عمدة الأحكام – كتاب الحج (1)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قبل البدء نحي الجميع بتحية الإسلام ونقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
.. ننبه إلى أمر مهم، وهو أن عدة الأحاديث تزيد على أربعين، والساعات خمس، فالوقت لا يستوعب شرح هذه الأحاديث، الوقت لا يكفي، وعلى هذا سوف نسلك مسلكاً مناسباً لإكمال هذه الأحاديث في هذه الليالي الخمس، وأشبه ما يكون بالتعليق حسب الحاجة، والبسط لمسائل الحج له مظانه، شُرِح كتاب المناسك من الزاد في سبعة عشر شريطاً، وشُرِح حديث جابر في الحج وشُرِح كتاب المناسك من صحيح البخاري في أشرطة كثيرة، من أراد التوسع في معرفة أحكام الحج ومسائلة يرجع إلى هذه الأشرطة وغيرها مما سجل لأهل العلم وما كتب في الباب، فنشرح شرحاً مناسباً تكون فيه الموازنة بين عدة الأحاديث مع ضيق الوقت.
العمدة للإمام الحافظ عبد الغني عبد الواحد بن سرور المقدسي، كتاب عني به أهل العلم منذ تأليفه، فلا تكاد تجد ترجمة لعالم وجد بعد تأليف هذا الكتاب في القرن السابع إلى يومنا هذا إلا وتجد من أولويات محفوظاته العمدة، والمقصود بذلك العمدة الصغرى لا الكبرى، التي اقتصر فيها المؤلف على ما صح من أحاديث الأحكام، وشرطه فيها أن تكون هذه الأحاديث من الصحيحين، وتوسع في الشرط في العمدة الكبرى؛ ومن معه الكتابان يقارن، نجد على سبيل المثال في بداية كتاب الحج حديثان لا يوجدان في الصغرى وهما موجودان في الكبرى الأول منهما ضعيف والثاني كذلك، بل كل منهما ضعيف ضعفه شديد، لا يدخل تحت شرطه في العمدة الصغرى، ومن هنا تأتي أهمية كتاب العمدة، وإذا أطلقت فالمراد الصغرى، إذا أطلقت العمدة فالمراد به الصغرى.
على كل حال العمدة الكبرى فيها أحاديث زائدة يستفاد منها، لكنها ليست على شرط المؤلف في الصغرى، فتنظر في العناية أولاً بالصغرى لصحة أحاديثها، وانتقاء متونها، نعم خرج عن شرطه شيء يسير؛ لأنه اشترط ألا يدخل في الكتاب إلا ما اتفق عليه الشيخان، أدخل في الكتاب بعض ما تفرد به البخاري، وبعض ما تفرد به مسلم، ووهم في بعض، وهذا شيء يسير جداً في بعض الروايات التي لا توجد عندهما.
على كل حال كتاب العمدة ليس بحاجة إلى التعريف؛ فهو معروف عند أهل العلم، مشروح من قبل جمع غفير من أهل العلم في المذاهب كلها، وإن كان صاحبه حنبلياً لكنه مشروح من قبل علماء شافعية وحنابلة ومالكية، وغيرهم، عندنا الترجمة، يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى:
كتاب الحج: الكتاب: كررنا مراراً أنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً وعرفنا أن المادة مادة الكتب، والكتابة تدل على الجمع، قالوا: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ومنه قيل لجماعة الخيل كتيبة، وهذا كلام مكرور، يقال في كل كتاب من كتب العلم، هنا يطلق الكتاب ويراد به اسم المفعول المكتوب، الجامع لمسائل الحج، وكتاب الحج المراد به هنا المكتوب الجامع لمسائل الحج.
والحج: عرفوه في اللغة بأنه القصد، يحجون سِبَّ الزِّبرقانِ المُزَعْفَرا، يعني يقصدون.
وهو قصد مكة لأداء أحد النسكين هنا؛ لأن الحج المراد به هنا ما يشمل العمرة، لأنه أدخل أحاديث العمرة في الحج فيطلق الحج هنا بمعناه العام وهو القصد، ولذا أدرج في أحاديث هذا الكتاب أحاديث العمرة.
كتاب الحج: الحج أحد أركان الإسلام، وأحد مبانيه العظام، جاءت النصوص التي تدل على أنه ركن من أركان الإسلام، ومن أشهرها حديث ابن عمر المتفق عليه: ((بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان)) هذا في المتفق عليه، أعني تقديم الحج على الصيام، وهو المرجح عند الإمام البخاري ولذا بنى كتابه على ذلك، فقدم المناسك على الصيام.
جاء في صحيح مسلم من حديث ابن عمر أيضاً في الحديث نفسه أنه قال: ((بني الإسلام على خمسة شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج)).
فقال قائل، قال له رجل: "الحج وصوم رمضان" قال: "لا صوم رمضان والحج"، والرواية التي فيها تقديم الحج على الصيام في الصحيحين، وهذا الاستدراك من ابن عمر على هذا القائل في مسلم، كأن ابن عمر -رضي الله عنهما- أراد أن يؤدب هذا القائل، وأن الحديث محفوظ عنده على الوجهين، محفوظ عنده عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على الوجهين، فلما استدرك عليه وقال: "الحج وصوم رمضان" قال: "لا صوم رمضان والحج" وهو متأكد من روايته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذا الوجه، وإن كان لا ينفي الرواية الأخرى.
ومنهم من يقول: أن ابن عمر نسي، نسي الرواية الذي فيها تقديم الحج على الصيام، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على تقديم الصيام على الحج، وبنوا على ذلك مؤلفات، لكن الإمام البخاري كأنه رجح رواية تقديم الحج على الصيام فبنى على ذلك ترتيب الكتاب.
حول الأركان الخمسة:
الأركان الخمسة: بالنسبة للركن الأول من لم يأت به لم يدخل في الإسلام أصلاً، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله))، أو((حتى يقولوا لا إله إلا الله)).
الصلاة: المنقول عن الصحابة تكفير تارك الصلاة، وكأن هذا اتفاق منهم على كفر تارك الصلاة.
