأخير الذي صامت منه أول يومٍ فقط، وولدتْ في اليوم الثامن منه، علمًا بأنها تُرضع مولودها من ثديها، ومولودها لا يقبل الحليب الاصطناعي، وإذا صامت انقطع الحليب، وتخاف على نفسها مع خوفها على مولودها؟ وهل عليها صيام أو صيامٌ وكفارة؟ وإذا كان عليها كفارةٌ فكم مقدار هذه الكفارة؟ وإذا صعب علينا إخراج الكفارة للمستحقين فهل نُخرجها إلى جمعية وهي تتولَّى أمر صرف الكفارة؟ أرجو الإفادة بكل ما ذُكِر وجُزيتم خيرًا.
الجواب

في (صحيح البخاري) يقول –رحمه الله-: (وقال الحسن –يعني: البصري- وإبراهيم –يعني: النخعي- في المُرضع أو الحامل إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما: تُفطران ثم تقضيان) [6/25].

وفي (سنن أبي داود) عن ابن عباسٍ –رضي الله عنهما- في قوله –جلَّ وعلا-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قال: "كانت رخصةً للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يُطيقان الصيام أن يُفطرا ويُطعما مكان كل يومٍ مسكينًا، والحُبلى والمرضع إذا خافتا"، قال أبو داود: يعني: على أولادهما أفطرتا وأطعمتا [2318].

فالمرضع إذا خافت على نفسها إن أرضعتْ ولدَها في رمضان أو خافت على ولدها إن صامت ولم تُرضعه أفطرتْ، وعليها حينئذٍ القضاء فقط، وبعض العلماء يُفرِّق بين خوفها على نفسها فعليها القضاء حينئذٍ فقط، وبين خوفها على ولدها فتُفطر وتُطعم عن كل يومٍ مسكينًا، ولكن المُرجَّح أنها إذا أفطرتْ سواء خافت على نفسها أو على ولدها أن عليها القضاء فقط، ولا كفارة؛ لأن الله -جلَّ وعلا- يقول: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] ولم يذكر كفارة.

على كل حال هذه (أفطرتْ ثمانية أيام من رمضان، ثم جاء بعده رمضان آخر وهي لم تصم الثمانية الأول، فصامت أول يوم من رمضان ولم تستطع إكمال الصيام؛ لأنها حامل، وفي اليوم الثامن من رمضان جاءها مولود، فكيف تقضي الثمانية الأيام من رمضان السابق؟) تقضيها إذا استطاعت بأن خرجتْ من نِفاسها واستطاعت الصيام، فتقضي الثمانية مع ما أفطرته من رمضان الثاني، وكثيرٌ من أهل العلم يُلزمها بالكفارة مع القضاء بالنسبة لرمضان الذي جاء رمضان الثاني وهي لم تقضه، وأما رمضان الثاني فالقضاء بدون كفارة بلا شك. والأصل أن اللازم هو القضاء، وأما إلزامها بالكفارة فالله –جلَّ وعلا- يقول: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ولم يذكر كفارة، ولكن كثيرٌ من أهل العلم يُلزمها بالكفارة؛ لأنها فرَّطتْ وجاءها رمضان آخر ولم تقضه، وهذه لم تُفرِّط -حسب ما ذُكِر في السؤال-.

وأما إخراج الكفارة، تقول: (وإذا كان عليها كفارة فكم مقدار الكفارة؟) الكفارة كيلو ونصف من الطعام عن كل يوم، إذا أرادت أن تُكفِّر على رأي كثير من أهل العلم الذين يُلزمونها بالكفارة مع القضاء، وإلا فالأصل ألَّا كفارة عليها.

تقول: (وإذا صعب عليها إخراج الكفارة للمستحقين فهل تُخرجها إلى جمعية وهي تتولَّى أمر صرف الكفارة؟) هذه الجمعية إذا كانوا ثقاتًا تبرأ الذمة بتوكيلهم فلتُعطِهم المبلغ المطلوب ويشترون الكفارة، أو تشتري هي بنفسها الطعام وتدفعها إلى الجمعية، والجمعية تتولَّى صرفها لمستحقيها؛ لأنهم أعرف بذلك، وكثيرٌ من عامة الناس لا يعرف الفقراء الذين حوله ولا المساكين، وحينئذٍ يدفعها إلى مَن يُخرجها عنه بالوكالة، والله أعلم.