دلالة أفعال النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحج

السؤال
هل الأصل في أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحج أنها على الوجوب إلا ما دل الدليل على خلافه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «خذوا عني مناسككم»؟
الجواب

النبي -عليه الصلاة والسلام- حج حجة كاملة تامة على مراد الله -جل وعلا-، وقال: «لتأخذوا مناسككم» [مسلم: 1297]، وهذا يُخاطَب به مَن يأتي بالحجَّة الشرعية الكاملة على ضوء ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن مِن أفعاله -عليه الصلاة والسلام- ما دل الدليل على أنه ركن يبطل الحج بدونه، ومن أفعاله -عليه الصلاة والسلام- ما دل الدليل على أنه واجب يأثم الحاج بتركه، وحجُّه صحيح، وقد يجبره عند جمع من أهل العلم، ومن أفعال الحج ما دلَّ الدليل على أنه سنة مستحبة. فالوقوف بعرفة ركن من أركان الحج، والمبيت بمنى واجب من واجبات الحج، لماذا لا نقول: إن المبيت بمنى ركن مثل الوقوف بعرفة؟ ولماذا لا نقول: سنة؟

نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «الحج عرفة» [أبو داود: 1949 / والترمذي: 889]، وقال في حديث عُروة بن المُضرِّس -رضي الله عنه-: «مَن صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا، ثم أقام معنا، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلًا أو نهارًا، فقد تم حجه» [أبو داود: 1950 / والنسائي: 3039]، وهذا دليل على أن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج بدونه. فماذا عن المبيت بمنى؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- بات بمنى، ورخَّص للرُّعاة والسُّقاة في ترك المبيت [البخاري: 1634 / وأبو داود: 1975]، والركن لا يُمكن أن يُرخَّص فيه، فهل جاء ترخيص في ترك الوقوف بعرفة للرُّعاة أو للسُّقاة أو لغيرهم؟ ما جاء ترخيص، ولماذا لا نقول: إن المبيت بمنى سنة؟ نقول: السنة لا تحتاج إلى ترخيص، وعلى هذا فقِس.