بقية الأركان من الزكاة والصيام والحج القول بكفر تارك كل واحد منها قول معروف عند أهل العلم، قال به جمع من أهل العلم، ولو اعترف بالوجوب، أما إذا أنكر الوجوب فهو كافر إجماعاًً، فتارك الزكاة الممتنع من دفع الزكاة كافر عند بعض أهل العلم ولو أقر بالوجوب، الذي لا يصوم كافر عند جمع من أهل العلم وإن كان مقراً بالوجوب، الذي لم يحج أولا يحج أو لا ينوي الحج كافر عند بعض أهل العلم وإن اعترف بالوجوب. والقول بكفره رواية عن الإمام أحمد نقلها شيخ الإسلام بن تيمية وغيره في كتاب الإيمان، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على أنه لا يكفر إذا اعترف بالوجوب، لكن الأمر جد خطير، ولذا جاء في آية الوجوب: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} بعد ذلك قال: {وَمَن كَفَرَ} [(97) سورة آل عمران]، في هذا إشارة إلى القول الثاني، وإن لم تكن نص لكنها مؤذنة بأن له أصل.
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كتب إلى الأمصار أن ينظروا من كانت له جدة يستطيع بها أن يحج فلم يحج أن تضرب عليه الجزية، "اضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين"، فالأمر خطير.
والتساهل من كثير من الناس يستطيع أن يحج، قادر على الحج بنفسه وماله، ومع ذلكم يتأخر، الشاب يقول: إذا تخرجت، والشابة تقول: إذا تزوجت، ويتعللون ويتعذرون بأعذار لا قيمة لها، وأسماء بنت عميس في الطلق تطلق، جاءها المخاض وتخرج إلى الحج وتلد في المحرم عشرة كيلو عن المدينة، يعني اهتمام الصحابة وعناية الصحابة تختلف عن تساهلنا وتراخينا الله يعفو ويسامح، هذا ركن من أركان الإسلام ما تدري ما تحمله الأيام بالنسبة لك، لا تدري ماذا يقدر لك، هل تتمكن في غير هذا العام أن تحج أو لا تتمكن؟ ولذا المرجح عند أهل العلم أن الحج واجب على الفور، لا على التراخي.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: كتاب الحج: باب المواقيت.
عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذي الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم، وقال: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)).
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً قال: يا رسول الله ما يلبس...
حديث ابن عمر، الحديث الثاني، يهل أهل المدينة
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن المنازل)) قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
يقول -رحمه الله-: باب المواقيت، الباب في الأصل ما يدخل ويخرج منه، فالأصل هو للمحسوس مثل هذا الباب الذي يدخل ويخرج منه، ويستعمله أهل العلم لما يضم مسائل، وفصول غالباً، وهو في هذا الاستعمال حقيقة عرفية، عرف خاص عند أهل العلم.
باب المواقيت: المواقيت جمع ميقات، والمواقيت عند أهل العلم تنقسم إلى زمانية ومكانية، والمراد هنا المكانية، والمواقيت الزمانية للحج: شوال والقعدة، وعشر من ذي الحجة، على خلاف بينهم، هل الشهر الثالث كامل أو العشر الأول منه.
المواقيت المكانية جاءت في حديث ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- وغيرها من الأحاديث، لكن عندنا أولاً حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقَّت: يعني حدد لأهل المدينة ذا الحليفة، وعلى هذا إذا حدد الشارع شيئاً هل يجوز تجاوزه؟ لا يجوز تجاوزه، وقت يعني حدد، فلا يجوز تجاوزه، خلافاً لمن يقول أن هذه الصيغة لا تدل على الوجوب.
وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة: وهو المعروف بالأبيار مكان معروف قرب المدينة وهو أبعد المواقيت من مكة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن، بإسكان الراء قرن المنازل وهي أماكن معروفة مطروقة، ووهِم صاحب الصحاح حيث زعم أن قرن بفتح الراء قرَن ونسب إليها أويس القرَني، وأخطأ في مكانه أيضاً.
المقصود أن صاحب الصحاح وهم في الضبط والتحديد، ونسبة أويس.
ولأهل اليمن يلملم، ويقال له ألملم، ويقولون الآن: لملم، بدون ياء ولا همز، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) هن: أي هذه المواقيت، لهن: أي لأهل تلك الجهات، أو لتلك الجهات والمراد أهلها، ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن))، شخص من أهل العراق مر بالمدينة يحرم من ذي الحليفة، شخص من أهل نجد يحرم من ذي الحليفة، شخص من أهل اليمن مر بالطائف يحرم من قرن المنازل وهكذا..
((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)).
((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)): شامي مر بالمدينة وتجاوز ذا الحليفة فلم يحرم منه إلى أن وصل إلى ميقاته، شامي أجَّل الإحرام وقد مر بذي الحليفة أجله إلى الجحفة، أو نجدي مر بذي الحليفة وتجاوزه وقال لا أحرم من السيل، بدلاً من لبس الإحرام أربع ساعات أذهب إلى السيل وألبس الإحرام أقل من ساعة، ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) هل يلزمه شيء أو لا يلزمه؟
طالب: ...............
((هنَّ لهن)) الأصل أن هذه المواقيت لأهل تلك الجهات، فإذا أحرم النجدي من قرن المنازل ولو مر بغيره يكون عمل بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) عمل بالظاهر، وإذا أحرم من ذي الحليفة يكون عمل بقوله -عليه الصلاة والسلام- ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) مقتضى تأجيل الإحرام إلى ميقاته الأصلي عمل بالطرف الأول، ((هن لهن)) وإحرامه من الميقات الذي مر به يقتضيه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) لكن إذا فعل هذا الفعل، شامي مر بالمدينة وقال: لن أحرم من الآن، الجحفة قدامي، وأجَّل الإحرام إلى أن وصل الجحفة، لا شك أنه مخالف لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) لكنه له أن يقول: أنا عملت بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) فهل عليه من شيء؟ هل عليه من بأس؟
أولاً من تجاوز الميقات، بغض النظر عن هذه المسألة، تجاوز الميقات بالكلية، يُلزمه جمهور أهل العلم إن لم يرجع قبل إحرامه بدم، لخبر ابن عباس، عمدتهم في ذلك كله خبر ابن عباس، وهذا هو القول الوسط في هذه المسألة، وإن كان سعيد بن جبير يقول: لا شيء عليه، ومن السلف من يقول: فلا حج له، من تجاوز الميقات! قولان في طرفين، لكن القول المعتمد عند جمهور أهل العلم أن حجه صحيح لكن عليه دم يجبره، لأنه ترك نسك، وهو الإحرام من الميقات.
