عمدة الأحكام - كتاب الزكاة (2)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سم.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر -رضي الله عنه- على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما يـنقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه)).

يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الخامس:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر على الصدقة.

في هذا مشروعية بعث الإمام الساعة والجباة لجباية الزكاة، ويتحرى في هذا الأنسب في الديانة والأمانة والقوة على تحمل أعباء هذه المسئولية، وعمر أهل لذلك، فبعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- على الصدقة ساعياً.

"فقيل: منع ابن جميل" وعلى هذا الساعي يبلغ ولا يلزم، يبلغ من له الأمر والنهي عمن امتنع من دفع الزكاة، وليس له أن ينفذ "منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني منعوا الزكاة رفضوا أن يؤدوا الزكاة لعمر -رضي الله عنه-، وهل عمر عاجز عن أن يأخذ منهم الزكاة بالقوة؟ ليس بعاجز -رضي الله عنه وأرضاه-، لكن الأمور إنما تؤتى من أبوابها، ومثل هذه الأمور والإلزام وترتيب الآثار على الأحكام إنما ينوء بها ولاة الأمر، فعمر -رضي الله تعالى عنه- لما امتنعوا عن دفع الزكاة أخبر بذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو المنفذ -عليه الصلاة والسلام-، هؤلاء الثلاثة ابن جميل الشراح يقولون: لا يعرف اسمه، والعباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وخالد بن الوليد، ماذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ إذا كانت المسألة تنحل بالأسهل تحل بالأسهل، تحل بالكلام إذا أمكن، إن لم يمكن الكلام فبالفعل، ونزل النبي -عليه الصلاة والسلام- كل واحد من هؤلاء الثلاثة منزلته، والناس يتفاوتون ويختلفون في المعاملة، يعني شخص بذل نفسه وماله لله ولدين الله وحصل منه شيء تختلف معاملته عن شخص لا يعرف أنه يؤدي أكثر مما يجب عليه.

"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما يـنقم ابن جميل))" إيش يعتب ابن جميل؟ ماذا يعتب ابن جميل؟ ليس له عذر، اللهم إلا أن يكون كونه فقيراً فأغناه الله، وهذا تأكيد للذم بما يشبه المدح، يعني ليس له عذر إلا هذا، تأكيد للذم بما يشبه المدح، كان فقيراً يتكفف الناس فأغناه الله -جل وعلا-، ثم منع الزكاة، ما عنده عذر إلا هذا، وتأكيد الذم بما يشبه المدح، وعكسه تأكيد المدح بما يشبه الذم معروف:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

 

بهن فلول من قراع الكتائب

هذا مدح فأظهرهم مظهر الذم وأكد المدح بما يشبه الذم، عكس ما عندنا، ابن جميل يكفيه هذا الكلام، عزر بمثل هذا الكلام، إلا أن كان فقيراً فأغناه الله تعالى، والمنة لله -جل وعلا- على كل حال؛ لأن بعض الناس إذا أغناه الله -جل وعلا- رأى أن له منة على الناس، وتجده من أكثر الناس أموالاً، ومن أشدهم بخلاً، وإذا مشى بين الناس يتصور أن الناس كلهم في كنفه ونعمته {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [(6-7) سورة العلق] إذا رأى الإنسان أنه استغنى دخل في حيز الطغيان، بعض الناس غني، لكن لا يلزم منه الطغيان أبداً، لكن إذا رأى وخيل إليه أنه استغنى عن غيره دخل في حيز..، ما هو بحاجة الناس، وقل مثل هذا في كثر من الأمور، واطرد هذا في كثير من الأمور، شخص طلب العلم مدة، ثم رأى أنه صار عالماً، الناس يحتاجونه، وهو ما يحتاجهم، هذا من أشد الناس جهلاً بنفسه، ويحمله تصوره هذا على ارتكاب عظائم الأمور، قد لا يعتدي على أحد إذا أعجب بنفسه، مثل هذا يقضي على جميع أعماله.

والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ

 

أعمال صاحبه في سيله العرمِ

الإعجاب بالنفس هذه مشكلة، الإعجاب بالمال، الإعجاب بالقصور الفارهة، الإعجاب بالسيارات والمراكب المريحة، كل هذا يدعو إلى مثل هذه النقائص.

((وأما خالد)) وهو خالد بن الوليد الذي قدم نفسه لله، قدم مهجته لله فضلاً عن ماله، مثل هذا يستحق أن يعتذر عنه وإلا ما يستحق؟ نعم يستحق ((وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس أدراعه)) أوقف أدراعه ((واعتاده في سبيل الله)) يعني هل يتصور من شخص عنده عمارة للإيجار أو للبيع قيمتها مليون ريال زكاتها خمسة وعشرين ألف، بقي شهر على حلول الزكاة قال: هي وقف لله تعالى، يا جمعية تحفظ القرآن استلموها، هل نتهم هذا بأنه يفر من الزكاة؟ أبداً، ما نتهم مثل هذا أنه يفر من الزكاة، خالد -رضي الله عنه- احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، أوقفها لله -جل وعلا-، وبهذا يستدل من يقول من أهل العلم بجواز وقف المنقول من كراع وسلاح، بجواز وقف المنقول، مما تبقى عينه، ومثل ذلك قل: الكتب الشرعية، ووقفها من أفضل الأعمال، وهي من العلم الذي ينتفع به، وهذه الأدراع والأعتاد التي أوقفها خالد بن الوليد لنصر الإسلام، ورفع شأن المسلمين وعزة المسلمين، فهي من أفضل الأعمال، فمثل هذا لا يتهم، شخص يقدم نفسه دون دينه، ويقدم أمواله ويحبسها ويوقفها ويخرجها من يده بحيث لا يتصرف فيها يخرجها من يده هذا يتهم بأنه يمنع الزكاة؟! هذا مظلوم.

