عمدة الأحكام - كتاب النكاح (1)

قال -رحمه الله تعالى-:

كتاب: النكاح

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب: النكاح

والكتاب عُرف في مناسبات كثيرة، مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتْباً، والأصل في هذه المادة الجمع، يعني كما يقولون: تكتب بنو فلان اجتمعوا، وجماعة الخيل كتيبة، ويقول الحريري في مقاماته:

وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً

 

ولا قرؤوا ما خُط في الكتبِ

وفيه البيت السفيه الذي يصان المسجد والحضور منه، ويذكرونه في هذا، فالكتاب مصدر من المصادر السيالة التي توجد شيئاً فشيئاً؛ لأن الكتاب والكتابة إنما توجد شيئاً فشيئاً، توجد من اجتماع حروف وكلمات وجمل وصفحات ويصير كتاب، يعني لا يوجد دفعة واحدة، والمراد به المكتوب الجامع لمسائل النكاح، النكاح مصدر نكح ينكح نكاحاً ونكحاً، وهو في الأصل الضم والتداخل، تناكحت الأشجار إذا أنضم بعضها إلى بعض بسبب الرياح، ويطلق ويراد به العقد، ويطلق ويراد به الوطء، ويختلفون في الحقيقة من الأمرين، حقيقة النكاح هل هي العقد أو الوطء؟ معروف عند أهل العلم الخلاف، لكن شيخ الإسلام يقرر أن النكاح المأمور به لا يحصل بأحدهما، لا بد من العقد والوطء، والنكاح المنهي عنه يحصل بأحدهما، فمثلاً هذا الحديث: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) هذا أمر، لو قال شخص: أنا أمتثل هذا الأمر أعقد وأطلق، ما أطأ، وأكون امتثلت هذا الأمر، أمتثل وإلا ما أمتثل؟ ما أمتثل حتى يتم الأمر على العقد والوطء، فالوطء من دون عقد لا يتم به الامتثال، والعقد بدون وطء لا يتم به الامتثال، بل لا بد من حصول الأمرين، هات النكاح المنهي عنه {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم} [(22) سورة النساء] لو قال: النكاح حقيقة الوطء، هو يريد أن يعقد على زوجة أبيه مجرد عقد؛ لأن حقيقة النكاح الوطء، يبي ينعقد عليها ولا يطأها، نقول: لا، النكاح المنهي عنه ينصرف إلى كل واحد منهما، فلا يجوز العقد وحده، ولا يجوز الوطء وحده، ومن باب أولى أن لا يجوز الجمع بينهما، بخلاف النكاح المأمور به فإنه لا يتم امتثال الأمر إلا بحصول الأمرين معاً، هذا ما قرره شيخ الإسلام، وعليه تدل النصوص؛ لأن هناك بعض الصور التي تظهر فيها بعض الحيل، تيمور لما أعلن إسلامه وهو رجل ظالم غاشم ولا يُدرى عن صدق إسلامه وعدمه، وإذا تحته زوجات أبيه، العلماء خافوا أن يخبروه بهذا الأمر، لو أخبروه بهذا الأمر أرتد وقتلهم وآذاهم، فهو مسلم مكلف مطالب بالأوامر والنواهي، والله -جل وعلا- صرح {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم} [(22) سورة النساء] يتكايس بعضهم وقال: افتيه بأن نكاح الأب باطل؛ لأنه كافر، عقده على هؤلاء النسوة باطل، إذاً عقدك أنت صحيح، لكن مثل هذا يقول بعض أهل العلم فيمن ذكره في ترجمته يقول: هذا عين الفقه، فقه من أي وجه! فقه مبني على نصوص أو على مصالح ومفاسد؟ نعم؟ مصالح ومفاسد، لكن المصالح والمفاسد إذا عارضت النصوص الصحيحة الصريحة فالمصلحة في إتباع ما جاء عن الله ورسوله، يعني مثل الفتوى التي أفتي بها بعض الملوك لما وطء في نهار رمضان قيل له: تصوم شهرين، قادر على أن يعتق، قال: لا لا يصوم شهرين، لو المسألة عتق بيطأ كل يوم، سهل الأموال موجودة والإماء موجودة والعبيد موجودين، لكن يؤمر بصيام شهرين متتابعين علشان ما عاد يقع منه مرة ثانية، لكن يمشي هذا مع أن الكفارة مرتبة؟ ما يمشي، الفتوى باطلة، الفتوى إذا خالفت النصوص الصريحة الصحيحة التي لا تحتمل لا قيمة لها، ولو كانت المصلحة في ظاهر الأمر، وإلا ما يمكن أن تأتي مصلحة مخالفة لنص صحيح صريح أبداً، ولذا لا يمكن تعارض العقل الصريح مع النص الصحيح، والمصلحة ما شهد العقل بصلاحيتها.

