قول الداعي: (يا رحمة الله أدركيني)، (يا رأفة الله اغمريني)

السؤال
ما حكم قول الداعي: (يا رحمة الله أدركيني)، (يا رأفة الله اغمريني)، وهكذا من الأدعية التي تُدعى بها الصفة، وليس الله -عزَّ وجلَّ-؟
الجواب

جاء في كتاب (الاستغاثة) الذي هو الرد على البكري لشيخ الإسلام ابن تيمية: (إن مسألة الله بأسمائه وصفاته وكلماته جائزٌ مشروع كما جاءت به الأحاديث، وأما دعاء صفاته وكلماته فكفرٌ باتفاق المسلمين، فهل يقول مسلمٌ: "يا كلام الله اغفر لي" أو "ارحمني" أو "أغثني" أو "أعني" أو "يا علم الله" أو "يا قدرة الله" أو "يا عزة الله" أو "يا عظمة الله"، ونحو ذلك؟ أو سُمِع من مسلمٍ أو كافر أنه دعا ذلك من صفات الله وصفات غيره؟ أو يطلب من الصفة جلب منفعةٍ أو دفع مضرةٍ أو إعانةً أو نصرًا أو إغاثةً أو غير ذلك؟).

الخلاصة: أن دعاء الصفة أمرٌ منكر ومحرَّم، وأطلق عليه شيخ الإسلام الكفر باتفاق المسلمين، فالواجب أن يدعو الله –سبحانه وتعالى- بأسمائه الحسنى؛ لأن الله –جلَّ وعلا- يقول: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} الآية [الأعراف:180]، فالمدعو هو الله –جلَّ وعلا-، والمتوسَّل به هو الأسماء الحسنى، فيقول: (يا الله)، (يا رحمن)، (يا رحيم)، ونحو ذلك.

ويُستحب أيضًا التوسل بصفات الله فيقول: (اللهم إني أسألك بأنك عظيم) أو (بقدرتك العظيمة) أو (بحلمك) ونحو ذلك، فهذا لا مانع منه؛ لأن السؤال هنا سؤال الله -عزَّ وجلَّ- والتوسُّل بالصفة، ونحو «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» [الترمذي: 3524]، فهو دعاء لله -عزَّ وجلَّ- وتوسُّل برحمته، بخلاف دعاء الصفة نفسها، فالدعاء عبادة إنما هي لله -جلَّ وعلا-.

والصفة هي وصفٌ لله –جلَّ وعلا- وليست هي الله –جلَّ وعلا-، فهي غيره بلا شك، وفصَّل بعض المشايخ في المسألة، فقال: (إن كان مراد الداعي بقوله: "يا رحمة الله" الاستغاثة برحمة الله تعالى، يعني: أنه لا يدعو نفس الرحمة، ولكن يدعو الله –سبحانه وتعالى- أن يعمه برحمته، كان هذا جائزًا)، ولكنه مع ذلك مُوهِم، فإذا كان الأمر يَحتمل أمرين: مُباحًا ومُحرَّمًا، فيُجتنب مثل هذا، فلو سألتَ القائل: (هل أنت تريد أن الرحمة نفسها ترحمك؟)، لا شك أن المسلم مهما بلغ به الجهل لن يصل إلى هذا الحد، لكن مراده في الغالب أن الله –جلَّ وعلا- يرحمه برحمته؛ لأنه إذا كان مراده دعاء الرحمة نفسها، فهذا هو مراد شيخ الإسلام، وهو الذي أطلق عليه الكفر، والله أعلم.