معنى قول الله تعالى: {النبي الأمي}

السؤال
نرجو إفادتنا عن معنى {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: 157]، هل هو لعدم القراءة والكتابة، أم هو نسبة لأم القرى؟
الجواب

الذي عليه أهل العلم قاطبة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقرأ ولا يكتب، فهو أُمِّي، وأمَّتُه أميَّة كما قال -عليه الصلاة والسلام-: «إنِّا أُمَّة أُمِّيَّة، لا نكتب ولا نحسب» [البخاري: 1913]، فالأميَّة منسوبٌ إلى الأم التي هي في الغالب لا تعرف القراءة ولا الكتابة، وهذا هو المعروف عنه، {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] هذا نص، المقصود أن الآية نص في كونه لا يقرأ ولا يكتب، وهذا ليس بعيب، فإذا كان هذا عيبًا في حق غيره فإنه كمال بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام-، إذ لو كان يقرأ ويكتب لاتُّهِم بأنه يقرأ من كتب غيره، ويكتب من هذه الكتب، فيُتَّهم، ودفعًا للتُّهمة ورفعًا وإزالة للبس والشك جاء على هذه الحال وهذه الكيفية أنه لا يقرأ ولا يكتب، وهذا بالنسبة له كمال.

وما جاء في صلح الحديبية لما اعترض المشركون على "محمد رسول الله" عندما كُتِب: (هذا ما جرى بين محمد رسول الله) قالوا: لا، لو نعلم أنك رسول الله لاتبعناك، اكتب: (من محمد بن عبد الله)، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب، فكتب «هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله» [البخاري: 2699]، ومعنى (كتب) هنا: أمر بالكتابة، ويُسنَد الفعل إلى الآمر به، كما يقال: (حفر الأميرُ بئرًا)، هذا مجزوم ومقطوع بأنه لم يتولَّه بنفسه، وإنما أَمر به، فنُسب إليه، وما يُذكر عن الباجي من أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يكتب بدليل هذه الحادثة -قصة الحديبية- ردَّ عليه العلماء ردودًا قوية وقاسية جدًّا، واتهموه بالعظائم بسبب مخالفته لما جاء في القرآن، ولا شك أن هذا قول مرجوح ومرذول -أعني ما ذهب إليه الباجي رحمه الله-، وهو اجتهاد منه لم يوفَّق فيه، وعلى كل حال الرسول -عليه الصلاة والسلام- موصوف بأنه لا يقرأ ولا يكتب، وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم.

أما كونه منسوبًا لأم القرى فهذا ليس بصحيح، وهذا من أجْل الفرار عن وصفه بالأمية التي هي في غيره نقص وعيب، لكن عرفنا أنها بالنسبة له –صلى الله عليه وسلم- كمال، والله أعلم.