الاستدلال بحديث «من أحدث في أمرنا» على بطلان صلاة المُسبِل

السؤال
البعض يستدل على عدم صحة صلاة المُسبِل بحديث «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [البخاري: 2697]، وأن المسبل مُحدِث، فما صحة هذا الاستدلال وصحة الصلاة؟
الجواب

هذا الاستدلال ليس بصحيح؛ لأنه لا يتقرب بهذا الحَدَث، ولكن جاء في (سنن أبي داود) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: بينما رجل يصلي مسبلًا إزاره، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اذهب فتوضأ» فذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال: «اذهب فتوضأ»، فقال له رجل: يا رسول الله ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكتَّ عنه، قال: «إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل» هذا في (سنن أبي داود) [4086]، وسكتَ عنه أبو داود، ولذا حسنه النووي وبعض العلماء، لكن في إسناده أبو جعفر المؤذِّن، قال ابن حجر: (مقبول)، ومعلوم أنه لا يقول: (مقبول) إلا حيث يُتابع، وإذا خلا عن المتابعة فإنه يكون ليِّن الحديث، وحينئذٍ لا يُقبَل. أبو جعفر المؤذِّن هذا قال فيه المنذري: (لا يُعرف اسمه، فهو مجهول) يعني في عداد المجاهيل، ولذا ضعَّفه جمع من أهل العلم، والنكارة على لفظه ظاهرة، وعلى كل حال المسألة من حيث التقعيد -إذا ضعَّفنا الحديث- العلماء يقولون: إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه فإنه يبطل، وما تحت الكعب من الإزار هل هو من شرط الصلاة أو خارج عنها؟ لا شك أن ستر العورة في الصلاة شرط، فلو عاد النهي إلى محل السترة فلا تصح الصلاة، فمن ستر عورته بحرير عاد النهي إلى الشرط وحينئذٍ لا تصح الصلاة، لكن لو عاد النهي إلى أمر خارج عن ذات المنهي عنه وعن شرطه كأن صلى بعمامة حرير، أو صلى وفي يده خاتم ذهب، فإنها تصح الصلاة، ولذا تصح صلاة مَن صلى وهو مسبل؛ لأن الإسبال أمر خارج عن الصلاة، وحينئذٍ تصح الصلاة مع ثبوت الوعيد في حقه وهو «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار» [البخاري: 5787]، وإذا كان معه خيلاء فالأمر أشد وأعظم.

وعلى كل حال الحديث الظاهر ضعفه وإن حسنه النووي وقال بعضهم بتجويد إسناده، لكن النكارة على لفظه ظاهرة، وضعَّفه جمع من أهل العلم بأبي جعفر المؤذِّن.