مسائل في زكاة الأموال

السؤال
لدي مال وبلغ النصاب من السنة الماضية، والحمد لله زكيتُه في حينها، مع العلم أنه مدَّخر، ولم أُدخله في مشروع، ولم يزد من حينها، فهو نفس المبلغ من السنة الماضية، فهل على هذا المال زكاة أيضًا؟
وما الحكم في تأخير الزكاة أو تعجيلها؟
وهل للمزكِّي أن يشتري لأهل البيت الفقراء إذا كانوا لا يحسنون الاستفادة من المال، فيشتري لهم من هذه الزكاة المأكل والمشرب والملبس؟
والشاب الفقير الذي يريد أن يتزوج هل يُعطى من الزكاة؟
الجواب

المال المدَّخر كنز، فتجب فيه الزكاة ولو لم يُعد للنماء، وجاء في (الترمذي) وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس فقال: «ألا مَن ولي يتيمًا له مال فليتَّجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة» [الترمذي: 641]، فإذا كان هذا في أموال الأيتام غير المكلَّفين ففي أموال المكلَّفين من باب أولى، مع أن عامة أهل العلم على أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون، وهذا الحديث من أدلتها. قال الترمذي -رحمه الله-: (يروى هذا الحديث وفي إسناده مقال؛ لأن المثنى بن الصباح يُضعَّف في الحديث). وفي (موطأ مالك) قال: حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "اتَّجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة" [1/ 251]. المقصود أن المال الذي يُدَّخر ولو لم يُتَّجر فيه ولم يُعد للنماء: كنزٌ تجب فيه الزكاة، فجواب الأخ يقول: (فهل على هذا المال زكاة أيضًا؟) فيه الزكاة، فإذا عرفنا أن أموال اليتامى وأموال المجانين وأموال الصبيان تجب فيها الزكاة وهي بصدد ألَّا تُعد للنماء إلا من قِبل الولي، فأموال المكلَّفين من باب أولى، والله أعلم.

(وما الحكم في تأخير الزكاة أو تعجيلها؟)، أما بالنسبة للتعجيل فجائز، وجاء في حديث متفق عليه في قصة العباس -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «هي عليَّ ومثلها» [البخاري: 1468 / ومسلم: 983]، فدلَّ على أنه عجَّل زكاة السنة القادمة، فيستدلون به على جواز التعجيل. وأما بالنسبة للتأخير فيتسامحون في المدة اليسيرة في اليومين والثلاثة، وأما ما عدا ذلك فلا يجوز؛ لأنها حقوق للفقراء والمساكين، وهم بأمسِّ الحاجة إليها، فلا يجوز تأخيرها عن وقتها. وإذا رأى المزكِّي -وقد حلَّت في وقتها- أن المصلحة بالنسبة لهذا الفقير ألَّا يُعطاها دفعةً؛ لأن المعروف من حال كثير من الفقراء أنهم غالبًا لا يُحسنون التصرف في الأموال، فإذا أُعطوا مالًا يزيد عن حاجتهم القريبة الآنية فإنهم قد يصرفونه في غير مصارفه، فإذا رأى المزكِّي أنه يقسِّطها على الفقير، وهذا يلزم منه التأخير، والأصل أن الزكاة تمليك، فيملِّكها الفقير، وإذا ملَّكها إيَّاه برِئَتْ ذمته، ولكن إذا لاحظ هذه المصلحة تفاهم معه على أن يوكِّل أحدًا يقبضها عنه ويقسِّطها عليه، لكن بالنسبة للغني لا بد أن يدفعها فورًا حال وجوبها، وهذه مسألة تُشكل على كثير من الناس، يقول: (عندي زكاة قدرها عشرون ألفًا، وأعرف أن هذا البيت من الفقراء يستحقُّونها خلال العام، وأنا مطالب بها أن أدفعها فورًا، فإن أعطيتُهم إيَّاها فإنها خلال أيام أو شهر أو شهرين تنتهي؛ لأنهم لا يحسنون التصرف، فما العمل؟)، نقول: الفقير يوكِّل مَن يقبضها له من الغني، ويقسِّطها عليه حسب الحاجة خلال السنة، والله أعلم.

(هل للمزكِّي أن يشتري لأهل البيت الفقراء إذا كانوا لا يحسنون الاستفادة من المال، فيشتري لهم من هذه الزكاة المأكل والمشرب والملبس؟)، الأصل أن الزكاة من نفس المال ومن جنسه، لكن بعض العلماء رأوا أنه إذا كانت المصلحة في شراء الطعام وما يحتاجه الفقير من كسوة فإنه إذا كان أنفع لهم فلا مانع من ذلك -إن شاء الله تعالى-.

(الشاب الفقير الذي يريد أن يتزوج هل يُعطى من الزكاة؟)، الزواج حاجة أصلية، فيأخذ من الزكاة، والله أعلم.