((يا معشر الشباب)) هذا الحديث له سبب إيراد؛ لأن عند سبب ورود وسبب إيراد، ما الفرق بينهما؟ سبب الورود الذي بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- على أن يقول هذا الخبر، وسبب الإيراد الذي دعا الراوي لرواية هذا الحديث، سبب الإيراد -إيراد ابن مسعود لهذا الخبر- أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال لابن مسعود: "ألا نزوجك -يعرض عليه- بكراً تعيد لك ما مضى من شبابك" عثمان هو الخليفة، وابن مسعود في السبعين من عمره "ألا نزوجك بكراً تعيد لك ما مضى من شبابك" فماذا كان جواب ابن مسعود؟ هل قال: فرصة العمر ما تتعوض، لو خطبنا ردونا قالوا: شايب؟ أو محض النصيحة؟ فيه منقبة للطرفين، منقبة لعثمان حينما عرض على هذا العبد الصالح الحبر، من علماء الأمة ابن مسعود، منقبة له، ما قال: هذا شايب -والله المستعان- البنت ما تستمتع ولا تتلذذ وش بتسوي مع الشايب، وابن مسعود وش وزنه في الطول والعرض؟ صغير الجسم جداً، لكن ما ينظرون إلى ما ينظر..، المقاييس الآن مختلة، يهمه أن هذا العبد الصالح يحفظ هذه البنت، وترغب أيضاً هذه البنت في مثل هذا الرجل؛ لأنه اختيار أبيها، وأبوها مشهود له بالجنة، ما يمكن أن يختار لها غير ما يصلحها في دينها ودنياها، فهذه منقبة لا شك لعثمان -رضي الله عنه-، ومنقبة أيضاً لابن مسعود، حيث لم يقل مثلما يقول الناس اليوم: فرصة ما يمكن تصلح ثانية، شايب في السبعين من عمره تعرض عليه بنت صغيرة بكر، ماذا قال ابن مسعود؟ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر الشباب)) كأنه يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قال: يا مشعر الشيوخ، والمعشر هم الجماعة والقوم الذين يشملهم وصف واحد، فالشباب معشر، والشيوخ معشر، والكهول معشر ((يا معشر الشباب)) والشباب بعد الطفولة..، الشباب إلى الكهولة، منهم من يحد الشباب إلى الثلاثين، أو إلى الثالثة والثلاثين، وما بعد ذلك كهولة إلى الأربعين، ثم الشيخوخة.

((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) وسياق الحديث من قبل ابن مسعود يدل على أنه يكره للشيوخ أن يتزوجوا الصغار، واضح من تصرفه، قد الناس تختلف حاجاتهم، وتختلف أيضاً قدراتهم من الشيوخ من هو أفضل من كثير من الشباب، لكن هذا قليل، فاتجاه الخطاب إلى الشباب، أقول: توجيه الخطاب إلى الشباب لأنهم هم المظنة للقدرة وشدة الشهوة، ولا يعني أن الشيوخ من ماتت زوجته أو أراد أن يعدد يقال له: لا لا أنت شيخ ما تخاطب بمثل هذا، نقول: لا، لكن هم المظنة، الشباب هم المظنة في الغالب، وإلا يوجد من الشيوخ من هو أقوى من الشباب.

