بيع التَّوَرُّق

Question
هل التَّوَرُّق حلال؟ أريد أن أشتري حاجة مملوكة بالأجل وأبيعها نقدًا؛ لكي أشتري سيارة، أفتوني مأجورين.
Answer

مسألة التَّوَرُّق وهي أن يشتري سلعةً لا حاجة له فيها وإنما حاجته في ثمنها من شخصٍ يملك هذه السلعة ملكًا تامًّا مستقرًّا، فيبيعها عليه بثمنٍ أكثر من قيمتها نقدًا في مقابل الأجل، ثم المشتري يبيعها ليستفيد من قيمتها؛ لأنه لا حاجة له فيها، هذه مسألة التَّوَرُّق عند أهل العلم، وإذا توافرتْ شروطها فعامة أهل العلم على جوازها على ألَّا يبيعها على نفس البائع الأول؛ لئلا تكون عينة، والعينة محرمة عند جماهير أهل العلم، فإذا اشترى سلعة من شخص يملك هذ السلعة ثم بعد ذلك قبضها القبض الشرعي المعتبر وباعها على طرف ثالث؛ لأنَّه لا حاجة له بها وإنما يحتاج إلى قيمتها فإن هذه هي المسألة المعروفة عند أهل العلم بالتَّوَرُّق، وهذا السائل يقول: إنه يبيعها من أجل أن يشتري سيارة، لماذا لا يستدين سيارة مباشرة؟ فيستدين السيارة التي هو محتاج إليها وحينئذٍ إذا اشترى سلعةً هو بحاجتها بثمن مرتفع مقابل الأجل فإن هذا هو الدين الذي ذكره الله -جل وعلا- في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢]، وهو جائز بإجماع أهل العلم، وأما مسألة التَّوَرُّق فحصل فيها خلاف من ابن عباس -رضي الله عنهما- وشيخ الإسلام ابن تيمية وبعض المعاصرين، المقصود أنَّ فيها خلافًا لكن عامة أهل العلم على جوازها، وهي الحل الوحيد لمشاكل كثير من الناس وقضاء حوائجهم؛ لأن البديل هو السَّلَم المجمع على جوازه وفيه النصوص الصحيحة الصريحة، لكن ما كُلُّ شخصٍ يتيسر له أن يتعامل بالسَّلَم، فالحل لحوائج الناس هو عن طريق التَّوَرُّق، فمثل هذا يقال له: ما دام حاجتك سيارة فاذهب إلى شخص يملك سيارة واستدن منه هذه السيارة التي تحتاجها لتخرج من الخلاف الذي أشرنا إليه، وإن لم تَجد من يبيعك سيارة وإنما عنده سلع أخرى تشتريها منه بآجل وتبيع هذه السلع بعد أن تقبضها القبض الشرعي المعتبر على طرف ثالث، ثم تشتري بقيمتها سيارة فلا مانع من ذلك -إن شاء الله تعالى-.

ومعنى السَّلَم: أن يدفع الثمن نقدًا في مقابل سلعة يدفعها مَن استلم الثمن عاجلًا في زمن آجل، كالمزارع -مثلًا- عندما يبقى على ثمرته سنة أو ستة أشهر –مثلًا- ثم يأتي إلى شخص عنده دراهم وعنده نقد فيقول: أبيع عليك الثمرة بعد ستة أشهر، أو إذا طابتْ بمبلغ كذا، فبدلًا من أن يكون الصاع بعشرة يبيع الصاع بسبعة أو ثمانية في مقابل هذا الأجل، هذا هو السَّلَم، وهو مجمع عليه على خلاف بين أهل العلم هل يُشترط أن يكون صاحب السلعة مالكًا لأصلها أو لا يملك الأصل وإنما يستطيع إحضار هذه السلعة في وقتها المحدد بوصفها المعين، فإذا كان السَّلَم في عينٍ محددةٍ موصوفةٍ صفةً دقيقةً وفي زمنٍ معلومٍ وأجلٍ معلومٍ فإنه لا مانع منه، وجاءت به الأحاديث الصحيحة، وهذا حل لا شك أنه شرعي ومجمع عليه لقضاء الحوائج، لكن يبقى أنه ما كُلُّ أحدٍ يتيسر له مثل هذه المعاملة لا سيما في وقتنا، فيلجؤون إلى مسألة التَّوَرُّق وهي بديل عن العقود المحرمة.