كيفية العزو إلى كتاب (المجموع) في الفقه الشافعي

السؤال
ما كيفية العزو إلى كتاب (المجموع) في فقه الشافعية؟ هل يُقال في جميع الأجزاء: (قال النووي)، أو (جاء في (المجموع))، أو (قال صاحب (المجموع))؟
الجواب

لا شك أن النووي -رحمه الله- لم يُكمل شرح (المهذب)، وإنما شرح منه ما يقع في تسعة مجلدات من (المجموع)، ثم أكمل السبكي قطعةً منه، وتوالى على إكماله جمع ممن تعرَّض لذلك منهم المُطيعي.

على كل حال ما شرحه النووي في قسمه -وهو في غاية الإبداع- يُنسب إلى النووي، وما شرحه غيره يُنسب لشارحه، وهناك فجوةٌ كبيرة بين ما شرحه النووي في التسعة، والسبكي في الثلاثة، والمُطيعي في البقية، وإن كان السبكي أمثل من المطيعي، وهكذا.

وتعرَّض لتكملة (المجموع) من علماء الشافعية عدد، لكن هذا هو الموجود الآن وهو المطبوع، وكتاب (المجموع) من أنفس ما كُتِب في الفقه الإسلامي، وفي فقه الشافعية على وجه الخصوص؛ لأنه كتابٌ مُتقَن مُحرر مُعتمد على الدليل من الكتاب والسُّنَّة، والنووي مُحدِّث مُعلِّل.

وعلى كل حال على طالب العلم المتوسط والمنتهي أن يُعنى بهذا الكتاب، وهو من أفضل كتب الفقه، وهذا القدر الذي شرحه النووي معروف في تسعة أجزاء، ولا يلتبس بغيره، لكن الإشكال في القدر الذي فسَّره الرازي من القرآن من التفسير المنسوب إليه (مفاتيح الغيب)، يختلف العلماء في تحديد ما فسَّره الرازي من غيره، وفي الكتاب أمور يصعب نسبتها إلى الرازي وهي موجودة في هذا التفسير، فالتحرِّي والدقة وإن كان بعضهم بيَّن ذلك بالتحديد، لكنه من خلال الأسلوب المناسب للرازي والأسلوب الذي لا يُناسبه، فيُتحرَّى في النسبة إلى الرازي مما يُوجد في تفسيره إلا أن يكون على بينةٍ من القسم الذي تولاه الرازي بنفسه، وعلى كل حال لو يُقال: جاء في كتاب كذا، برئ الإنسان من العهدة، يعني لو قيل: جاء في تفسير (مفاتيح الغيب) للرازي، أو المنسوب بعضه للرازي. المقصود أنه يُمكن أن يتحرَّى الإنسان في العبارة التي لا يتقوَّل فيها على أحدٍ بغير بينةٍ ولا علم، وهكذا كُتب حصل فيها ما حصل من اخترام المنية لمؤلفها قبل كمالها، فيتحرَّى الإنسان في النسبة إليها.

أما (المجموع) فهو مقطوعٌ به أن التسعة للنووي، والثلاثة: العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر للسبكي، والبقية لمن جاء بعدهم، وقسم يسير جدًّا أكمل به العُقبي –تتمة-، لكن وجودها مثل عدمها، فيُقتصر على تكملة المطيعي، وإن التفتَ طالب الفقه لا سيما الشافعي إلى غير هذا الكتاب من الكتب الأصلية مما ألَّفها العلماء الكبار مثل: (فتح العزيز) للرافعي، أو مثل (روضة الطالبين) للنووي، أو غيرهما من كتبهم المشهورة، فلا داعي للرجوع إلى ما كتبه المتأخرون مع ما يُوجد من كتب المتقدمين المُحررة المُتقنة.