إقامة صلاة الاستسقاء إذا نزل المطر بعد الإعلان عنها وقبل أدائها

السؤال
ما الحكم إذا أُعلِن عن موعد صلاة الاستسقاء، ثم نزل المطر غزيرًا قبل الذهاب إلى الصلاة، إما في الليل أو في الفجر، هل تُقام الصلاة، سواء كان ذلك في الحرم المكي، أم في غيره؟
الجواب

الاستسقاء: طلب السُّقيا من الله –جلَّ وعلا- بنزول المطر، فإذا تأخَّر المطر وحصل الجدب وقَحَط الناس شُرِعت صلاة الاستسقاء، والنبي –عليه الصلاة والسلام- خرج في يومٍ مُتبذِّلًا مُتَواضعًا مُتضرِّعًا، فصلى بالناس ودعا للسُّقيا [أبو داود: 1165]، وهذا الدعاء والصلاة للاستسقاء سببه تأخُّر المطر والقحط والجدب، فإذا انتفى هذا السبب قبل حصول المسبَّب فكثيرٌ من أهل العلم -بل أكثرهم- يرون أنهم لا يستسقون؛ لأنه ارتفع السبب، ومن أهل العلم من قال: إنهم يستسقون من باب الشكر لله –جلَّ وعلا-، وبدلًا من أن يُطلَب نزول المطر يُحَث الناس على التوبة والشكر لله –جلَّ وعلا- على هذه النعمة.

يبقى أنه إذا سُقي بعض البلاد دون بعض، فهل يَخرج للاستسقاء من سُقي؟ بمعنى: البلدان التي سُقيتْ هل يخرج أهلُها ليستسقوا لغيرهم، أو يكتفوا بأنه نزل المطر، وكلُّ بلدٍ يستسقي لنفسه؟ على كل حال المسألة معروفة عند أهل العلم، يقول صاحب (المغني): (فصلٌ: وإن تأهَّبوا للخروج فسُقوا قبل خروجهم، لم يخرجوا، وشكروا الله على نعمته، وسألوه المزيد من فضله، وإن خرجوا فسُقوا قبل أن يُصلُّوا، صلَّوا شكرًا لله تعالى وحمدوه ودعوه)، وقال بعضهم: وإذا نزل المطر في مناطق دون أخرى، فيكون استسقاء من سُقوا بالنسبة لإخوانهم الذين لم يُصبهم المطر.

وعلى كل حال الصلاة مربوطة بسبب وهو: القحط وتأخُّر نزول المطر، وشدة الحاجة إلى الغيث، فتُشرع عند وجود سببها، وإذا ارتفع السبب ارتفع المسبَّب تبعًا له، وإن خرجوا واستسقوا بنية طلب السُّقيا لغيرهم من البلدان فقد قال به بعضهم، والله أعلم.