عدم إنكار الزوجة على زوجها تأخيره الصلاة عن وقتها

السؤال
زوجي مهمل للصلاة، فهل آثم عندما أتركه ولا أُنبِّهه؟ فهو أحيانًا يدخل وقت الصلاة وبعدها يذهب للنوم مع علمه أنه دخل وقت الصلاة، ولا يصلي إلا في وقت متأخِّر، وأحيانًا يؤخِّر الصلاة عمدًا حتى يُنهي إفطاره أو استحمامه، وأنا أسكتُ بحكم أنه رجل عاقل وفاهم، وهو يعلم أنه أخطأ، فهل آثم أنا على سكوتي؟
الجواب

هذا الرجل الذي يترك الصلاة حتى يخرج وقتها على خطر عظيم؛ لأن من أهل العلم من يرى أنه إذا تعمَّد تأخير الصلاة عن وقتها حتى يخرج فإنه لا يصلي، فإن صلاته بعد خروج الوقت عمدًا كصلاته قبل دخول الوقت، وهذا قول معروف عند أهل العلم، ولكن عامة أهل العلم على أنه يقضي ولو تعمَّد التأخير إلى أن يخرج وقتها، فالذي يؤخِّر الصلاة حتى يخرج وقتها من غير عذر عليه أن يتقي الله -جل علا- وإثمه عظيم بذلك.

والزوجة التي ترى زوجها على هذه الحال يجب عليها -وهذا من إنكار المنكر- أن تنبِّهه وأن تقول له: اتق الله يا فلان، فعلك هذا محرَّم، فعلى كل حال هي آثمة إن سكتتْ؛ لأنها تركتْ ما أُمرتْ به: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [مسلم: 49]، فالتي ترى من زوجها هذا التقصير عليها أن تنبِّهه، وأن تنصحه بالحكمة والموعظة الحسنة، وهي تذكر أن زوجها عاقل وفاهم، فعليها أن تقول له ولا تخشَ على نفسها من أنه إذا أنكرتْ عليه ضربها وحصل لها ما تتأذى به، ما دام عاقلًا وفاهمًا فلا يجوز لها أن تسكت، نعم إذا خشيتْ منه أن يضربها، أو أن يوصل الضرر إليها فإنها تنصحه في الأوقات المناسبة إذا هدأ، وإذا استمر على ذلك وهو يُخرج الصلاة عن وقتها فإنها إذا كانت امرأة ديِّنة ملتزمة بأحكام الله فإن مثل هذا لا يناسبها؛ لأنه ارتكب إثمًا عظيمًا، ويُخشى من أن يسري هذا التساهل إلى أولادها، ويُخشى أن يؤثِّر عليها في يوم من الأيام، فمثل هذا بقاؤها معه لا يُنصح به إذا كان يؤخِّر الصلاة عمدًا حتى يخرج وقتها. فالحكم أن الواجب عليها أن تنصحه، وتمحض له النصيحة، وهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من رأى منكم منكرًا»، وهذا منكر ومنكر عظيم؛ لأن من أهل العلم من لا يُصحِّح الصلاة، فيُبطل الصلاة إذا خرج وقتها عمدًا كما لو صلى قبل دخول الوقت، فمثل هذا لا يُسكت عليه، فعليها أن تخاطبه وتنصحه بما تحصل وتتحقَّق به المصلحة، ولا تترتَّب عليه مفسدة، بأن يوصل الضرر والأذى إليها، وإن استمر على ذلك فالبقاء معه لا يُنصح به.

وأما مسألة غلبة النوم أو مَن نومه ثقيلٌ جبلَّةً فمثل هذا يجب عليه أن يبذل الأسباب ليصلي الصلاة في وقتها، وعليه أيضًا أن ينفي الموانع كالسهر والأكل الكثير مع السهر فإنه إذا نام يغلب على الظن أنه لا يستيقظ، لكن إذا بذل الأسباب، وانتفت الموانع، وكان نومه جبلَّةً ثقيلًا فإنه حينئذٍ رُفع عنه القلم، مع بذل الأسباب، والحرص على ذلك، ورَصْدِ من يوقظه للصلاة، ووضع منبِّه، فإذا بذل هذه الأسباب كلها فإنه رُفع عنه القلم، ولا شيء عليه، بحيث لا يكون ذلك عادة ولا ديدنًا، وحصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أصحابه أنهم ناموا فما أيقظهم إلَّا حر الشمس؛ لأنهم في سفر، وتعبوا من جراء السفر، فنام الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه فما استيقظوا إلا بحر الشمس [البخاري: 344]، لكن مثل هذا ليس بعذر للذين ديدنهم تأخير الصلاة، فلو حصل مرة أو مرتين -على الخلاف في القصة هل هي حادثة أو حادثتان-، فعلى ذلك لا يكون ديدن المسلم على مثل هذا، ويتذرَّع ويعتذر بمثل هذه الحوادث النادرة التي حصلتْ منه -عليه الصلاة والسلام- للتشريع، ولئلا يدب اليأس والقلق الشديد إلى أهل التحرِّي إذا فاتتهم مرة في السنة؛ لأن صاحب التحرِّي يتحسَّر قلبه إذا فاتته الصلاة، فإذا عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو المؤيَّد بالوحي والذي تنام عيناه ولا ينام قلبه حصل منه هذا سُرِّي عنه، ولكن ليس بحجة للبطالين المؤخرين للصلاة عن أوقاتها.

ومن الأسباب: الحفاظ على أذكار ما قبل النوم، فلها أثر في نشاط الإنسان، فالطاعة تعين على الطاعة، فالحسنة تقول: أختي أختي، والسيئة كذلك، والله أعلم.