نأتي إلى مسألتنا في الشامي الذي أجل الإحرام إلى الجحفة وقد مر بذي الحليفة، هو عمل بقوله: ((هن لهن)) وخالف قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) هل يلزمه شيء وإلا ما يلزمه؟ عند مالك لا يلزمه شيء؛ لأنه أحرم من ميقاته المحدد له شرعاً، وهو الأصل فيه، وجمهور أهل العلم يلزمونه بالدم؛ لمخالفته لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) ما دام مر بهذه الميقات فهو ميقاته سواءً كان من أهل المدينة أو من غيرهم، ورأي الإمام مالك وجيه، لهذا أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لنا معاشر أهل الشام هذا الميقات وامتثلت، قال: ((هن لهن)) وعلى كل حال الأحوط في هذه المسألة ألا يتجاوز الميقات الذي يمر به أولاً.
((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة))، ((ممن أراد الحج أو العمرة)): معنى هذا أنه لا يلزمه الإحرام إلا بهذا القيد، بقيد إرادة النسك، إرادة الحج أو العمرة، وعلى هذا الذي يريد الدخول إلى مكة ممن لا يريد الحج أوالعمرة عليه إحرام، يلزمه أن يحرم؟
على هذا لا يلزمهم أن يحرم، وهذا قول الإمام الشافعي -رحمه الله- تعالى، لا يلزمه أن يحرم إلا إذا أراد الحج أو العمرة.
والأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد على أنه يلزمه أن يحرم ما لم تتكرر حاجته، لكن الحديث صريح، مفهوم الحديث صريح في عدم إلزام من لا يريد الحج والعمرة بالنسك –بالإحرام- ولذا يقول: ((ممن أراد الحج أو العمرة)).
((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)): يعني من كان منزله دون المواقيت، بين المواقيت وبين مكة يحرم من حيث أنشأ، يحرم من حيث أنشأ، شخص ساكن في جدة، نقول له ارجع إلى أقرب ميقات وأحرم من ميقاتك؟!
يحرم من حيث أتى، ((حتى أهل مكة من مكة)) أهل مكة يحرمون بالحج من مكة، والعبارة –الجملة- تدل على أن المكي يحرم من مكة مطلقاً سواءً كانت حج أو عمرة؛ لأنه يقول: حتى أهل مكة من مكة، عموم اللفظ يتناول الحاج والمعتمر، فيحرم المكي من مكة سواءً كان نسكه حجاً أو عمرة، لكن جمهور أهل العلم على أن المعتمر لا بد أن يخرج إلى الحل، لا بد أن يخرج إلى الحل؛ ليجمع في نسكه بين الحل والحرم، أما الحاج لا يلزمه أن يخرج إلى الحل؛ لأنه سوف يخرج من وقوف، وعرفة من الحل، وعلى هذا حمل أهل العلم هذا الحديث على الحاج دون المعتمر، ما الذي يخرج المعتمر من هذا النص؟ نعم حديث عائشة وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم فتحرم من هناك، والرسول -عليه الصلاة والسلام- وصحابته معه في الانتظار، ولو كان الإحرام من مكة يجزئ أو يكفي لما تكلف وكلف غيره بأن تخرج إلى الحل فتحرم منه، فهذا من العام المخصوص.
الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)): هذا خبر، والمراد به الأمر؛ يأتي الأمر بلفظ الخبر، وحينئذ يكون أبلغ، ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة)): الجحفة التي دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تنقل إليها الحمى -حمى المدينة تنقل إلى الجحفة- وهل في مثل هذه الدعوة اعتداء؛ لأن الجحفة في ذلك الوقت قرية مأهولة، تنقل إلى الجحفة؟ يعني لو قدر أنه نزل وباء هنا فقلنا اللهم أنقله إلى الخرج، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، لا ما يجوز، لكن هنا انقل حماها إلى الجحفة يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا فعل المشرع -عليه الصلاة والسلام- لكن ما العلة؟ السبب؟
طالب..........
قرية مأهولة.
طالب.........
يهود نعم، فيها يهود. ((وأهل نجد من قرن المنازل)).
قال: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)): بلغني هذه الصيغة تدل على الاتصال أو الانقطاع؟ بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم))؟
طالب........
نعم الانقطاع، ولذا بلاغات الزهري تحتاج إلى وصل، بلاغات مالك في الموطأ تحتاج إلى من يصلها، تولى ابن عبد البر وصلها؛ لأنها منقطعة.
هنا قال ابن عمر: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) والواسطة مذكور والمبلغ مذكور وإلا ما هو بمذكور؟ نعم.
طالب.......
هنا، غير مذكور، المبلغ غير مذكور، هذه جملة منقطعة، هنا هل نقول إن هذا مرسل صحابي، أو هو منقطع؟ أو متصل فيه راو مبهم؟ نعم.
طالب.........
هنا يقول ابن عمر: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) نعم.
طالب.........
كيف تفهم، المرسل ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، المرسل المطلق، مرسل الصحابي ما يرويه الصحابي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مما لم يسمعه منه إما لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيبته، وله حكم الاتصال عند عامة أهل العلم، أما الذي أرسله الصحابي فحكمه الوصل على الصواب، نعم.
بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وهنا الصيغة (أنَّ) الصيغة (أنَّ) ولها حكم عند أهل العلم، (عن)، عند أهل العلم حكم (أنَّ) حكم (عن) كأنه قال: بلغني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: خلافاً لمن فرق بين الصيغتين وقال: (عن) متصلة و (أن) منقطعة، وبسط هذه المسألة يأخذ الوقت.
على كل حال الحديث وإن قال ابن عمر بلغني، إلا أنه يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة من غير واسطة؛ بدليل قوله، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقَّت لأهل المدينة إلى آخره ولأهل اليمن يلملم من غير شك ومن غير واسطة، الحديث الأول حديث ابن عباس وهو مروي أيضاً عن ابن عمر من غير جزم، من غير تردد، من غير تردد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه قال هذا الخبر، مروي من طرق عن ابن عمر عن ابن عباس، بالتردد المذكور بالواسطة وبدونها ولذا هو من أحاديث الصحيحين؛ لأنه ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من طريق ابن عمر.
قال: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
بقي أهل العراق، أهل العراق ما ميقاتهم؟ ذات عرق، من الذي وقت لهم ذات عرق؟!