((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة)) الباءة هذه هي منهم من قال: هي النكاح نفسه، ومنهم من قال: مؤن النكاح، هي النكاح بصورته الكاملة، ومنهم من قال: هي مؤن النكاح التي بواسطتها يستطيع النكاح، ومنهم من قال: المراد بالباءة الوطء، لكن السياق يضعف هذا القول، السياق يضعف القول الأخير لماذا؟ من لم يستطع الباءة عليه بالصوم هذا ما يوجه بشيء، من الأصل ما يحتاج إلى توجيه، الذي لا يستطيع الوطء يقال له: صم؟ نعم؟

طالب:.......

لا لا هذا القول ضعيف وإن قيل به، من  استطاع منكم الباءة هي النكاح بجميع متطلباته، أو مؤن النكاح على وجه الخصوص، وأصله من المباءة؛ لأن من يتزوج يبوء الزوجة منزلاً، يتخذ لها منزلاً، وهي مباءته وسكنه ومنزله.

((من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) اللام هنا لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وقال به أهل الظاهر، أما جمهور أهل العلم فعندهم النكاح تعتريه الأحكام الخمسة، من دعته الحاجة إلى ذلك، وخشي على نفسه العنت، واستطاع مؤن النكاح هذا يجب عليه أن يتزوج، من تاق إليه لكنه لم يستطع مؤن النكاح مثل هذا يسعى جاهداً في تحقيق الأمر، لكن إذا لم يستطع لا يكلف الله نفساً إلا وسعها {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [(33) سورة النــور] هذا السنة، يقولون: الشخص الذي لا داعي ولا رغبة له في النكاح مثل هذا يباح في حقه، يعني مع القدرة على المعاشرة، مع أن إذا كان يستطيع أن يعاشر النساء ولو لم تكن لديه رغبة لا شك أنه يتجه إليه الأمر، وأقل ما في الأمر الاستحباب، أما من يريد أن يتزوج للضرر مثلاً، يتضرر به النساء، أو يريد مضارة النساء هذا يحرم في حقه؛ لأن بعض الناس لئام، يتزوج فلانة، يدفع لها مبلغ، ثم يؤذيها، ويضيق عليها لتخالع، وتدفع له أكثر مما أعطاه، بهذه النية من يتزوج، ووجد من اللئام من يتزوج بهذه النية، هذا يحرم النكاح في حقه، يكره في حق من يغلب على ظنه أنه لا يستطيع معاشرة النساء، والحاجة ليست داعية، يكره في حقه، ولا شك أن الهدف الشرعي من النكاح المودة والرحمة والسكن، وكون المرأة لباس وهو لباس لها، والامتزاج والاختلاط الذي يحصل به السكن النفسي، والطمأنينة ويحصل من آثاره الولد، لكن شخص توفيت زوجته ولا قدرة له على معاشرة النساء، يريد أن يتزوج زوجة مؤنسة بس لا أكثر ولا أقل، فإذا أخبرها بأنه لا حاجة له بالنساء ولا قدرة له على النساء وقبلت نكاح، ولا شك أن فيه من التعاون على طاعة الله -جل وعلا- كما يقول بعضهم، هذا موجود، لكن لا يحقق الهدف الكامل من النكاح، يحقق جزء الهدف، وهو أفضل من كون الإنسان يبقى أعزب، مثل هذا أفضل؛ لأنه يحصل فيه من المصالح..؛ لأن مصالح النكاح كثيرة جداً، أقل الأحوال أن كل واحد ينشط الثاني في طاعة الله -عز وجل-، هذا مطلب، فإذا وجد من تقبله بهذا الشرط...