((وأما العباس فهي علي ومثلها)) ضمن النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عمه، ومنهم من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتاج لأمر العامة لا لحاجته الشخصية، فاقترض من العباس زكاة سنتين، أو تعجل من العباس زكاة سنتين، ولذا قال: فهي علي ومثلها، وبهذا يستدل على جواز تعجيل الزكاة بالعين تعجيل، لا يفهم منه كما فهم في بعض المناسبات التأجيل، لا، التعجيل غير التأجيل، التعجيل التقديم، بعض الناس يسمع هذه وهذه ما يفرق بينهم للإتحاد في الميزان الصرفي، كلاهما على وزن صرفي واحد تأجيل وتعجيل على وزن واحد، فالتعجيل يجوز يستدل أهل العلم على جوازه بهذا الحديث، وأما التأجيل فلا يجوز بحال؛ لأن تأخير الزكاة افتيات على حق الفقراء، وجبت تخرج في يومها من الغد، يتسامح أهل العلم في اليوم واليومين، لكن أكثر من ذلك افتيات على الفقير، ومطل في حقه.

((وأما العباس فهي علي ومثلها)) ثم قال: ((يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه؟)) مثل أبيه حكماً مثل أبيه؛ لأنه يدلي بالأب، فحقه من حق الأب، والأصل في الصنو في النخلتين تجتمعان في أصل واحد وأصل الأب والعم واحد وهو الجد {وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [(4) سورة الرعد] نعم إما نخيل مفردة، كل نخلة بأصلها، وإما أكثر من نخلة تجتمع في أصل واحد ((أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه؟)) مثل أبيه؛ لأنهما يجتمعان في أصل واحد، وفي هذا اعتذار فيتلطف مع العم ويوصل العم، وصلته من بر الأب؛ لأنه يدلي به، طيب قد يقول قائل مثلاًَ: إن بين أبي وعمي مشاحنة، وبينهما قطيعة، وإذا كان طريقي إلى العم هو طريق الأب، والأب انقطع، أذاًَ انقطع عن العم هل هذا مبرر؟ لا، ليس مبرر، الجهة منفكة، أنت مطالب بالصلة، وأبوك مطالب بالصلة والجهة منفكة، لا يترتب هذا على هذا، ليس من شرط هذا هذا، أبداً، لكن هذا الأصل، يعني الأصل أن صلتك بعمك بواسطة أبيك، فتبر وتصل عمك لو قطع أباك، فكل إنسان عليه أن يؤدي ما طلب منه، وعلى هذا يجوز إخراج زكاة سنة أو سنتين لا سيما عند الحاجة إليها، لكن لو قال شخص: أنا أريد أن أخرج زكاة سنتين من مال لا يحتاج إلى جميعه، الناس ما هم بحاجة إلى زكاة نخلك مثلاً لمدة سنتين، الفقراء يكفيهم مدة سنة واحدة، ولو دفعت السنتين لفسد بعضه، هل يكون الأفضل التوقيت؟ نعم الأفضل التوقيت، كل سنة بسنته، لكن إذا قامت الحاجة، ودعت الحاجة إلى تقديم وتعجيل الزكاة عن وقتها فهو أفضل، وأصله ما سمعتم، وفي الحديث شاهد لحديث: أمرنا أن ننزل الناس منازلهم فمنزلة ابن جميل ما هي مثل منزلة خالد، ومنزلة خالد ما هي بمثل منزلة العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى كل حال الناس بالنسبة للتشريع سواسية، يعني لو كانت ظروفهم واحدة ما فرق بينهم، إن كانت ظروفهم واحدة ما فرق بينهم، لكن كل واحد ظرفه يختلف عن الثاني، فيعامل على ضوئه، نعم.