لا إشكال في كون عمر -رضي الله عنه- وقت لأهل العراق ذات عرق، أما المرفوع ففيه ما فيه، وإن كان له طرق تدل على أن له أصل، جاء الصحابة لما فتح، أو لما مصرت الأمصار الكوفة والبصرة وغيرها، طلبوا أن يحدد عمر -رضي الله عنه- ويوقت لهم ميقات يحرمون منه، فوقت لهم ذات عرق، فمن طلب من عمر، وعمر بل عمر -رضي الله عنه- حينما وقت ولم يقل لهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لهم ذات عرق، قد يكون خفي عليهم التوقيت النبوي، قد خفي عليهم التوقيت النبوي فطلبوا من عمر وهذا من موافقاته، وإلا فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لهم يروى من طرق متعددة تدل على أن له أصلاً.
نعم سم.
ما لا يلبس المحرم من الثياب:
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد ما يجد نعلين فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس)) وللبخاري: ((ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين)).
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من لم يجد نعلين فليلبس خفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل للمحرم)).
باب ما يلبس المحرم من الثياب، الترجمة مطابقة للسؤال أو للجواب؟.
مطابقة للسؤال أو للجواب، للسؤال، السؤال: ما يلبس المحرم من الثياب، والجواب: ((لا يلبس)) فلو كانت الترجمة بالنفي باب ما لا يلبسه المحرم من الثياب لطابقت الجواب.
وعلى كل حال ما يلبسه المحرم المسئول عنه يفهم من الجواب، سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عما يلبسه المحرم، الجواب المطابق لهذا السؤال أن يقول: يلبس –مثلاً- إزار ورداء، لكنه -عليه الصلاة والسلام- عدل عن المطابقة إلى ما هو أنفع وأهم؛ لأن الجواب المطابق لا يمكن حصره، بينما عدم المطابقة مع شدة الحاجة إلى ما أجاب به النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه حصر.
لو قال: ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: إزار ورداء ثم احتاج إلى اللون مثلاً، ثم احتاج إلى أمور كثيرة؛ ليحدد ما يلبس لكن لما ذكر الممنوعات دل على أن كل ما عدا هذه يلبسه المحرم، كل ما عدا ما ذكر يلبسه المحرم.
ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يلبس القُمص))، وهو ما خيط على قدر البدن، أو نسج على قدر البدن ويلحق به ما نسج على بعضه، من يد أو رجل أو عنق أو ما أشبه ذلك، المقصود أن كل ما يخاف على جزء من البدن بالتحديد لا يلبسه المحرم، فلا يلبس القمص، وعلى هذا لو خيط الرداء، قال يشمل النصف الأعلى من البدن، خياط فصِّل على قدر النص الأعلى من البدن، يلبسه المحرم وإلا ما يلبسه؟
لا يلبسه المحرم، وكذا لو خيط النصف الأسفل لا يلبسه المحرم.
((لا يلبس القمص ولا العمائم)): ويشمل كل ما يغطي الرأس من عمامة وفي حكمها الطاقية والشماغ وما أشبه ذلك.
((ولا السراويلات)): لا يلبس سراويل، سواءً كانت سراويل طويلة أو قصيرة، طويلة أو قصيرة؛ لأنه يشملها اسم السراويل، وهي أيضاً مخيطة على قدر جزء من البدن.
وفي الصحيح عن عائشة أنها رأت أن لا بأس باللبس، السروال القصير يسمونه التبان، لكنه قول مرجوح، العمل على خلافه عند عامة أهل العلم، لكن هذا اجتهادها.
((ولا البرانس)): البرنس يغطي أيش؟ يغطي الرأس، وهو في الغالب متصل بالقميص.
((ولا الخفاف)) الخفاف التي تغطي الكعب.
((إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين)): الذي لا يجد النعلين وهو محتاج إلى الخف، جاءت الرخصة بلبسه شريطة أن يُقطع، ولذا قال:
((إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)): هذا الخبر قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في المدينة.
وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب بعرفات: ((من لم يجد نعلين، فليلبس خفين)) ما في إشارة إلى القطع، ليس فيه إشارة إلى القطع، والحاجة داعية إلى البيان؛ لأنه بعرفات حضره من لم يحضر في المدينة، الحاجة داعية إلى البيان، ولكون الحاجة داعية بل ملحة إلى البيان في هذا الموطن لكثرة من حضر ممن لم يحضر التقييد، قال بعض العلماء: إن حديث ابن عمر منسوخ، منسوخ بحديث ابن عباس، وعلى هذا القول الذي لا يريد النعلين يلبس الخفين من غير قطع، والقول الآخر في المسألة أنه لا بد من القطع.
غاية ما هنالك أن حديث ابن عمر مقيد، وحديث ابن عباس مطلق، والمطلق يحمل على المقيد، لا سيما وقد اتحد الحكم والسبب، القاعدة عند أهل العلم إذا اتحد الحكم والسبب في المطلق والمقيد يحمل وإلا ما يحمل؟ يحمل اتفاقاً، إذا اتحد الحكم والسبب، وعلى هذا لا بد من القطع، ولو لم يذكر في حديث ابن عباس، اكتفاءً بالقيد الذي ورد في حديث ابن عمر، أما لو كان الظرف واحد في الحديثين، لا شك أن هذا من أوضح صور حمل المطلق على المقيد.
لكن الوجه الثاني أو القول الثاني له وجه وهو أن الحاجة داعية إلى البيان، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، نعم بُيِّن سابقاً لكن هل كل من حضر سمع هذا البيان، أو الذي يغلب على الظن أن أكثر من حضر في عرفة لم يحضر في المدينة؛ لأنه لما سمع الصحابة -رضوان الله عليهم- بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عازم على الحج -كما في حديث جابر في مسلم- أتوه من كل ناحية، اجتمع عنده خلائق مد البصر عن يمنيه وعن شماله من أمامه ومن خلفه، مد البصر، فهؤلاء أكثرهم لم يسمع القيد.
