مسند الإمام أحمد

تصنيف الكتاب
كشاف الكتاب

أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني أحد الأئمة.
مسند الإمام أحمد من دواوين السنة الجامعة وهو مقدم عند جمع من أهل العلم، ومعتنى به من الحنابلة وغيرهم، فالحافظ ابن كثير مثلاً يستظهر المسند، وهو شافعي، فشرط الإمام أحمد في مسنده لا يقل عن شرط أبي داود، كما قال شيخ الإسلام بن تيمية، مع أن شرط أبي داود أقوى من شرط بقية السنن، فعند الاختلاف بين حديث يرويه الإمام أحمد وحديث يرويه أبو داود - من حيث النظر إلى الكتب - فالترجيح بينهما يحتاج إلى دقة نظر، بل أنظار من جهات متعددة.
ترتيب المسند على المسانيد عاق الإفادة منه عند كثير من طلاب العلم، ومع ذلك يمكن للطالب أن يحصل على الحديث في مسند أحمد من طريق المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، ومن طريق أطراف المسند للحافظ ابن حجر، وغيرها من كتب الأطراف.
 وقد رُتب المسند على الأبواب وترجمت أحاديثه، حيث رتب من قبل جمع ممن تقدم كابن عروة المشرقي، وهذا ترتيب للمسند على أبواب البخاري، وهو في غاية النفاسة والأهمية لطالب العلم، وكذلك رتبه الساعاتي في الفتح الرباني، وقد شرح الساعاتي ترتيبه بحاشية في أولها تستطيع أن تسميها شرحاً؛ بخلاف منتصفها الثاني، واسمها: (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني)، وكم حصل من الخلل في المسند لما رتبه الساعاتي وحذف التكرار وحذف الأسانيد! حيث صارت فائدته ضعيفة جداً، لكن لو أبقاه كما هو ورتبه كما فعل ابن عروة في الكواكب الدراري لنفع الله به نفعاً عظيماً؛ لأنك تحتاج إلى شاهد لهذا الحديث حذفه، وتحتاج إلى متابع لهذا الراوي حذفه، فكيف تصل إلى حقيقة الأمر؟! طالب العلم الشرعي لا بد له من الأسانيد، ولا بد له من التكرار، أيضاً الشيخ عبد الله القرعاوي له ترتيب للمسند اسمه (المحصل) كتاب جيد، يفيد منه طالب العلم.
فأقول: ترتيب المسند على هذه الطريقة جعلت كثيراً من طلاب العلم لا يعنون به، مع أنه ينبغي أن يكون محط عنايةٍ؛ لإمامة مؤلفه ولجمعه، حيث يجمع من الأحاديث ما يقرب من ثلاثين ألفاً، وإن قال المترجمون: إنه فيه أربعون ألفاً؛ لكن واقعه لا يصل إلى الثلاثين. وهم – رحمهم الله - لا يعنون بالعدد، كما يعتني به المتأخرون؛ لأنه بدلاً من أن يعد أحاديث المسند يحفظ مائة حديث، هذا الذي يهمهم، بينما اتجهت همم المتأخرين إلى هذه القشور، فتجد الواحد منهم يصرف وقتاً طويلاً في العدد!
وزوائد مسند أحمد على الكتب الستة تدعو إليها الحاجة، ولكن النظر في المسند باعتباره مرتباً على المسانيد، واستخراج زوائده أثناء النظر في الكتب الستة فيه وعورة، وفيه صعوبة؛ لأنك تحتاج النظر إلى من روى الحديث من الصحابة ثم ترجع إليه، وقد تحتاج إلى شاهد يشهد لما جمعته من الكتب الستة فلا تستطيع الوقوف عليه؛ لأن المتن غير مرتب على ضابط يضبطه، إنما النظر إلى أسماء الصحابة، نعم قد رُتب المسند على ترتيب صحيح البخاري، وهذا يفيدنا حين نحتاج إلى تصريح من راوٍ من الرواة الذين وصفوا بالتدليس في صحيح البخاري، فننظر في ما رواه أحمد فنجد التصريح بالسماع، وهذا كثير عند أحمد، ففيه فائدة عظيمة، كذلك يفيدنا الترتيب في مسألة الزوائد بحيث ننظر في هذا الباب المعين فنجد فيه أحاديث في مسند أحمد تحت هذه الترجمة لا توجد عند البخاري، أو لا توجد عند الكتب الستة كلها، فهذه زوائد يحتاجها طالب العلم.
ومسند الإمام أحمد فيه أكثر من ثلاثمائة حديث ثلاثي؛ لتقدمه على أصحاب السنن وغيرهم؛ لأنه من طبقة شيوخهم.
 
وهناك حواشي على المسند للشيخ أحمد شاكر، نافعة يفيد منها طالب العلم، وأغلبها في الروايات، وفي الجرح والتعديل للرواة، وإن أظهر تساهلاً -رحمه الله- وصحح بعض الأسانيد التي لا تصل إلى درجة الصحة.