كثرة الأكل

السؤال
أشتكي من كثرة الأكل، وكما تعلمون أن كثرة الأكل مذمومة، وحاولتُ كثيرًا التقليل منه ولمُدَّة طويلة، ولكن ما استطعتُ، وإن فعلتُ؛ فكنتُ أُقلِّل لفترة وجيزة لا تتجاوز الأسبوعين، ثم أعود إلى ما كنتُ عليه، فما نصيحتكم؟
الجواب

الإشكال أن كثرة المأكولات التي وُجدتْ في عصرنا، ولم تكن موجودة قبلنا، والتفنُّن في إعداد الأطعمة؛ يجعل الإنسان يُسرف في الأكل، والمشكلة أن هذه الشكوى كثيرة، فأُناس عاشوا مُددًا متطاولة على نمط من الأكل، ثم انفتحت الدنيا، وتنوَّعت المأكولات، وتفنَّن الناس، ثم صاروا يأكلون ما لا يأكلونه قبل. ولا شك أن كثرة الأكل مذمومة، وتعوق عن تحصيل مصالح عظيمة، كما يقول أهل العلم: (البِطنة تُذهِب الفِطنة)، ولهذا أثر على الحفظ، وأثر على العبادة، وأثر على اجتماع القلب. وكثرة الأكل من الصوارف والصوادِّ التي تصدُّ الإنسان عن الإقبال على الله -جلَّ وعلا-، ومن أسباب غفلة القلب.

وذكر ابن القيم -رحمه الله- في (مدارج السالكين) أن كثرة الأكل، وكثرة النوم، وكثرة الخلطة، وكثرة الكلام، وكثرة الاستماع إلى ما لا ينفع؛ كلُّ هذه تأثيرها على القلب كأنها فُرَج أو فتحات يتنسَّم منها القلب المُجتمِع، فتصوَّر أنك وضعتَ طيبًا في مكان مغلق محكم الإغلاق؛ سيحتفظ به مُدَّة طويلة، لكن لو كثُرتْ هذه الفتحات في هذا المكان، فهل سيستمر هذا الطيب؟ فهذه الأمور كأن القلب يتنفَّس من خلالها في تضييع ما جُمع، فعلى الإنسان أن يُقلِّل منها.