ما القول المتجه في هذه المسألة؟
الآن عندنا مسألة حمل المطلق على المقيد لا سيما في مثل هذه الصورة مع اتحاد الحكم والسبب، ظاهر أنه يحمل المطلق على المقيد، وعلى هذا يقطع، ولو لم يذكر في حديث ابن عباس، لعله اختلف الحكم والسبب، أو الحكم فقط، لا يحمل المطلق على المقيد كما هو موضح مفصل، أما هنا اتحد الحكم والسبب، ولذا يختلف أهل العلم في القطع، فمن قائل بالنسخ حديث ابن عباس ناسخ لحديث ابن عمر لما ذكرنا، ومنهم من يقول: لا بد من القطع؛ وحديث ابن عباس مقيد بحديث ابن عمر، ويؤيَّد القول الأول بالنهي عن إضاعة المال وإتلافه، القطع إتلاف للمال أو ليس بإتلاف؟ إتلاف، لا شك أن الأحوط من أراد الاحتياط لنفسه أن يعمل بالأشد وهو القطع، لكن من عمل بالقول الآخر له وجه؛ لأنه يلزم من العمل بالمقيد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في وقت الحاجة إلى البيان ما بين في حديث ابن عباس.
((ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس)): الزعفران معروف، له لون ورائحة، ومثله الورس، نبت طيب الريح، وعلى هذا يمنع المحرم من الطيب بجميع ألوانه وأشكاله.
وللبخاري ((ولا تنتقب المرأة)): يعني لا تلبس النقاب.
((ولا تلبس القفازين)): وهو ما يغطي اليد.
((لا تنتقب المرأة)): والمراد بالمرأة هنا أيش؟ المحرمة، المرأة المحرمة، مفهومه أن غير المحرمة أيش؟ تنتقب، مفهومه أن غير المحرمة لها أن تنتقب، نعم أبو داود يقدح في هذه اللفظة، لكن ليس لأحد أن يقدح والخبر في البخاري.
ولا إشكال في كون غير المحرمة تنتقب، تلبس النقاب، لكن إيش النقاب، ما النقاب؟ ما النقاب الذي تلبسه المرأة المسلمة؟
نقب في حجاب الوجه، نقب بقدر حدقة العين لترى منه الطريق بقدر الحاجة، ولو زاد على هذا القدر ولو مليم واحد من البشرة صار إيش؟ سفور وليس بنقاب، لا بد أن نفهم معنى النقاب، ما يجينا واحد يقول: خلاص النقاب حلال، النقاب حلال، ويكشفون نصف الوجه لا، لا هذا ولا أن نضعف ما في البخاري، ما في البخاري صحيح، ومفهومه صحيح، تنتقب غير المحرمة، لكن إذا أخرج قدر شعرة من البشرة فهو سفور، بل لو قيل بوجوب تغطية بعض العين؛ لأنه لا يتم الواجب وهو تغطية البشرة إلا به لكان له وجه، لا يتوسع في معنى النقاب كما هو موجود الآن، ولا نضعف ما ثبت، أظنه كلام واضح وظاهر، ما يجي واحد يقول سمعنا واحد يقول إن النقاب حلال، إيش النقاب المقصود به، ما النقاب المقصود به؟
كلام على النقاب الشرعي الذي جاء في مثل هذه الرواية: نقب يكون في غطاء الوجه بقدر الحاجة، إن زاد ولو كان شيئاً يسيراً وتعدى العين إلى البشرة فهو سفور ما يسمى نقاب، ولو قيل بوجوب تغطية بعض العين؛ لأنه لا يتم ستر البشرة بالكامل إلا بستر بعض العين، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مقرر عند أهل العلم هذا، فنفهم الموضوع بدقة، لا نضعف ما في الصحيح؛ لأن الناس توسعوا في النقاب، لا، لكن نفهم إذا أردنا أن نعمل بالنصوص لا بد أن نفهم النصوص، الواقع ما يغير من النصوص شيئاً أبداً، نعم الاحتياط مطلوب وسد الذرائع مطلوب ومقرر في الشرع، لكن يبقى أن كل شيء يقدر بقدره، ولا ننزل النصوص على أفهام العامة، لا ننزل النصوص على أفهام العامة: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج].
العامة يقولون: المحروم الذي عنده الملايين لكن ما يستفيد منها، هذا محروم، مسكين يعطى من الزكاة!! ما يعطى من الزكاة، ولو فهم العامة أنه محروم، فالنصوص لا تنزل على أفهام العامة، ولا على أفهام أهل الأهواء، إنما الذي يفهم النصوص على حقيقتها وعلى وجهها هم سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين.
((ولا تلبس القفازين)): وهو ما خيط على قدر اليد، لكن هل لها أن تلبس ما يغطي القدمين؟ أو نقول القدمان مثل اليدين؟ تلبس المرأة المحرم شراب الرجلين؟
نعم تلبس، تلبس؛ لأنها ليست ممنوعة من المخيط إلا ما نص عليه.
حديث ابن عمر سم.
التلبية:
باب التلبية: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) قال: وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها: لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل.
هذه التلبية، والمراد بها إجابة النداء والدعوة، من الله -عز وجل- على لسان خليله إبراهيم: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [(27) سورة الحـج]، ولذا شرع لكل حاج ومثله المعتمر أن يقول: لبيك؛ إجابة لهذه الدعوة، ولهذا النداء، ولهذا التأذين.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) ولذا يقول جابر -رضي الله عنه- وأهلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد، مخالفاً لما كان يهل به المشركون، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، يقولون: إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، يشركون، نسأل الله العافية، الشرك الأكبر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- خالفهم فأهل بالتوحيد، لا شريك لك.
((لبيك اللهم لبيك)): ثم ثنى، يعني إجابة واستجابة بعد استجابة.
((إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)): كرر التوحيد.
قال: وكان ا بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل.
التلبية النبوية التي يقتصر عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يزيد عليها، لا يزيد على ما جاء في صدر هذا الحديث: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) يقول جابر: وكان الناس يزيدون على تلبية النبي -عليه الصلاة والسلام- والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسمعهم ولا ينكر عليهم.
تلبية ابن عمر، زيادة ابن عمر لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل، اكتسبت الشرعية من أين؟ نعم.
من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- والإقرار أحد وجوه السنن، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- لزم تلبيته، هل الأفضل للمسلم أن يلزم ما لزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أو يتجاوزه إلى ما يقوله الصحابة مما لفظه صحيح وأقره النبي عليه الصلاة والسلام؟
يلزم ما لزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى، لكنه إذا سمع أحداً يلبي بغير هذه التلبية ينكر عليه وإلا ما ينكر عليه؟ لا ينكر عليه، يختار لنفسه ما اختاره النبي -عليه الصلاة والسلام- لنفسه، فلا يزيد على تلبية النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لو سمع أحداً يلبي بالصيغ التي جاءت عن الصحابة مما سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم ينكره فإنه ليس له أن ينكر ما أقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالأمر ولو كان خلاف الأولى لا يُنكر، وقد اكتسب الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-.
