محو التوبة لكبائر الذنوب

السؤال
شخص أسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي، وارتكب بعضًا من كبائر الذنوب، ثم مَنّ الله –عز وجل- عليه بالتوبة النصوح، فهل هذه التوبة تمحو هذه الذنوب نهائيًا من صحيفته، أم تبقى وتُعرض عليه يوم القيامة ويغفرها الله له حينئذٍ؟
الجواب

مَن أسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي ثم تاب التوبة الشرعية المقبولة بشروطها، بأن أقلع عن هذه الذنوب فورًا، وندم على ما فات منها، وعزم على ألَّا يعود إليها، بمعنى أنها توافرات شروطها فإنها تُمحى هذه الذنوب، بل فضل الله أعظم من ذلك، تُبدَّل هذه السيئات حسنات كما في آية الفرقان {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: ٧٠]، حتى قال جمع من أهل العلم -وهو الذي يميل إليه شيخ الإسلام ويقويه-: إن هذه الحسنات المـُبْدلَة من سيئات تُضاعف كحسنات الابتداء. والمسألة مفترضة في شخصين ماتا عن سبعين سنة: أحدهما ملازم للطاعة من صِباه إلى وفاته، والثاني مسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي، ثم تاب في آخر عمره، هل يستويان؟ قد يستويان على هذا القول، وهو أن هذه الذنوب والمعاصي والسيئات حُوَّلت حسنات وضوعفت، قد يستويان، لكن يرى جمع من أهل العلم -وهو المناسب للحكمة الإلهية ومَدْحِ مَن لم تكن له صبوة، وهو الجاري على القواعد- أن البدلَ له حُكم المُبْدل، وأن السيئات لا تُضاعف، إذن ما كان بدلًا عنها من الحسنات المُبْدَلة لا يُضاعف، وبهذا يظهر الفرق بين من عاش مؤمنًا ومن عاش فاسقًا لا يستوون كما قال الله -جل وعلا-.

فهذه السيئات تُمحى، وقد يُناقش عنها، ثم إذا رأى أنها بُدِّلت حسنات زاد اغتباطه وسروره، فهذا من النعيم الذي يلقاه في الآخرة.