((فإنه أغض)) الزواج أغض للبصر، نعم أغض للبصر، بصر من؟ بصر من يأتمر بالأوامر، وينتهي عن النواهي {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النــور] إذا كان ممن يأتمر بالأمر، وإلا بعض الناس إذا تزوج زاد شرهه وزاد نظره، وعلى ما يقول العوام: تفتحت عيونه، بدأ يعرف، مثل هذا ما هو بعبرة، نقول: إنه مخل بالقاعدة النكاح زاد، لا، نقول: هو أغض للبصر، والمخاطب بهذا الرجل السوي الملتزم بأحكام الشرع، وإلا تصور شخص تزوج امرأة متوسطة وصاحب نظر وإرسال، ونظر في وسائل إعلام وقنوات ومجلات، مثل هذا النكاح ما يحل الإشكال عنده؛ لأن الشرع لا بد أن يؤخذ جميع، فإذا حصل تفريط وخلل لا تترتب الآثار الشرعية على هذه الأوامر، إذا أخذ ببعضها دون بعض، ما دام النكاح أغض للبصر، يبي يتزوج ويرسل بصره، يقول: البصر ما يضرنا هذا، البصر هذا وجوده مثل عدمه، أنا عندي زوجة، والشرع يقول: ((فإنه أغض للبصر)) أغض للبصر لمن أتمر بالأوامر الشرعية، الأصل في المسلم ولو لم يتزوج يلزمه أن يغض بصره، لكن الزواج يعينه على تحقيق امتثال الأمر.

((وأحصن للفرج)) لا شك أن الشخص الذي عنده زوجة يخرج شهوته معها أحسن، والمرأة التي عندها بعل يفي بحاجتها محصنة ((ومن لم يستطع)) لم يستطع الباءة، لم يستطع مؤن النكاح، لا سيما مع غلاء المهور والتكاليف والتبعات، لم يستطع ((فعليه بالصوم)) إغراء؛ لأن الصوم بل الشهوة تابعة لشهوة الأكل، يعني الوقود -وقود الشهوة- هو الأكل، فإذا قل الأكل ضعفت الشهوة، والمراد به الصوم الشرعي؛ لأن بعض الناس وهذا موجود، والأسئلة عنه كثيرة، يقول: ما تزداد شهوته إلا إذا صام، لكن هل امتثلت الصوم الشرعي مع ما يتقدمه؟ هذا إذا تسحر أكل وقود أسبوع، مثل هذا يفيده الصيام؟! نعم؟ مفعول الأكل هذا الذي أكله في السحور وقد اتخم من كثرة الأكل مفعوله ما يأتي إلا بعد صلاة الظهر والعصر، لكن المسألة لا بد أن تضبط بضوابط شرعية، الصوم الذي تترتب عليه آثاره، الذي يتحقق منه الهدف الشرعي الذي عقبت به آية فرضية الصيام، ما أعظم فوائد الصيام، أعظمها التقوى، لعلكم تتقون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} ليش؟ {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] فالصيام الذي لا يقود صاحبه إلى التقوى لا تترتب آثاره عليه، يعني مثل ما قيل في الصلوات، ومثل ما قيل في الحج، ومثل ما قيل في سائر العبادات، الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن، لكن صلاة تؤدى بلا خشوع، بلا حضور قلب، ليس لصاحبها منها إلا العشر، هذه إن كفرت نفسها نعمة، كيف تكفر السيئة؟ فالمقصود بالعبادات التي تترتب عليها آثارها التي تؤدى على الوجه الشرعي، التي تؤدى على الوجه الشرعي هي التي تترتب عليها آثارها، صيام المتقين هو الذي يغض البصر، ويحصن الفرج، أما يصوم بعد أن أكل ما يكفيه لمدة أسبوع، يصوم ومع ذلك يعرض نفسه للفتن، ويقول: أنا والله جربت الصيام ما نفع، ينفع لكن أي  صيام جربت؟ ما هو صيام شرعي هذا، وإن كان الإمساك من طلوع الفجر إلى غياب الشمس مجزئ ومسقط للطلب، لكنه مثل الصلاة هل ينصرف صاحبها بربعها بثلثها بنصفها بعشرها؟ قد تترتب عليه بعض الآثار، لكن الآثار المرجوة مثل ما في هذا الحديث ما تترتب، النبي -عليه الصلاة والسلام- وجه من لا يستطيع النكاح –الباءة- وجه إلى الصيام، ولو جاز غيره لوجه إليه، فما يسمى بالعادة السرية يفتي أهل العلم بتحريمها؛ لأنها لو كانت جائزة لأمر باستعمالها، كل أحد يستطيعها، وتخفف الشهوة، بل تطفئ الشهوة، ويؤيد ذلك قوله -جل وعلا- في سورة المؤمنون، وأيضاً في سورة المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(5-6) سورة المؤمنون] فقط، فالمفتى به أنها حرام، لكن قد يقول قائل -وقد قيل- ممن يفتي خلال القنوات وغيره، الآن الشاب في هذه الظروف لا سيما الذي يتعرض للفتن، وينظر في الوسائل مثل الغريق الذي لا يجيد السباحة، فإما هذا وإما هذا، ما عنده حل أبداً، إلا إما زنا -نسأل الله السلامة والعافية- بالفاحشة، أو بالعادة هذه، فأضطر بعضهم إلى أن يفتي بجوازها نظراً للضغوط التي يعيشها الشباب، نقول: هذه الضغوط لا تغير من الأحكام شيء، تبقى محرمة، لكن إذا كان لا محيد إما هذا أو هذا نقول: ارتكاب أخف الضررين مع الاعتراف بأنه محرم، ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع، مع أنها تبقى محرمة، فإذا لم يبقَ وسيلة إلا هذا أو هذا، يعني ما بينك إلا قتل فلان أو أخذ ماله، أخذ ماله أسهل، يعني ما في مندوحة إلا مكره أو ملجأ إلى أن تقتل فلان أو تأخذ ماله، نقول: خذ ماله يا أخي أسهل، مع أن أخذ المال حرام، فارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع كما هو معروف، وتبقى محرمة.

