درجة حديث: «فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة»

السؤال
أُحبكم في الله ياشيخ، وسؤالي: في الطواف هناك من يقول: نُكَبِّر ونُشير عند نهاية الشوط السابع، هل اعتمد هذا على حديث جابر –رضي الله عنه- «فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة»؟ وكيف الرد على مَن ضَعَّفَ الحديث؛ لأن فيه ابن لَهِيعَة؟
الجواب

حديث جابر –رضي الله عنه- هذا: «كُنَّا نَطُوفُ فَنَمْسَحُ الرُّكْنَ الْفَاتِحَةَ وَالْخَاتِمَةَ» مخُرَّج في المسند [15232] وغيره، وفي إسناده -كما أشار السائل- عبد الله بن لَهِيعَة، وقد اختلف فيه أهل العلم اختلافًا كثيرًا، حتى إن الحافظ ابن حجر اضطرب قولُه فيه، فحينًا يُحسِّن له، كما حَسَّنَ هذا الحديث في (فتح الباري)، وهو من رواية ابن لَهِيعَة، وأحيانًا يُضَعِّف له، وأيضًا في قوله النظري أحيانًا يقول: (ضعيف) ويُطلق، وأحيانًا يصفه بالصدق فيقول: (صدوق)، وأحيانًا يُضيف إلى هذا الوصف شيئًا من الأوهام، أو يقول: (صدوقٌ يَهِمُ)، المقصود أن أقوال أهل العلم تباينت في ابن لَهِيعَة، وكثيرٌ منهم على تضعيفه، ومنهم مَن يوثِّقه، أو يَقبل حديثه إذا كان من رواية العبادلة عنه خاصة، ومنهم من يتوسط في أمره ويصفه بأنه صدوق، وحينئذٍ يُحسِّن له، ورأيتُ الحافظ ابن حجر أحيانًا يُضعِّف الخبر به، وأحيانًا يُحسنه مع ذكره له، ولعل أحكام الحافظ بالنسبة لهذا الراوي تتبع مَرْويَّه، فإذا كان حديثه قد توبع عليه أو ليست فيه مخالفة ظاهرة فيقول: إنه حسن، وإذا كان الحديث فيه شيء مما يُستغرب ويُستنكر فإنه يضعفه.

ولا شك أن للرواية أثرًا في الراوي، والحافظ نفسه لما ذكر عُبَيْد اللَّهِ بن الأَخْنَس، وهو من رواة البخاري، في الموضع الذي خرَّج فيه البخاري له قال: (ثقة، وشذ ابن حِبَّانَ فقال: يُخطئ)، هذا وهو بصدد الكلام على حديثه الذي خرجه له الإمام البخاري، وحينما تكلم عنه عمومًا في جميع مروياته في (التقريب) قال: (صدوق يخطئ)، فكيف يقول: (شذ ابن حِبَّانَ فقال: يخطئ)، ووصفه بالخطأ في (التقريب)؟!

لا شك أن الإنسان يُنظر إليه من عدة جوانب، يُنظر إليه بذاته، ويُنظر إليه في عموم مروياته، ويُنظر إليه في بعض مروياته، وهذه أنظار لا بد أن يكون طالب العلم على ذكرٍ منها.

وهنا ابن لَهِيعَة حَسَّنَ له الحافظ هذا الحديث في (فتح الباري) وضعَّفه في مواضع من (فتح الباري) أيضًا، ووصفه بأنه صدوق في (التقريب).

وعلى كل حال هذا الحديث يَشهد له عموم حديث: «كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر» [البخاري: 1613] -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا فالمستحب أن يُكبِّر الطائف في بداية الطواف، وكلما حاذى الركن في جميع الأشواط، ويختمه بالتكبير أيضًا، ومع التكبير إذا لم يتيسر له مسحه بيده أو بواسطة مِحْجَنٍ أو غيره فإنه يشير إليه، وصفة الإشارة: أن يُشير بيد واحدة كأنه يُسلِّم، كما لو كانت بيده مِحْجَن.

وبالنسبة لما ذكره السائل من أنه يُحب في الله، الجواب كما جاء في الحديث أنه يُخبر من يحبه بذلك، ويرد عليه بقوله: (أحبك الله الذي أحببتنا فيه).