حكم التلبية:
التلبية سنة عند جمهور أهل العلم، وقيل بوجوبها، ويرفع بها الملبي صوته، كان الصحابة -رضوان الله عليهم يصرخون بها- يرفعون أصواتهم بالتلبية، ويكررون التلبية، والمرأة تخفض صوتها؛ لئلا يفتتن بها، لئلا يفتتن بها من في قلبه مرض، فتخفض صوتها في التلبية بحيث تسمع نفسها ورفيقتها، ولا ترفع صوتها في التلبية، أما الرجل فالمشروع له أن يرفع صوته في التلبية.
التلبية الجماعية:
التلبية الجماعية، بعض الناس إذا اجتمعوا يلبي واحد ثم يلبي الجميع بصوت واحد مرتفع، تلبية جماعية، مثلها تكبير جماعي، تهليل جماعي، كل هذا مما أُحدِث، كل هذا من المحدثات، ينبغي أن يكون كل واحد يلبي بمفرده، نعم.
سفر المرأة بدون محرم:
باب سفر المرأة بدون محرم: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم))، وفي لفظ للبخاري ((لا تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم)). لا بدون إلا،بدون إلا، ليس معها حرمة.
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل لامرأة))، لا يحل: معناه الذي لا يحل، الحل في مقابلة الحرمة، فإذا نفي الحل ثبتت الحرمة، لتتم المقابلة، لا يحل يعني يحرم؛ لأن المقابلة بين أمرين الحلال والحرام؛ لأن الحلال يقابله الحرام، لا يأتينا من يقول: أن الأحكام خمسة، إذا انتفى واحد فمقابله أربعة، يحتمل أن يكون ما دام لا يحل إذاً يكره، لا، نقول الحلال يقابله الحرام، فإذا انتفى الحلال ثبت الحرام، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ}[(116) سورة النحل]، فالمقابلة بين الحلال والحرام فقط، {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ}[(157) سورة الأعراف].
على كل حال مفهوم لا يحل ثبوت الحرمة لمن عملت هذا العمل ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة))، يحرم على المرأة أن تسافر تؤمن بالله واليوم الآخر يعني مسلمة، يحرم على المرأة المسلمة أن تسافر، قد يقول قائل أنه عنده خادمة كافرة، هل يتجه إليها مثل هذا التحريم؟ يتجه إليها مثل هذا التحريم؟ لأنه قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) هي تقول لا تؤمن بالله واليوم الآخر، يحل لها أن تسافر؟
توجيه الخطاب للمسلمين؛ لأنهم هم الممتثلون للخطاب، وإلا فالكفار أيضاً مخاطبون بالفروع، في قول جماهير أهل العلم، وإذا كانت غير ممتثلة للخطاب فالخطاب يتجه على من مكنها من مزاولة هذا المحرم، وهو من أوفدها من غير محرم، وسافر بها بغير محرم، إضافة إلى كونها كافرة وإقامتها في هذه البلاد أيضاً فيها ما فيها.
المقصود أن قوله ((لا يحل)) يعني يحرم، و((لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) يعني مسلمة؛ لأنها هي الممتثلة لمثل هذه التوجيهات الشرعية، وهذا لا يعني أن غير المسلمة يجوز أن تسافر، أو يُسافَر بها من قبل المسلمين، لا، لأنها مخاطبة بفروع الشريعة، وهذا منها، وحينئذ يتجه الخطاب إلى من مكَّنَها.
قد يقول قائل: هو يسافر بالشغالة يمين ويسار من غير محرم، وهي المكلفة هي المخاطبة بهذا النفي وإثبات الحرمة؟
نقول هذا تعاون، إعانة لها على ارتكاب المحرم، والإعانة على ارتكاب المحرم محرمة، {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [(2) سورة المائدة].
((أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)): قد يقول قائل: الآن ما هي مسيرة يوم وليلة؛ تسافر للحج ساعة، ساعة ونصف وهو واصلة في جدة، ما تحتاج إلى محرم.
نقول تحتاج إلى محرم؛ لأن قوله: ((مسيرة يوم وليلة)) لا مفهوم له، لا مفهوم له بدليل أنه اختلف التحديد، في بعض الروايات ثلاثة أيام، وفي بعضها مسيرة يوم، وفي بعضها مسيرة ليلة، المقصود أنها لا تسافر بدون محرم، لا تسافر بدون محرم.
ومع الأسف الشديد توسع الناس في ذلك، يجعل بنته، زوجته، أخته تسافر، ويومياً تسافر بدون محرم، تعمل في بلد آخر وتذهب وتأتي على اعتبار أنها مع جمع من النسوة.
نقول ما يكفي إلا مع ذي محرم منها، يعني من محارمها، ومحرمها زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، هذا المحْرم، أما الجمع من النسوة هذا وإن قال به بعض أهل العلم، لكن ما يكفي إلا مع ذي محرم، يعني محرم منها.
بعض الشراح قال: محرم منه، يعني محرم منه يعني امرأة من نسائه تكفي، التوسع في هذا الباب أورث مشاكل كثيرة، والتساهل والتسامح في مثل هذا يعرض الأعراض للانتهاك، والآن يبنى على مثل هذه المسائل مسائل أخرى، يسأل عنها لتكون شرعية ومبنية على أمور ممنوعة، شخص يسأل يقول: هل يجوز تأخير صلاة الفجر إلى الساعة السابعة؟ لماذا؟ يقول هو يسافر بمدرسات من بلد إلى بلد ولا يتمكن من الصلاة إلا إذا وصل البلد الثاني؟ يريد أن يبني مسائل شرعية على أمور غير مشروعة أصلاً، ما يمكن أن تنضبط الفتوى بهذه الطريقة، ابن نتائج شرعية على مقدمات شرعية، امرأة تسافر بدون محرم، يقول: لا أستطيع أن أقف في منتصف الطريق وأصلي، نقول له اترك هذه المهنة، طيب من يوصل هؤلاء المدرسات؟ يوصلونهن أولياء الأمور، أولياء أمورهن يوصلونهن، المسألة موازنة بين المصالح والمفاسد، إذا كان يستطيع أن يوصلها امتثالاً لهذا الخبر((إلا مع ذي محرم)) وإلا تترك، ما هناك ضرورة ولله الحمد، أما أن ترتكب المحرمات لأمور لا ضرورة داعية إليها، ما وصل الأمر إلى حد الضرورة، ومع ذلك يبني عليه تأخير صلاة الصبح، طيب تصلي قبل ما تمشي، يقول: نطلع قبل صلاة الفجر بساعة، ولا نصل إلا بعد طلوع الشمس بساعة، يريد أن يؤخر صلاة الفجر لماذا؟ لأنه يوصل مدرسات بدون محرم، {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [(40) سورة النــور].
