أَثَر الثَّنَاء على أَهْلِ البِدَع

سائل يقول: ما أثر الثَّناء على أهل البدع والطَّعن في أهل السُّنة في زمن الفِتَنْ؟

لا شكَّ أنَّ الثَّناء يُغرِّر بالنَّاس، الثناء يغرر بالناس، والقَدْح يُنَفِّر النَّاس، فَكونُك تُغرِّر بالنَّاس في مَدْح منْ لا يستحقّ المَدْح هذا لا شكّ أنَّهُ غِش، وكونُكَ تُنفِّر النَّاس عَمَّنْ يَنْفع النَّاس لا شكّ أنَّ هذا قَطْع طريق، يعني عالم نَفَعَ اللهُ بِهِ، وعلى الجَادَّة، ثُمّ تقول فُلان لا يُؤْخَذ العلم عنهُ هذا قَطْع طريق، على طُلاَّب العلم أنْ يَسْتَفِيدُوا من هذا العالم، وتغريرك بالثَّناء الكاذب لمن لا يستحقُّ الثَّناء هذا لا شكّ أنَّهُ غِش، وأهلُ العلم يُقرِّرُون في شرح حديث: ((الدِّين النَّصِيحَة)) ومن الغِش لوليِّ الأمر غَرُّهُ بالثَّناء الكاذب، فلا يجُوز أنْ يُغَرّ أحد بالثَّناء الكاذب، نعم بعضُ النَّاس قد يجتهد في الثَّناء عليهِ لِيَصِل إلى مصلحةٍ أعْظَم، وهذا يَسْلُكُها بعض العُلماء الذِّينَ عَاصَرْناهُم من أهل العِلْم العمل وأهل الجِهَاد والدَّعوة، يَمْدَحُون وليَّ الأمر؛ لأنَّهُ بهذا المَدْح يَنْفَتِح قَلْبُهُ ويَنْشَرِح لِأُمورٍ هي من أعمال الخير، يَنْشَرِحُ لها أكثر ممَّا لو يحصل هذا المدح، وعلى كُلِّ حال الأُمُور بِمَقَاصِدِها، فَغَرُّ المُبتدع وغَرِّ النَّاس بِهِ لا شكّ أنَّهُ غِش؛ بل منْ أعظم أنواع الغِش؛ فإذا حُرِّمَ الغِش في الدِّرهم والدِّينار، فلَأَنْ يُحرَّم في أدْيَان النَّاس من باب أولى، فَكَونُهُ يمدح فُلانْ من المُبتدعة لا سيَّما في الجانب الذِّي فيهِ البِدْعَة؛ لكنْ لو مُدِح يُجيد علم النَّحُو مثلاً وهو من الأشاعِرة يُمْدَح في هذا الباب ويُنَبَّه على ما فيهِ منْ بِدْعة هذا ما يَمْنَع إنْ شاء الله تعالى، وفي شُيُوخ أئِمَّة الإسلام في العُلُوم الأُخرى لا أعني في علم قال الله وقال رسُولُهُ في شُيُوخهم من فيه شوبُ بِدعة، وقد رَوى الأئِمّةُ وعلى رأسِهم البُخاري ومُسلم عمَّن فيهِ شَوبُ بدْعة؛ لكنْ فيما لا يُؤيِّدُ بِدْعتهُ، مع بيانْ بِدْعتِهِ، والتَّحذير منهُ في هذا الباب، فَنُفرِّق بين إذا كان العِلْم لا يُوجد إلاّ عندهُ يُؤْخَذُ منهُ هذا العِلم؛ لكنْ مع بيان الواقِع، أمَّا أنْ يُمْدَح بإطْلاَق فيُقال يُمْدَح بما فيهِ من خير ولا يُذْكر ما فيهِ من بِدْعة، لا شكَّ أنَّ هذا تَغْرِير؛ لأنَّهُ قد يُؤْخذ عنهُ ما عندهُ من بِدْعة، يَغْتَرّ من يسمع هذا المَدْح، ثُمَّ يَأْخُذ عنهُ كُلّ شيء بما في ذلك بعض ما يَعْتَقِدُهُ ويَدْعُو إليهِ منْ بِدْعة، واللهُ المُستعان.