عن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- قال: لما أفاء الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين قسم في الناس، في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئاً، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: ((يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟)) كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ((ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟)) قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ((لو شئتم لقلتم: جئتنا كذا وكذا، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عبد الله بن زيد بن عاصم" المازني، وهذا راوي حديث الوضوء وغير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان، وإن زعم بعضهم أنهما واحد، لكن هذا شخص وذاك أخر "-رضي الله عنه- قال: لما أفاء الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين" أي من غنائم، الغنائم التي حصل عليها، حينما قاتل يوم حنين، وكان كانت غنيمة كبيرة جداً من أعظم الغنائم، ستة آلاف نفس سبي، من النساء والأطفال، وأربعة وعشرين ألف من الإبل، وأربعين ألف من الغنم، غنائم كبيرة جداً، ستة آلاف نفس، لما أفاء على نبيه يوم حنين، والفيء هنا يراد به الغنيمة؛ لأن الفيء يطلق على ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، والغنيمة ما تأخذ قهر بالغلبة بالقتال، وهل نقول: إن هذه الغنائم على كثرتها نقصت من أجورهم شيء؟ الغنائم يقرر ابن القيم أنها أطيب المكاسب، أطيب من الزراعة وأطيب من الصناعة على خلاف بين أهل العلم في الأفضل، منهم من يفضل الزراعة مطلقاً، وجاء في فضلها أحاديث، والصناعة مهنة بعض الأنبياء، ومنهم من يقول: رعي الغنم أفضل، ما من نبي إلا رعى الغنم، المقصود أن مثل هذا يختلف فيه أهل العلم، وابن القيم يقرر أن الغنائم أطيب المكاسب؛ لأنها رزق النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه يقول: ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) وجاء في الحديث الصحيح أن الله -جل وعلا- تكفل لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله أنه إما أن يقتل شهيداً، أو أن يرجع، أو أرجعه نائل ما نال من أجر أو غنيمة، يعني جعلت الغنيمة في مقابل الأجر، فهل معنى هذا أن الذي يرجع بالغنيمة لا أجر له؟ وجاء في الحديث أن من غزا فلم يغنم كان أجره كاملاً، وإن غنم تعجل ثلثي الأجر، لكن مثل هذا لا يقدح في غزو النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا في صحابته الكرام؛ لأن مثل هذه الأمور وإن كانت مؤثرة على النيات والمقاصد، لكن جاء مدحهم بالنصوص، وأنهم يقاتلون لله، ولإعلاء كلمة الله، وغزوة بدر التي مدح أهلها، واطلع عليهم الله -جل وعلا- وقال: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] غنموا فيها، فلا نقيس غيرهم بهم، لكن قد يقول قائل: نقيس أهل بدر بأنفسهم لو لم يغنموا أيهم أفضل؟ نعم، ما نقيس أهل بدر بمن قاتل غيرهم، ولا نقيس بمن قاتل في حنين وغنم بمن جاء بعدهم، هذا ظاهر، نعم لأن العمل في وقت الصحابة يختلف؛ لأن العلم يرفعه ما يحتف به من إخلاص ويقين وإتباع وحاجة، والحاجة لها دور {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [(10) سورة الحديد] حتى بين الصحابة، فالظروف لها ما يحتف بها، فالنبي  -عليه الصلاة والسلام-... نعم؟

طالب:......

إيه هذا جاء في الحديث الصحيح، في المسند والسنن أنه يأتي في أخر الزمان للعامل منكم أجر خمسين منكم، يعني الصحابة، وهذا إذا نظرنا إلى ذات العمل تصدقت أنت بدرهم وتصدق الصحابي بدرهم درهمك أفضل من خمسين درهم، لكن شرف الصحبة التي اتصف به لا يدركه أحد كائناً من كان، فإذا نظرنا إلى العمل المجرد حصلت المفاضلة، وإذا نظرنا إلى العامل حصلت مفاضلة من جهة أخرى.

"قسم النبي  -عليه الصلاة والسلام- هذا الغنائم العظيمة في الناس" يعني في الغزاة، وفي المؤلفة قلوبهم أعطاهم وزادهم، وترك بعض الناس؛ لأنه وكلهم إلى إيمانهم، وفي الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- قال: أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- رهطاً وسعد جالس، فقلت: مالك عن فلان يا رسول الله إني لأراه مؤمناً؟ قال: ((أو مسلماً؟)) ثم أعطى غيره، فقال يا رسول الله: مالك عن فلان إني والله لأراه مؤمناً؟ إلى أن قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إني أعطي الرجل وغيره أحب إلى منه مخافة أن يكبه الله في النار)) يعني هؤلاء الذين يتألفون بحطام الدنيا يخشى عليهم لو لم يعطوا، لكن مثل هذا يؤكل إلى إيمانه، خلاص هذا مضمون ما يحتاج إلى أن يؤلف بالدراهم، ومثل هذا كونه -عليه الصلاة والسلام-   لم يعط الأنصار شيئاًً "ولم يعط الأنصار شيئاً" هل يقال: ظلم الأنصار؟ لا ما ظلم الأنصار، إنما وكلهم إلى ما عندهم من إيمان، كأنهم وجدوا في أنفسهم، ولا يلزم أن يكون كلهم أو يكون خيارهم، لا، مع أن النفس قد تجبل على شيء من هذا، لا سيما يوزع وأنت جالس قد يقول قال: يمكن السبب أني ما نفعت في هذه الغزوة، لو أنا نافع في هذه الغزوة أعطيت مثل الناس، قد يتطرق مثل هذا الاحتمال إلى بعض الأذهان، لكن النبي  -عليه الصلاة والسلام- ما يترك مثل هذا الظرف من غير بيان، يعني ما أعطى المؤلفة قلوبهم، وقال: توكلوا على الله، وأنتم يا الأنصار ما لكم شيء توكلوا على الله، وانتهت المسألة، لا، يبي يرتب الرسول...، يبين من خلال هذه القسمة فضل الأنصار، استغلال لمثل هذا الظرف أحياناً الإنسان يتمنع من أمر ليبين فضل صاحبه.

