المقصود بالحبة في قوله تعالى: {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل}

السؤال
ما المقصود بالحبة التي يأتي بها الله في قوله تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}؟ ومتى يكون ذلك؟
الجواب

ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره عن الحبة المذكورة أنها المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبةٍ من خردل، يعني مبالغة في تقليل شأنها وتصغيرها، وأنه إذا جيء بها وهي على هذه الصورة التي قد يكون أثرها على المظلوم قليلًا، فكيف بالمظالم التي تفوق ذلك وتؤثِّر في المظلوم، والله -جلَّ وعلا- لا يظلم مثقال ذرة؟

قال ابن كثير: (وجوَّز بعضهم أن يكون الضمير في قوله: {إِنَّهَا} ضمير الشأن والقصة، وجوَّز على هذا رفع {مِثْقَالَ})، فعلى القول الأول: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ} [لقمان: 16] يعني "إن تكن المظلمةُ أو الخطيئةُ مثقالَ" خبر كان.

وعلى القول الثاني وأن الضمير يعود إلى الشأن والقصة يُرفع {مِثْقَالَ} أي: "إن تكن مثقالُ ذرةٍ"، (وجوَّز على هذا -كما في التفسير- رفع {مِثْقَالَ}، والأول أولى).

وفي قوله: {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} أي: يُحضرها الله -جلَّ وعلا- يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، ويجازي عليها إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، كما قال -جلَّ وعلا-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47]، وقال -جلَّ وعلا-: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة: 7-8]، يعني ولو كانت بهذا الحجم، وبهذه الخِفَّة، وبهذا القدر، في كتابٍ لا يُغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، والله أعلم.