((من لم يستطع فعليه)) هذا إغراء، وهل هذا إغراء لغائب؟ لأن الهاء ضمير غائب، وعندهم لا يجوز إغراء الغائب، إنما يقال: عليك، عليك، عليك بكذا، عليك بالصلاة، عليك بالصيام، عليك بالصدقة، تغري حاضر، أما غائب ما يغرى، وهنا ((فعليه)) ولذا قال بعضهم: إن التعبير فيه ما فيه؛ لأنه إغراء للغائب، نقول: هذا ليس بغائب، يعني الإتيان بضمير الغيبة هنا للإبهام ولإرادة التعميم، المغرى الحاضر ((يا معشر الشباب)) هذا هو المغرى، يا معشر الشباب المخاطبين، وفي حكمهم كل من اتصف بوصفهم، فهذا إغراء لحاضر لكنه مبهم غير معين؛ ليشمل هؤلاء وغيرهم، نعم.

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن نفراً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- سألوا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم
: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراشي، فحمد الله وأثنى عليه وقال: ((ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن نفراً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-" جماعة من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- سألوا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمله ليقتدوا ويأتسوا؛ لأنهم أمروا بذلك، ولا شك أن الداعي والدافع هو الحرص على الخير والرغبة فيه "سألوا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمله في السر" ليعملوا مثل عمله، لكن لما أخبروا كأنهم تقالوها، وقالوا: النبي -عليه الصلاة والسلام- غفر له ما تقدم من ذنبه، ومعصوم، يعمل هذا وهو معصوم، إحنا كيف بنا ممن يزاول المنكرات؟ لا بد لنا من مكفرات، أن نعمل أكثر مما عمل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن الباعث هو الرغبة في الخير، لكن هل كل رغبة في الخير يوفق صاحبها لعمل الخير، هل كل مريد للخير يصيبه؟ ما يلزم إلا إذا استن بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام- ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) وجوده مثل عدمه، بل العكس الابتداع كل بدعة ضلالة.