"فكأنهم وجدوا" الفعل (وجد) الثلاثي (وجد) ما يتغير، لكن المصدر يتغير، وجد وجداً، ووجد وجوداً، ووجد موجدة، ووجد وجادة، المقصود أن هذا من الموجدة وهي الغضب، وجدوا في أنفسهم شيئاً، تأثروا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، وبعض الناس يتأثر لأنه حرم من أمر الدنيا، وقد يقع أو يرد على خواطرهم أنهم احتمال أن يكون أثرهم في الجهاد ضعيف ما استحقوا عليه شيء من الغنيمة، وهذا يحز في النفس، وهذا قد يورث مثل هذه الموجدة.

فالنبي -عليه الصلاة والسلام- خطب ليبين الآن ليرفع الأنصار ويعطيهم حقهم أكثر مما أعطى غيرهم من حطام الدنيا "فخطبهم فقال: ((يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟))" نعم كانوا ضالين ((ألم أجدكم ضلالاً)) كانوا كفار ((فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين)) يعني بينهم إحن وعداوات وحزازات جعلت أقرب القريب من أبعد الناس عن قريبة ((وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟)) قال: ((ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟)) قالوا: الله ورسوله أمن، يعني ما قالوا: أنت وجدتنا ضلال لكن أنت واجد قريش بعد ضلال، ويش الفرق؟ ما يمكن أن يقال مثل هذا الكلام؟ لكن هؤلاء الأنصار ((آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار)) هؤلاء الأنصار بإمكان الواحد منهم أن يقول: جماعة قريش كانوا ضلالاً فهداهم الله بك، ويش الفرق؟ ليش تعطيهم ونحن لا؟ ما هو يمكن أن يقال هذا الجواب وهو صحيح؟ ما كانوا ضلال قريش وهداهم الله بالنبي؟ نعم، كان جوابهم: "الله ورسوله أمن" المنة لله -جل وعلا-.

((وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟)) قالوا: الله ورسوله أمن، ما ردوا عليه برد يمكن أن يكون مقبول، نعم، الله ورسوله أمن ((وعالة فأغناكم الله بي؟)) وما قالوا أيضاً: قومك أكل بعضهم بعضاً لما دعوت عليهم، وأكلوا الهوام، وأكلوا الجيف، وأكلوا كل شيء.

((عالة فأغناكم الله بي؟)) قالوا: الله ورسوله أمن، النبي -عليه الصلاة والسلام- اقتنع إلى ما عندهم، اطمأن إلى ما في قلوبهم، لكن أراد أن يزيدهم طمأنينة، وأن يرفع من شأنهم قال: ((لو شئتم لقلتم: جئتنا بكذا وكذا)) لو شئتم قلتم فصدقتم وصدقتم، لو شئتم قلتم: جئتنا مكذباً فصدقناك، صحيح، كذبته قريش فهاجر إلى المدينة، جئتنا مخذولاً فنصرناك، أخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- ((أو مخرجي هم؟)) قال: نعم، فأخرج من بلده، وطريداً فآويناك، وعائلاً فواسيناك، هذا الكلام صحيح، لكن فيه إظهار للمنة، ما يقولون مثل هذا الكلام، وإن كان حقيقة وواقع؛ لأنهم لا يرون لأنفسهم منة على الله ولا على رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وبهذا استحقوا هذه المنزلة، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون بالنبي إلى رحالكم؟)) يعني سهل أن يذهب الناس بحطام الدنيا، وأنتم تذهبون بالنبي أشرف مخلوق إلى رحالكم؟! ((لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار)) يعني لولا أن الله -جل وعلا- قسم خيار هذه الأمة إلى مهاجرين وأنصار، والهجرة وصف شرعي تترتب عليه آثاره ولوازمه، لا يمكن التخلي عنه كالنسب ((لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- بالمعنى الأعم للنصرة هو الذي نصر الله به الدين، وهو الذي أقام الله به الدين، لكن بالمعنى الخاص، بالمعنى الأعم يدخل المهاجرون في الأنصار؛ لأنهم نصروا الدين، أي نصر أعظم من نصر أبي بكر وعمر للدين؟! فهم أنصار بالمعنى الأعم، لكن بالمعنى الأخص الذي يريد أن يقرره النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدخل فيه من ذكر.

((لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها)) نعم كان الناس لما كانوا ينتقلون ويضربون في الأرض من مكان إلى آخر تجد كل جماعة مع بعض، أهل البلد الفلاني، أفراد القبيلة الفلانية، أبناء الرجل الفلاني، المقصود من يجمعهم وصف واحد تجدهم في شعب مستقل، هؤلاء الذين يجمعهم وصفاً واحد، ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعب الأنصار -عليه الصلاة والسلام-، فيقدمهم على غيرهم، يبقى في النفوس شيء بعد هذا الكلام؟ لن يبقى شيء بل قد يجد من أعطي الأموال الطائلة في نفسه شيء من هذا الكلام، لكن الله -جل وعلا- هو المعطي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم ((إنما أنا قاسم، والله المعطي)) فيقول: ((الأنصار شعار، والناس دثار)) الشعار هو اللباس الذي يلبس مما يلي البدن؛ لأن هذا اللباس الذي يلي البدن يلي شعر البدن مباشرة، فهو شعار، والدثار ما يلبس فوقه، الشعار هو الذي يلبس مما يلي البدن؛ لأنه يلامس ويباشر شعر البدن وما فوقه يسمى دثار.