بعض الناس يتسامح يقول: سلم المرأة إلى المطار، سلمها حتى تركب الطائرة، وتُستَلم من المطار الثاني!!! كم حصل من عطل ومن خلل؟، كم حصل من مضايقة في الطائرات للنساء، كم حصل من مضايقة في القطار للنساء، يقول سلمها للقطار في محطة القطار، واستقبلها هناك، أو يستقبلها محرم آخر هناك، نقول: يا أخي اتق الله في محارمك، التسامح والتساهل إلى هذا الحد يورث مشاكل، طيب تعطل القطار، تعطل القطار في آخر السفر، قبل سنتين أو ثلاث في منتصف الطريق في الظلام وبين أشجار والقطار فيه أكثر من خمسمائة امرأة ولا فيه إلا يمكن خمسين رجل، هؤلاء النسوة بذمة من؟
أولياء الأمور، يتحمل أولياء الأمور، فمثل هذا التساهل يجر إلى كوارث، أيش المانع، يا أخي .... ألا تسافر البتة هو الحاجة أو الضرورة إلى هذا السفر.
الحج ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام إذا لم تجد المرأة محرم تُلزَم بالحج؟ ما تلزم بالحج بل من شروط وجوب الحج على المرأة وجود محرم، والله المستعان.
((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)): كذا، نعم، هذا لفظه؟ ((ليس معها حرمة))؟
طالب: ((إلا ومعها ذو محرم)).............
ليس معها حرمة، وهو بمعنى واحد، المعنى ما يختلف، ويأتي من يقول، أو من يفسر النصوص على حسب فهمه أو العرف العامي عنده حرمه، ليس معها حرمة، إيش معنى حرمة؟ امرأة.
فالنصوص ما تفسر باصطلاحات العامة وأفهام العامة، وإنما تفسر بفهم السلف، لا بد من المحرم وهو الزوج أو من تحرم عليه على التأبيد ممن بلغ سن التكليف، ولم يتصف بالغفلة، والعلماء يختلفون في الأعمى، هل يكفي في المحرمية أو لا يكفي؟ والصواب أنه يكفي، عنده من الحساسية ما يجعله يحافظ على موليته.
وفي البخاري ((لا تسافر مسيرة)) أيش..
طالب..........
وفي لفظ للبخاري.
طالب: ((مسيرة يوم))..
مسيرة يوم، فين مسيرة، وهذا ليس اللفظ للبخاري، هذا اللفظ لمسلم هذا لفظ مسلم وليس لفظ البخاري وإن وهم المؤلف -رحمه الله- تعالى. على كل حال هذا نهي صريح لا تسافر، والنهي يقتضي التحريم.
طالب......
كثير؟
طالب: نعم.
نجيب على واحد اثنين هاتها..
"هو مخيط إذا كان مخيط على النصف الأسفل من البدن هو مخيط، لا يجوز لبسه؛ لأنه إذا خطت الإزار بإمكانك أن تخيط الرداء، وبدل ما تلبس رداء يشغلك ويتعبك، تلبس فنيلة وتكفي يكفي إيش المانع؟ إذا خطت الإزار وأيش المانع أن تخيط الرداء، الحكم واحد.
نحن قلنا الحج على الفور والقول المعتمد عند أهل العلم، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إذا كنت قادراً على الحج.
وأنا أريد أن أحج هذا العام ولكن والدتي تصر على الحج معي، ولكني لا أستطيع الحج بها؟ لسببين: قدراتي المادية..؟
على كل حال لا يلزمك أن تحج بها، حج بنفسك ولا يلزمك أن تحج بها، لكن إن حججت بها فهو من البر، ومن أعظم و جوه البر.
أما من يشتغل بالأمور المحرمة فهذا معرض نفسه للعقوبة ولتجارته وكسبه بالمحق وعدم الإفادة منه، بل هذا المال وهذا الكسب يكون وبالاً عليه يوم القيامة، والخادمة كغيرها تحتاج إلى محرم.
أما عند الشافعي إن كان مذهبها شافعي وترى ذلك أنها يجوز لها أن تحج مع رفقة مأمونة من النساء هذا كل عليه أن يعمل بما يدين الله به، من أفتاه إذا أفتاه من تبرأ الذمة بفتياه وقال هذا القول له وجه وأفتاه بذلك، إذا كانت الذمة تبرأ بهذا المفتي لا بأس، أما أن يجتهد بنفسه وهو ليس بأهل للاجتهاد لا يجوز له ذلك، فالأصل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله وليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم)).
يقول: مع العلم أنه يحصل من المحرمات ما الله به عليم؟
لا بد أن يحصل، مع التجاوزات الشرعية لا بد أن يحصل، والسيئات بعضها عقوبة لسيئة أخرى، ففي الخبر: "السيئة تقول أختي أختي" كما أن الإنسان إذا عمل حسنة خالصة لوجه الله -عز وجل- فإنها تقول أختي أيضاً فيوفق لعمل حسنة أخرى، وهكذا.
يقول: ما هو توجيهك لمن لديه خادمة ويشترط عليه الحج بها؟
هذا شرط ليس في كتاب الله، نقول: لا بأس إذا اشترط عليه أن يحج بها أن يدفع لها نفقات الحج وفاءً بهذا الشرط، لكن لا يخالِف، لا بد أن تحضر محرم يحج بها.
على كل حال إذا كان سفر خارج البلد لا بد فيه من المحرم ومعنى لا يحل يعني يحرم، ولا تسافر نهي، والنهي يتقضي التحريم، فإذا حرم عليها حرم على من يعينها على ذلك.
