طريقة أهل العلم في قراءة كتب الخلاف العالي

السؤال
هل هناك طريقةٌ معتمدةٌ عند أهل العلم في قراءة كتب الخلاف العالي، سواء في المذهب أو خارج المذهب، وبماذا تنصحون من أراد أن يبدأ في قراءة تلك الكتب؟
الجواب

أولًا: على طالب العلم أن يتفقه على مذهبٍ واحد وهو المشهور المعمول به في بلده من المذاهب المعتبرة عند المسلمين لا سيما الأربعة –مثلًا-، فيتفقه طالب العلم في البداية على هذا المتن، ويفهم مسائله ويتصوَّرها، ثم يستدل لهذه المسائل، ثم ينظر فيمن خالف ومن وافق ودليل المخالف، وينظر في أقوال أهل العلم، وينظر أيضًا في مواطن الاتفاق؛ لئلا يُخالف ما اتفق عليه الأئمة، وينظر في الخلاف الذي أشار إليه، ويقارن بين هذه الأقوال لأهل العلم بأدلتها، فإذا تأهَّل للترجيح بينها فعليه أن يعمل بالراجح بدليله ويترك المرجوح.

فيقرأ في الكتب التي تذكر أقوال أهل العلم وهي موجودة في المذاهب كلها، وينبغي أنه إذا نظر في كتب الخلاف من كتابٍ واحد على مذهبٍ معين أن يرجع في الأقوال الأخرى للأئمة الآخرين إلى كتبهم وكتب أصحابهم، فمثلًا إذا نظر في (المغني) ونسب قولًا للإمام أحمد، الأصل أنه فقيه حنبلي، ومع ذلك عليه أن يتأكد من الكتب التي نقلت المذهب بدقَّة؛ لأن ابن قدامة فقيه حنبلي، لكنه مُجتهد، قد يكون له بعض الاختيارات التي تُخالف المذهب.

على كل حال إذا أحاله أو نسب قولًا للإمام أبي حنيفة فعليه أن يُراجع هذه المسألة في كتب الحنفية؛ لأنه قد ينقل قولًا عن الحنفية وهو غير مُعتبر في المذهب، أو غير المشهور في المذهب، وقُل مثل هذا إذا ذكر قولًا للإمام مالك أو الشافعي، فإنه يرجع إلى كتب المالكية وكتب الشافعية ويتأكد من صحة هذه النسبة، لا سيما أنه وُجِد في النِّسب في مثل هذه الحالة إلى المذاهب الأخرى من كتب غيرهم ما ينسبون فيه إلى المذهب ما هو غير مشهور عندهم، ومعلومٌ أن المذاهب فيها أقوال، والمذاهب فيها روايات، فقد يَخطف أي رواية وينسبها للإمام مع أن المعمول به عند أتباعه غير هذه الرواية أو غير هذا القول، فعلى الإنسان أن يتأكد ويتحرَّى ويتثبَّت، ويكون وظيفته التحقيق والتحرير.