ضابط المعصية التي يكون بها الإلحاد في الحرم

السؤال
ما ضابط المعصية للإلحاد في الحرم؟
الجواب

المُخالَفة؛ لأن كلمة (إلحاد) نكرة في سياق الشرط، فهي عامَّة للكبيرة والصغيرة، فالذنوب مُعظَّمة في البلد الحرام، ولذلك جاءت الجملة الشرطيَّة متعقِّبة لاستواء الناس فيه: {سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ} [الحـج: 25] يعني: مَن رأى أن له مزيَّة على غيره في هذا البلد الحرام؛ فهذا نوع من الإلحاد، فإذا كان مقيمًا معتكِفًا في المسجد، ورأى باديًا يريد أن يُصلِّي فرضًا ويمشي، فقال له: (قم، هذا مكاني)؛ فهذا إلحاد -نسأل الله العافية-، والذين يُضايقون الناس بالحجز، ويوكِّلون بعضَ السفهاء الذين همُّهم الأُجرة يحجزون عنهم، ويُضاربون الناس؛ فهذا -أيضًا- فيه إلحاد.

والإلحاد هو مجرَّد المَيْل، ولا يعني أنه خرج من الدِّين بالكليَّة، كما هو العُرْف في كلمة (مُلحِد)، وإنما المقصود به الخروج عن الجادَّة، وعن الصراط المستقيم، سواء كَبُر أو صَغُر.

ويوجد مَن يُحسن ويُفطِّر الناسَ في رمضان، وتجد المائدة من أول الصفِّ إلى آخره -عشرات الأمتار-، وقد يكون له أكثر من مائدة، بحيث يُفطِر عنده ألف شخص، وهو لا يَحضر هذه المائدة، وإنما يوكِّل مَن يؤذي الناس، وهذا موجود، ورأينا المنازعات والمشاغبات، بل المضاربة، فتجد إنسانًا مُتعَبًا جائيًا من بعيد، ونائمًا، فيقول له: (قم)، قبل الأذان بساعة، أو ساعة ونصف، أو بعد صلاة العصر مباشرة، وباقٍ على أذان المغرب ثلاث ساعات! ثم بعد ذلك كلمة، كلمتان، ثم مضاربة! فعلى الإنسان إذا أراد أن يُنيب أحدًا أن يُنيب مَن يُمثِّله، وإذا كان الإنسان يرجو ما عند الله -جلَّ وعلا- فلا يكون سببًا في أذيَّة الناس، كما تقدَّم في فقه تطبيق السُّنن، يعني: عليه أن يجلب المصالح بما لا يُحقِّق أدنى مفسدة، أما إذا وُجدت المفاسد؛ فدرء المفاسد -كما يقول أهل العلم- مُقدَّم على جلب المصالح.