"فقال بعضهم: لا أتزوج النساء" وهذه حجة كثير من بعض طلاب العلم، كثير من طلاب العلم، يقول: يا أخي تزوج كأني أحط في حلقي حبل بهذه الزوجة، ودنا، رح بنا، جب لنا، هات، تعوقني عن تحصيل العلم، لا يتزوج حتى يتخرج ويبني المستقبل، ويؤمن المستقبل، وما يدري أن الزواج يعينه في دراسته، يعني هناك راحة وطمأنينة نفسية، يعني إذا مسك الكتاب ما يسرح، يعني كثير من الشباب وعندهم هذه الشهوة، يعني هي الشغل الشاغل لكثير من الشباب، فتجده يفكر باستمرار، وهم يتفاوتون، لا شك أن التفاوت موجود، لكن القاسم المشترك أن الشباب في الجملة موجودة الشهوة، فتجده يفكر، ومنهم من يقول: أنا لا أتزوج حتى أؤمن المستقبل، وأتخرج، وأبني بيت وأملك ما أدري إيش؟ ما هو بصحيح، من أجل إيش تتخرج؟ من أجل إيش تطلب العلم؟ أليس الهدف حصول الأجر والثواب من الله -جل وعلا- بهذا العلم؟ نعم تطلب على وجه رغبت فيه عن سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟! قال: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم؛ لأن أكل اللحم عرف عند المترفين، اللحم ترف، فلا يأكل اللحم ليوفر له أجره وثوابه كامل يوم القيامة، واللحم من النعيم الذي يسأل عنه، فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فحمد الله وأثنى عليه، هذه عادته، إذا سمع بمخالفة أو وجد ظاهرة هذا من البيان المطلوب من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن أهل العلم لا بد منه، وعدم البيان كتمان، {الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ} [(159) سورة البقرة]... من يرضى لنفسه بهذا؟! البيان لا بد منه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- بين، حمد الله وأثنى عليه وقال، ما قال: هؤلاء خلهم ينشغلون بالعبادة، ويكفون شرهم عن الناس؛ لأن بعض الناس عنده تصور اجتهاد منه حتى وصل الأمر ببعضهم أنه يشهد أنه رأى الهلال وهو ما رأى الهلال -هلال رمضان- وهو ما رأى الهلال تقول: على شان إيش؟ يقول: خلهم يصومون هذا اليوم، لو زاد يوم يكفون شرهم عن الناس، الصيام ما فيه إلا خير، نقول: لا يا أخي هذا شر محض الذي صنعته، ولذا بعض العباد الجهلة وضعوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- أحاديث في فضائل القرآن، انصرف الناس وانشغلوا عن القرآن، يبي يرغبهم بالقرآن، الدين كامل، في حياته -عليه الصلاة والسلام- لا يقبل زيادة، وليس بحاجة إلى إفك أفاكين، أو وضع وضاعين أبداً.

"فحمد الله وأثنى عليه" فالثناء غير الحمد، وتفسير الحمد والثناء من قبل جمهور العلماء، يقولون: الحمد هو الثناء ليس بصحيح، كما ذكر ذلك ابن القيم في الوابل الصيب، بدليل هذا "فحمد الله وأثنى عليه" وفي حديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي)) فالحمد شيء والثناء شيء آخر؛ لأنه تكرار للمحامد "وقال: ((ما بال أقوام قالوا: كذا وكذا))" وهذه هي الطريقة النبوية والمنهج الشرعي في الإنكار، ما يصعد المنبر يقول: فعل فلان بن فلان، وقال فلان بن فلان، وإن كان معروفاً عند الناس، يعني هؤلاء الذين قالوا معروفين، اجتمع المدينة كلها، وش هو؟ معروفين، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يسمهم بأسمائهم، وهذا توجيه وأدب نبوي رفيع ينبغي لأهل العلم وأهل الحسبة وأهل الدعوة والخطباء والأئمة كلهم يمتثلون مثل هذا، أنت ما لك غرض في فلان أو علان، ليس لك غرض في أشخاصهم، إنما غرضك في أن يزال هذا الذي ارتكبوه.

