نسخة (فتح الباري) التي تغني عن باقي النسخ

السؤال
أريد أن أقتني نسخة لـ(فتح الباري) تغني عن باقي النسخ؟
الجواب

(فتح الباري في شرح صحيح البخاري) للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني من أجمع الشروح على (كتاب البخاري) هذا الكتاب العظيم، ويستفيد منه طالب العلم، وقد يستغني به عن غيره، لكن لا يُغني عنه غيره، هذا الكتاب على اسمه (فتح)، وقد قيل للشوكاني: لِمَ لَمْ تشرح (البخاري)؟ قال: لا هجرة بعد (الفتح).

وهذا الكتاب طُبع بطبعته الأولى في مطبعة بولاق سنة ألف وثلاثمائة، ومعلوم أن هذه المطبعة يُشرِف عليها لجان علمية كبيرة من شيوخ الأزهر وغيرهم، ويتقنون الطباعة، وفي الغالب أنه إذا طُبع الكتاب في بولاق معناه أنه أُتقن طبعُه، بخلاف ما إذا وُجد نسخٌ أصح مما اعتمدوا عليها فيما بعد وحُققتْ وروجعتْ فهذه مسألة أخرى، لكن في الغالب أن ما يُطبع في بولاق يتولى الإشراف عليه لجنة علمية مكونة من علماء، فطُبع الكتاب لأول مرة في مطبعة بولاق في أربعة عشر جزءًا، الشرح في ثلاثة عشر، والمقدمة في مجلد، وابن حجر شرع في شرح (للبخاري) مطوَّل، وعدل عنه بعد أن قطع فيه شوطًا يسيرًا، وجعل المقدِّمة للشرح الكبير، وأشار إلى ذلك في (الفتح) المطبوع، ثم اختَصر الشرح وبقي على هذا الوضع الذي بين أيدينا.

طُبع الكتاب -كما قلتُ- في بولاق سنة ألف وثلاثمائة، ثم طبعه صدِّيق حسن خان في الهند في ثلاثين جزءًا، قديمًا في أوائل القرن الرابع عشر، يعني بعد بولاق بيسير، ثم طُبع بعد ذلك طبعات كثيرة منها طبعة الخشَّاب الخيرية، ومنها الطبعة البهيَّة لمصطفى محمد، وتوالت عليه المطابع؛ لأهميته، وقبل سنة ثمانين وثلاثمائة وألف رأى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- أن النسخ قلَّتْ في أيدي طلاب العلم، فأراد أن يُعيد طبعه، ووُجد بعض النسخ الخطية مع طبعة بولاق، وقابلوا وصححوا ما وجدوا من أوهام وأخطاء يسيرة، وعلَّق الشيخ على المواضع التي فيها مخالفة من حيث الاعتقاد، أو ترجيح غير الراجح عند الحافظ ابن حجر، المقصود أن الشيخ قابَل المجلَّد الأول والثاني وشيئًا من الثالث، ثم شُغِل عن ذلك، فأوعز إلى صاحب المطبعة السلفية الشيخ محب الدين الخطيب أن يعتمد طبعة بولاق ويَطبع عنها، فالأصل طبعة بولاق، والأجزاء الأول والثاني مع شيء من الثالث فيها مقابَلة من قِبل الشيخ وبعضِ معاونيه من طلاب العلم، وتعليقات نفيسة للشيخ -رحمة الله عليه-، ثم بعد ذلك الكتاب صُوِّر مرارًا على هذه الطبعة التي هي السلفية، وهي طبعة في جملتها جيدة إذا صُحِّحت الأخطاء التي فيها؛ لأن في آخر كل مجلد تصويبات، فإذا صُحِّحت هذه الأخطاء صارت إلى حدٍّ ما سليمة، مع أنه وُجد طبعات متأخرة عن هذه الطبعة فيها عناية، وفيها تخريج للأحاديث، وفيها إحالات على ما مضى وما سيأتي من المسائل، ومن أفضلها ما ظهر حديثًا عن طبعة الرسالة في أربعة وعشرين جزءًا، فهي طبعة من خلال المقابلة في الدرس ظهر أن فيها عناية، وفيها تصويبًا لما حصل في الطبعات السابقة، فهذه الطبعة في تقديري تُغني عن باقي النسخ.

وبقيَّة المسائل العقدية التي بعد ما وَكَل الشيخ ابن باز طباعةَ الكتاب والعنايةَ به لصاحب المطبعة الشيخ محب الدين الخطيب: بقيَّة التعليق على المسائل العقدية قُرئ بعضها على الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- إلى آخر الكتاب، وعلَّق عليها. والشيخ عبد الرحمن البراك -حفظه الله- أيضًا قُرئ عليه بعض المسائل وعلَّق عليها بتعليقات نفيسة، وهو من أهل الاختصاص في هذا الشأن، فطُبعتْ تعليقات الشيخ عبد الرحمن في جزء، وكذلك بقيَّة تعليقات الشيخ ابن باز يبدو أنها طُبعتْ مع طبعة دار طيبة التي هي بتحقيق نظر الفاريابي.

فيَجمع طالبُ العلم طبعة الرسالة، مع تعليقات الشيخ البراك، وتعليقات الشيخ ابن باز -رحم الله الجميع-.