الأصل أن تحرم من ميقات؟ أيش؟ هو نوى العمرة من مصر؟ من ميقات بلده، وينتقل من بلد إلى آخر بإحرامه، لكن لو تجاوز ميقات بلده، وتجاوز ميقات المدينة، وتجاوز ميقات... المواقيت التي يمر بها وذهب على كما قال إلى السيل الكبير، وأحرم إلى العمرة على رأي مالك لا يلزمه شيء؛ لأنه ميقات شرعي معتبر ومر به، ميقات شرعي ومر به، وعلى كل حال مذهب الجمهور يلزمه دم، على مذهب الأكثر يلزمه دم.
لكن ما لون هذا الإزار، وما لون ذلك الرداء، وما سمكه وما حجمه؟ يحتاج إلى توصيف، ولذا يكون الجواب بمحصور، فإذا ذكر ما يمنع فما عداه مباح، ولذا يقول أهل العلم في الجرح والتعديل: لا بد من بيان سبب الجرح، وأما التعديل فلا يشترط بيانه، لا يشترط بيان سبب التعديل، لماذا؟ لأنه لا يمكن حصره، أما الجرح فيحصل بشيء واحد يمكن حصره، إذا قيل فلان ثقة، هل يلزم بيان كونه ثقة لأنه يصلي ويصوم ويحج ويبر والديه ولا يتعامل بالربا، ولا .. ما يحتاج، لكن سبب الجرح لأنه يحصل بشيء واحد لا بد منه عند جمهور أهل العلم.
فلان ليس بثقة لماذا؟ لأنه يغش في المعاملة، لماذا؟ لأنه عاق، أو لأنه يشرب، أو ما أشبه ذلك.
هل فيه معارضة ولو من وجه بين الحج والصوم، لكي نقدم أحدهما على الآخر، هذا له وقت وهذا له وقت، لكن قد يقول قائل: إذا كان الحج أهم وعلي كفارة بسبب صيام، يقول: هو لا يستطيع الصيام فيعدل حينئذ إلى الكفارة ويملك ما قيمته إطعام ثلاثين مسكين، والحج يكلفه هذه القيمة، هل يصرف هذا المبلغ في الحج أو في كفارة الصيام؟ المسألة افتراضية، يعني ما يظهر وجه تعارض بين الحج والصوم إلا في هذه الصورة يمكن؟ يظهر وجه فيه تعارض بين الحج إلا في هذه الصورة؟ لأنه يقول هل يترتب على تقديم الحج على الصوم أمور وأحكام، نفترض أن شخص يملك ثلاثمائة ريال ها الثلاثمائة تمكنه من الإطعام ثلاثين مسكين أفطرها في رمضان وهو لا يستطيع الصيام، وتمكنه من أن يؤدي فريضة الحج، هل يقدم الحج أو يقدم كفارة الصيام لأنها بدل والبدل له حكم المبدل؟ غير مالك في مال الحج، هو عنده ثلاثمائة ريال حج بها، يمكن يحج بها، هذا الكلام، هذا الكلام على هذا السؤال، أنا أقول، هو يقول: هل يترتب على تقديم الحج على الصوم أمور وأحكام؟ يعني هل هناك وجه تعارض بين الحج والصيام لنحتاج إلى تقديم أحدهما على الآخر؟ في مثل هذه الصورة يتصور، فإذا قلنا أن الحج مقدم على الصيام نقدم الحج على الإطعام الذي هو بدل عن الصيام؛ لأن البدل له حكم المبدل، والذي يقول: لا، الصيام هو الركن الرابع والحج هو الخامس وعليه الأكثر يكفر عن ما أفطره في رمضان ثم إن وجد سعة يحج وإلا فهو معذور.
الوقت -وقت التكفير تقصد- التكفير موسع، يعني إلى إيش، والحج على الفور، له وجه وإلا ما له وجه؟
أنا أقول مثل هذا الاختلاف على بعده متصور، هذا مجرد تصوير وافتراض، متصور على بعده.
إنسان يحرم من بيته ويقول لا شيء في ذلك؟ يقول لكن الأفضل الإحرام من الميقات وهذا البيت في الرياض؟
شخص أحرم قبل الميقات المكاني، وجاء عن علي -رضي الله عنه- في تفسير قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [(196) سورة البقرة] قال: إتمام الحج والعمرة أن تحرم بهما من دويرة أهلك، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحرم من الميقات.
لا شك أن الإحرام قبل الميقات زيادة على ما شرعه الله -عز وجل- فالمشروع أن تحرم من الميقات المحدد، فكما أنه لا يجوز لك أن تحرم بالحج قبل ميقاته الزماني، فكذلك لا يجوز لك أن تحرم به قبل ميقاته المكاني، وجمهور أهل العلم على الكراهة، يكره أن يحرم قبل الميقات، لعله يريد أن يقول: هو يحرم من بيته، يعني يلبس الإحرام ويتجهز بحيث إذا ركب الطائرة ما يحتاج إلى أن يتجهز لصعوبة التجهز في الطائرة، إذا كان المراد التجهز هذا ليس بإحرام، الإحرام نية الدخول في النسك، لا ينوي الدخول في النسك من بيته؛ فيكون قد زاد على ما شرعه الله وما فعله نبيه -عليه الصلاة والسلام- والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
لا ليست بميقات وليست بمحاذية للميقات إلا بالنسبة لمن جاء من سواكن من السودان، جدة محاذية للميقات، وما حكم من يأتي من الخارج وهو لا يحاذي الميقات؟؟ فهل عليه شيء إذا أحرم من جدة؟ نعم، هو يحاذي الميقات، إذا جاء من المغرب أو من مصر يحاذي الميقات قبل جدة.
في كلام طويل لأهل العلم، لكن يمكن حمله لو صح على أنه لا يدخل أحد مكة ممن يريد الحج والعمرة إلا محرم؛ ليتفق مع الحديث.
لا، هذه ليست من التلبية.
يأتي لذلك ما ذكرناه عن مالك وعن الجمهور، من تعدى الميقات عند الجمهور لا بد أن يرجع إلى نفس الميقات، وعند مالك يكفيه أن يرجع إلى أقرب المواقيت.
مسألة التكرار مسألة يختلف فيها أهل العلم لكن كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أذن لعائشة أن تعتمر وقد اعتمرت مع حجها؛ فهي حجت قارنة، ومع ذلك أذن لها أن تعتمر وأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، لكن لا يكون ديدنه ذلك يعتمر ويحل ويعتمر لا، لكن لو قدر أنه ممن يتأخر مجيئه إلى مكة أزمان ثم استغل هذا الوقت في أكثر من عمرة لا بأس إن شاء الله تعالى.