رأي ابن تيمية في حياة الخَضِر

السؤال
ما رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في حياة الخَضِر، فإني وجدتُ له في المجلد الرابع فتوى تنفي حياته، وفتوى تثبتها، فأيهما رأيه؟
الجواب

نعم، ذُكر في (الفتاوى) فتوى تنفي حياة الخَضِر، وأنه قد مات، وعليها الأدلة الكثيرة المتكاثرة المتضافرة، وهو قول أهل التحقيق من أهل العلم، وفتوى بالقول الآخر، وأنه لا زال حيًّا، ولا شك أن الفتوى بوفاته هو القول الصحيح، وهو الذي تدل عليه النصوص الصحيحة، وشيخ الإسلام له كلام في مواضع أُخَر من كتبه مع القول بموته.

وعلى كل حال إذا وُجد لعالمٍ أكثر من قول في مسألة فلا شك أن المعتمد هو الأخير، فإن جُهل فالذي تؤيده الأدلة والذي يتمشَّى مع أصوله وقواعده، وهذا موجود في كلام أهل العلم أن يُؤثَر عنهم في مسائل أكثر مِن قول، وحينئذٍ تُعامَل معاملة النصوص -كما يقول أتباعهم- فالمتأخِّر منها ينسخ المتقدِّم، هذا إذا عُلم تاريخ الفتوى الأولى والثانية، وإن أمكن الجمع بينهما ولو بحمل عامٍّ على خاصٍّ أو مطلقٍ على مقيدٍ -كما يقرر أهل العلم من أتباع الأئمة في ذلك- عُمل بهما، وإلا إذا تعارضا تعارضًا وتباينا تباينًا كليًّا فإنه يُنظر إلى ما تؤيده النصوص ويُنظر إلى ما تؤيده قواعده وأصوله، فالذي تؤيده النصوص وما يذهب إليه شيخ الإسلام وقد وُجد له كلام في مواضع أُخر يؤيد الفتوى التي تقول بوفاة الخَضِر -عليه السلام-.

والعلماء يختلفون في الخضر هل هو وليٌّ -وهذا قول الأكثر-، أو نبيٌّ استدلالًا بقوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82]، فمسألة الخضر الكلام فيها طويل، وما يُذكر عن بعض الناس في المواسم أنه التقى الخضر في مختلف العصور، وأنه رآه في عرفة، وأنه رآه في كذا، أو جاءه في اليقظة، كل هذا لا يثبت ولا يصح، وقد يكون من تلبيس الشيطان، والله المستعان.