الوسائل المعينة على حفظ وقت طالب العلم

السؤال
ما أهم الوسائل المعينة على حفظ وقت طالب العلم؟
الجواب

الوقت هو الزمان الذي يعيشه الإنسان، وهو حقيقة حياته وحقيقة عمره، والزمان المحفوظ المفاد منه الذي لم يُضيِّعه هو العمر الحقيقي، وأما الساعات والليالي التي تمضي بدون فائدة -ولو طالت- لا تُفيد شيئًا، فقد يعيش الإنسان مائة سنة، ثم ماذا؟ ما أثره في الناس؟ وما الذي حصَّله لنفسه في آخرته؟ تجد شيئًا قليلًا جدًّا، بخلاف من عاش ثلاثين سنة، وأربعين سنة، وقد حفظها وعمل فيها الأعمال الصالحة.

عُمرُ الفتى ذكرُهُ لا طولُ مُدَّتِهِ 
 

 

وَمَوْتُهُ خِزْيُهُ لا يَوْمُهُ الدَّاني
 

 

وإذا نظرنا في كبار الأئمة، وعلى رأسهم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لوجدنا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عاش ثلاثًا وستين سنة، منها أربعون سنة قبل الرسالة، وثلاث وعشرون سنة بعد الرسالة، وفي هذه الثلاث والعشرين ملأ الدنيا علمًا وأتباعًا. وأبو بكر كذلك، وعمر كذلك، وعلي كذلك، -رضي الله عنهم جميعًا-. لكن من الناس من عاش مائة سنة، ثم ماذا؟ في النهاية {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ. ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ. مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: 205 - 207]، فالعبرة بالنفع والانتفاع، وكون الإنسان ينتفع بنفسه، ولا يُضيِّع شيئًا من وقته إلا بفائدة.

ورأينا من الناس مَن يجلس بعد صلاة العصر في الحرم -مثلًا-، وقد ذهب ليُجاور في العشر الأواخر، فيتكئ على عمود ويقرأ عشرة أجزاء، وبعضهم يُمسك المصحف، ثم يلتفت يمينًا وشمالًا علَّه أن يجد أحدًا يتحدَّث معه، فإن رأى أحدًا وإلا قام هو يبحث عن الناس! وفي النهاية تجده مع أذان المغرب ما قرأ ولا نصف جزء، فكم كسب هذا؟ وكم كسب ذاك؟ وعشرة الأجزاء فيها مليون حسنة، ويبقى أمورٌ أخرى من تدبُّرٍ، وترتيل، وأمور تحتفُّ بالقراءة، لكن أجر الحروف حاصل -بإذن الله- مع الإخلاص، فهذا الذي حفظ وقته، والختمة فيها ثلاثة ملايين حسنة، لكن الذي قرأ جزءًا ففيه مائة ألف، وربع الجزء فيه خمسة وعشرون ألفًا، أي: بمقدار زكاة مَن قرأ عشرة أجزاء، وخمسة وعشرون ألفًا خير كثير، لكن مع ذلك أيهما أفضل: هذا المكسب، أو مكسب مَن بلغتْ حسناته مليون حسنة؟ هذا مثال لحفظ الوقت وتضييع الوقت، فضلًا عن الذي يقضي وقته بلا شيء، أو يقضي وقته بما حرَّم الله عليه.