((إنكم ستلقون بعدي أثرة)) يعني كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- لو مثلناه في واقعنا، وقال أخونا الثالث الذي أجاب بالجواب الدقيق: أنت أعطيت فلان وفلان وأنا جوابي هو الدقيق، نعم، يعني ما يكفيك أن يقال: ما شاء الله جوابك هو الصحيح الدقيق، على كل حال القبائل وهذه قبائل أوس والخزرج مثل بني تميم يزيدون وينقصون، نعم، هي قبائل على كل حال.

((الأنصار شعار)) مثلهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بما يلامس جسده الطاهر الشريف، وغيرهم دثار، حتى قريش دثار، يعني يلبس فوق الشعار، ولذا جاء في حديث أم عطية في غسل ابنته -عليه الصلاة والسلام- قالت: فأعطانا حقوه، فقال: ((أشعرنها إياه)) يعني اجعلنه شعاراً يلبس مما يلي البدن.

((إنكم ستلقون بعدي أثرة)) بلا شك حصل لهم ما حصل؛ لأن الملك في غيرهم، الملك ((الأئمة من قريش)) ومعلوم أن طبيعة الملك تقريب الأقرب، طبيعة الملك هكذا؛ لأن البشر علمهم بالأقربين أكثر من علمهم بالأبعدين، وما دام يعرف حقيقة هذا الشخص من أقاربه، ويخفى عليه حال البعيد، يولي هذا القريب الذي يعرفه مع ما جبل عليه الناس من الميل إلى مثل هذا.

فوجد الأنصار أثره، وأمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصبر ((إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)) وهذا فيه بيان لمزيتهم وشرفهم، ومنزلتهم في الدين، وبيان أيضاً أنهم ممن سيرد الحوض على النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم؟

طالب:......

بلا شك الهجرة لها وقع وشأن في الشرع.

نعم، يقول: ويش دخل هذا الحديث في كتاب الزكاة؟ لماذا أدخل المؤلف -رحمه الله تعالى- هذا الحديث في كتاب الزكاة؟ نعم؟

إعطاء المؤلفة قلوبهم، وهم من مصارف الزكاة، وأيضاً؟ نعم؟

طالب:......

لا هو ما يزكى، هو يقسم بين الغانمين، ثم من غنم شيئاً..، من ناله أكثر من النصاب وحال عليه الحول يزكي، نعم؟

طالب:......

لا الخمس هذا..، {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} [(41) سورة الأنفال] هذا ما له علاقة بالزكاة، المقصود أن هذا له صلة بالزكاة من وجوه، أنه يشبه الزكاة في إعطاء المؤلفة كما ذكر الأخ، ونسمع الجواب الدقيق، نعم.

طالب:......

طيب، أيضاً أن من أعطي من الزكاة أكثر من غيره أو أقل من غيره أن يمتثل هذا الحديث، ويتصور أن المعطي هو الله -جل وعلا-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، والغني الذي تجب عليه الزكاة إنما هو يتولى قسمة ما أعطا الله -جل وعلا-، {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النــور] يعني لو تصور اثنين ظروفهم واحدة، أو واحد أفقر من الثاني دخلوا على شخص غني جداً يوزع الزكاة، ثم قال للأقل حاجة يعني هذا فقير لكنه أقل حاجة: هذه عشرة آلاف تصرف بها خلال ها السنة، دبرهن على بيتك وعيالك، ثم جاء الثاني الأشد حاجة قال: والله ما عندي شيء،...... هل من حق هذا الفقير الذي ما أعطي في المجالس يتحدث فلان حرمني، فلان أعطى، فلان ترك؟ ليس له ذلك، الله -جل وعلا- هو المعطي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، وهذا يعطي أو يقسم ما يعطيه الله -جل وعلا-، وما يكتبه الله -جل وعلا- لخلقه على يديه، أبداً، فليتصور الفقير مثل هذا، ما يقول: والله هذا يتخبط في مال الله، يعطي فلان، ويحرم فلان، نعم أنت مخاطب بأن ترضى وتسلم، لكن أيضاً الغني مخاطب بأن يرفع حاجة الفقير، لكل شخص ما يخصه من الخطاب، الخطاب الشرعي، وليس معنى هذا أن الأغنياء يرون شخص فقير، يقولون: هذا والله ما كتب الله له شيء، ما إحنا معطينه، نعم، هل معنى هذا أنه يحرم بعض الناس ويقال: والله ما كتب الله لك شيء، أنت مأمور بأن تعطيه إذا كان فقير، لكن كونه تقدم عليه واحد وتأخر واحد، والآن ما معك شيء، أو الرصيد والله ما فيه شيء اليوم، ممكن هذا، هذا الذي ليس بيدك، أما إذا كان بيدك وهذا فقير، وهذه زكاة طالعة طالعة ما تحرمه إلا بسبب بين، فإذا حرمته لسبب بين أنت مقتنع به، فالذي حرمه في الحقيقة هو الله -جل وعلا-، وإذا أعطيته لسبب ولمبرر واضح فالذي أعطاه في الحقيقة هو الله -جل وعلا-، وأنت وسيلة توصل هذا المال إلى عباد الله، نعم.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر أو قال: رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، قال: فعدل الناس به نصف صاع من بر على الصغير والكبير، وفي لفظ: أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية وجاء السمراء قال: أرى مداً من هذا يعدل مدين، قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب صدقة الفطر:

