أخذ التاجر العربونَ من العميل؛ ليشتري له السلعة، ثم يبيعها عليه

السؤال
أحيانًا يأتيني الزبائن إلى المحل فيطلبون بضاعةً ليست متوفرةً لدي، فأطلب منهم عربونًا كخمسمائة أو نحوها؛ لإثبات الجديَّة، وفي فترة الظهيرة أُغلق المحل وأذهب لمحلات الجملة وأشتريها لهم، فإن جاؤوا لها بعتُها لهم وأعطوني ما بقي من الثمن، وإن لم يأتوا أخذتُ قيمة العربون لصالح المحل، وسؤالي: هل هذا من بيع ما لا أملك، حيث أخذتُ جزءًا من الثمن قبل جلب البضاعة؟ وهل أخذي للعربون جائزٌ مع أن البضاعة باقية بكاملها عندي؟
الجواب

هذه الصورة من البيع لا تجوز؛ لأن أخذ العربون إلزام، والإلزام لا يتم إلا بالعقد: بالإيجاب والقبول، وقد تمَّ العقدُ وأَخْذُ العربون قبل ملكك للسلعة، فقد بعتَ ما لا تملك.

وأما لو كنتَ مالكًا للسلعة أو وعدتَ مُريد شرائها بإحضارها له وبيعها عليه قبل أن تُبرم معه شيء ولا تلزمه بشيء ولم تأخذ منه عربونًا، ثم ذهبتَ واشتريت السلعة، وبعد ذلك بعتَها عليه وأخذتَ العربون حتى يُحضر بقية الثمن فلا مانع من ذلك إذا تمَّ ملكك للسلعة قبل أن تُبرم معه أي اتفاق.

والعربون مُختلفٌ فيه بين أهل العلم، وجاء فيه النهي عن بيع العُربان في (سُنن أبي داود) [3502]، ولكنه مُضعَّف عند أهل العلم، ولذا قال الإمام أحمد في رواية الميموني: (لا بأس بالعربون)، وفي رواية الأثرم (قيل له: نهى النبي –صلى الله عليه وسلم– عن العُربان؟ فقال: ليس بشيء)، واحتج أحمد بما روى نافعٌ عن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دارًا بشجرة، فإن رضي عمر وإلا له كذا وكذا، قال الأثرم: فقلتُ لأحمد: فقد يُقال هذا؟ قال: أي شيءٍ أقول؟ هذا عمر بن الخطاب)، فدل على أن أخذ العربون جائز، ولا شك أن المصلحة مترتِّبة عليه؛ لأن المشتري إذا لم يَدفع عربونًا يُفوِّت الزبائن على صاحب السلعة، ولا شك أن المصلحة تقتضيه. والعربون لصاحب السلعة؛ لأنه جزءٌ من ثمنها، والله أعلم.