((ما بال أقوام قالوا كذا وكذا)) وهو ما أشير إليه في الحديث، قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وبعضهم قال: لا آكل اللحم ((لكني)) يعني نفسه -عليه الصلاة والسلام- ((أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء)) وهذه كلها مما يعين على طاعة الله -عز وجل-، وإذا استحضرت فيها النية وأنها تعين على تحقيق العبودية صارت عبادات، إني لاحتسب نومتي كما أحتسب قومتي، بعض الناس نومهم عبادة والبعض الآخر عباداتهم أوزار {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] ((لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)) هذا وعيد شديد؛ لأن من يرغب عن السنة ويبتلى بالبدعة، يبتدع في الدين {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [(27) سورة الحديد] الآن إيش معنى الآية؟ ورهبانية ابتدعوها؟ يعني زادوا فيما شرع لهم {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ} [(27) سورة الحديد] كيف ابتدعوها وما كتبناها عليهم إلا؟ أو رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ويكون الاستثناء منقطع؟ رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم، وإنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله فيما شرع لهم، ومنهم من يقول: إن الأصل أنها ما كتبت، لكنها كتبت بعد ما ابتدعت، فصارت مما ألزموا به أنفسهم كالنذر، يعني الإشكال في الآية واضح وإلا ما هو واضح؟نعم؟

طالب:........

طيب، ورهبانية ابتدعوها، يعني الابتداع في الدين عمل أي عمل شرعي يبتغى به وجه الله ويتعبد به، ولم يسبق له شرعية في نص شرعي، ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله هل هذا متصل وإلا منقطع؟ يعني هل المستثنى من جنس المستثنى منه أو من غيره؟ فتكون إلا بمعنى لكن إذا قلنا: الاستثناء منقطع، إذا قلنا: الاستثناء متصل والمستثنى من جنس المستثنى منه، قلنا: هذه الرهبانية ابتدعوها في أول الأمر ثم كتبت عليهم، وصار فيها ابتغاء رضوان الله، لكن منهم من رعاها حق رعايتها، ومنهم من فرط فيها، مثل من يلزم نفسه بنذر، ينذر أن يصوم شهر، ثم بعد منهم من يفي بنذره، ومنهم من يفرط، فيأثم بهذا النذر، لا سيما إذا كان المنذور مما يشق، مثل من نذر صيام عشر سنوات متتالية، لا شك أنه شق على نفسه، و((من نذر أن يطيع الله فليطعه)) وهنا الرغبة عن السنة لا شك أن من يرغب يبتلى ببدعة، هذا شيء مشاهد ومجرب، ولم تخفَ سنة إلا بسبب قيام بدعة، هذا شيء يشاهده الإنسان من نفسه، أحياناً من حرص الإنسان على الخير يزيد في القدر المحدد، أُمر بذكر معين على حد معين بعدد معين فيزيد من باب الاحتياط، ويمكن غفل، يمكن نسي، ثم يبتلى بنسيان ذكر آخر، وهذا شيء مجرب، قد يقول قائل: إن الزيادة على الأمور المحددة شرعاً مقرر أنه بدعة، لكن أحياناً إذا كان يفعله الإنسان من باب احتياط مثلاً، أو لعله أخل بالعدد، أو أخل بالذكر اللي هو المقصود من الذكر التذكر وزاد بدل ما يقال له: سبح مائة، من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة، يقول: نزيد عشر أو عشرين من باب التأكد أننا أكملنا العدد، منهم من يستروح إلى جواز مثل هذا بما جاء في لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كتب له، ومحي عنه، ورفع، وحفظ... إلى آخره، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد جاء بمثله أو زاد، فهذا يتمسك به من يقول بجواز الزيادة في الأمور التي أصلها مطلق ثم حددت في بعض النصوص؛ لأن الأصل في الذكر مطلق، لكن المجرب أن من يزيد يحصل له خلل من جهة أخرى، من خرج عن حد السنة ابتلي، فعلى الإنسان أن يحرص أن يستن بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويهتدي بهديه، ولا يعمل إلا بما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الناس من رغبته في الخير قد يبلغه ثواب عظيم، أو أمر وعد جاء في نص لا يثبت، فيقول نقول هذا أصله دعاء وإلا ذكر، وجاء فيه هذا الخبر، إن ثبت بها ونعمت وإلا لن نحرم الأجر على أي حال، فمثل هذا لا شك أن الداعي إليه شدة الرغبة والاحتياط، لكن الأصل أن السنة ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني بشرط الثبوت، أما ما لم يثبت ليس بسنة، وكل شيء على حساب شيء آخر، كما ذكرنا، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- بين ووضح أن من رغب عن سنته فليس منه، وليس في التعزب خير، وقد قال عمر بن الخطاب لشخص: إنما يمنعك عن التزويج عجز أو فجور، إيش اللي يمنع الشاب؟ إلا أنه لا يستطيع أن يتزوج لعدم قدرته على الباءة، أو لأنه وجد ما يغنيه، وإلا شخص عنده الرغبة وعنده القدرة، بل عنده شدة الشهوة، بل عنده غلمة، ثم بعد ذلك قادر على أن يتزوج فلا يتزوج، إيش اللي يمنعه؟ وهذا من عمر -رضي الله عنه- حث لهؤلاء الشباب على الزواج، نعم.

وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل" لأنه طلب من النبي –عليه الصلاة والسلام- أن يتبتل وينقطع عن ملاذ الدنيا كلها بما في ذلك النكاح، فترك النكاح تبتل، ومريم البتول؛ لأنها لم تتزوج، ويقال: فاطمة البتول أيضاً لانقطاعها عن الدنيا إلى عمل الآخرة على الوجه الشرعي، "رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل" جاء الأمر بالتبتل في قوله -جل وعلا- في سورة المزمل: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [(8) سورة المزمل] وهنا رد النبي -عليه الصلاة والسلام- على عثمان بن مظعون التبتل، في الآية: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [(8) سورة المزمل] فانقطع إلى ذكر الله وشكره وعبادته، لكن على الوجه المأمور به، والإكثار من التعبد ليس ببدعة، أبداً، ليس ببدعة، ويشهد له: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يعني لو قال شخص: المحفوظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وما جاء الترغيب فيه أربعين ركعة في اليوم، وإن شئت فقل: خمسين، لكن أكثر من ذلك تصلي ثلاثمائة ركعة في اليوم والليلة، هذا محفوظ عن بعض السلف، محفوظ عن بعضهم، لكنه يشمله عموم ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وأيضاً لو أن الإنسان شغل نفسه بالذكر، لا يزال لسانك رطباً بذكر الله -جل وعلا-، ويلهج بالثناء على الله وشكره في كل محفل، وكل مجلس، وهو خالي، هذا تبتل، وهذا التبتل مطلوب، وهو المأمور به في الآية، {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [(8) سورة المزمل] أما أن تتبتل تقبل على عبادات على غير الوجه الشرعي، وتترك مأمورات، وقد ترتكب في سبيل ذلك بعض المحظورات فلا.

"ولو أذن له" بالتبتل، يعني بترك النكاح، وترك ملاذ الدنيا، والانقطاع بنسبة مائة بالمائة إلى الآخرة، وترك الدنيا، والله -جل وعلا- يقول: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] يقول: "لو أذن له بذلك لاختصينا" التبتل يترك النكاح، لتركوا النكاح وما يطلب النكاح، أو يطلبه النكاح، وجميع الأمور الموصلة إلى النكاح من الأساس، لاختصوا، ولذا الخصاء ببني آدم حرام، أجازه أهل العلم بالنسبة للبهائم لغرض ولهدف، لتتطيب اللحم وشبهه، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.