صدقة الفطر مضاف ومضاف إليه، والإضافة سببية؛ لأن هذه الصدقة سببها الفطر من صيام شهر رمضان، وهي شكر للمنعم على الإتمام، وتجب بغروب الشمس آخر يوم من رمضان؛ لأن سببها الفطر، والفطر يكون في هذا الوقت، والوجوب الذي يذكر في مثل هذا يراد منه أن من ولد بعد غروب الشمس أو مات قبل غروبها، أو ولد قبل غروبها، أو مات بعد غروبها، إذا قلنا: سبب الوجوب السبب هذا الوقت فمن مات قبل غروب الشمس تخرج عنه صدقة الفطر؟ تخرج وإلا ما تخرج؟ لا تخرج؛ لأنه مات قبل وقت الوجوب، طيب مات بعد غروب الشمس تخرج عنه، ولد قبل غروب الشمس تخرج عنه وإلا ما تخرج؟ تخرج، ولد بعد غروب الشمس لا تخرج إلا على سبيل الاستحباب؛ لأنها تستحب عن الحمل، فهذا معنى كون الإضافة سببية.

صدقة الفطر شرعت طهرة للصائم، إنما شرعة طهرة للصائم، تطهره وترفوا ما اشتمل عليه صيامه من خلل، وترقع ما فيه من فتوق، وعلى كل حال هي عند عامة أهل العلم واجبة، ووجوبها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(15) سورة الأعلى] تزكى زكاة الفطر {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(15) سورة الأعلى] يعني صلاة العيد، بينما جاء في عيد الأضحى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] وهنا {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(15) سورة الأعلى] المراد زكاة الفطر وصلاة العيد، وأما السنة فالأدلة متكاثرة منها ما معنا، وتجب على جميع المسلمين، ومن العدل بينهم أن يتساووا في هذه الفريضة، فالكبير والصغير والحر والعبد والذكر والأنثى الوضيع والحقير والكبير والشريف كلهم فطرتهم صاع، وهذا شأن هذا الشرع المطهر في تشريعه العام، ما يقال: والله هذا كبير، هذا شريف، لا بد أن يؤخذ منه عشرة أصواع، عشرة آصع، وهذا وضيع من أسرة يعني تجد ما تخرج لكنها ليست ذات بال ولا شأن يكفي منهم اللي يجي بس، لا، لا، مثل هذه الأمور لا توكل إلى الاجتهاد، ولذا في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر، أو قال: رمضان، صدقة الفطر من رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك، طيب الذكر والأنثى، الذكر صاع والأنثى صاع؟ وإلا نقول: للذكر مثل حظ الأنثيين، الذكر صاع والأنثى نصف صاع؟ نعم؟ بالتساوي.

طيب ما جاء في النصوص أن المرأة على النصف من الرجل في كم موضع؟ خمسة، ليس هذا منها، خمسة مواضع المرأة على النصف من الرجل من يذكرها؟ نعم؟

طالب:......

الدية، الميراث، الشهادة، نعم الشهادة {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [(282) سورة البقرة] هاه بقي اثنان؟ العقيقة، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، والعتق، يعني رجل يعتق رجل أو امرأتين، فعتق الرجل يعادل عتق امرأتين، ليس هذا منها، ما يقال: والله المرأة على النصف، للذكر مثل حظ الأنثيين ما تطلع إلا نصف صاع، لا، لا، أبداً، على الذكر والأنثى.

"فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" معنى فرض يعني أوجب أو قدر، فزكاة الفطر واجبة؛ لأن معنى فرض أوجب، منهم من يقول: إن فرض معناها قدر، قدر زكاة الفطر صاع، يعني مقدرة من قبل الشارع، معنى فرض قدر، وبهذا لا يلزم الحنفية بمخالفة اصطلاحهم، الحنفية يرون أن زكاة الفطر واجبة، عند الأكثر ما في مشكلة سواءً كانت واجبة وإلا فريضة ما في فرق، بالإمكان أن يقول الحنبلي: زكاة الفطر فريضة وواجبة ما يفرق، أو المالكي، أو الشافعي، نعم، لكن إذا قلت للحنفي: زكاة الفطر فريضة وإلا واجبة؟ لا واجبة ليست فريضة، طيب ابن عمر يقول: فرض رسول الله، كيف تقول: ما هي بفريضة؟ نعم، هل نقول: إن اصطلاحهم خالف النص؟ أو يقولون: والله فرض بمعنى قدر، ويسلم اصطلاحهم لهم؛ لأنهم يفرقون بين الفرض والواجب، الفرض ما ثبت عندهم بدليل قطعي، والواجب ما ثبت بدليل ظني، والدليل مثل هذا يسمونه ظني؛ لأنه خبر آحاد.

"فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" طيب إذا اختلفت الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية، عرفهم الخاص أن زكاة الفطر ليست فريضة، وابن عمر يتحدث عن الحقيقة الشرعية "وأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- فرض صدقة الفطر" تقدم الحقيقة العرفية وإلا الحقيقة الشرعية؟ نعم؟ يعني لما يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) يقول جمهور أهل العلم: الغسل يوم الجمعة ليس بواجب، نقول: هذه معاندة؟ لا ليست معاندة، حينما يقول الحنفية: زكاة الفطر ليست فريضة مع قول الصحابي، لا، هذه ليست معاندة، لو يجي واحد من الموجودين الناس الآن ويقسم بالله أنه ما رأى في عمره جمل أصفر، نقول: كذبت تب إلى ربك أنت خالفت القرآن؟ {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] نعم، يقول: والله ها الأصفر ذا اللي إحنا نشوف ذا ما هو بهذا الأصفر عند الناس؟ يقول: والله ما شفت جمل بهذه الصورة، يعني تعارض الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية ليست معاندة؛ لأن الجهة منفكة، وهو يحلف على شيء وأنت تقرر شيء، فلا يسمى هذا معاندة، على كل حال المسألة تحتاج إلى شيء من العناية والبسط؛ لأنه كثير من الحرج الذي يقع به بعض الناس يزول بمثل هذا، وعلى كل حال كل ما أمكن أن تتحد الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية فهو أولى.

"فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر أو قال: رمضان على الذكر والأنثى، والحر والمملوك" وتقدم في المملوك، تقدم فيه: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) وفي لفظ: ((إلا زكاة الفطر)) إلا زكاة الفطر "على الذكر والأنثى، والحر والمملوك" يعني هل زكاة الفطر على كل مسلم بمعنى أنها تجب عليه وهو المخاطب بها؟ فالمملوك يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه؛ لأن الزكاة مفروضة عليه، المرأة يجب عليها أن تخرج زكاة الفطر، الصغير يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر، أو أن المخاطب بهذا السيد والزوج، والأب بالنسبة للصغير؟ لأنه يقول: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر، أو قال: رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير" يعني هي مفروضة على من يتجه إليه الخطاب، يعني المملوك ما يملك، ما عنده شيء، ولا بد من إخراج الزكاة عنه من مال سيده؛ لأنه لا يملك، إذاً هي مفروضة على السيد وإلا على المملوك؟ انظر في النص، مقتضى النص، طيب المملوك يقول لك: أنا مملوك ويش عندي؟ لا أملك أنا، مسكين، والمرأة تقول: أنا والله ما عندي شيء، مصروفي يا الله يكفيني، الصبي الصغير يقول: فرض الله علي لكن أنا ما عندي شيء، فهل تسقط عنهم زكاة الفطر أو يلزم وليهم؟ نعم؟ إذاً الخطاب يتجه لمن؟ "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً" يعني في حق هؤلاء على أوليائهم "صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، قال: فعدل الناس به نصف صاع من بر على الصغير والكبير، وفي لفظ: أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى.

الصاع من هذه الأنواع من التمر من الشعير من الطعام من الزبيب من الأقط، تنوع هذه الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر يدل على أن المقصود قوت البلد، تنوع هذه الأنواع يدل على أن المراد هو قوت البلد، ولذا قال جمع من أهل العلم: إنها ليست توقيفية، بمعنى أنها لا تصح إلا من الأنواع المذكورة، بل كل ما يقتاته الناس في بلد ما تخرج منه، وهو الأنفع لفقراء البلد، يعني لو تأتي لبلد ما يأكلون الشعير تطق على فقير تعطيه شعير، وإلا تعطيه رز أيهما أفضل؟ نعم؟ الشعير منصوص عليه، لكن الرز ما نص عليه، نقول: هذا أفضل؟ أقول: تنوع هذه المدفوعات يدل على أن المراد كما يقرره جمع من أهل العلم قوت البلد، وليس توقيفية.

طيب "فعدل الناس به" التمر والشعير وغيره "نصف صاع من بر على الصغير والكبير، وفي لفظ: أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى" هذا وقتها، وكان الصحابة يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين كما في البخاري، كان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين، وهذا فيه فرصة للآخذ والمعطي، فيه سعة، وإن كان الأصل أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى، لكن إذا تأخرت عن الصلاة فهي صدقة من الصدقات، ليست بزكاة فطر، فلا يجوز تأخيرها إلى ما بعد الصلاة، لكن هذا معه خرج بزكاة الفطر معه وهو خارج إلى المصلى، خارج إلى المصلى معه زكاة الفطر له ولأولاده افترض خمسة عشر صاع، كيس مليان ورابطه يبي يشيله معه بالسيارة انفك الكيس وانكب في التراب، بحث عن ناس يبيعونه وإلا شيء، ما وجد إلا بعد الصلاة، تحصل وإلا ما تحصل؟ انكب اختلط بالتراب ويش يسوي عاد؟ يخرجها بعد الصلاة وإلا ما يخرج؟ نعم يسعى أن يخرج ما يمكن إخراجه قبل الصلاة يحرص على هذا، والذي لا يمكن بعد الصلاة ضرورة هذه، وإلا فالأصل أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى.

في حديث أبي سعيد الذي يليه، نعم.

"عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية وجاءت السمراء، فقال: أرى مداً من هذه يعدل مدين" والصاع كم مد؟ أربعة أمداد، إذاً مدين تعدل الأربعة، والمدين نصف صاع، إذاً رأى معاوية أن نصف صاع من السمراء تعادل الصاع من غيرها، فكان يخرج معاوية نصف صاع، يقول: "فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال: أرى مداً من هذه يعدل مدين" أرى مداً من هذه يعدل مدين، فهذا فعل صحابي اجتهد ووافقه عليه بعض الصحابة، وخالفه آخرون، والعبرة بالمرفوع، والمرفوع ليس فيه إلا الصاع، فاجتهاد مرجوح، ولذا استمر أبو سعيد وجمع من الصحابة استمروا على ما كانوا يخرجونه في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال: "أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وأبو سعيد معروف في ثباته، حتى في إنكاره على من يخالف السنة، له موافق -رضي الله عنه وأرضاه-.

طيب هذا شخص واحد، زكاته زكاة الفطر بالنسبة له صاع، يقال: فرصة أنهم الآن مفطرين، نتصور المسألة التي ذكرناها أنه انكب، فجاء وقال: هذا الكيس يباع أنا أخرجه كله زكاة، صدقة عني، ثم حصل له ما حصل أراد أن يحمله قبيل دخول الإمام فانكب، ووجد صاع يباع، يكفيه أن يشتري هذا الصاع ويخرجه عن نفسه أو نقول: الواجب عليك مثل هذا الذي انكب منك كيس؟ هاه؟ خليكم معي، المسألة تنضوي تحت قاعدة عامة، الزيادة على القدر المحدد شرعاً عند أهل العلم إن كانت الزيادة متميزة بنفسها فالقدر الزائد نفل، وإن كانت الزيادة غير متميزة فالجميع واجب، أنت ما عليك إلا صاع، فطلعت كيس، هذا غير متميز، فرق ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ ترى المسألة معروفة عند أهل العلم، يعني شخص أخرج دينار عن عشرين خلنا نجيب المثال اللي بروضة الناظر اللي درستوه كلكم، كمن أخرج ديناراً عن عشرين يجب عليه في العشرين كم؟ نصف دينار، فجاء وأخرج دينار، هل نقول: إن الواجب عليك نصف دينار والثاني تطوع، أو نقول: الكل باعتباره غير متميز؟ نعم لو أخرج نصف دينار، قال: خذ، وأنت خذ نصف دينار ثاني خلاص انتهى الإشكال متميز، وهذا لو جاء بالآصع كل واحد بمفرده قلنا: هذا الواجب والبقية نفل، لكن هذا طلع كيس كامل صدقة الفطر وهو واحد، يرى بعضهم أن الزيادة إذا لم تكن متميزة فهي واجبة عليه، فعلى هذا يلزمه بدل الواجب كيس كامل، ما يكفي صاع.

طيب نأتي إلى القدر الزائد على الواجب في الركوع، القدر الواجب في الركوع أن يطمأن راكع، ويأتي بالتسبيح ولو مرة، وما زاد على ذلك فهو سنة، دخل واحد وجد الإمام راكع ومطمئن ومنتهي من القدر الواجب، وزاد الإمام من أجل هذا الداخل زيادة تسبيحات، واطمأن زيادة، الآن نقول: هذا الداخل أدرك الإمام وهو مفترض وإلا متنفل؟ الآن القدر الزائد على الواجب نفل وإلا فرض؟ متميز وإلا غير متميز، أو ما في فرق؟ هذا متميز وإلا ما تميز؟ هذا ما تميز يا الإخوان، ولذلك الحنابلة ما يشكل عليهم مثل هذا في إمامة المفترض خلف المتنفل، يطول الإمام ما شاء وزيادة غير متميزة، والكل واجب، ولا يعني هذا أنه يأثم فيما لو تركه، خلاص ما يأثم لو تركه، لكنه حكماً حكمه حكم الواجب، ولذا لا يشكل عليه في أصلهم في مسألة صلاة المفترض خلف المتنفل، فننتبه لمثل هذه الأمور، نعم؟

طالب:......

لا هم عندهم القدر الزائد على الواجب قاعدة معروفة، حتى الإخوان الذين درسوا روضة الناظر مرت عليهم، وقواعد ابن رجب مارة عليهم، لكن روضة الناظر باعتبارها مقرر في الكليات مرت قطعاً، ونذكر المثال، كمن أخرج ديناراً عن عشرين، هذا مثال صاحب الروضة، وعلى كل حال صنيع أبي سعيد يدل على ما كان عليه من شدة الإتباع والتمسك بالآثار، وترك العدول عن المأثور عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى غيره مهما كان قائله، وهكذا ينبغي للمسلم أن يكون هواه تبعاً لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-.

 

والله أعلم، وصلى الله على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
هذا يقول: هل يجوز قول القائل: منة الله ولا منة خلقه؟

منة الله ولا منة خلقه، يعني لو أن شخصاً لا يستطيع الحج، وجاء واحد وقال: هذه خمسة آلاف وحج، يقول: يا أخي أنا الآن معذور ومنة الله ولا منة خلقه، هذا الكلام صحيح من حيث المعنى، الله -جل وعلا- أمن، هو الذي من عليك بألا تتكلف فوق طاقتك، والمال المبذول من قبل هذا التاجر لا يسلم من منة، فالمعنى صحيح، لكن يحتاط الإنسان في كلامه أكثر.

ما مقدار القلتين؟

خمس قرب، يعني خمسمائة رطل عراقي كما قال أهل العلم.

يقول: ما صحة الزيادة في هذا الحديث: ((ما نقص مال من صدقة، بل تزده، بل تزده))؟

بل تزده هذه ليست ثابتة، ومن حيث العربية صحيحة وإلا ليست صحيحة؟ بل تزده، بل تزده، يعني من حيث العربية؟ نعم؟ غير صحيحة الأصل: بل تزيده.

حديث الأذنان من الرأس.

ضعيف، ضعيف، نعم.